أطول حروب الكيان الصهيوني في تاريخه منذ احتلاله لفلسطين 1948، وجيشه لم يكن مستعدًا لمثل هذه الحرب.. جيش الاحتلال ربما كان مستعدًا لحرب قد تستمر أياما أو أسابيع بحد أقصى. لذلك هذه الحرب بدون شك أنهكته، وهو ليس باستطاعته أن يخوض حربًا برية واسعة جديدة على الجبهة اللبنانية. والآن، بات هناك سجال متصاعد بين مستويات القرار ودوائر الإدارة فى إسرائيل؛ خلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» وجنرالات الجيش تحولت إلى قوة آخذة فى الاتساع يومًا بعد يوم مع تزايد عدد الجنود القتلى. وبعد 9 أشهر شهد فيها القطاع تصعيدًا متزايدًا فى العنف وإبادة جماعية قام بها جيش الاحتلال، يأتى الحديث عن المرحلة الثالثة من الحرب، مما يطرح تساؤلات كثيرة حول معناها وأسبابها والدلالات المستقبلية لهذا التطور. يبدو أن الكيان الصهيونى لم يتمكن من تحقيق أهدافه بالكامل فى قطاع غزة، وبات هناك حاجة ماسة لتعافى جنوده استعدادًا لسيناريوهات تصعيدية محتملة مع حزب الله فى لبنان؛ منح المستوى السياسى فى إسرائيل الجيش الضوء الأخضر للانتقال تدريجيا إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الحرب على قطاع غزة، وفق هيئة البث الإسرائيلية التى قالت إن الجيش سيواصل العملية العسكرية ولكن بشكل آخر؛ وأزاح نتنياهو النقاب عن أهم ملامح ما تسمى المرحلة الثالثة، إذ أكد أن الحرب لن تتوقف، وأن إسرائيل ستواصل محاربة حماس بعد انتهاء المرحلة الثانية؛ المرحلة التى يريدها قادة الاحتلال أن يكون التركيز على عمليات خاطفة محدودة، مع سحب القوات الإسرائيلية من داخل الأحياء والمدن فى القطاع، وإبقاء السيطرة على محور نتساريم الذى يفصل الشمال عن الجنوب. وتشمل المرحلة الثالثة أيضًا إنهاء الجيش عملياته العسكرية الكبرى فى رفح جنوبى القطاع، وسحب قواته من هناك ولكنه لن يغادر غزة والتحول إلى الغارات المستهدفة والنشاط الجوى. كما ستبدأ المرحلة الثالثة فى إعادة إعمار غزة بتمويل دولى، والحكم الفلسطينى الجديد للقطاع، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست». ◄ اقرأ أيضًا | أبرز مخرجات لقاء وزير الخارجية المصري ونظيره الأردني ووفقًا لوكالة «أسوشيتد برس» إن اتفاق واشنطن المرحلى سيتضمن أولاً وقفًا «كاملاً ومتكاملاً» لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع والذى سيشهد إطلاق سراح عدد من الرهائن، بما فى ذلك النساء وكبار السن والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. وقال المسئولون، إنه خلال 42 يومًا، ستنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان فى غزة وتسمح بعودة النازحين إلى منازلهم فى شمال غزة. وخلال تلك الفترة، ستتفاوض حماس وإسرائيل والوسطاء على شروط المرحلة الثانية التى يمكن أن تشهد إطلاق سراح الرهائن الذكور المتبقين، من المدنيين والجنود. وفى المقابل، ستطلق إسرائيل سراح المزيد من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين. كما ستشهد المرحلة الثالثة عودة أى رهائن متبقين، بما فى ذلك جثث الأسرى القتلى، وبدء مشروع إعادة الإعمار الذى يستمر لسنوات. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن جنرالات إسرائيليين أن قواتهم فى حاجة لوقت للتعافى فى حال حرب برية ضد لبنان، لذا يريدون بدء وقف إطلاق النار فى غزة حتى لو أدى ذلك إلى إبقاء حماس فى السلطة فى الوقت الحالى، مما يؤدى إلى اتساع الفجوة بين جيش الاحتلال ونتنياهو، الذى عارض الهدنة التى من شأنها أن تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة فى الحرب. ويعتقد الجنرالات أن الهدنة ستكون أسرع وسيلة لاستعادة المحتجزين. ونظرًا لعدم تجهيزهم لمزيد من القتال بعد أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود، يعتقد الجنرالات أيضًا أن قواتهم تحتاج إلى وقت للتعافى فى حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله. ويعكس موقف الجيش من وقف إطلاق النار تحولاً كبيراً فى تفكيره خلال الأشهر الماضية، حيث أصبح من الواضح أن نتنياهو كان يرفض التعبير عن خطة ما بعد الحرب أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار بشكل أساسى إلى خلق فراغ فى السلطة فى القطاع، مما أجبر الجيش على العودة والقتال فى أجزاء من غزة. وقال العديد من الخبراء إن نتنياهو، الذى ألقى باللوم مؤخرًا علنًا على إدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» بحجب بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين فى غزة، يتلاعب بالوقت تحسبًا لاحتمال خسارة بايدن فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى 5 نوفمبر. وإذا فاز الرئيس السابق «دونالد ترامب» بالانتخابات، فمن المتوقع أن يكون أكثر دعماً لإسرائيل من بايدن؛ كتب روبرت أوبراين، آخر مستشارى ترامب للأمن القومى ومن المحتمل أن يصبح وزيراً للخارجية، فى مجلة «فورين أفيرز» أن «الولاياتالمتحدة يجب أن تستمر فى دعم إسرائيل فى سعيها للقضاء على حماس فى غزة»، وأن «الحكم والمكانة على المدى الطويل» المنطقة ليست من اختصاص واشنطن، ولا ينبغى لها الضغط على إسرائيل للعودة إلى المفاوضات حول حل طويل الأمد للصراع الأوسع مع الفلسطينيين.