للراغبين في أداء العمرة.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    حزب الله يستهدف 21 موقعا للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود اللبنانية الجنوبية    مجلس الأمن يبحث الوضع الإنساني في قطاع غزة    الشمس يستدرج نجمه سيناء وشبين يتحدي الانتاج في افتتاح مجموعة القاهرة بالقسم الثاني    نيران مشتعلة و 4 جثث مجهولة.. مصرع وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم على طريق «مرسي علم- إدفو»    درجات الحرارة اليوم الخميس 10- 10- 2024 في مصر    النيابة تصرح بدفن جثماني طفلين شقيقين غرقا في مياه ترعة بهبشين ببني سويف    القبض على زوج إيمان العاصي.. أحداث الحلقة 20 من مسلسل «برغم القانون»    الاتحاد الإفريقي يكشف سبب إلغاء بطولة دوري السوبر    الحكومة تزف بشرى سارة للمعلمين و خريجي كليات التربية    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    فلسطين.. 3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي على جباليا    ارتفاع أسعار النفط يصعد بفعل مخاوف من احتكاك إسرائيلي إيراني والإعصار ميلتون    تعرف على اشتراطات الحكومة الجديدة لاستيراد سيارات ذوي الهمم    مهرجان المهن التمثيلية.. أشرف زكي: ارفعوا سقف أحلامكم.. ويحيى الفخراني يهدي تكريمه لحمدي غيث    أول تعليق من مجدي عبد الغني على تصريحات رئيس نادي الزمالك    طقس اليوم: حار نهارا ومائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    حماية "VIP "، أمن المغنية تايلور سويفت يثير الجدل في بريطانيا    ضوابط امتحانات شهر أكتوبر للمرحلة الإعدادية 2024 الجديدة (موعد التقييم والدرجات المخصصة)    مشاركة إيجاريا.. الزمالك يخوض أولى ودياته استعدادا للسوبر    أشرف عبدالباقي يوجه رسالة ل علاء مرسي بعد زواج ابنته.. ماذا قال؟    ذكرى نصر أكتوبر| العميد الببلاوي: «لم تعبر أي طائرة مجال كتيبتي»    فلوريدا تستعد ل "إعصار ميلتون" وخبراء يحذرون: الأضرار قد تتجاوز إعصار كاترينا    العاهل الأردني يؤكد لوزير الخارجية البريطاني ضرورة خفض التصعيد بالإقليم    محافظ قنا ومساعد وزير التنمية المحلية يبحثان مشروعات برنامج تنمية صعيد مصر    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    مدى سير سيارات بيجو الكهربائية يصل إلى 700 كم    " محدش رد عليا ومدفعوش فلوس علاجي".. يوسف حسن يكشف مفاجأة صادمة بعد رحيله عن الزمالك    حديد عز يتراجع 526 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    ذكرى نصر أكتوبر| اللواء الزيات: «كنت أصغر طيار يشارك في الحرب»    متى تتم محاكمة الضباب؟.. «ذكريات أكتوبرية»    «زي النهارده».. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد 10 أكتوبر 2009    مصرع عامل سقط من قطار الصعيد امام مزلقان «البرجاية» بالمنيا (صور)    نصائح مهمة لتفادي المشاكل التقنية عند التقديم على الهجرة العشوائية لأمريكا 2024    تعرف على القنوات الناقلة لمباراة الفراعنة وموريتانيا    علاء نبيل: هناك أزمة تواجه اتحاد الكرة خلال الفترة الحالية بسبب أعمار اللاعبين في قطاعات الناشئين    غارات وقصف عنيف شمال رفح واقتحام واشتباكات مسلحة في الضفة الغربية    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    دروس من حرب أكتوبر    الدعاء يوم الجمعة: باب للرحمة ووسيلة للتواصل مع الله    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    تصل إلى 49 ألف جنيها، الأسعار الجديدة للخدمات غير الطارئة للإسعاف    لبنان.. غارة إسرائيلية جديدة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت    تفاصيل مداهمة أكاديمية تعليمية غير مرخصة تديرها سيدة في الدقهلية    أحمد الشريف: الشعر سيد الكلام وحب الكتابة يبدأ دائما بحب قراءته    الولايات المتحدة محبطة من عدم