للراغبين في أداء العمرة.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    حزب الله يستهدف 21 موقعا للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود اللبنانية الجنوبية    مجلس الأمن يبحث الوضع الإنساني في قطاع غزة    الشمس يستدرج نجمه سيناء وشبين يتحدي الانتاج في افتتاح مجموعة القاهرة بالقسم الثاني    نيران مشتعلة و 4 جثث مجهولة.. مصرع وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم على طريق «مرسي علم- إدفو»    درجات الحرارة اليوم الخميس 10- 10- 2024 في مصر    النيابة تصرح بدفن جثماني طفلين شقيقين غرقا في مياه ترعة بهبشين ببني سويف    القبض على زوج إيمان العاصي.. أحداث الحلقة 20 من مسلسل «برغم القانون»    الاتحاد الإفريقي يكشف سبب إلغاء بطولة دوري السوبر    الحكومة تزف بشرى سارة للمعلمين و خريجي كليات التربية    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    فلسطين.. 3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي على جباليا    ارتفاع أسعار النفط يصعد بفعل مخاوف من احتكاك إسرائيلي إيراني والإعصار ميلتون    تعرف على اشتراطات الحكومة الجديدة لاستيراد سيارات ذوي الهمم    مهرجان المهن التمثيلية.. أشرف زكي: ارفعوا سقف أحلامكم.. ويحيى الفخراني يهدي تكريمه لحمدي غيث    أول تعليق من مجدي عبد الغني على تصريحات رئيس نادي الزمالك    طقس اليوم: حار نهارا ومائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    حماية "VIP "، أمن المغنية تايلور سويفت يثير الجدل في بريطانيا    ضوابط امتحانات شهر أكتوبر للمرحلة الإعدادية 2024 الجديدة (موعد التقييم والدرجات المخصصة)    مشاركة إيجاريا.. الزمالك يخوض أولى ودياته استعدادا للسوبر    أشرف عبدالباقي يوجه رسالة ل علاء مرسي بعد زواج ابنته.. ماذا قال؟    ذكرى نصر أكتوبر| العميد الببلاوي: «لم تعبر أي طائرة مجال كتيبتي»    فلوريدا تستعد ل "إعصار ميلتون" وخبراء يحذرون: الأضرار قد تتجاوز إعصار كاترينا    العاهل الأردني يؤكد لوزير الخارجية البريطاني ضرورة خفض التصعيد بالإقليم    محافظ قنا ومساعد وزير التنمية المحلية يبحثان مشروعات برنامج تنمية صعيد مصر    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    مدى سير سيارات بيجو الكهربائية يصل إلى 700 كم    " محدش رد عليا ومدفعوش فلوس علاجي".. يوسف حسن يكشف مفاجأة صادمة بعد رحيله عن الزمالك    حديد عز يتراجع 526 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    ذكرى نصر أكتوبر| اللواء الزيات: «كنت أصغر طيار يشارك في الحرب»    متى تتم محاكمة الضباب؟.. «ذكريات أكتوبرية»    «زي النهارده».. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد 10 أكتوبر 2009    مصرع عامل سقط من قطار الصعيد امام مزلقان «البرجاية» بالمنيا (صور)    نصائح مهمة لتفادي المشاكل التقنية عند التقديم على الهجرة العشوائية لأمريكا 2024    تعرف على القنوات الناقلة لمباراة الفراعنة وموريتانيا    علاء نبيل: هناك أزمة تواجه اتحاد الكرة خلال الفترة الحالية بسبب أعمار اللاعبين في قطاعات الناشئين    غارات وقصف عنيف شمال رفح واقتحام واشتباكات مسلحة في الضفة الغربية    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    دروس من حرب أكتوبر    الدعاء يوم الجمعة: باب للرحمة ووسيلة للتواصل مع الله    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    تصل إلى 49 ألف جنيها، الأسعار الجديدة للخدمات غير الطارئة للإسعاف    لبنان.. غارة إسرائيلية جديدة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت    تفاصيل مداهمة أكاديمية تعليمية غير مرخصة تديرها سيدة في الدقهلية    