يعتقد كثير من العرب أن تاريخ اسرائيل يجعلها بؤرة للعدوان والتوسع واغتصاب الأرض. لقد اعتدى الصهاينة بالسلاح على حق وجود دولة فلسطين وفقًا لقرار التقسيم فى مذبحة دير ياسين (أبريل 1948)، فالقوات المسلحة الصهيونية بدأت تستولى على ما لا يدخل فى حدود الدولة اليهودية وانتهكت الخطوط الموضوعة على أساس خريطة تقسيم فلسطين، فظلوا يرفضون رسم حدود لإسرائيل اعتمادًا على التوسع المسلح والتهام الأرض قبل وأثناء حرب فلسطين فى مايو 1948. ويجعل العدوان الإسرائيلى منها دولة بلا حدود سوى التى يمنحها التوسع العسكري. وقد انتهت حرب 19481949 بضم إسرائيل لمجموعة كاملة من الأراضى العربية وطرد حوالى مليون عربى فلسطينى من وطنهم. وكان الصهاينة الطرف البادئ بخرق قرار الأممالمتحدة الخاص بالتقسيم، فقد اغتصبوا السلطة التى كان ينبغى وفقًا للقرار أن تتسلمها الحكومتان المؤقتتان للدولة الفلسطينية والدولة اليهودية من الأممالمتحدة. وكانت سياستهم العسكرة الدائمة للاقتصاد فى إسرائيل. وهو يعوق الخيار السلمى لتطور دولة اسرائيل فى اتجاه تسوية عادلة. وكان بن جوريون قد رفض فى ذلك الوقت فكرة السلام مع العرب مقدمًا مبدأ مضادًا هو القبضة الحديدية. ويذهب مفكرون قوميون عرب إلى أن اقتصاد اسرائيل الحالى لا يملك القدرة الذاتية على الحياة ويعتمد على المساعدات الخارجية، فهى تستهلك أكثر مما تنتج بفارق كبير مما يجعل العسكرة الدائمة للاقتصاد سمة أساسية. ويؤدى ذلك إلى اتجاه توسعى وإلى إعاقة الاتجاه السلمي. لقد اتسع العنف فى العدوان الإسرائيلى على غزة، وقتل ما يزيد على 1800 فلسطينى منذ بداية العدوان أربعة أخماسهم مدنيون، وخمسهم أطفال وكثير منهم من النساء. كما دمرت محطة توليد الكهرباء وأربعة آلاف بيت. وفى موازاة بشاعة القصف العدوانى الإسرائيلى انتقلت المظاهرات فى أوروبا من نقد سياسات اسرائيل واحتلالها إلى أن تعلو فيها أصوات تعلن أن اسرائيل دولة إرهابية. وتساءل معتدلون هل كانت اسرائيل كلها خطأً مغلفًأ بالأكاذيب؟ كانت الدعاية الغربية تحيط باسرائيل بوصفها الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط. كما أنها فى الواقع ذاته قوة عسكرية متفوقة على جيرانها جميعًا ومعظم سكانها متحدون خلف جنودهم ويحصلون على تأييد فورى من الكونجرس الأمريكي. ولكن على الرغم من أن اسرائيل من الممكن فى عدوانها الهمجى على غزة أن تربح الموقعة عسكريًأ فإنها تتعثر فى كسب الرأى العالمي، وهو مهم لأن اسرائيل تتعدد القوميات التى تتاجر معها، وتعتمد على حليفتها الولاياتالمتحدة من أجل أمنها. ولدى الجيل السابق كان لإسرائيل أرجحية المصداقية لدى الغرب بالقياس إلى منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الشهيد ياسر عرفات، وهى أقل عدوانية فى نظر اسرائيل عند مقارنتها بحماس. ولكن مع استمرار احتلال الأراضى الفلسطينية وبناء المستوطنات انحسر التعاطف تدريجيًا. وفى استطلاع للرأى نشر فى يونيو 2014 قبل تدمير غزة صوت مواطنو 23 بلدًا ضد إسرائيل وارتفع عدد الأوروبيين الذين يعتبرون اسرائيل دولة عنصرية. وفى أمريكا اللاتينية واجهت إسرائيل غضبًا شديدًا فاستدعت البرازيل وأوروجواى وبعدها السلفادور وشيلى وبيرو سفراءها فى إسرائيل كما أوقفت البرازيل وشيلى وأوروجواى وبيرو العمل باتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل مطالبة بالوقف الفورى للعدوان على غزة. وكانت فنزويلا ونيكاراجوا وبوليفيا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل أثناء العدوان الإسرائيلى فى 2009. ويتساءل أخصائيو الدفاع عن حقوق الإنسان فى هيئة الأمم متشككين: هل ضربات إسرائيل تتفق مع القانون الإنسانى العالمي؟ ويطالبون الرئيس محمود عباس برفع دعوى أمام محكمة الجنايات الدولية يتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. إسرائيل التى تم انتقاؤها من بين بلاد العالم للدعم الخاص الذى لا مثيل له ماليًا وعسكريًا ودبلوماسيًا من جانب القوى الغربية. إنها تحصل على مساعدة مالية هائلة سنويًا من الولاياتالمتحدة على الرغم من مواصلتها احتلالا عسكريا طوال 47 عامًا فى خرق سافر للقانون الدولي. ولا تنبغى المبالغة فى فاعلية الاتجاه المعادى لإسرائيل فى الغرب لأنها لا تزال تخدم المصالح الأساسية للغرب فى الشرق العربى على الرغم من بشاعة جرائمها. ومازالت هناك فجوة بين الرأى العام الذى تتزايد مناهضته لإسرائيل وصناع القرار السياسى فى أوروبا وأمريكا. لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى