قالت صحيفة الجارديان فى افتتاحيتها إن قرار إسرائيل باغتيال القائد بحركة حماس، أحمد الجعبرى، وانطلاق العدوان على قطاع غزة، يرجع إلى عدد من الأسباب وإن كان المعلن منها وهو رغبتها فى وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة "أقلها إقناعاً". فمن الواضح أن مفاوضات المخابرات المصرية كانت تقترب من الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، عندما أقدمت إسرائيل على اغتيال الجعبري، والذى على الرغم من أنه أفنى حياته فى الحرب مع إسرائيل، كان فى الوقت نفسه الرجل الذى ألزم الجماعات المسلحة فى القطاع بالهدنة مع إسرائيل على مدى السنوات الخمس ونصف الماضية. وأشارت إلى أن أحد المشاركين فى مفاوضات شاليط أكد أن الجعبرى قبل ساعات من اغتياله تلقى مسودة اتفاق هدنة دائمة، لافتة إلى أن الحرب لا تكون مطروحة عندما يكون هناك عرض بالسلام، وأن مفاوضات وقف إطلاق النار كانت تجرى دائماً بعد كل اشتباك بين إسرائيل والجماعات المسلحة فى غزة، متسائلة "ما الذى اختلف هذه المرة؟" وأجابت الصحيفة بأن اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود والانتخابات العامة فى إسرائيل لعب بلا شك دوراً فى القرار الإسرائيلي، مشيرة إلى أن كلاً من العدوان على لبنان فى عام 1996 وعلى غزة فى عام 2008 جرى عشية الانتخابات الإسرائيلية، وذلك على الرغم من أن العمل العسكرى غالباً ما تحول إلى هزيمة انتخابية. واعتبرت الصحيفة أن القيادة الإسرائيلية لم ترغب فى تفويت فرصة جيدة لخلق أزمة، وذلك بعدما فشلت مخططات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضرب إيران وبتمكين رئيس جمهورى من الوصول للبيت الأبيض، فكان العدوان على غزة هو الحل الأمثل لاستعادة ورقة الأمن القومى الرابحة، والإطاحة بكل منافسيه المحتملين من على شاشات التلفزيون، خاصة رئيس الوزراء السابق أولمرت الذى يسعى للعودة بالتباهى بأنه أيضاً "اهتم" فى الماضى بقضية غزة، قائلة بأن القرار الإسرائيلى كان يحمل حسبة أخرى هى الأخطر على الإطلاق، وهى لا تكمن فى اختبار حماس أو ردع الفصائل الفلسطينية المسلحة، ولكنها تهدف لاختبار مصر، مشيرة إلى أن الاختلاف الكبير بين العدوان الحالى والعدوان السابق على غزة هو أن المشهد الإقليمى اليوم تغير، فمصر التى تربطها اتفاق سلام مع إسرائيل مرت بثورة انتهت بصعود الإسلاميين للسلطة، فيما تجتاح نفس الحمى العديد من دول المنطقة من بينها الأردن والكويت والبحرين والإمارات وحتى أجزاء من السعودية. وأضافت أن الافتراض الحالى هو أنه مع انتشار الربيع العربى وتعمقه فى المنطقة بشكل أكبر، سيتزايد الضغط على إسرائيل للحد من رغبتها كبح جماح الجماعات المسلحة فى غزة بالقوة مع رغبتها فى الحفاظ على معاهدة السلام مع مصر. وأشارت إلى أن الرهان الإسرائيلى تسبب فى عدد من التوابع الدبلوماسية أبرزها أنه وللمرة الأولى منذ بدء الحصار على غزة يزور فيها الرئيس الوزراء المصرى القطاع، معتبرة أن مرسى يملك كل الحق فى الغضب، فهو قام بكل ما يمكن القيام به لتجنب الدخول فى مواجهة مع إسرائيل فى بداية حكمه، فهو شنّ عملية عسكرية على العناصر المسلحة التى تهاجم إسرائيل من سيناء، وقام بإغلاق الأنفاق على الحدود. ولفتت إلى أن هناك حشوداً غاضبة معادية لإسرائيل تقف خلف مرسى فى الشارع العربى بقواه الإسلامية والعلمانية على حد سواء، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الإسرائيليين تذوقوا جزءاً بسيطاً من هذا الغضب عندما تم إنقاذهم من تلك الحشود فى قلب القاهرة.