أحمد الشريف: الشعر سيد الكلام وحب الكتابة يبدأ دائما بحب قراءته    الولايات المتحدة محبطة من عدم مشاركة إسرائيل للبيت الأبيض بخطة الرد على الهجوم الإيراني    طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرةيتظاهرون رفضا للعدوان الصهيونى على غزة وبيروت    كرة سلة - الاتحاد يهزم الوحدة الإماراتي ويصعد لنصف نهائي البطولة العربية    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    38 كيلو مخدرات.. محاكمة 3 أشخاص ضبطوا قبل ترويج الكيف في الشروق وبدر    حدث ليلًا| بيان حكومي مهم بشأن موسم الحج 2025 وموعد إصدار قانون العمل الجديد    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 10 أكتوبر.. «استكشف أحلامك من خلال التأمل»    خبير: "حياة كريمة" تعكس اهتمام الدولة بالمواطن وتوسيع أنماط الحماية الاجتماعية    وصفة سحرية.. 4 فناجين من القهوة لإطالة العمر ومحاربة الاكتئاب    اضطراب الوسواس القهري «OCD».. تعرف على الأعراض والأسباب    الثوم والفلفل الأحمر.. أطعمة مناسبة لمرضى الكلى    الدعاء يوم الجمعة: بركات واستجابة في اليوم المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالعزيز حجازى يتذكر: اقتصاد الحرب بوابة نصر أكتوبر

تواجه مصر الآن مأزقا اقتصاديا معقد ا ، فأحلام الثورة وتطلعات أبنائها كبيرة لكن واقعيا الامكانيات غير كافية بل تتعرض للتراجع.
هذا المشهد غير جديد علي مصر فقد تعرضت له تقريبا وبنفس التفاصيل في سنوات ما قبل حرب أكتوبر ، فالخزانة العامة كانت خاوية ونفقات التسليح والاستعداد للحرب كبيرة ولم يكن أمامنا حل آخر ، فكانت بداية ادارة المعركة الحربية من أرض الحرب الاقتصادية التي أدارها فريق من أبناء مصر يقودهم الدكتور عبدالعزيز حجازي نائب رئيس الوزراء في زمن الحرب.
كيف أدار حجازي ورفاقه اقتصاد المعركة وكيف بدأ أكتوبر من تدابير اقتصادية ومالية وكيف نستفيد من تجربة أكتوبر في التغلب علي المأزق الاقتصادي الراهن؟
هذا السؤال الكبير الذي حمله ?الاقتصادي? ووضعه علي مائدة الحوار مع الدكتور عبدالعزيز حجازي فتدفقت الذكريات والارقام التي تشكل في مجملها شهادة حية علي اقتصاد الحرب ?وروشتة? علاج للحالة الاقتصادية الراهنة..
التفاصيل في السطور التالية:
استطاع الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر ووزير المالية في الفترة من 1968 الي 1975 أن يعبر بمصر من مرحلة شديدة الخطورة والحرج ،فليس بعد الحرب صعوبة وليس بعد الحالة التي انتابت المصريين من إحباط بعد هزيمة 67 محنة ولكن الدولة المصرية استطاعت تجاوز هذه الهموم لان الهدف كان واحدا والارادة الشعبية كانت متحدة وعيون المصريىن كانت تصبو الي تحقيق حلم النصر ،فتحمل الشعب صعوبات نقص السلع الاساسية وحصار البلد عسكريا واقتصاديا وتولت القيادة الاقتصادية المهمة الصعبة في ادارة الازمة وكان علي رأس هذه القيادة د. عبدالعزيز حجازي الذي تشعر وأنت تتحدث معه أن حرب اكتوبر 1973 كانت بالامس وليست منذ 39 عاما مضت فهو يتذكر كل تفاصيلها وكيف أن الدول العربية وقفت الي جانب الشعب المصري ليرفع راية النصر وكيف أن الادارة الاقتصادية كانت تحمل كل التيارات ، فهناك من يؤمن بالفكر الاشتراكي وهناك من ينتمي الي جماعة الاخوان المسلمين ،وهناك من ينتمي الي الفكر الساداتي ،ولكن الهدف كان واحدا ، فكان النصر ولان الوحدة في الهدف ليست سهلة بل تحتاج الي تكاتف ونصرة الرأى الصحيح حتي لو اختلفنا معه ، خرجت مصر بعد 1973 أقوى بل حققت ميزانيتها في هذا العام فائضا بلغ ثلاثة ملايين جنيه ،ولم تتجه الدولة الي أذون الخزانة الا في أضيق الحدود حيث طرحت خلال سبع سنوات اذون خزانة بقيمة 350 مليون جنيه فقط وبما يعادل خمسين مليونا في العام.
