■ كتب: هانئ مباشر الثقة بين أى طرفين لابد أن يكون لها مقومات واقعية حية وتُبنى من جديد على معطيات وبراهين ودلائل ميدانية يشعر بها كل طرف تجاه الآخر، فكيف إذا كانت علاقة الثقة بين المواطن والحكومة؟!.. لقد مرت العلاقة بين الحكومة السابقة والمواطن بمراحل وتجارب صعبة جدا وعلى مدى السنة الأخيرة من عمر تلك الحكومة كانت التجربة أقسى وأصعب بحكم الظروف والأزمة التى تعرضت لها مصر، حيث اشتكى المواطن كثيرًا من ضعف الأداء والقدرة على مواجهة الأوضاع الاقتصادية الضاغطة جدًا عليه، وعدم وضع الخطط والبرامج والآليات التى تخفف من حدة تردى هذه الأوضاع المعيشية بل على العكس كان يلمس تباطؤا فى إيجاد الحلول ومعالجات للكثير من الأمور الخدمية المباشرة التى تلامس حياة الناس واحتياجاتهم الأساسية الضرورية، من واقع مادى ضعفت فيه القدرة الشرائية كثيراً ولم يعد هناك وجه مقاربة أبداً بين الدخل والمصروف اللازم الضرورى فقط. وأمام كل هذا اتسعت الهوة وتقلصت الثقة بين الأداء الحكومي والمواطن، وكذلك خلق فرصة لنشر الكثير من الشائعات من قوى الشر لبلبلة الرأى العام، فكيف يمكن للحكومة الجديدة أن تستعيد تلك الثقة مع المواطن؟!.. خصوصًا ونحن أمام تشكيل حكومة جديدة، حيث الفرصة متاحة ومناسبة أمامها لإعادة ترسيخ وتعزيز وتجديد الثقة مع المواطن وربما إضافة شيء جديد فى هذه العلاقة، التى تحتاج بأسرع وقت ووفق الأولويات إلى ولادة جديدة بعيدا عن أى عمل جراحى أو تداعيات خارج المألوف رغم كل الاختلاف. ◄ الجزء المهم الدكتور ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، يقول إن الدولة تعانى من فجوة فى الاتصال السياسي، التى تعنى أن كثيرا من الوزراء فى الحكومات المُتعاقبة لم يكن الاتصال السياسى جزءًا من تكوينهم، ولم يسعوا أيضًا للتدريب فى مجال الاتصال السياسى، وبالتالى، عدد من الأزمات التى حدثت فى المجال السياسى والاجتماعى كانت بسبب أزمات الاتصال، وبعد تشكيل الحكومة الجديدة التى جاءت وسط تحديات كبيرة للغاية، يجب أن تنظر جيدا لأهمية الاتصال السياسى كجزء أساسى من مهام الوزراء الجدد والحكومة بشكل عام، حتى يكون الاتصال السياسى ضمن مقومات الحقيبة الوزارية، فالعديد من المواطنين يطالبون الحكومة بأن تعمل وفق استراتيجية وطنية تتوافق مع أهداف الجمهورية الجديدة من أجل تعزيز التنمية والاستقرار فى البلاد من خلال التعاون الوثيق مع الحوار الوطنى، وعلى رأس هذه الأولويات مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى والعمل على زيادة محفزات الاستثمار فى الداخل والخارج بما يساعدهم فى خلق فرص عمل جديدة، وتحسين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطنى. ◄ نقطة البداية «أول من يصوغ العلاقة الإيجابية بالمواطن هو المسئول الذى يباشر تقديم الخدمات للمواطن، وهو الذى يحسن جودة العلاقة بين الوطن والمواطن، أو يربكها ويضع الأجهزة الحكومية موضع الشك من المستفيدين منها من جمهور المواطنين»، هكذا يقول الدكتور محمد وصفى، أستاذ الإعلام بكلية الإعلام، الذى يوضح أن هؤلاء المسئولين الذين يتصلون بالمواطن بصورة مباشرة هم فى النهاية من يخلقون تصورًا شعبيًا عامًا عن الحكومة، ولذا فمن الواجب أن يؤدى المسئول دوره على أساس تقدير المواطن، كما يجب أن يعى المسئول أنه مهما علت رتبته، فسقفه المسئول الذى يفوقه منصبًا، أما المواطن العادى المجرد من أى سلطة أو مسئولية، فسقفه الدولة ورئيس الدولة الأعلى من أى مسئول، وبالمناسبة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى دائما ما يحرص على التأكيد أنه بخدمة المواطنين والوطن، وحتى تتصل «حبال الود» من جديد بين الحكومة والمواطن فى هذا التوقيت الحساس، لا بد من المراجعة والنقد الذاتى لفحص صحة المسار، وتقييم طريقة الأداء فى سبيل التطور، والمراجعة تؤدى دائما إلى ربط أو إعادة ربط النتيجة بالسبب، فإن كانت النتيجة صحيحة، أدت مراجعتها إلى تطويرها وتجويدها، واختبار سبل أخرى أكثر تقدمًا، وإن كانت النتيجة غير مرضية، أدت المراجعة إلى تعديل المسار وتصحيحه. أضاف، إذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي حريصا على أن