يزين "الكينج" محمد منير ليالي وحفلات العلمين هذا العام بحفل منتظر يعد الأول له مع جمهوره من خلال مهرجان "العالم علمين"، الذي إنطلق العام الماضي وتتواصل فعالياته هذا العام بالعديد من الحفلات والعروض الفنية المختلفة، وتبقى ليلة "الكينج" وحفله اللقاء والحدث الأهم في صيف 2024. تطور أكد محمد منير إن مهرجان العلمين يتطور ويزداد بريقا، مضيفا: "عندما تحدثوا معي وافقت على الفور على المشاركة، لأن هناك إصرار من القائمين على تقديم دورة متميزة". ويستكمل منير حديثه بالقول: "أسعى جاهدا لتقديم حفلة إستثنائية، واركز في التفاصيل، ولن أقدم أغنيات جديدة، بل كلها من مشواري". وشدد منير أن المطربين المتواجدين في الدورة الجديدة من الأسماء المتألقة حاليا، ولديهم شعبية، وتم إختيارهم بعناية، وتوقع أن تكون الدورة ناجحة بكل المقاييس. دون تسرع أكد منير أنه يدرس عدد من الأغنيات لاختيار أفضلها خلال الفترة المقبلة، ويرفض التسرع، لأن الاختيار ليس سهل. لماذا الكينج؟ قدم محمد منير مشروعه الفني بكلمات متفردة وموسيقى حديثة شجية مستلهمة من التراث والجذور المصرية، وبصوت ساحر يعبر عن أحلام وآلام شعب كافح وناضل سنوات وسنوات من أجل حريته وكرامته وإنسانيته، وفي ظل كفاحه لم ينسى مشاعره وأحاسيسه التي عبر عنها في فنون عديدة ومختلفة من شعر وموسيقى وغناء ورسم ونحت وتصوير وتمثيل وأدب . جاء منير ليكون مثل الضوء الساحر الذي يجتذ بك ليلامس أحاسيسك المدفونة ويعبر عنها بصوت عذب كعذوبة ماء النيل، تمتزج معه مشاعر الحب للإنسان وللوطن . منذ الظهور الأول ظل "الكينج" - كما يلقب منذ سنوات - محط أنظار المبدعين الذين وجدوا فيه المساحات الشاسعة من الحرية الفنية المفقودة والمحبوسة في مساحات ضيقة جدا، لا تجد من يفتح أمامها الأبواب لتنطلق إلي عالم أرحب وفضاء شاسع جديد تنافس فيه وتمتزج بموسيقى العالم من حولها، فالكل يتسابق ويتسارع في إبداعه حتى يصافح هذا الإبداع. بداية من بليغ حمدي وكمال الطويل، وهما أثنان من رفقاء رحلة "العندليب الأسمر"، عبد الحليم حافظ، ومنتميان إلى مدرسة الحداثة في الموسيقى والتلحين، كان من الطبيعي أن تصافح ألحانهما صوت "فتى النيل الأسمر"، الذي جاء من الجنوب ليفتح الأبواب الإنسانية "ع البحري"، فلا تعرف شماله من جنوبه، ولا شرقه من غربه، الكل أصبح واحدا على صوت منير وكلمات أغنياته . "أشكي لمين.. وأحكي لمين.. دنيا بتلعب بينا.. توهنا سنين.. ولا عارفين بكره جايب إيه لينا".. بهذه الكلمات بدأ بليغ مسيرته مع منير مع أصوات أخرى تنتمي إلى ما سمي ب"الأغنية البديلة"، وهو المصطلح الذي ظهر أعقاب رحيل عبد الحليم حافظ في 30 مارس 1977. كان منير أحد أضلاع مثلث غنائي ضم 3 بجانب منير كلا من علي الحجار ومحمد الحلو، مثلث توسم فيهم كبار الموسيقيين أنهم سيملئون بأصواتهم مساحات الأغنيات المصرية الواسعة . سقط الحجار والحلو في فخ التقليدية، بينما بحث منير عن إبداع مختلف نجح في العثور عليه عبر أجيال مختلفة من المبدعين، إلى جانب بليغ والطويل، جاء هاني شنودة الذي تزعم ثورة فنية حقيقية على القوالب الغنائية التقليدية، وفتح