مشاركة إسرائيل للبيت الأبيض بخطة الرد على الهجوم الإيراني    طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرةيتظاهرون رفضا للعدوان الصهيونى على غزة وبيروت    كرة سلة - الاتحاد يهزم الوحدة الإماراتي ويصعد لنصف نهائي البطولة العربية    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    38 كيلو مخدرات.. محاكمة 3 أشخاص ضبطوا قبل ترويج الكيف في الشروق وبدر    حدث ليلًا| بيان حكومي مهم بشأن موسم الحج 2025 وموعد إصدار قانون العمل الجديد    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 10 أكتوبر.. «استكشف أحلامك من خلال التأمل»    خبير: "حياة كريمة" تعكس اهتمام الدولة بالمواطن وتوسيع أنماط الحماية الاجتماعية    وصفة سحرية.. 4 فناجين من القهوة لإطالة العمر ومحاربة الاكتئاب    اضطراب الوسواس القهري «OCD».. تعرف على الأعراض والأسباب    الثوم والفلفل الأحمر.. أطعمة مناسبة لمرضى الكلى    الدعاء يوم الجمعة: بركات واستجابة في اليوم المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطل أحمد عبد العزيز..ابن الباشا الذي قتل الإنجليز
نشر في التحرير يوم 03 - 03 - 2019

كتب أنه راضٍ عن الشهادة في بيت لحم ودفن فيها.. ملهم الضباط الأحرار بالثورة على القصر وأعوانه.. أحال نفسه للتقاعد ليدرب المتطوعين في فلسطين
"يا له من مكان رائع يختتم فيه القدر مسرحية حياتي.. إنهم سيضعون على الأقل لوحة يكتبون فيها اسمي ويوم استشهادي.. سيجيء ابني «خالد» أيضا وسيكون رجلاً وسيمًا ويحني رأسه أمام هذا المكان ويقول فخورًا: «هنا استشهد أبي ودخل مع الأبطال»". لماذا البطل وليس الشهيد؟ هل لأنه سقط بالخطأ برصاص جندي مصري أو "نيران صديقة"، كما نقول لم يحمل لقب الشهيد قبل اسمه؟ الأرجح أنه أصبح البطل أحمد عبد العزيز لأنه عاش حياته كلها يتنقل من بطولة إلى بطولة، منذ أن كان طفلًا ثم شابًّا غضًّا ثم رجلًا يافعًا، حياته كلها مجموعة محطات للانخراط في العمل الوطني وبشكل ربما خرق مقاييس الكفاح الوطني كما عرفناه منذ مطالبات الاستقلال الأولى بداية القرن العشرين، فلمثل هذا الرجل حقا صنعت ألقاب البطولة.
كيف نفهم خروج طفل في الثانية عشرة من عمره في مظاهرات شعبية جارفة اجتاحت البلاد، أو اتهام شاب صغير في السادسة عشرة من عمره بقتل جندي إنجليزي؟ ربما عندما ننظر حول هذا الطفل وخلفه نفهم كيف هُيئ هذا الرجل لأن يكون البطل؟ ولد بطلنا الشهيد أحمد عبد العزيز في 1907 بمدينة الخرطوم، حيث كان والده الأميرالاى محمد
كيف نفهم خروج طفل في الثانية عشرة من عمره في مظاهرات شعبية جارفة اجتاحت البلاد، أو اتهام شاب صغير في السادسة عشرة من عمره بقتل جندي إنجليزي؟ ربما عندما ننظر حول هذا الطفل وخلفه نفهم كيف هُيئ هذا الرجل لأن يكون البطل؟ ولد بطلنا الشهيد أحمد عبد العزيز في 1907 بمدينة الخرطوم، حيث كان والده الأميرالاى محمد عبد العزيز باشا، قائد الكتيبة الثامنة بالجيش المصري في السودان. لمتابعة التحقيقات الخاصة في يوم الشهيد
تفتحت حواسه الأولى على حب الوطن وإجلاله بعد عودته للقاهرة على أيدي والده الباشا، الذي لم يكترث لرتبته العالية في الجيش المصري ولم يرها حائلا دون الانتماء لوطنيته ولبلاده، فأعلن دعمه لثورة 1919، ولم يكتف بذلك بل سمح لجنوده بالخروج من ثكناتهم للمشاركة في المظاهرات مع الشعب، ما أدى إلى فصله من الجيش بعد غضب الإنجليز عليه. تفتحت وطنية أحمد عبد العزيز على هذا المشهد السياسي وكان عمره 12 عاما، فهل نتعجب أنه خرج وانضم للتظاهرات الحاشدة للمطالبة بعودة سعد زغلول من منفاه واستقلال مصر؟ ولربما انطبع مشهد والده بحذافيره في عقله ووعيه، حتى كانت اللحظة بعد نحو ثلاثين عامًا، فكرر هو ذات المشهد لكن بشكل آخر، ولم يدع رتبته العسكرية تقف حائلا دون وطنيته وانتمائه أو تمنعه من أداء ما يراه واجبًا فتخلى عنها دون تردد.