توليت المسئولية في مرحلة حرجة فما هي الأسس التي ركزت عليها في ادارة الازمة وقت حرب اكتوبر المجيدة؟
في فترة الحرب كانت هناك رؤية محددة وتكاتف من القائمين علي الدولة ،كان هناك كتاب فلسفة الثورة وميثاق العمل الوطني الذي صدر عام 1962 وبيان 30 مارس 1968 ثم دستور 1971 وورقة أكتوبر 1974 ،وكانت كل هذه الوثائق المهمة لها دورها في مسيرة العمل الوطني بمصر ،بالاضافة الي أن الرؤية المحددة للدولة كانت تتابع بكل دقة ،فهناك فريق عمل يتابع ما تم انجازه، وما هو المطلوب خلال المرحلة القادمة وكانت مرحلة الحرب أيضا بعد تغيرات كثيرة مرت علي مصر فقد جربنا نظام الرأسمالية قبل ثورة يوليو وفي عهد الملك فاروق ،ثم الاشتراكية في عهد جمال عبدالناصر ،وكان لدينا اربعة اهداف هي:
تمويل المعركة حيث خرجنا من نكسة 1967 ونحن خاسرون لأكثر من 90% من الجيش المصري بالاضافة الي خسائر مالية تبلغ مليار جنيه فهذه الاولوية الاولي في الانفاق فلاشيء يعلو فوق صوت المعركة.
استمرار التنمية، فقبل 1967 كان أكبر معدل تنمية حدث في مصر بالخطة الخمسية عامي 1960 1965 ومعدلات التنمية المرتفعة هي التي أقلقت العدو وكان من الضروري أن تستمر خطوات التنمية بالتوازي مع الخطط العسكرية حتي لا تفقد مصر ما حققته.
التكافل الاجتماعي حيث كان لابد من استمرار دور الدولة في تحقيق هذا التكافل من دعم السلع وتعيين الخريجين وتحقيق العدالة الاجتماعية?
اما الهدف الرابع فيتمثل في الافصاح والشفافية حيث كان لابد أن يتوافر للقائمين علي البرنامج الاقتصادي لمصر كافة البيانات التي تمكنهم من وضع الخطط الاقتصادية للدولة.
وهل كان هذا الافصاح يحدث فعلا؟
بالطبع فقد كنت أقوم بنفسي بمراجعة خطة كل وزير يأتي للوزارة وما قام به وما لديه من خطط مستقبلية ونتابع بعد ذلك مع الوزير الذي يليه وهكذا?كان ذلك حتي عام 1975
ماهو التغيير الرئيسي الذي حدث في ادارة الدولة في ذلك الوقت؟
هناك تغيير رئيسي حدث في تلك المرحلة وهو الاستعانة باساتذة الجامعات في المناصب الحكومية ومردود ذلك هو انسحاب المؤسسة العسكرية وبداية مدنية الدولة من خلال منح المناصب لاصحاب الخبرة والكفاءة ،وظهر اثر ذلك في الادارة الاقتصادية للبلد وفي هذه الفترة تم بناء السد العالي بكوادر وخبرات عملية وعلمية.
