لم أتعود على ربط قلمى بقطار الأحداث اللاهثة، حتى لا أفقد الرؤية فى هذا الضباب المظلم، وأضيع الطريق الذى أقصد إليه، إلا أنَّ هنالك حوادث كاشفةً لكثير من العلل التى أصابت البناء العقلى والفكرى المعاصر، لاسيما علة العلل: الجهل الذى يصنع العقلية (...)
تخفف من بريق "المعرفة" وملاحقة الأعين، وابتعد قريبًا من " الناس"، فى شوارعهم "العادية" المختنقة بالغبار والضجيج، والقمامة المرصوصة هنا وهنالك، وهذا الذى يصيح، وذاك الذى يحاول أن يجد لقدمه مجالا فى ذلك الزحام، وهذا الذى ينظم حركة المرور، فليس هنالك (...)
تغرَّبَ -لا مستعظمًا غير ربه-
ولا قابلاً إلا لخالقِه حُكْمَا!
..
هكذا كان العالم الثائر المجاهد محمد يسري سلامة..
وقد خالفتُ أبا الطيب في رواية هذا البيتِ عمدًا؛ لأنَّ هذا العَلَم الذي أحاول الحديث عنه-بإيجاز شديد- قد فرغ من رؤية نفسه، فلا يبالي (...)
يصعدون على المسرح، ويتقنون أدوارهم المرسومة لهم، وينغمس المشاهد فى مراقبة تلك النفوس التى تخلع صفاتها الشخصية وتلقى بها بعيدا؛ لتلبس أخرى لا صلة لها بها، وتتحد بها، وتنفعل بانفعالاتها" المصطنعة"، وتصطخب الأيدى تصفيقًا لهذا العبقرى الذى برع فى أداء " (...)
لم يفارق جدار الذاكرة ذلك المشهد الذى طالعته صغيرًا بعد الطغيان الكمالى فى تركيا، والتنكيل بأهل العلم، قتلا وتهجيرًا وسجنًا، وكل ما كان ثمرةً لإسقاطه الخلافة سنة 1924.
إذ يدخل عالمٌ تركى يحمل على كتفيه عمرَه الطويل، وبين يديه مشنقةٌ وجلَّاد، وليس له (...)
مكاشفة النفوس بما فيها أصل علمىٌّ ينفى عن الأمة الأمراضَ التى تسكن فى الزوايا المعتمة، ولا ينتبه إليها أحدٌ حتى تنقلب إلى داءٍ اجتماعى، نألفه، ونمر به، وقد مات فينا معنى الإنكار لانتشاره وكثرة المنظرين له، ونحن فى زمنٍ يعتمد الكثرةَ مقياسًا للصواب (...)
"على أرض مصر الطيبة، وفى مشهد انفجار اجتماعى مفاجئ للذين يؤمنون بأنه لاجديد تحت الشمس من السادة والعبيد، وهم الأغلبية فى كل عصر، قاد نبى الله موسى– عليه السلام- حملةً شرسةً على الذى تجرى الأنهار من تحته؛ وعلى هذه الأرض، أرض اللوتس، سرعان ما واجه هذا (...)
كان نشيدا يوميّا نتغنى به فى أحلامنا وأسمارنا، انتظارا لذلك الزمن الذى يأتى فيه رجال المرحلة؛ ليعبروا بالسفينة إلى شاطئ الأمان، وهم يحفظون «أصولها»، و«سبيلها» التى تقصدها، و«قبلتها» التى لا تبديل لها.. ولكن!
جفَّت هذه الأحلام أمام شمس الحقيقة (...)
هذا صاحبى يمر بنافذة مخدوشةٍ فى شارع جانبى، فيكتب عنها مقالا طويلا يتلهَّب بالغيظ على ذاك المجرم الذى نال من حُرْمِة النافذة!
وهو صاحبى نفسه الذى مر بالبيت نفسه، وقد اشتعلت فيه النيران، وأوشكت تذهب به كُلِّه، فوقف مع الناس مشاركًا فى طقس العادة (...)
«عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذْ عَوى
وصوَّت إنسانٌ.. فكدت أطيرُ»!
كان عجيباً أن يكتب هذا «المدنى بطبعه» -كما يصف علماء الاجتماع الإنسانَ- مُبِيناً عن نفرته من بنى جِنسه، وفراره منهم، واستئناسه بالذئاب الضارية؛ لأنها أكثر أُنساً من إخوانه (...)
أندرو جاكسون هو أول رؤساء الجمهورية الأمريكيين الذين خاضوا معارك التوسع الأساسية ضد السكان الأصليين.
اعتلى كرسى الرئاسة الأمريكية بعد أن امتدت من تحته توابيت مثقلةٌ بجثث الهنود "السيمينول" المحترقة، إثر العدوان الذى خاضه جاكسون ضدهم، مما دفع الأسبان (...)
«الاستخفاف أخدود الزلل»
هذا ما كان يقوله قديما شيخنا أبوفهر محمود محمد شاكر رحمه الله، وهذا يعنى أن بناء العقول والأمم والحضارات لا يكون على يد الذين لا يأخذون أنفسهم بالعزيمة، فيرتفعون عن مزالق الاستخفاف، ولا يعرفون شرف العقل الإنسانى، ولا جلالة (...)
