تعرف على موعد التقدم للمدن الجامعية للطلاب الجدد والقدامى بجامعة الأقصر    وزير الكهرباء: نستهدف 45 ألف ميجاوات من مشروعات الطاقة المتجددة الحالية والمستقبلية    بريتيش بتروليوم تعلن خسارة بقيمة 16 مليون دولار في تكلفة الاستبدال خلال الربع الثاني    بمناسبة اليوم العالمي للشباب.. فتح حسابات توفير جديدة    قوافل «إيد واحدة» الشاملة.. تستهدف تقديم دعم تنموي شامل لمليون ونصف أسرة من الأسر الأكثر احتياجاً    من ضمنها التصالح على مخالفات البناء.. نائب محافظ القاهرة يوجه بسرعة فحص طلبات المواطنين    قيادي بحزب الله: الاجتياح البري للبنان سيكون حافزا لنضع أولى أقدامنا في الجليل    وزير الخارجية الأمريكي: حزمة المساعدات المخصصة لأوكرانيا تهدف لتعزيز قدراتها    أونروا: نزوح أكثر من 200 ألف شخص في قطاع غزة الأسبوع الماضي    رئيس الخطوط الجوية اللبنانية: مطار بيروت لم يتلق أية تهديدات    مقتل 45 على الأقل جراء انهيارات أرضية في الهند    رئيس وزراء فلسطين: الاتصالات الدولية متواصلة لإيقاف الهجمات الوحشية على شعبنا    أولمبياد باريس - خسارة جديدة لثنائي الطائرة الشاطئية.. وإصابة دعاء الغباشي    التحريات تكشف ملابسات غرق مركب بنهر النيل في مصر القديمة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل منزل في أوسيم    إصابة 5 أشخاص إثر حادث انقلاب سيارة في الشرقية    بعد وفاتها.. قرار من النيابة بشأن المتهم بدهس شقيقة مرتضى منصور في المهندسين    "حميتو" يدعو إلى تجديد الفتوى لمواجهة تحديات العصر الرقمي    في جولته بالمتحف المصري الكبير.. وزير السياحة يستمع لآراء مجموعة من السائحين    رئيس جامعة أسيوط يفتتح تطوير وحدة العلاج الخاص بمستشفى الأطفال الجامعي    هيئة الإسعاف تخصص 11 لانش لخدمة سكان الجزر النيلية والحالات الطارئة مجانا    القومي للبحوث يكشف أسباب اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مساعدات مالية ومشروعات ومعاشات للحالات الأولى بالرعاية    وزيرا الزراعة وقطاع الأعمال العام يبحثان جهود النهوض بالقطن    جامعة بني سويف تكرم الدكتور محمد حماد هندي عميد كلية التربية السابق    إنقاذ 11 شخصا والبحث عن 5 آخرين في غرق مركب بنهر النيل    واشنطن بوست: إيران تعمل على تقويض حملة ترامب    محادثات دفاعية بين أوستن وبلينكن ونظيريهما الفلبينيين    طلاب جامعة المنوفية يشاركون في فعاليات مهرجان "العالم علمين"    قبل ندى حافظ.. 7 لاعبات شاركن في الأولمبياد أثناء الحمل (صور)    وزارة العمل الأمريكية تمنح مؤسسة بالمنيا جائزة مكافحة عمال الأطفال    قبل انطلاقه اليوم ..أبرز ما يشهده حفل افتتاح الدورة ال 17 للمهرجان القومي للمسرح    استكمال أعمال كورنيش الإسكندرية الجديد.. المرحلة الأولى من المنتزه حتى البوريفاج والثانية تبدأ في أكتوبر    الراكب الآلي في سباقات الهجن بمدينة العلمين: تلاقٍ بين التراث والتكنولوجيا (صور)    مجموعة طلعت مصطفى تحقق 390 مليار جنيه مبيعات تعاقدية خلال سبعة أشهر    الكشف وتوفير العلاج ل1604حالات خلال قافلة طبية مجانية بقرية نزلة باقور في أسيوط    زويل جديد.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بالطفل العبقري يحيى عبدالناصر    مفتي ماليزيا: الفتوى الرشيدة تلعب دوراً محورياً في حل النزاعات الدولية    تفاصيل أزمة اعتقال جنود إسرائيليين بسبب ممارسات غير أخلاقية ضد معتقلين    مصطفى حجاج يستعد لطرح أغنية "روح"    "مِنْ أَسْبَابِ الرِّزْقِ الخَفِيَّةِ التَّقْوَى" الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة المقبلة    حرام شرعًا.. أمين الفتوى يحذر العمال والموظفين من استخدام أدوات العمل في