من نوفمبر 2008، مرورا بيونيو 2009، وصولا إلى نوفمبر 2010، مرت نظرة العالم الإسلامى لباراك حسين أوباما بثلاث مراحل، ففى التاريخ الأول فاز أوباما برئاسة الولاياتالمتحدة، رافعا شعار «التغيير»، فراودت المسلمين والعرب الآمال فى رئيس يمحو ثمانى سنوات من سياسة سلفه جورج بوش الخارجية. وفى التاريخ الثانى، تحدث الرئيس الأمريكى، من أصول كينية مسلمة، فى القاهرة عن بداية جديدة تنشدها واشنطن مع العالم الإسلامى، لتبلغ هذه الآمال ذروتها. لكن مع التاريخ الأخير، ورغم تأكيد أوباما فى خطابه بجاكرتا على مواصلة العمل لتحسين العلاقات مع المسلمين والعرب، بدد أداء إدارته خلال ما يقرب من عامين الكثير من تلك الآمال. تحركاتها «كاذبة» وتصريحاتها عن الاستيطان «مجرد مسرحية».. «هذا تدليل أمريكى مستمر لإسرائيل».. «أمريكا تريد دولة صهيونية فى جنوب السودان للسيطرة على مياه نهر النيل».. «إدارة أوباما صرفت النظر نهائيا عن ملف الديمقراطية». تلك بعض من آراء دبلوماسيين وأكاديميين عرب استطلعت «الشروق» آراءهم بشأن سياسات إدارة الرئيس أوباما تجاه قضايا العالم العربى والإسلامى خلال عام 2010، وما قد يشهده 2011. فعن فشل واشنطن فى تحقيق اختراق فى الملف الفلسطينى، قال أستاذ العلوم السياسية فى جامعة النجاح بالضفة الغربيةالمحتلة عبدالستار قاسم إن «هذه الإدارة معنية بتذويب القضية الفلسطينية، وتحويل فلسطين إلى مجموعة من الأفراد يبحثون عن مصالحهم الخاصة»، واصفا تحركاتها «بالكاذبة»، وتصريحاتها عن الاستيطان والقدس بأنها «مجرد مسرحية»، ف«واشنطن ليست عاجزة أو فاشلة، ولو أرادت حقا الضغط على إسرائيل لأوقفت مساعداتها المختلفة لها، لا سيما العسكرية». لكن لمساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق للشئون الأمريكية إيهاب وهبة رؤية مختلفة؛ إذ يرى أن «أوباما جرب كل الوسائل تقريبا لدفع عملية السلام، وفور تنصيبه عين مبعوثا خاصا للشرق الأوسط (جورج ميتشل)، ثم زار القاهرة وألقى خطابا مهما أكد فيه حقوق الشعب الفلسطينى، وضرورة قيام دولة فلسطينية، معترضا بشدة على استمرار البناء الاستيطانى». وبالفعل «نجح فى حمل إسرائيل على وقف الاستيطان لمدة عشرة أشهر، غير أن المفاوضات المباشرة واجهت أزمة كبيرة مع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مد تجميد الاستيطان، ومن ثم لم يتوافر للمفاوضات الوقت الكافى لتؤتى بثمارها». وأرجع هذا الوضع إلى «التدليل الأمريكى المستمر لإسرائيل، حيث لم تقرن واشنطن مطالبها بالضغوط اللازمة، بل عرضت تقديم رشاوى لتل أبيب عبر تعهداتها بتعزيز قدراتها العسكرية.. هذا الموقف الأمريكى الضعيف طمّع إسرائيل، فطالب نتنياهو واشنطن بتعهدات مكتوبة». وختم وهبة بأنه «كان ينبغى على واشنطن أن تحمل إسرائيل مسئولية وضع العراقيل أمام مفاوضات السلام»، مضيفا أن «سير الأمور خلال العامين الماضيين من رئاسة أوباما يجعل عام 2011 لا يبدو مبشرا لتحقيق اختراق فى القضية الفلسطينية». وبشأن الملف السودانى، قال المحلل السياسى السودانى، رئيس الجامعة الأفريقية بالخرطوم، حسن مكى: إن «إدارة أوباما ضغطت بشكل كبير على السودان لتنفيذ المشروع الأمريكى المتمثل فى ولادة دولة جنوبية جديدة وآمنة تخدم المشروع الصهيونى