● لم يخطئ أبدا.. (الشهيد القائد محمد أنور السادات).. حين قال ذات يوم.. «سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، كيف خرج الأبطال من هذا الشعب». كثيرة هى تلك اللحظات التى تجسدت أمامي كل كلمة من كلمات «الشهيد القائد»، وبشكل حى ومن دم ولحم.. عندما أكرمنى الله بسماع حكايات بطولات خير أجناد الأرض، قادة وأبطال مصر، فى حرب السادس من أكتوبر.. ما من مرة قدر لى فيها القدر أن أجلس فى حضرة واحد منهم إلا وأجد نفسى لا أمام «بشر» مثلنا بل هم خلق من جنس آخر بدون أدنى مبالغة، يربطهم ببعض خيط رفيع غير مرئي، حتى عندما أدوا «خدمتهم» وعاد كل منهم إلى مهمته ومكانه الأصلى ظل هذا الخيط موجودا.. المؤكد أنها هى «روح أكتوبر»، هذه الروح المتفائلة الممزوجة بالأمل، التى لا تعرف الخسارة أو الانكسار أو الإحباط، هذه الروح الباعثة على الاجتهاد والسعى والأخذ بالأسباب، وعدم الاستسلام لآخر نفس.. وهذه «روح أكتوبر» ليست مجرد شعارات إنشائية تقال، بل هى كما قال - الرئيس عبدالفتاح السيسى - كامنة فى جوهر هذا الشعب ومعدنه الأصيل، تظهر جلية عند الشدائد، والاستعادة كما «علم» عقلى و«نقش» فى قلبى «عبد صالح» قدر الله أن يكون هو من ينير بصيرتى فى لحظة فارقة من العمر: يجب تكون «أفعال» لا مجرد «أقوال»!.. إن استعادة روح أكتوبر المجيدة تعد أمرا حيويا خاصة فى تلك المرحلة المهمة من تاريخ جمهوريتنا الجديدة؛ يجب أن نقاتل الجهل والخرافة والإهمال والإحباط، ونبنى أنفسنا من الداخل ونسعى لتطوير وطننا لأنه يستحق. ومن الأهمية بمكان أن يكون الإصرار على العمل الدؤوب وبذل أقصى الجهد فى كل مجالات الحياة هو الهدف الرئيس لكل منا أيا كان موقعه ومجال عمله وحياته، كما أن التخطيط الدقيق والمتقن يجب أن يكون نهج كل القائمين على العمل العام، كما يجب رفع القدرات والإصرار على تنفيذ المهام، وإطلاق العنان للطموحات القوية المشروعة، والاستغلال الأمثل للإمكانات المتاحة فى كل المجالات؛ للانطلاق إلى مستقبل واعد يوفر الحياة الكريمة لكل أطياف الأمة.. إن انتصارات أكتوبر تتجلى فيها عظمة الإنسان المصرى الذى نجح فى قهر المستحيل فى أكتوبر 73، وهو نفسه الذى يقهر حاليا المستحيل وينجز معجزة تنموية هائلة، والتى نراها اليوم فى أكتوبر 2024، فى ظل قيادة وطنية واعية وحكيمة نجحت فى قيادة سفينة الوطن، فى فترة زمنية شديدة التعقيد محليا وإقليميا ودوليا.. كنت أجلس ربما لعدة شهور مع أى بطل منهم حتى أخرج ولو بمعلومة واحدة عن دوره خلال الحرب، لكن لا أحصل على شيء يخصه.. ربما لخص لى واحد من هؤلاء العظام وهو أستاذى «عبده مباشر عميد المحررين العسكريين وأحد أبطال تلك البطولات» فلسفتهم جميعا فى جملة واحدة هي: «لقد خضنا الموت، ولم يعد لدينا شيء فارق معانا غير أننا نؤدى بقية الرسالة التى قدرها الله لنا»!.. مقولة تمثل ركنا أساسيا في عقيدة الجندى والمقاتل المصرى ألا وهى «الشهادة»، ومن يترسخ بداخله تلك العقيدة نجده لا يهاب الموت بل يسعى إليه ويضحى بروحه، من أجل الدفاع عن أرضه وعرضه ووطنه.. هذا هو حال الجيش المصرى العظيم والانتصارات العظيمة التى تمت على يد المقاتل المصرى منذ أقدم العصور، ودور الجندى المصرى فى السلم فى بناء الدولة المصرية، إن المقاتل المصرى يتميز بعقيدته المتمثلة فى «إما النصر أو الشهادة».. لا أحد فيهم يتحدث عن نفسه بل يتحدث عن الكل.. ولا أحد فيهم يتذكر من هو موجود بقدر حديثه عمن غاب.. ولا أحد فيهم إن تحدثت معه عن بطولته إلا ودلك على «دفعة» - زميل له - وقال لى هو البطل ولست أنا.. القائد يمنح كل رجاله «البطولة» والرجال يمنحون قائدهم «المجد» رجال من كل الأسلحة والتخصصات.. وكلهم علمونى مبدأ يجب أن يكون عقيدة راسخة وهو: «كل الذين وصلوا للقمم..لا يملكون أجنحة.. بل يملكون همما، وأن روح المحارب ليست «جينات» ولا «وراثة».. بقدر ماهى إلا قرار وإصرار.. وأن تخرج من دائرتك أيا كانت، مُقبلاً غير مدبر تنازعك الرغبة الجامحة باعتلاء مرابض المجد، وألا تعود إلا بحلمك بين يديك، فلا يمكن للظروف هزيمة الروح إذا كنت أحسنت تربيتها وهذبتها... روح المقاتل عظيمة الشأن لا تعرف الهزيمة.. أبدا»!! قصص هؤلاء الأبطال وما صنعوه هى النجوم التى تضيء دربنا الآن.. وشمسنا التى أشعلوها من جديد لتنير حياتنا.. ومازال منهم من يواصل مسيرته وبروح مقاتلى أكتوبر.. ورحمة الله ورضوانه على من أدى الرسالة وصعد إلى السماء.. ألم تكن الملائكة تحارب.. والله من وراء القصد..