ذكرت مصادر رفيعة بجامعة الدول العربية أن الأمين العام للجامعة عمرو موسى الذي قام الأحد بزيارة "تاريخية" إلى قطاع غزة، يدرس حاليا الإعلان عن مبادرة للم الشمل الفلسطيني والصلح بين حركتي "فتح" و"حماس"، وتطبيع الوضع على الساحة الفلسطينية بإعادته إلى ما كان عليه قبل عام 2007. ويعول موسى بشكل كبير على مثقفين فلسطينيين ومنظمات المجتمع المدني وقيادات فلسطينية في المهجر لتقريب وجهات النظر بين "فتح" و"حماس"، وأجرت مكاتب الجامعة العربية في أوروبا والولايات المتحدة اتصالات مكثفة مع أطراف فلسطينية لبحث سبل إنهاء الانقسام الفلسطيني والتوصل لتسوية.
وعرض الأمين العام القيام بمبادرة للمصالحة على القاهرة خلال اللقاء الذي جمعه مؤخرا مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، وحصل على ضوء أخضر للعب دور في تحقيق المصالحة الفلسطينية، بعد تعثر الجهود المصرية على مدار الشهور الماضية، في الوقت الذي أكد فيه أن مبادرته لا تشكل بديلا لورقة المصالحة المصرية، فيما أبدت بعض الدول العربية تأييدا لجهوده في هذا الإطار.
وكان موسى شدد خلال زيارته الخاطفة إلى غزة على ضرورة المصالحة الفلسطينية، وقال إن "ملف المصالحة الفلسطينية مسألة رئيسية وأساسية"، وأضاف "نتطلع إلى مصالحة إرادة وسياسة وموقف يترجم باتفاق على الأمور التفصيلية"، معتبرا أن "التاريخ لن يقف أمام جملة هنا وفقرة هناك لكنه يقف أمام الإرادة السياسية".
إلى ذلك، نفت مصادر بالجامعة العربية ما تردد عن وجود أي نوع من التحفظ المصري على زيارة موسى لقطاع غزة، بسبب مخاوف من أن تسهم الزيارة في إسباغ الشرعية على حكومة "حماس" وهو أمر حدا بموسى إلى التشديد على أن لقاءه بإسماعيل هنية جاء باعتباره قياديا بارزا في الحركة فقط دون أي صفة رسمية للأخير.
جئت متأخراً.. فقد جفت دماؤنا «جئت متأخراً يا موسى.. لقد جفت دماؤنا».. هكذا صرخ كمال أبوندا، مدير واحدة من كبرى المؤسسات الأهلية الفلسطينية، الناشط الفلسطينى الشهير، معبراً عن رأى ورؤية الكثير من الفلسطينيين لزيارة عمرو موسى إلى غزة، حمل ندا لافتة تضم صوراً لثلاثة أطفال من الشهداء.. أبو ندا واحد من العشرات من الفلسطينيين المحبطين من زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى غزة.
كان الغزاويون ينتظرون الفرج على يد موسى ولكنهم لم يحصدوا سوى مزيد من التصريحات والشعارات التى أطلقها عمرو موسى فى غزة.. وقف أبو ندا أمام فندق الكومدور، حيث عقد موسى مؤتمراً صحفياً فى نهاية زيارته، أمس الأول، مندداً بتأخر زيارة موسى إلى القطاع وقال: «جاء إلينا عمرو موسى متأخراً سنوات طويلة،
كنا ننتظر من عمرو موسى تحديداً الكثير والكثير، لكنه لم يقدم لنا من قبل أى شىء ولم يقدم الآن لنا أى شىء سوى الوعود والشعارات فقط»، وأضاف أبو ندا «يستطيع موسى أن ينصب نفسه بطلاً قومياً عربياً وملكاً متوجاً على غزة، إذا بقى فى غزة، أو افتتح فرعاً لجامعة الدول العربية هنا فى غزة، لكنه جاء متأخراً وبعد كل هذا التأخر لم يقدم لنا أى شىء».
وفيما كانت حالة الإحباط تسيطر على الناشط الفلسطينى من نتائج زيارة موسى، كان الشارع الفلسطينى فى غزة أكثر ثورة وحنقاً على موسى ونتائج زيارته وتصريحاته التى وصفها لنا محمد جابر حسونة، الشاب الفلسطينى، بأنها تصريحات «طق حنك»، أى فارغة من أى معنى أو هدف، ولا تحمل أى جديد.
محمد الشاب الفلسطينى عبر عن إحباطه قائلاً «لم يقدم موسى أو الذين جاءوا قبله أى جديد لا هو ولا أى من العرب.. لقد تركونا وحدنا»، محمد الذى يبدو مسيسا ومتحمسا لحركة حماس انتقد ابتعاد موسى عن كل ما هو رسمى وحكومى فى زيارته لغزة، لكن الدكتور حسن أبوحشيش، رئيس المكتب الإعلامى لحكومة حماس المقالة، اعتبر الزيارة مهمة وتاريخية ولها دلالات سياسية مهمة فى ظل السياق العام الحالى والأوضاع الدولية، وأشار إلى أنه كان من المهم استثمار حادث أسطول الحرية بكل الوسائل،
واعتبر أبوحشيش أنه فى مقابل ذلك تغاضت حكومة حماس عن كثير من الشكليات والترتيبات الروتينية فى زيارة الأمين العام وكشف عن أن موافقة الحكومة على طلبات موسى بأن تظل الزيارة بعيدة عن كل الأشكال الرسمية من أجل إتمامها، كما كشف أن الحكومة فى غزة كانت هى صاحبة الدعوة لعمرو موسى عبر مكالمة هاتفية أجراها معه إسماعيل هنية يوم الاثنين الماضى، وكشف أنها لم تكن الدعوة الأولى التى تقدمها حماس إلى موسى لزيارة القطاع، لكنه كان دائم الاعتذار لاعتبارات خاصة فلسطينية وإقليمية ودولية، وكلها تتعلق بإضفاء الشرعية على جهة فلسطينية دون أخرى.
ومن جهة أخرى، اعتبر الدكتور ناجى شراب، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة الأزهر بغزة، الزيارة غير شكلية ولها أهمية خاصة، وعبر عن استيائه من وجه النظر التى تشير إلى أنها زيارة بلا معانٍ وأهداف، مؤكداً أنها فى غاية الأهمية وتبعث رسالة أن قطاع غزة لن يكون وحيداً ومنعزلاً،
وأضاف «لا يجب أن ننتظر المعجزات من تلك الزيارة، فالأمين العام لا يحمل عصا سحرية والقرار ليس بيده»، وأكد أن أهالى غزة بالفعل محبطون وهم كانوا يحلمون بالكثير من وراء تلك الزيارة لكن تلك حدود إمكانيات الأمين العام».