ثم كان عام 1923 ليدخل ابن الباشا -للغرابة- السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزى. كان عمره 16 عامًا آنذاك، ولا يذكر التاريخ في سجلاته كما دونها المدونون هل كانت التهمة صحيحة أم لا، إلا أن بطلنا أحمد عبد العزيز الشاب الصغير حصل على إفراج مشروط وتم إبعاده إلى المنصورة. أسد سيناء.. سيد زكريا خليل
بهذا الوضع والكيفية كبر أحمد عبد العزيز واكتملت مراحل نضجه شاًّبا وطنيًّا، أصبح عضوًا في الحركة الوطنية وجزءًا منها في هذه السن الصغيرة. وبعد أن أنهى عبد العزيز دراسته الثانوية التحق بالكلية الحربية وتخرج عام 1928، وقام بتدريس التاريخ الحربي في الكلية، وكان ضابطًا مرموقًا بسلاح الفرسان، كما التحق بسلاح الطيران.
وعندما اشتعل العالم بالحرب العالمية الثانية كانت صحراء مصر الغربية إحدى ساحات القتال العالمي بين قوات المحور بقيادة ''هتلر''، وقوات الحلفاء، والتي كانت ''بريطانيا العظمى'' أحد أركانها، وحتى قبل أن تقترب جيوش المحور من العلمين كان الجيش المصري قد وضع رهن الاستعداد لدخول الحرب مع بريطانيا.
لذلك فعندما وضعت الحرب أوزارها تطلعت الشعوب العربية كلها للحصول على استقلالها بعد أن ساندت، طوعًا أو غصبًا، الحلفاء في حربهم الطويلة. لكنها لم تحصل على شيء بل الأكثر أن دولة عربية تعرضت لاعتداء العصابات الصهيونية بهدف تغيير هويتها، وهنا كانت المحطة الفاصلة في حياة بطلنا أحمد عبد العزيز. فقد استجاب لدعوات الجهاد وإنقاذ القدس بشكل غريب على رجال العسكرية، لكنه مألوف لهذا البطل، الذي كرر ما فعله والده في أثناء ثورة 1919، فبادر بالتطوع لتحرير القدس بعد صدور قرار التقسيم في 1947، لكن الفارق أنه قرر التخلي عن رتبته العسكرية ومنصبه كقائم مقام أو عقيد، فكان أول ضابط مصرى يطلب بنفسه إحالته للاستيداع حتى لا يتقيد بتعليمات قيادة الجيش المصري في التعاطي مع مواجهة الصهاينة. وبالفعل كون فرقة من المتطوعين الفدائيين وجمع بعض الأسلحة والذخيرة من قيادة الجيش وبعض الأسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية بعد محاولة إصلاحها واتجه إلى فلسطين.
تحرك عبد العزيز بعيدًا عن الجيش المصري كان يعكس قناعاته التي أعلنها في البداية معارضًا لفكرة دخول الجيش المصرى الحرب، لاعتقاده بأن دخول الجيوش النظامية يعطى اليهود فرصة كبرى فى إعلان أنفسهم كدولة ذات قوة تدفع بالجيوش العربية إلى مواجهتها، وكان يفضل أن يتولى الفدائيون والمتطوعون تلك المهمة، إلا أنه تراجع عنها في النهاية. أقرا أيضا الشهيد الذي انتظره الرسول في الجنة.. الطيار أحمد التهامي
وفي 1948 دخلت قوات الجيش المصري ومعها قوات عبد العزيز مدن الخليل وبيت لحم وبيت صفافا وبيت جالا. وكانت هذه القوات مكونة من عدد من الجنود ونصف كتيبة من الفدائيين بقيادة أحمد عبد العزيز، يساعده اليوزباشي كمال الدين حسين، واليوزباشي عبد العزيز حماد.
بتسليحه البسيط أو إمكاناته الضعيفة مقارنة بإمكانات الصهاينة من عدد وعتاد، حقق الفدائيون بقيادة البطل أحمد عبد العزيز انتصارات مذهلة عليهم، فقطعوا الكثير من خطوط اتصالاتهم وإمداداتهم، ودخلوا مدينة القدس الشريفة ورفعوا العلم الفلسطينى والعلم المصرى جنبًا إلى جنب.