الراغب فى تهديد الأمن المصرى على حدوده الجنوبية، والسيطرة على ملف مياه نهر النيل، حيث يجرى تنسيق إسرائيلى مع كل دول المنبع، لا سيما إثيوبيا لتحويل المياه إلى سلعة تباع وتشترى.. واشنطن تريد دولة جنوبية تخدم المشروع الكنسى لمحاربة الثقافة العربية فى هذه المنطقة». ويتوقع الخبير السودانى أن «ينفصل جنوب السودان بالفعل عن شماله.. سيكون انفصالا شكليا، بحيث يتم تسجيل دولة جنوبية فى الأممالمتحدة، ويكون لها نشيد وطنى، لكن سيستمر تدفق الجنوبيين نحو الشمال، فالجنوب ليس لديه إمكانات قيام دولة تستجيب لمطالب أبنائها فى الصحة والتعليم ومختلف الخدمات، وسيظل الشمال المنفذ الوحيد للجنوبيين». ويختلف مكى وقاسم حول أداء إدارة أوباما فى العراق، إذ يرى الأول أن «واشنطن حققت أهدافها فى العراق: دمرت الجيش، وزجت بالبلاد فى أتون استقطاب وصراع داخلى بين السنة والشيعة والأكراد.. هذا الصراع سيستمر طويلا، وسيظل العراق حبيس تناقضاته الداخلية». أما قاسم فيعتبر أن «أكبر الخاسرين فى العراق هى واشنطن.. خروج قواتها ليس لوجه الله، بل لأنها خسرت الحرب، والمقاومة أثبتت فشل أمريكا وتقزمها، فالأمريكيون يفكرون بعضلاتهم، وليس بعقولهم»، متوقعا «تزايد النفوذ الإيرانى فى العراق على حساب الأمريكى؛ من جراء تغلل إيران عسكريا وسياسيا». وحول أفغانستان اتفق كلاهما على أن إدارة أوباما لن تستطيع عسكريا حسم الأوضاع فى البلد المحتل منذ أكتوبر 2001، ويتنبأ مكى ب«انسحاب القوات الأوروبية المشاركة فى الاحتلال، وأن تضطر القوات الأمريكية إلى الانسحاب بعدها». فيما يتحدث قاسم عما سماها «مكابرة» أمريكية فى أفغانستان، قائلا: إن «الشعب الأمريكى لا يستوعب الأمور على المستوى العقلى، بل على مستوى التجربة التى أثبتت فشلهم؛ لذا يحاولون تغيير وجهتهم، فمع الفشل فى القضاء على حركة طالبان أو حتى إضعافها يتلكأون فى الانسحاب.. وستستمر طالبان فى المقاومة خلال العام المقبل». ورغم أن قضية الإصلاح الديمقراطى فى العالم العربى من أكثر الملفات التى حظيت بآمال فى تحقيق تقدم فيها، إلا أن مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، السفير سيد قاسم المصرى، يرى أن «الولاياتالمتحدة صرفت النظر نهائيا عن هذا الملف؛ لكونها أصبحت على قناعة بأن الانتخابات الحرة الحقيقية ستجلب للسلطة حكومات معادية جدا لواشنطن». وفيما يشدد مكى على أن «هدف واشنطن فى المنطقة معروف، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة تعمل لتأمين مصالحها من بيع السلاح والسيطرة على النفط»، يتهم قاسم إدارة أوباما بأنها «تساهلت بشكل كبير مع التزوير الذى شاب الانتخابات التشريعية فى البحرين والأردن ومصر خلال 2010»، خاتما بأن «الزخم الذى كانت تتحدث به الإدارات الأمريكية السابقة عن تحقيق الديمقراطية فى المنطقة العربية لم نعد نراه مع أوباما، ولا أحد يصدق الآن أن واشنطن تدافع عن الديمقراطية». المدير التنفيذى لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية كير: على مسلمى أمريكا شد الأحزمة فالأسوأ قادم مع الجمهوريين الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى الأوروبى: اليمين المتطرف فى صعود.. وتضارب المرجعيات الدينية أبرز مشاكلنا