بينما أصحب صمتى وحقيبتى الصغيرة..فجأة، قابلنى ورأيت وجهه الباسم، بعد أن كنت أطالع اسمه على غلاف كتابه الشهير (زمن الصحوة)، وصافحنى قائلا: د ستيفان لاكروا أستاذ العلوم السياسية!
وتذكرت ذلك الدكتور الفرنسى المهموم بشئون الحركات الإسلامية، ودار بيننا (...)
فى كل عام يتواصى المثقفون والباحثون وطلبة العلم بين يدى معرض الكتاب ببعض الكتب، وقد أحببت أن أمضى على هذا السُّنَّة، وأذكر فى تلخيص سريع -«كُلِّىّ لا يُعْنَى بالتفصيل»- بعض الكتب الهامة لزائرى معرض الكتاب هذا العام من المصابين بداء شراء الكتب (...)
أرجوك لا تقابل أديبك المفضل!
كان هذا عنوان مقالة تدعوك إلى الاكتفاء بالمشاهدة البعيدة لمن تراهم من حملة الأقلام، وحملة العلم، وحملة الثقافة، فإن كثيرا من الأقلام ليست صادقة، وكم من متحدث عن الزهد وهو من أشد الناس لهفةً على الدنيا، وكم من مؤلف كتبًا (...)
«مخيم الزعترى»
هنا لحظة التجمد الكبرى!
الكل يموتون، ولكنَّ الموت نسياناً يكون أشدَّ قسوةً على النفس البشرية!
والكل يعانى، ولكن عندما تكون المعاناة تحت حصار الأعين العربية المسلمة، فإن المحنة أكبر!
والشتاء فى العالم كله له نكهته الخاصة، لكنه ها هنا (...)
لا أريد الحديث كثيرا، ولكنى سأعلق على جدار التاريخ بعض لوحاته العتيقة النابضة بالحب والخير والجمال والحرية على المذهب الفرنسى المتحضر:
لوحةٌ:
يقول عبد الرحمن بن حسن المعروف بالجبرتى فى تاريخه:
"وبعد هجعةٍ من الليل، دخل الإفرنج المدينة كالسيل، ومروا (...)
«الإنسان هو الكائن الذى ينسى أنه ينسى»!
كثيراً ما يكون السؤال: ما الذى ميّز «فلاناً»، وأخذ بيديه ووضعه فى مقدمة القافلة الإنسانية، وأنت تعلم أن فى الحياة ما فيها من صعاب وتحديات وشواغلَ تصرف الإنسان صرفاً عن غايته التى خُلِقَ من أجلها؟!
سؤالٌ يعرى (...)
كثيرا ما يطرق ذهنى هذا السؤال: إذا كان للكذب فى واقعنا مثل هذا الاحتفاء، وكان له أصحابه الذين يقدرونه ويرفعون من شأنه ولا يعصون له أمرا، فيكذبون فيما نحياه ونعاينه، ويصرون على الافتراء واختلاق القصص التى ما زال أصحابها يتنفسون، فكيف هو حجم الكذب فى (...)
«فى ظهيرة ذلك الاثنين، الخامس من حزيران 1967، أصابتنى الغربة..ها أنا أمشى بحقيبتى الصغيرة على الجسر، الذى لا يزيد طوله عن بضعة أمتار من الخشب، وثلاثين عاماً من الغربة.. كيف استطاعت هذه القطعة الخشبية الداكنة أن تُقصى أمةً بأكملها عن أحلامها؟!».
كان (...)
لو أن إنسانًا يُحسن النظر فى الواقع المصرى، وينفذ ببصيرته إلى استخلاص النتائج بعد رصد الأحداث وحشد الشواهد سيجد أن هناك شغفًا عند بعض الناس بالهجوم على الثوابت، ونصب المشانق لكثير من الأصول التى جاءنا بها ديننا العظيم، وكل ذلك يتم عبر المصطلحات (...)
هل عرفت هذا الشيخ الذى فارق النسق، وابتكر الدرب لنفسه، وصار له صوته المميز، ونظرته الكاشفة التى تخترق المسكوت عنه فى مجتمعاتنا المحاصرة بأسلاك الكسل والتخلف الشائكة؟!
إنه الدكتور سلمان العودة، الأمين العام المساعد للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، (...)
تلك قصة حكاها الدكتور يعقوب صروف، صاحب مجلة "المقتطف" الشهيرة، التى أطل من نافذتها كتاب شيخنا العلامة الإمام أبى فهر محمود محمد شاكر عن المتنبى!
ودعنى ألخص سريعًا تلك القصة العتيقة فى سهول المكسيك الخصبة، التى كانت ميدانًا لذئب ضخم لقبه الناس ب "ملك (...)
هذا الوقور الهادئ الذى مرت عليه قوافل الأيام والسنين والقرون بالمحن والعواصف والفتن الهوجاء، وهو محتفظٌ بوقاره الشامخ الموصول بالسماء، يرهبه الكل، ويجله الكل، ويعرف كل المصريين باختلاف أديانهم قَدره وحرمته.
هذا الذى يبقى دائماً قطعة السكينة فى محيط (...)
فجرَ الثلاثاء، ظهر على الناس بيان رابطة شباب الدعوة السلفية فى صفحتها الرسمية، ناقدًا تصرفات بعض الذين ينتسبون إلى الدعوة، وهم لا يحسنون إلا تنفير الناس من هذه الدعوة!
ونُشِر البيان، وتناقلته صفحات كثيرة لا تُحصى، لما فيه من نقد ذاتى لا يعترف بسياسة (...)