كيف كنتم تحصلون علي الموارد في هذه الفترة الصعبة ؟
كل ما ذكرناه كانت بنود تصب في جانب الانفاق، اما الموارد فكنا نعتمد بشكل اساسي علي الدعم العربي وبدءا من قمة الخرطوم التي دعمها الملك فيصل رغم كل ما كان بينه وبين جمال عبدالناصر من خلافات الا أنه فضل مساعدة مصر علي قناعاته الشخصية كذلك قمنا في هذا الوقت بفرض ضريبة الجهاد ،وفي الحقيقة ان ماحصلنا عليه من تبرعات وقتها كان اكبر من حصيلة هذه الضريبة ،لان الهدف كان ساميا ،كذلك اتجهنا الي اصلاح نظم الضرائب الموجودة في مصر من خلال فرض نظام الخصم عند المنبع الذي جعلنا نحصل علي الضريبة اولا بأول وكان وقتها نظاما جديدا، كذلك قمنا بإنشاء وحدات الضرائب النوعية مثل المهن الحرة والغزل والنسيج والسياحة لوحدها..
ولماذا هذا الاجراءات وماهي فوائدها؟
­ يحقق الانفصال بوحدات الضرائب مزيدا من السيطرة علي وحدات الانتاج والحصيلة وهو موضوع هام تم الغاؤه بعد ذلك لأن مأمورىات الضرائب تريد تنويع النشاط ، كان هناك ايضا تحويلات المصريين بالخارج التى زادت في هذه الفترة نتيجة إلغاء الضرائب المفروضة عليها وكذلك نتيجة شعور المصريين بالخارج بالانتماء وروح الحرب والرغبة فى النصر ، واتخذنا إجراء غريبا وقتها وهو الاستيراد بدون تحويل عملة يعنى ان رجل الأعمال الموجود فى أى دولة يستوردها بالعملات المتاحة وأنشأنا ايضا فى هذه الفترة بنك ناصر الاجتماعى الذى بدأ بمليون جنيه واليوم يبلغ رأسماله مليار جنيه وانشأنا ايضا المصرف العربى الدولى الذى يهدف الي ضخ الأموال الأجنبية ،وقال لى السادات وقتها انا أريد بنكا على جزيرة يدخل الناس ويخرجون منه وقتما يشاءون فكان هذا البنك .
لو عاد بك الزمان هل توافق علي انشاء بنك مثل المصرف العربى الدولى لايخضع لرقابة البنك المركزى ؟
­ ولم لا فالاستثمار يحتاج الى ضمانات حتى يأتى لمصر ، فالحسابات فى هذا البنك سرية ولاتخضع للرقابة وبالتالى تساعد على شعور المستثمر بالأمان .
هناك ايضا موضوع توظيف الاموال الذى استطاع ان يخدم الاقتصاد المصرى مع كل ماحدث فيه من مخالفات فقد استطاعت شركات توظيف الاموال ان تقدم للاقتصاد الكثير الى ان بدأت تتجه نحو المضاربات واستخدام الدين فى الاقتصاد وهنا بدأت المشكلة ، وقد بدأنا فى السبعينات انشاء البنوك الاسلامية وكان لمصر الدور الأكبر .
