باسوس.. قرية تابعة لمدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية وعدد سكانها حوالي 150 ألف نسمة.. تضم أكثر من 15 ألف ورشة ومصنع.. وتنتشر بها صناعات لها صلة وثيقة بمشروعات البنية التحتية مثل مواسير المياه والصرف الصحي وكابلات وأسلاك الكهرباء وتدوير المخلفات الطبية والمواد البلاستيكية وصهر النحاس.. ورغم أن القرية تعج بالنشاط والحركة الدائمة ولا يوجد بها عاطلون إلا أن الوجه الآخر الذي رصدناه قبيح للغاية.. فالورش غير مرخصة وتفرز منتجات صناعية حساسة تفتقر للمواصفات المطلوبة ولا توجد بها وسائل الأمان الصناعي بالنسبة للعمال وكثير من شوارعها تغرق في مياه الصرف الصحي أي أن باب النجار مخلع بحكم أنها قلعة صناعة مواسير الصرف بالقليوبية بل تصدر منتجاتها المضروبة لكل محافظات مصر عن طريق مقاولي الباطن ومن هنا تبدأ زراعة أمراض مثل التيفود وغيرها خاصة مع غياب دور الرقابة. مخازن بالعقارات الحاج هاني عدس صاحب ورش تصنيع مواسير صرف صحي يقول: ورثت تلك المهنة عن والدي وأعمل بها منذ 20 عامًا. ولدي ورشة بمنزلي مساحتها 150 مترًا بها 3 ماكينات ويعمل عليها 10 عمال جميعهم من محافظات الصعيد. ويضيف أن الأمر ليس صعبًا لكي تمتلك ورشة لتصنيع مواسير المياه والصرف الصحي، فالعامل أو الصبي يقضي عمله داخل الورش الكبيرة منذ طفولته بأجر يومي يبدأ من 30 جنيهًا ويصل إلي 100 جنيه، لهذا لا يوجد عاطل في باسوس ثم يسعي لشراء ماكينة للصناعة، ويتم أيضًا صناعتها في باسوس مقلدة بأسعار تبدأ من 10 آلاف وتصل إلي 50 ألفًا، ويتم بيعها بنظام التقسيط. ويلفت إلي أن جميع الأدوار الأولي بعقارات باسوس.. ورش أو مخازن للتمليك أو للإيجار. ثم يتعاقد صاحب الورشة الجديدة مع مورد خامات، ويتولي إدارة شئون وتوزيع المنتج لجميع محافظات مصر بنفسه، فكل ورشة لديها عربة أو عربتان للنقل ويطلق علي القرية تايوان لانتشار ورش التصنيع بها. ويستطرد الحاج عدس: نظرًا لكوني موزع المنطقة لمستلزمات التصنيع من البلاستيك، فقد قمت بإنشاء ورشة لتصنيع الأسلاك والكابلات الكهربائية لذلك تقل أسعارنا عن أسعار السوق المحلي حوالي 40٪. وأكد أن أغلب تلك الورش غير مرخصة، ولكن هذا لا يعني أن منتجاتها رديئة، بل علي العكس منتجات باسوس تصل لجميع محافظات مصر بالوجهين القبلي والبحري وتسعي إليها كبري شركات المقاولات المسئولة عن إنشاء مشروعات البنية التحتية في مصر. ويرفض عدس وجود أي دور رقابي علي تلك الورش قائلاً: نحن لا نريد شيئًا من الحكومة، سوي أن تتركنا نعمل، ويكفي أنه لا يوجد لدينا عاطل بل ونستقطب العمالة من الصعيد. شراء الماكينات ولاحظنا أثنا جولتنا في باسوس أنه لا وجود للمقاهي ولا يجلس بالشوارع سوي كبار السن، وجميع المنازل تهتز من أصوات الماكينات وتغطي واجهاتها البضائع المتكدسة من مواسير للمياه وتتزاحم الشوارع بعربات النقل المخصصة لعمليات التوزيع لقري مصر، ومن أمام إحدي الورش المقامة داخل عقار -سكن- يتحدث إلينا حمدي حسن صاحب ورشة مواسير مياه: عملت في تلك المهنة حوالي 15 عامًا، فالطفل بباسوس ما أن يبلغ عامه الثامن، حتي ينتقل للعمل داخل الورش، ويصبح مصدر دخل لأسرته وبعد فترة