في تلك الأثناء ووسط هذا الزخم كانت لقاءات عبد العزيز بالضباط المصريين بالجيش المصري، وعبر بعضهم انتقلت رسائل الثورة الأولى من عبد العزيز إلى الضباط الأحرار عندما نقل صلاح سالم إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر -وكان مشاركًا في حرب 1948 وحوصر في الفالوجا- نقل إليه آراء أحمد عبد العزيز بأن الحرب في فلسطين أظهرت وأكدت أن الجهاد القادم يجب أن يكون في القاهرة، في إشارة للتحرك ضد النظام السياسي الموجود؛ القصر والأحزاب السياسية التي وفرت البيئة الصالحة لتوغل الاحتلال واستقراره في مصر.
وفي 24 مايو 1948، قرر أحمد عبد العزيز القيام بهجوم على مستعمرة "رمات راحيل"، بسبب خطورة موقعها الاستراتيجي على طريق قرية صور باهر وطريق القدس بيت لحم، وقام بالهجوم بمشاركة قوات الجيش الأردني. وبدأت المدفعية المصرية بقصف المستعمرة، ونجحت في تدمير أغلب نقاطها القوية وتحقق النصر أو بدت بشائره. لكن سرعان ما تغير الموقف من النصر للهزيمة، إذ هرول بعض السكان والفدائيين لجني الغنائم، فاستغل الصهاينة ذلك وشنوا هجومًا على عبد العزيز ومن تبقى معهم من رجاله، وحولوا انتصارهم إلى هزيمة! أقرا أيضا شهداء من أجل العدالة.. قضاة في ذمة الوطن
وبعد أن قبل العرب الهدنة احتل اليهود قرية العسلوج وكانت مستودع الذخيرة بالمنطقة، ونتج من احتلالها قطع مواصلات الجيش المصري، وحوصر في الفالوجا إلا أن أحمد عبد العزيز وقواته تمكنوا من دخول هذه القرية والاستيلاء عليها وفتح الطريق للقوات المصرية. ثم حاول بعدها الصهاينة احتلال مرتفعات جبل المكبر المطل على القدس، حيث كان هذا المرتفع إحدى حلقات الدفاع التي تتولاها قوات أحمد عبد العزيز المرابطة في قرية صور باهر، ولكن استطاعت قوات عبد العزيز ردهم وكبدتهم خسائر فادحة.
ونأتي إلى مشهد النهاية الغريبة، ففي 22 أغسطس 1948م دُعي أحمد عبد العزيز إلى اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الإسرائيليين الهدنة، وفي الاجتماع رفض عبد العزيز الجلوس على نفس الطاولة مع موشي ديان وفاوضه واقفًا. ورفض محاولات الصهاينة كي يتنازل لهم عن بعض المواقع التي يسيطر عليها الفدائيون.
وبعد أن انتهى الاجتماع وكان الوقت متأخرًا استقل سيارته متوجهًا إلى غزة، حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلى قادته ما دار في الاجتماع ورفض محاولات زملائه إقناعه بالانتظار للصباح.
انطلق أحمد عبد العزيز بصحبة اليوزباشى صلاح سالم، وجندي سائق حتى وصلوا إلى منطقة عراق المنشية، وكانت تحت سيطرة القوات المصرية ومستهدفة من اليهود. لذا كانت الأوامر لدى الكتيبة العسكرية بضرب كل عربة تمر في ظلام الليل. وعندما طلب جنود الحراسة من السيارة التوقف ضاعت صيحاتهم مع صوت محرك السيارة ولم تتوقف فأطلقوا النار عليها ظنا أنها من سيارات العدو، وأصابت الرصاصة صدر عبد العزيز، وحمله مرافقوه إلى عيادة طبيب بمدينة (الفالوجا)، ولكن قضاء الله سبقهم إليه فصعدت روحه إلى بارئها.
وفي كتابه "العروش والجيوش" ذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل كيف تمكن من الوصول إلى قوات أحمد عبد العزيز وكان معه مصور أخبار اليوم ووصلا إلى بيت لحم والخليل مشيا على الأقدام والتقطا صور القوات وبينها صور للبطل عبد العزيز. وبعد منع الحربية للنشر وافقت في النهاية على نشر خمس صور بينها الصورة الشهيرة لأحمد عبد العزيز، وكانت هذه المرة الأولى التي يظهر فيها البطل ويعرفه الناس لكن بعد استشهاده.