كذلك قمنا بناء على بيان 30 مارس باعادة هيكلة القطاع العام الذى لعب دورا هاما فى وقتها ويمكن القول ان مجموع ماصدر من تشريعات اقتصادية وقتها ساعد في تجاوز الأزمة ،فقد قمنا بانشاء قانون الموازنة العامة للدولة ،وقانون للخطة ،وقانون لصندوق الودائع والتأمينات علي ان تستخدم هذه الاموال لصالح أصحاب المعاشات بعيدا عن وزارة المالية ،فقد رأيت هذه التجربة فى فرنسا ،وشاهدت كيف يستخدمون أموال التأمينات من خلال قوانين منفصلة فى خدمة أصحاب المعاشات ،وبالفعل عدت لتنقية هذا القانون ، الغريب في هذه الفترة أن مجموع ما أصدرناه من أذون خزانة كان 350 مليون جنيه فقط فى سبع سنوات عجاف مرت على مصر ،فقد كان الاتجاه دائما نحو الداخل ومحاولات البحث عن أموال بعيدا عن الاستدانة ،كذلك قمنا باصلاح النظام الوظيفى للدولة فالمشكلة القائمة الآن بين الحكومة والعمال هى عدم وجود إطار مؤسسى يسير عليه الموظف ويعرف ماله وما عليه ،ويعرف انه فى هذا العام سوف يحصل على مزايا .
هل هناك قرارات أخرى خارجية ساعدت فى هذه الفترة لتمويل النفقات؟
­ طبعا فهناك قرار هام قامت به الدول العربية وعلي رأسها السعودية فى عدم ضخ البترول للدول المختلفة مع مصر والمعادية لها فى ذلك الوقت ، هذاالضغط ساعد مصر على تجاوز المحنة وأدى أيضا إلى رفع أسعار البترول فى كل الدول العربية ، لذلك أنا دائما أقول ان مصر شريك لهذه الدول فى ثروتها لأنه لولا توقف ضخ البترول لما ارتفعت اسعاره بهذا الشكل واستطاعت هذه الدول ان تحقق ثروات طائلة ، ومن الأمور التي ساعدتنا ايضا الحديث عن خط أنابيب البترول ، قمنا بعمل زيارة الى ايران فى 1974 وحصلنا على مليار جنيه دعما ،وقمنا بجولة فى كل دول الخليج للحصول على دعم ، وهنا يبرز دور المسئولين فى كيفية التعامل مع الدول المناحة ، فقد حصلت علي وسام الملك عبد العزيز آل سعود وكان يثق فى تمام الثقة .
على أي شيء كان يعتمد الاقتصاد المصرى في هذه الفترة ؟
­ الاقتصاد كان موجها لدول شرق أوروبا ،فكل السلاح كان قادما من هذه الدول فالاقتصاد كله كان معتمدا علي الاتحاد السوفيتى وشرق اوروبا ، وقد ذهبت الى روسيا لجدولة الديون العسكرية لأن الديون الاقتصادية كانت تسدد أولا بأول واستطاعت مصر فى سنة الحرب وتحديدا فى موازنة 1973 أن تحقق 3 ملايين جنيه فائضا وهنا أتذكر قصة خط أنابيب البترول ، حيث قمت بالترتيب مع دول مثل الكويت والامارات وحصلت علي موافقتهم لتمويل الخط بنسبة 50 % وذهبت للملك فيصل وقال أعطوا لمصر ماتحتاجه من قروض إلا أنني رفضت وقلت له نحن نحتاج للتمويل وليس للقروض ? انا مش جاى آخذ قرض ? فصمت قليلا ثم قال موافق ،وبالتالى وافقت كل الدول الأخرى وعندها قلت له إننا لانملك ال 50 % الأخرى فقال اعطوا لحجازى مايريد .
وماهى فائدة هذا الخط ؟
­ الخط هام جدا فى فترة الحرب حين كنا ننقل من خلاله البترول ونأخذ عليه رسوما فهو كان بمثابة العبور الحقيقى وساعدنا كثيرا .
هل كنت تعلم بقرار الحرب وكيف عرفت موعد البداية ؟
­ كنت فى النمسا وأخبرونى أن زوجتى ذهبت الى لندن لعمل جراحة فى القلب وطلبوا منى ان أذهب لرؤيتها وبالفعل ذهبت الى هناك وبعد أن خرجت من حجرة العمليات تطلب الأمر بعد الاجراءات الخاصة مثل ترتيب مكان للسكن فيه بعد خروجها ولكنهم اتصلوا بى وطلبوا منى العودة الى مصر فورا وعندما ابديت اعتراضى قالوا لى السفارة المصرية في لندن سوف تتولى كل الأمور ، وبالفعل يوم 4 أكتوبر ،كان الرئيس السادات قام بتوزيع الاختصاصات وكان ممدوح سالم للأمن الداخلى وانا للاقتصاد واشرف غبريال للإعلام وسيد مرعى رئيس مجلس الأمة وقتها وحافظ اسماعيل وعبد الفتاح عبد الله لشئون الرئاسة وبدأنا تجهيزات حرب أكتوبر وكنت وقتها نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية والتجارة الخارجية واعطى كل منا صلاحيات كاملة .
