برنامج تليفزيوني شديد الأهمية جعلني أعيش معارك أكتوبر من أفواه أصحابها وأبطالها.. استمتعت بهم كما كنت أستمتع بحفلات أم كلثوم وأكثر فقد ملأوا وجداني بأحاديثهم التي لم نكن نتصورها أبداً. كان كأنه يحكي قصة حب مشبوبة أنه العميد يسري عمارة قائد المجموعة 39 قتال الذي كلف بقطع الإمدادات العسكرية عن قوات العدو خلال الحرب وكانت مجموعته هي مجموعة الصاعقة التي أطلقت عليها إسرائيل أثناء الحرب بالأشباح لأنهم لم يكونوا يشعرون بهم إلا بعد انتهاء العملية وبعد أن يكتشفوا أنهم نجحوا في قطع الإمدادات عنهم وتركهم في عراء عسكري بلا مدد في حموة المعركة!! والعميد يسري عمارة هو الذي أسر عساف ياجوري بكتيبته التي لا أنسي فرحتنا بأسرهم أثناء الحرب وأذكرهم جيداً وهم جالسون القرفصاء مستسلمون للعسكرية المصرية ولم أكن أعرف أن الذي أسرهم هو المقاتل العظيم «العميد الآن» يسري عمارة. أحاديث أبطالنا جعلتني أعيش المعركة كأنها تحدث الآن بأسلوبهم الشجي في الحوار وإحساسهم بالسعادة بإنجازهم العسكري. وقال العميد يسري عمارة إن إسرائيل حاولت التأثير علي معنوياتهم خلال حرب الاستنزاف ولكن كما يقول كان هناك تصميم علي النصر. ويقول العميد عبدالجواد سويلم أحد أبطال العبور: خضنا حرب أكتوبر لتحرير سيناء ولنيل الشهادة. ثم حكي تفاصيل العبور بأسلوب كأنه يعبر الآن. وقال إنه لم يشعر بأنه فقد ذراعه إلا بعد انتهاء المعركة. ويقول إن من دواعي سعادته وكأنه حدث الآن أنه دمر 16 دبابة و12 مدرعة لإسرائيل في حرب الاستنزاف. إنه يحكي كأنه يحكي قصة حب مشبوبة وحكاية غرام نادرة. أما أجمل مفاجأة سمعتها فهي من اللواء باقي زكي يوسف ذلك لأنه صاحب فكرة استخدام خراطيم المياه بقوة لتجريف خط بارليف الذي ادعت إسرائيل باستحالة اقتحامه!! والغريب أنني لم أسمع بتكريمهم.. هل تكرمهم مصر بعد وفاتهم؟ والتحية للتليفزيوني النابه الرائع عمرو خليل والتحية للمخرج وللمصورين الذين طافوا بنا شواطئ القنال وما يحدث في الضفة الأخري من حفر للقناة الجديدة.. وأهنئ الذين نفذوا اللافتة البارزة «مرحباً في مصر علي ضفة القنال» إنها منفذة بشكل فني شديد البساطة يوحي للقادمين بعظمة هذا الشعب الذي اخترع الفنون وسجل تاريخه بالرسوم منذ آلاف السنين هناك تواصل والحمد لله بين الأجيال عن طريق الفن المصري الأصيل.. وكنت شديدة الإحساس بالنوم ولكن كيف أنام ولا أسمع الحديث الشيق الرائع للعميد يسري عمارة الذي ختمه بقوله: أنا أسعد إنسان علي وجه الأرض لأنني عشت وشاركت في تحرير الأرض. وبكل النبل والإحساس بالوطن يقول العميد عبدالجواد سويلم: لم أفقد وعيي دقيقة واحدة فقد خضنا حرب أكتوبر لتحرير سيناء ولنيل الشهادة كأنه كان يختزن لنا بطولاتهم. هذه البطولات لا تنسي ولعلهم يعيشون بيننا بكل تواضع ولا يعرفون أنه لولاهم لما انتصرنا ولما تحررت الأرض..