ينقل الصورة الحقيقية للشعب، من خلال اتباعه لأسلوب المصارحة والمكاشفة فى جميع المواقف، فإن الحكومة «وزارات وهيئات» يجب أن تنتهج نفس الأسلوب، فالمصارحة والمصداقية مهمة مع الشعب، ولا يتوقف الأمر على المصارحة والمكاشفة فقط بل إن الأمر تم بالتوازى مع صدور حزمة من القرارات الاقتصادية الهامة التى تستهدف حماية المواطنين من تداعيات الأزمة الاقتصادية للتأكيد على مبدأ هام لدى الدولة وركن أساسي في سياسية الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو حماية البسطاء ورفع المعاناة عن كاهل المواطن ودعم كافة الطبقات، وإحاطة المواطنين بكل ما يتم اتخاذه من إجراءات فى التعامل مع مختلف الأزمات أو المشاكل وهو ما يزيد من المصداقية والشفافية بين المواطن والحكومة، وهو ما يجعل المواطنين يشعرون بالحرية فى التعامل، ويسعون للتكاتف والتعاون بين مختلف فئات الشعب للوقوف خلف الحكومة للوصول إلى الهدف المنشود. ◄ تطوير الخطاب الدكتورة آمال الغزاوى، أستاذ الإعلام بالكلية الكندية الدولية، تقول إننا نحتاج من الحكومة أن يكون لديها خطاب إعلامى من نوع مختلف يقوم على زيادة الوعى وإيضاح الرؤى عن أهداف الدولة والخطط الاستراتيجية، طويلة الأمد، وعدم التباطؤ فى الرد وتوضيح أسباب المشكلات والأزمات إن حدثت، وتُعد العلاقة بين الشعب وحكومته أساسًا لكل خطوة تخطوها فى عملها، وتعتمد هذه العلاقة اعتمادًا كليًا على ثقة الشعب بالحكومة، وتلك العلاقة لا تُبنى بين عشية وضحاها، بل تقوى عندما يرى المواطن ما تقوم به الحكومة على أرض الواقع ويصب فى النهاية فى صالحه، وهذه الثقة تُبنى من خلال الأفعال لا الأقوال، فالمواطن يحترم القانون عندما يرى المسئول يحترم هذا القانون، وإلا فلن يحترمه، فإن وجد الشعب حكومته تستهدف مصلحته فى مشاريعها، ازدادت الثقة لدى المواطن، وإن كان الأمر غير ذلك ضعفت ثقة المواطن فى حكومته؛ فالعلاقة بين المواطن والحكومة حال قوتها تشير دائمًا إلى أن الدولة تسير فى الاتجاه الصحيح، ما جعل نجاح الحكومات مرتبطًا ارتباطًا كليًا بمدى رضا المواطن وثقته فى حكومته، بما يجعله أكثر إيجابية فى الالتزام بالقوانين والإجراءات التى تتخذها الحكومات. ◄ اقرأ أيضًا | الحكومة: أسعار السكر واللحوم والدواجن والبيض شهدت تراجعا كبيرا ◄ أهمية الوعي وقالت، إن كنا نتحدث عن واجبات الحكومة تجاه المواطن فعلينا ألا نغفل أهمية أن يكون المواطن أكثر إيجابية والتزاما، من منطلق أن تلك العلاقة تكاملية والتى يعد الإعلام شريكا مهما فيها، بتوضيح كافة الأمور على لسان المسئولين وفى نقل ما يشتكى منه المواطنون، وهنا يجب أن نؤكد نقطة فى غاية من الأهمية وهى ضرورة تضافر جميع الجهود لكافة المؤسسات الإعلامية والتربوية التابعة لمختلف وزارات وأجهزة الحكومة لنشر الوعى ومكافحة الشائعات حتى لا تستخدمها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لاختلاق حالة من انعدام الثقة لدى المواطن للنيل من استقرار الوطن وتماسكه، كما يجب تحليل وتفسير كل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعى من أخبار وصور وفيديوهات، والرد عليها فورًا. أضافت، أن المواجهة أو الحرب على هذه الشائعات يمكن أن تتم بتوفير المعلومات الصحيحة بشفافية تامة وفى التوقيت المناسب وهو الأمر الذى يمنع ظهور الشائعات أو على الأقل يقضى عليها فى مهدها، والتفنيد المستمر للشائعات خاصة تلك التى تنتشر بشكل كبير، لأن أحد أهداف حرب الشائعات هو استنزاف الطاقة فى الرد على الشائعات والانشغال بها، على أن يتم تقديم المعلومات الصحيحة التى تفند هذه الشائعات وتنهيها تمامًا، والاهتمام بتنمية الوعى لدى المواطنين بشكل عام ومستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى الجديد والمواقع المنتشرة على شبكة الإنترنت بشكل خاص وهذا يتم من خلال تفعيل دور هيئات قصور الثقافة والهيئة العامة للاستعلامات ومختلف الإدارات الإعلامية فى كافة الوزارات والمحافظات، مُشيرة إلى الدور المهم الذى تقوم به منظومة الشكاوى الحكومية، التى تعد بمثابة نقطة مضيئة فى العلاقة بين المواطن والحكومة فى ظل سرعة الاستجابة إلى الشكاوى وفحصها والرد عليها.