هل كنت تتوقع قرار الحرب ؟
­ نعم كلنا نتوقعه وكنا نعمل معا بشكل يومي على متابعة المخزون من السلع الاستراتيجية وكان السادات فى مايو 1973 طلب أخذ رأيى في الحرب وكنا نعمل من خلال غرفة عمليات الحرب التى تم فتحها قبل الحرب . وماهو دور غرفة العمليات ؟
­ دورها متابعة كل الأزمات التي تواجه البلد منها ادارة للأزمات بكل وزارة وكل جهة لها اختصاص محدد .
ماهي الدروس المستفادة من حرب أكتوبر؟
أهم درس ان تمنح القرار وتكون قادرا علي اتخاذه في نفس الوقت وان يكون هناك إدارة اقتصادية جيدة قائمة علي كل الافكار فقد كنت نائبا لرئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية وكان يعمل معي كمال ابو المجد وعبد العزيز كامل واسماعيل صبري عبدالله وكلنا نعمل من اجل هدف واحد.
وكيف استطاعت هذه التوليفة من التيارات المختلفة ان تتفق معا؟
كان لدينا القدرة علي احترام الاراء والاستفاده من الخبرات حتي أننا بعد حرب أكتوبر بدأنا عملية الانفتاح الاقتصادي ،وكان هذا الانفتاح ضرورة ولو كان عبد الناصر حيا لقام به وفعل مثلما فعل السادات لان المرحلة كانت تتطلب هذا الانفتاح ونحن لانستطيع ان نتخلف عن ركب الدول المتقدمة.
وكنا نحاول ان نحقق التقدم الاقتصادي مع العدالة الاجتماعية جنبا إلي جنب فعلي سبيل المثال كان هناك تمويل لبنك ناصر الاجتماعي من شركات القطاع العام بنسبة 2% وتم الغاء هذا البند بعد ذلك رغم انه كان يحقق للبنك موارد تجعله يمارس مهامه .
وتمثل الموازنات التقديرية السنوية البرنامج المالي للخطة عن عام ضمن اطار خطط خمسية او عشرية وذلك اعتمادا علي مجموعة من الاهداف والسياسات تترجم في برامج محددة ويحكمها عدد من التشريعات التي تنظم العمل الوطني بكل ابعاده ، كما تعبر الحسابات الختامية عن نتائج الانجازات التي تتم ، وتمثل تقارير الرقابة المالية التي تعرضها اجهزة الرقابة المالية والإدارية تقييما لنتائج التطبيق سواء كانت إيجابية أو سلبية مع بيان مدي مصداقيتها في تحقيق الأهداف الموجودة وقد تأثر اعداد هذه الموازنات والحسابات عبر خمسين عاما بمجموعة من العوامل من أهمها.
أولا الزيادات السكانية ومعدلات النمو التي تحققت ،والذي يراجع التطور منذ عام 1952 حتي 2002 سوف يجد أن حجم السكان قد تصاعد بمعدلات تعتبر مرتفعة اذا ما قيست بالمعدلات التي تسود في الدول المتقدمة ، وقد بلغ عدد السكان في بداية الثورة حوالي 21.5 مليون نسمة ثم تدرج في عام 1967 الي 30 وفي عام 70 الي 33 وفي عا م 72 الي 35.6، وفي عام 80 كان41 وفي عام 90 50إلي ان وصل إلي 67.7 مليون في عام 2002 ولاشك أن لهذا التزايد في العدد وما يصاحبه من توزيع لفئات العمر أو الجنس أو التوزيع الجغرافي بين الحضر والريف آثاره علي مطالب الجماهير وما يفرضه ذلك من ضرورة توفير الاعتمادات اللازمة لتحقيق الكفاية والعدل الاجتماعي.