من عملي دامت حوالي 10 أعوام، سعيت للتفكير في الاستقلال بإنشاء ورشة، ولم يكن الأمر صعبًا، حيث قررت تحويل الدور الأرضي بمنزلي إلي ورشة، واشتريت ماكينة بمبلغ 10 آلاف جنيه من ورش النحاس بباسوس واستقدمت 9 عمال من الصعيد. ويكمل: رغم أن ورشتي مساحتها حوالي 60 مترًا، إلا أنني حصلت علي مكان بالسوق، عربة نقل لتوزيع المنتج وتوصيله للمقاولين بالمحافظات النائية، ويضيف: تخصصت في إنتاج مواسير 16، 13 ملي، وأتمني أن أصبح يومًا صاحب ورشة لتصنيع مواسير 12 و10 بوصة، وأسعي لهذا من خلال شراء قطعة أرض فضاء لأقيم عليها مصنعًا. وقال: سعيت للمنافسة من خلال تخفيض الأسعار حوالي 20٪ عن المصانع الكبيرة بباسوس من خلال شراء خامات أقل سعرًا ولكنها جيدة ولكن لا أسعي لتقليد منتجات المصانع أو تزويرها. فوجئنا أثناء سيرنا، بأن شوارع باسوس والتي تستعين بمواسير من صناعة أبناء قريتها لشبكة المياه والصرف الصحي، تغرق في مياه المجاري والبرك، فلم تفدها تلك المواسير غير المطابقة للمواصفات والجودة. أسلاك الكهرباء صناعة الكابلات وخراطيم وأسلاك الكهرباء من الصناعات المنتشرة أيضا في باسوس ويعمل بها عدد كبير من الورش تتعدي 4 آلاف ورش وبعض المصانع المرخصة. مصطفي غانم صاحب ورشة موجودة بأسفل العقار الذي يملكه وتضم 3 ماكينات لصناعة الكابلات الكهربائية يقول أعمل بتلك المهن منذ حوالي 20 عامًا، توسعت في صناعتها حتي أصبح لدي اسم بالسوق تجولنا داخل الورش التي لا تحتوي علي أي نوع من اشتراطات الأمن الصناعي، فلا توجد طفايات حريق ولا أجهزة للتهوية ورغم ارتفاع أجور العاملين إلا أنهم غير مؤمن عليهم. وجميعهم من الصعيد. وتنبعث من تلك الورش روائح كريهة ولا توجد أيضا شفاطات أمنة حفاظا علي صحة العاملين. ويؤكد جميع العاملين بالورشة أن أغلبهم يحلم بأن يصبح هو الآخر صاحب ورشة خاصة. الجهات الرقابية مصطفي عتيمة صاحب مصنع مرخص بباسوس ومتخصصة في صناعة كابلات الكهرباء يقول كنت أملك ورشة صغيرة - غير مرخصة منذ أعوام، ولكن سعيت لإنشاء مصنع وحصلنا علي التراخيص اللازمة، رغم أن هذا الأمر يكلفني ضرائب وتأمينات وفواتير للكهرباء والمياه والقمامة، وهي التي لا تراعيها الورش الصغيرة، كما إننا نخضع للجهات الرقابية ونلتزم بالمواصفات والجودة وهذا يجعل أسعارنا مرتقعة بعكس الورش التي تنخفض أسعارها 30٪ عن أسعارنا لاستخدامها خامات رديئة ولا نلتزم بمستحقات الدولة من ضرائب وتأمينات وهي أمور تؤدي لضرب المنتج الرسمي في السوق، فضلاً عن أن أغلب الورش تسعي للتزوير وتقليد ماركات مسجلة. ويؤكد أن الماكينات المستخدمة في الورش رديئة الصنع ومنتجها يعاني من العيوب الفنية علي عكس المصانع المرخصة وذلك أنها تصنع داخل باسوس بأسعار تبدأ من 10 آلاف جنيه ولا تتعدي 50 ألف جنيه ويطالب عتيمة بضرورة فرض الرقابة والنظر لطبيعة القرية بأنها أصبحت صناعية، وليست زراعية، وأن يتم حل مشاكلنا كانقطاع الكهرباء وعدم وجود شبكة صرف صحي وضيق الشوارع وازدحامها بعربات النقل وإحكام الرقابة بعربات وإحكام الرقابة من قبل مباحث التموين، حفاظا علي صحة منتجات مصانعنا، فنحن نخسر رغم جودة منتجاتنا وأصحاب الورش يتربحون بالتزييف.