أمامه شبابيك الإنطلاق إلى العالم، ويخاطبه بالشكل الموسيقي الجديد في التوزيع وإستخدام الآلات الموسيقية الحديثة حتى في شكل الفرقة الموسيقية المصاحبة له على خشبة المسرح، وأكمل منير الصورة بثورة موازية ممثلة في شكل المطرب الذي إعتاد الظهور بالملابس الرسمية وفي حالة تأنق شديدة، بينما جاء منير ليغني ب"الجينز" وال"تي شيرت"، ويحدث جمهوره قبل وأثناء الغناء بلزمات غير معتادة، إلتصقت بمنير، وحفظها الجمهور وتعلق بها محطما بذلك تابوهات فنية وشكلية غرق فيها العرب لسنوات طويلة . جاء منير ليغني مفردات جديدة، مثل "الليلة يا سمرا"، "شجر اللمون"، "بفتح زرار قميصي"، "قلبي مساكن شعبية"، "من أول لمسة"، "العشق والحرية"، "بلح أبريم" وغيرها من روائعه الغنائية المتفردة. ◄ اقرأ أيضا | «مهرجان العلمين».. فعاليات متنوعة واستقبال ل2 مليون زائر كان منير خير تعويض لكمال الطويل عن توقف مشروعه الفني مع "حليم"، وجاء منير ليمنح الطويل فرصا جديدة من الإبداع الموسيقي المواكب لعصر ما بعد "العندليب الأسمر"، فكانت روائع "في حبك مش بريء" و"علي صوتك بالغنا" و"بره الشبابيك غيوم". الثورة الفنية التي أحدثها منير إلتف حولها وصاحبها العديد من الشعراء والملحنين والموزعين من أجيال مختلفة، إلى جانب جيل بليغ والطويل والأبنودي وصلاح جاهين ومجدي نجيب وعبد الرحيم منصور، وجدنا جيل هاني شنودة ويحيى خليل وعصام عبد الله وأحمد منيب وفتحي سلامة، وبعدهم حسين الإمام وحميد الشاعري وطارق مدكور، وتلتها أجيال أخرى مثل وجيه عزيز وكوثر مصطفى ومحمد رحيم وسامر أبو طالب وغيرهم الكثير. رحلة غنائية وموسيقية طويلة ومثمرة، قطعها منير بإجتهاد ومثابرة وإبداع لا متناهي، آمن خلالها بضرورة الانفتاح على الآخر، فكانت تجربته الفريدة مع العازف الألماني الراحل رومان بونكا، الذي إرتبط به منير إنسانيا وفنيا، ما جعله يوزع واحد من أهم الألبومات الغنائية الصوفية العربية، وهو الأرض والسلام والتي ضمت الأنشودة الخالدة (مدد مدد يا رسول الله)" . نجاح المطرب كان وسيلة لإجتذابه نحو أضواء السينما، وكثير من المطربين إستهلكت السينما موهبتهم الغنائية في أفلام تجارية، لكن لم يسقط منير في هذا الفخ، وبذكاء شديد أدرك أن مشروعه الغنائي يحتاج إلى سينما بمواصفات خاصة، هنا كان نقطة تلاقي مع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين، الذي عبر عن رؤيته لتعاونهما عبر أفلام عديدة مشتركة، عندما قال جملته الخالدة: "منير صوتي في السينما" . بين أفلام منير لن تجد فيلما إستهلاكيا، بل ستجد أعمالا ذات قيمة فنية وإنسانية ضمتها قائمة ال100 الأفضل في تاريخ السينما والعربية، مثل "حدوتة مصرية" و"المصير" و"الطوق والأسورة" وغيرها.. إحتفاء العالم بتجربة "الكينج" الثرية وليلته الساحرة التي إحتضنتها مسارح المملكة العربية السعودية مؤخرا وتسابق على المشاركة فيها زملاء ورفقاء الرحلة، واليوم تسطع مجددا في سماء العلمين المصرية، لم يأت من فراغ، بل جاء تتويجا لمشوار حافل من الفن والحرية والإبداع، والتي عبر عنها بكلاسيكيات غنائية خالدة.. ليبقى منير "حدوتة مصرية" خالدة.