ثانيا التطور في الهيكل الاداري للدولة بداية من حكومة مركزية تضم عددا من الوزارات لاتتجاوز 11 في عام 1952 إلي حكومة مركزية تضم 33 وزارة في عام 2002 وحكم أو ادارة محلية تمارس اختصاصاتها في عدد من المحافظات 26 في عدد محدود من مجالات الخدمات طبقا للتشريع المنظم لأعمالها في هذا الشأن، وتستقل بموازناتها اما بما يتوفر لها من تمويل من مواردها المحلية أو ما توفره لها الدولة من الموازنة المركزية
ولم يقتصر التغيير علي الجهاز الاداري للحكومة بل استلزمت مقتضيات الاصلاح الاداري والمالي والاقتصادي في السنتين الماليتين 72/71.71/70 إلي تحول بعض الهيئات الاقتصادية العامة أو النوعيةالتي أصبح لكل منها نظامها المالي واستقلاليتها ..
وأخذت هذه الهيئات والمؤسسات أشكالا متعددة ، إلي أن تم فصل المؤسسات الاقتصادية عن الموازنة العامة للدولة في عام 1979 وبدئ اخيرا في ظل الخصخصة في تشكيل بعض الشركات القابضة والتابعة مع التحرر الاقتصادي وتطبيق نظام السوق ، وذلك بدعوي وقف نزيف خسائر القطاع العام التي تتحملها الدولة أو رفع كفاءة الاداء وتحقيق عائد اقتصادي مجز للأموال المستثمرة فيها ومع هذا مازالت أعباء عجز بعض هذه الهيئات تلقي بثقلها علي الموازنة العامة للدولة.
ثالثا اتبعت مصر التخطيط المركزي اساسا لوضع الموازنات المالية والنقدية السنوية، واعتمدت في البداية الخطة العشرية 1961/60 1971/69 ولكن نتيجة للضغوط التي ظهرت قرب منتصف الخطة العشرية الأولي اضطرت السلطات الاقتصادية المسئولة الي ترك الخطة والاعتماد علي برامج استثمارية سنوية تباطأ فيها معدل النمو قليلا وذلك في محاولة لتخفيف العجز المتفاقم في ميزان المدفوعات والتضخم في الاجور والاسعار ورغم ان تقييم الخطة الخمسية الأولي 65/60 حققت معدلا مرتفعا للنمو بلغ حوالي 56% ومع وقوع حرب 1967 واستمرار فترة التعبئة والاستعداد للحرب في السنوات التي تلتها واتباع منهج اقتصاد الحرب استمرت عمليات تخطيط التنمية لبرامج استثمارية سنوية تراعي ضرورة تحقيق التوازن الصعب بين متطلبات التنمية ومطالب الحرب
ومع بداية العقد الثامن من القرن العشرين أعد جهاز التخطيط المركزي خطة خمسية جديدة أطلق عليها تجاوزا الخطة الخمسية الثالثة ،لم يقدر لها أن تخرج إلي حيز التنفيذ وأجري تعديلها إلي أن تقرر وضع خطة عشرية ثانية بدأت مع بداية توحيد السنة المالية في دول اتحاد الجمهوريات العربية في يناير 1973 وتشمل الفترة 1982/1973 واستمرت الخطط الخمسية تتتابع بعد ذلك 828787 9292 9797 2002.