دفن الشهيد أحمد عبد العزيز في ''قبة راحيل'' ببلدة ''بيت لحم'' برفقة 3 آخرين استشهدوا هناك، وأحاطت قوات الاحتلال مقبرته بأسلاك شائكة. وبالقرب منه نصب آخر للشهداء العرب من المتطوعين في حرب فلسطين من المصريين والسودانيين والليبيين والأردنيين والفلسطينيين.
كما تم تخليد اسم البطل أحمد عبد العزيز على النصب التذكاري للقوات المصرية في منطقة اد حالوم بإسرائيل، حيث نقش اسمه على شكل المسلة المصرية مع أربعة من زملائه استشهدوا في فلسطين، حيث أقيم هذا النصب التذكاري بموجب اتفاقية السلام بين البلدين.
وفي 1968 نشر المؤرخ والكاتب العسكرى محمد فيصل عبد المنعم في كتابه "أسرار 1948"، مذكرات ناقصة دونها البطل أحمد عبد العزيز تحدث فيها من خلال يومياته في غزة وقرى فلسطين عن مشاهد عديدة لنشاطاته ورفاقه الضباط المصريين المتطوعين للجهاد.
وفي إحدى اليوميات يتساءل عبد العزيز عما سيكون بعد استشهاده، ويقولها بصراحة إن البطل هو من يعرف أن يموت في الوقت المناسب والمكان المناسب، ويؤكد أنه راض عن مكان موته، كأنه يرى مصيره ويقول: "ورميت بصرى إلى الطريق والمعركة على أعنف ما تكون والتليفون يحمل إليَّ كل ثانية أخبار الهجوم على مواقع جديدة. وتنهدت ولمست الطبنجة المعلقة في حزامى وقلت لنفسى: ماذا لو تقدم اليهود إلى هنا؟ ودار رأسى وقلت: أحارب حتى بطلقات الطبنجة ثم أُبقى طلقة منها لنفسي.
وأجلت النظر فيما حولي... دير ماريا إلياس الأثري الجميل أمامي على نهاية الطريق والجبل الذي تقع على قمته قرية بيت جالا والوادي تحت أقدامنا، والزهور البرية تفوح عطرًا وتبدو كما لو كانت تسبح بألوانها الجميلة المتناسقة فوق موجات من أشعة الشمس السائلة. وقبضت بيدي على الطبنجة وقلت: ومع ذلك فهذه هى أحرج لحظاتنا، وتذكرت الناس في الوطن.. ماذا يفعلون الآن؟ وهل تراهم يعرفون؟ ومضت دقيقة أخرى وهمست لنفسى شيئًا وسمعنى ضابط الموقع وقال: أوامر يا فندم؟ وغمغمت كمن يحدث نفسه: كلا.. أعرف أنهم سيتذكرون هذا اليوم وسيتذكرون أننا كنا من الشهداء وسوف يقولون: كانت هذه أروع لحظات حياتهم. وسألت نفسى: هل نستشهد؟ ودار في ذهنى شريط سريع.. ماذا يحدث عندما يرفع ضابط الموقع المجاور لى تليفون الميدان ليتصل بمساعدى ويقول له حضرة البكباشى استشهد يا فندم، ماذا يحدث لضباطى وجنودى؟ والناس في الوطن ماذا يقولون؟ وأسرتى كيف يقع النبأ عليها؟ وألقيت على نفسى أغرب سؤال: وأنا.. ماذا أقول عندما أستشهد؟، وضحكت وقلت لنفسى: لن تقول شيئًا يا أخي.. إنك ستكون شهيدًا قتيلاً في عالم آخر لا تستطيع أن تقول فيه شيئًا. وأجلت حولي نظرة أخرى وقلت: يا له من مكان رائع يختتم فيه القدر مسرحية حياتي.. إنهم سيضعون على الأقل لوحة يكتبون فيها اسمي ويوم استشهادي.. أجل لوحة بسيطة تكفي وسوف يجيء كثيرون.. سيجيء ابني «خالد» أيضا وسيكون رجلًا وسيمًا ويحني رأسه أمام هذا المكان ويقول فخورًا: «هنا استشهد أبي ودخل مع الأبطال». ولن يبكي ابني.. ورنت في خاطري كلمة الأبطال.. وذكرت قول نيتشه: إن البطل هو الذى يعرف كيف يموت في الوقت المناسب والمكان المناسب. ونظرت مرة أخرى فيما حولي. الوادي: ودير ماريا إلياس وورائي بيت لحم مهد المسيح ووراءها الخليل قبر إبراهيم.. وقلت لنفسي: أجل.. هذا مكان يرضى عنه نيتشه. ومرت العاصفة بسلام!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.