أمور شخصية (فيديو)    أدعية ونصائح لطلاب الثانوية الأزهرية ليلة ظهور النتائج    خلال 24 ساعة.. ضبط 44829 مخالفة مرورية متنوعة    وفاة معيدة بجامعة أسيوط وزوجها في حادث تصادم    الزمالك ينجح في حسم أولى صفقاته الصيفية    لوائح دراسية جديدة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة    التجديد للدكتور إبراهيم نجم أمينًا عامًا لدور وهيئات الإفتاء في العالم    جوارديولا يرد على تصريحات جوليان ألفاريز المثيرة للجدل    كان بيوصل سلك.. مصرع شاب صعقته الكهرباء من عمود إنارة بسوهاج    نسمة محجوب تبهر جمهور الأوبرا بأغانٍ عربية وغربية ساحرة.. صور    طريقة عمل كباب الحلة، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    سكان هذه المحافظة محرومون من المياه لمدة 12 ساعة| اعرف المناطق    خالد الجندي: الموسيقى حلال بأدلة الكتاب والسنة    أول تصريح من كولر بعد تكرار إنجاز جوزيه التاريخي مع الأهلي    "فاضل كام يوم؟" احتفال المولد النيوي 1446 في المملكة العربية السعودية    محمد عنتر: البقاء ليس سهلا.. وهذا رجل المباراة الحقيقي    بعد فوز الأهلي برباعية.. تعرف على ترتيب الدوري المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استلهام العبر من الهجرة النبوية الشريفة في حياتنا المعاصرة
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 07 - 2024

الهجرة النبوية الشريفة في عام 622 ميلادي من مكة إلى المدينة المنورة تعتبر نقطة تحولٍ فارقةٍ؛ حيث أتاحت لرسول الله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فرصةً لنشر رسالة الإسلام السمحة بشكلٍ أوسع، كما أسست الهجرة للمدينة المنورة وطناً أصبح نموذجًا للعيش في تسامح وتعاون بين مختلف الجماعات والأطياف، ورسخت لقيم التسامح والرحمة والأمان والتعاون والشراكة والتكامل والتعامل بمكارم الأخلاق قولًا وعملًا، وأتاحت نشر الوسطية والاعتدال في الفكر الديني والاجتماعي، بعيدًا عن التطرف والغلو، ونبذ الآخر، فالهجرة النبوية والقيم السمحة تمثلان نماذج مهمة لاستلهام العبر للتعايش والتسامح الذي ينشده مجتمعنا المعاصر.
فأنماط الحياة المعاصرة في احتياجٍ لأن ترتكن على مبادئٍ عقائديةٍ قويمةٍ تسهم في ترسيخ صحيح القيم والخلق الكريم الذي نتمنى جميعنا رصده وملاحظته بالعين المجردة في سلوكنا وسلوك أبناء مجتمعنا صاحب الحضارة والتاريخ، وهذا ما يحثنا على أن نستلهم قليلًا من فيض المناسبات الدينية العطرة ومنها الهجرة النبوية الشريفة التي نعيش عطر ذكراها في أيامنا هذه.
وتؤكد المواقف التي سردتها السيرة المطهرة على أن لغة التعاون تساهم في تحقيق الغايات المجتمعية رغم التحديات المحيطة، وأن صبغة التسامح تشكل لبنةً بناء الأوطان؛ حيث تماسك نسيجه وقوة وصلابة موقفه إزاء ما قد يمر به من أزماتٍ تلو الأخرى، وأن الرحمة والتراحم وتوظيف واستغلال الطاقات والإمكانيات المتاحة بأفضل صورةٍ ممكنةٍ، والعمل الدائم علي تطوير القدرات والمهارات اللازمة لمواجهة التحديات والتكيف مع المتغيرات، واستغلالها الاستغلال المثل لتحقيق نهضة الدول التي تسعى جاهدةً لأن تؤسس كياناتها المختلفة كي تتبوأ مكانتها التي تليق بها في العالم بأسره.
وهناك دلالةٌ واضحةٌ حيال ثمرات حالة السلم التي فيها تتبنى الدول مراحل التقدم والبناء والإعمار لتستطيع أن تستكمل مسيرة الحياة في ربوع الأرض وتصنع تاريخها وتؤدي رسالتها على الوجه الأكمل، ومن ثم تقوى على المواجهة ودحر كل من يحاول النيل منها؛ فكهذا تعلمنا من سيرة نبينا العطرة سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) التي علت العالم بفيض الوسطية والاعتدال فأخرجت بني البشر من ظلام دامس إلى نور الحق المبين.
