ربما تشعر دول الخليج العربية بخوف تجاه إيران سواء كانت بقدرات نووية أو بدونها. لكن العملاء النفطيين لدول الخليج في آسيا يتخوفون بصورة ما من الهوس السياسي الأمريكي الذي يشكل تهديدا أكبر للمنطقة ولقدرتها علي توفير إمدادات الطاقة خلال خطابه حول "حالة الاتحاد" أشار الرئيس الأمريكي بوش إلي حاجة أمريكا لتقليل اعتمادها علي الطاقة المستوردة وعلي تلك الإمدادات القادمة من الشرق الأوسط. في هذه الأثناء فإن هناك في واشنطن من لا يستبعدون عملا عسكريا ضد إيران. والضوضاء بشأن إيران تبعث برسالتين إلي الخليج وعملائه من مشتري النفط. الرسالة الأولي وقد تلقتها أسواق النفط الدولية بوضوح وبصوت عال هي ان هناك خطرا حقيقيا في حدوث تشويش في إمدادات النفط إذا ردت إيران بصورة انتقامية علي أي ضربات جوية ضد منشآتها النووية. وعمل مثل هذا قد يرفع أسعار النفط إلي أكثر من مائة دولار للبرميل وهو سعر يمكن أن يلحق الضرر الشديد بالاقتصاد الأمريكي. ولكن بالتأكيد هذا الضرر سيكون أشد للدول الآسيوية.ان مصادر الطاقة الهايدروكربونية في الخليج توجد في أيدي شركات مملوكة للدولة وليس في يد الشركات متعددة الجنسية واعتماد أمريكا علي نفط الخليج هو قليل علي أية حال. فالولايات المتحدة تستورد 60% من نفطها فقط. 20% منه يأتي من الخليج. وبالتالي يمكن القول ان الخليج يساهم في تغطية 12% من الطلب الأمريكي علي النفط. أما أوروبا فهي تعتمد بنسبة 30% علي نفط الخليج.في المقابل نجد ان اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان تستورد كل احتياجاتها من النفط ويأتي 75% منها من الخليج. والهند تستورد 75% من احتياجاتها منها 80% من الخليج والصين تستورد 35% من احتياجاتها يأتي 80% منها من الخليج. ويتوقع ان ينمو الطلب علي الطاقة في الصين والهند بنسبة 8 10% سنويا.من الناحية النظرية بإمكان هذه الدول ان تتحول للشراء من مناطق أخري. ولكن لا الصين ولا الهند لديهما القدرة علي تحمل انقطاع قوي في الإمدادات.النتائج الاقتصادية قد ترفع أسعار النفط إلي أكثر من مائة دولار للبرميل مما قد يلحق بالدول المستوردة أضرارا بالغة. وربما تمتلك الصين كميات كبيرة من الاحتياطي بالنقد الأجنبي مما يساعدها في تحمل صدمة مثل هذه. أما الهند فإن الميزان التجاري فيها يعاني حاليا مع ارتفاع أسعار النفط إلي 60 دولارا للبرميل. ولديها عجز في الميزانية لا تستطيع معه تقديم أي دعم للنفط المستورد لتخفيف آثار ارتفاع سعره علي المواطنين والشركات. النمو الاقتصادي في الهند والصين يعتمد بقوة علي النقل وقطاعات الطاقة وهي قطاعات مستهلكة للنفط. ستعمل الدول الآسيوية علي الأغلب علي تجاهل الضغوط العربية تجاه إيران كما سبق وأن فعلت ذلك تجاه السودان.