ويتم الاعتماد في اعداد الخطة علي قانون الخطة رقم 70 لسنة 1973 الذي صدر في 73/8/14 علي إجراء تقديرات للتوازن الكلي للاقتصاد والذي يضم تقديرات الناتج القومي الإجمالي والاستيراد من ناحية ، والاستهلاك والتصدير والاستثمار من ناحية أخري ، آخذين في الحسبان الموارد من كافة الأوعية الادخارية ومعدلات الادخار والتضخم وإمكانيات الاقتراض والحصول علي المنح والمعونات وحجم القوي العاملة وغيرها من العوامل المؤثرة علي أداء الاقتصاد القومي.
رابعا جري العرف علي أن يتم الاعتماد في إعداد الموازنة العامة للدولة علي المبدأ النقدي موازنة اعتمادات عن سنة مالية وتشمل جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة سواء كانت وزارات أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة وصناديق التمويل الخاصة وأي أجهزة يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء وتقسم أبواب الموازنات إلي مجموعات اربعة هي ? جارية ،استثمارية ،وتحويلات ،وخزانة عامة والذي يستعرض أرقام الموازنات عبر سنوات الثورة من 1952 إلي 2002 متخذين في ذلك محطات لها دلالتها في تاريخ ثورة يوليو وهي موازنة 1952 ثم 1967/1966 قبل النكسة ثم 1970/1969 رحيل عبد الناصر ثم 81/80 رحيل انور السادات ثم 2003/2002 ليتضح حجم الانفاق المتزايد
متي تركت الوزارة؟
بعد الحرب طلب مني السادات تشكيل الحكومة وبالفعل بدأت في تشكليها ولكني فوجئت بتكليف ممدوح سالم ،وطلب مني المشاركة ولكني رفضت وانسحبت ، ولكن ممدوح سالم لم يتركني في حالي فظل يحاربني عندما قررت العودة إلي مكتبي في وسط البلد ،كنت وقتها قد اوقفت العمل به طوال فترة وجودي في الوزارة حتي لا نخلط العمل الحر بالعام فعدت إلي مكتبي وكان معاشي 200 جنيه ومنحوني مكافأة 600 جنيه فقط ،وطلبت من السادات شقة مجاورة لي في العمارة كانت تابعة للقطاع العام وغير مستخدمة حتي أقوم بتوسعة مكتب المحاسبة ،وكنت اود أن اشتريها ولكن ممدوح سالم رفض وظل يحاربني ويمنع عن مكتبي العمل إلي أن انتقلت للزمالك وبدأت من جديد.
في رأيك ما هي الروشتة التي يمكن ان تعطيها لمصر بعد تجربه استمرت خمسين عاما في إعداد الموازنات ؟
مصر تحتاج الي تعديل اهدافها وفقا للمتطلبات الاقتصادية والمالية والإدارية الجديدة وذلك من خلال عدة نقاط من أهمها التركيز علي دعم برامج التنمية الاقتصادية لتعظيم الانتاج القومي بمعدلات تفوق ما تم في الماضي لانها مازالت اقل من طموحاتنا للوفاء بمتطلبات الاستهلاك والتصدير والادخار، وإعطاء المزيد من الاهتمام بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تقديم الخدمات والدعم الذي تقدمه الدولة طواعية لمحدودي الدخل ،ولابد ان يستمر توفيره خاصة ان حجم هذه الفئات مازال يشكل عبئا علي المجتمع والاستمرار في توفير مستلزمات الامن القومي التي تصاعدت رغم انتصار أكتوبر نظرا لأن المنطقة العربية مازالت في خطر نتيجة الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية من ناحية والنزاعات القائمة بين الدول العربية من ناحيه أخري.
ونظرا لانخفاض مستوي المدخرات المحلية رغم النمو المستمر في الناتج القومي الاجمالي تضطر الحكومة شأنها شأن حكومات الدول الناميةبل والصاعدة إلي الاقتراض الداخلي والخارجي كذلك العجز المستمر في الميزان التجاري وميزان المدفوعات يستدعي العمل علي تعظيم حجم الصادرات وترشيد أرقام الوردات وخاصة من السلع الاستهلاكية غير الضرورية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.