وكان من عبر الهجرة الشريفة بلوغ حالة العيش الجاد المكلل بالعمل المنتج والمتن والتعايش السلمي الذي به استطاع الصحابة أن يشكلوا معالم دولتهم ويستفيقوا من كبوتهم ويعتلوا المراكز المستحقة لهم بكسب العيش وتجنب التواكل والحرص على تقديم كل ما هو نافع؛ فالدين ترجمته سلوكٌ حميدٌ يراه ويرصده الآخرون ومن ثم يقتنعون بمبادئه وقيمه السمحة فيبحثون عن الحقيقة ليتمسكوا بها في نهاية المطاف.
وندرك جليًا أن بناء الدول ونهضتها وتحقيق التنمية يلزمه الاستعداد للتحمل والمشقة في سبيل تحقيق الأهداف النبيلة والدفاع عن الحق، وتضحيةٍ مستدامةٍ تقوم على الإيمان الراسخ والمعتقد الصحيح وحب العدل، ومن ثم ما نراه من مشقة في بلوغ ما نصبوا به من غاية ليس بالأمر المستحدث فقد سبقنا الأولون من الأخيار المهاجرين منهم والأنصار تحت لواء الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وسلم)، الذي أسس لدولة العدل والتسامح ورسخ لجهاد النفس قبل الجهاد المادي بكافة صوره؛ فالسبيل تجاه الأعمار له ضريبةٌ يدفعها طالبوه لا محالة.
والصبر والجلد والمثابرة في بلوغ تحقيق الرسالة أمرٌ يتحمله من يبتغي العزة والكرامة لنفسه ودينه؛ لكن الرضوخ والتواكل لا يسفر إلا عن تخاذلٍ وارتدادٍ في براثن الغي، وهذا ما رفضه صحابة النبي عليه الصلاة والسلام؛ حيث اجتهدوا في العمل والعبادة على السواء؛ فمكنوا لأنفسهم ولدينهم وغمروا الدنيا بأسرها برسالة النور التي نعيش في ظلالها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي خضم الهجرة المشرفة رأينا أن الثبات والرسوخ على المبدأ مفتاح النجاح؛ فلا معارضةً تجدي مع من يعتنق الحق ويحارب الباطل مهما بدت قوته وسلطته وجبروته، وهذا سر التفوق لمن سار في سبيل تحقيق الرسالة النبيلة من خلال تماسكٍ وتضافرٍ وترابطٍ مجتمعيٍ قويٍ كان ثمرته الوحدة والتماسك وتجنّب الخلافات والانقسامات، وبالتالي أدى لتكوين لحمةٍ قويةٍ واجهت قوى الباطل ودحرتها وفتحت فتوحاتٍ عظيمةً في مشارق الأرض ومغاربها.
ومن الأسرار والعبر المستلهمة من الهجرة المباركة أن سمحت بممارسة التخطيط الذي ساهم في تحقيق الهدف المنشود المتمثل في تبليغ دعوة النبوة بمنهجية المحبة والتواد والتسامح واللين من منطلق القوة فالدين المعاملة؛ فكان الأثر العظيم الذي غير من هوية العالم وفكره وجعل الإمبراطوريات على حافة الهاوية في خضم وقوة الحق وصلابة القائمين عليه وإرادتهم التي لم تلين ولو للحظةٍ واحدةٍ.
لقد هيأت الهجرة النبوية الشريفة المجتمع المسلم للتغيير في كل شيءٍ؛ فكانت الحياة بمثابة بيئةٍ حاضنةٍ للتفكير، وكان للغة الحوار والشورى منفسًا وطريقاً مفتوحًا مع العديد من مريدي العقيدة السمحة ومن يتطلعون إلى الكشف عن خباياها، وفي خضم الهجرة وجدنا التكيف مع التوافق والتكافل بصورةٍ مبهرةٍ، لم يعرف التاريخ لها مثيلًا؛ فبدت المحبة تعم وتسود كيان المجتمع.
إن استلهام العبر التي لا حصر لها في هذا المقام الضيق من الهجرة النبوية الشريفة في حياتنا المعاصرة؛ حيث قدمت الهجرة النبوية الشريفة عبرًا ودروسًا قيمةً في كيفية التعامل مع التحديات والأزمات والمحن بالحكمة والإيمان والوحدة والتماسك مما يفتح المجال أمامنا وأمام أصحاب العقول المستنيرة من تعضيد صحيح القيم السمحة التي جسّدتها الهجرة النبوية، لكي نستطيع أن نستكمل بناء دولتنا وننهض بمقوماتها، وبناء مجتمعٍ أكثر استقرارًا وتقدمًا.
أ.د/ مها عبد القادر
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة - جامعة الأزهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.