بينما تحتفى وزارة الكهرباء يوميًّا بفائض الأحمال الذى تحققه، وتسجيلها أرقامًا قياسية فى التوليد من محطات الإنتاج، تجدَّدت أزمة انقطاعات الكهرباء فى عدد من المحافظات، من بينها القاهرة والجيزة. وزير الكهرباء، الدكتور محمد شاكر، قال ل«التحرير»، إنه «لا يمكن القول إننا تغلبنا على مشكلة الكهرباء نهائيًّا، إلا عندما تكون شبكات النقل والتوزيع لتفريغ القدرات المنتجة ممتازة»، لافتًا إلى أن الوزارة تولى جهدًا كبيرًا لتحسين كفاءة شبكات التوزيع والنقل، ليكون التحسُّن غير مقصور فقط على الإنتاج والتوليد. نائب وزير الكهرباء، أسامة عسران، قال إن «الانقطاعات ناتجة عن أعطال، ولا يوجد أى انقطاعات ناتجة عن تخفيف الأحمال نهائيًّا»، لافتًا إلى أن هذه الأعطال التى تحدث وينتج عنها تخفيف الأحمال خاصة بخطوط الجهد المتوسط والمنخفض فقط، وأشار إلى أن خطوط النقل على الجهد المتوسط والمنخفض فى محافظات الصعيد «هوائية»، وأى عطل فى هذه الخطوط ينتج عنه فصل التيار عن 5 أو 6 قرى لحين إصلاحه. عسران قال إنه يتم الآن فى كل شركة توزيع إعداد دراسة لها للاطلاع على المشكلات التى تتعرض لها شبكتها على الجهدَين المتوسط والمنخفض، ووضع تصوُّر كل شركة لتطوير وتحسين الشبكات الخاصة بها، فضلًا عن إعادة تأهيلها، وإنشاء شبكات توزيع جديدة فى الحيّز العمرانى لكل شركة من شركات التوزيع، من أجل الارتقاء بالخدمة المقدمة إلى المنازل. مصدر بوزارة الكهرباء قال إن «سبب انقطاع التيار هو مشكلات فى خطوط الجهد المنخفض، نتيجة زيادة الأحمال، وارتفاع درجات الحرارة»، لافتًا إلى أن محولات التغذية من خطوط الجهد المنخفض على جهد ال11 كيلوفولت، يتم تحميلها عبر هذه الخطوط بجهد 5 و7 ميجاوات فقط، والمغذيات عندما تزيد عليها الأحمال تُفصل هذه المغذيات، وتخرج لعدم قدرتها على التحمُّل تارة، والخروج اضطراريًّا تارة أخرى، نتيجة عطل من شدة الأحمال بسبب الحرارة. المصدر أكد أن شبكات الجهد المنخفض كانت تحتاج إلى التحديث منذ زمن، مضيفًا أن «شبكات التوزيع من 50 سنة لم تدخل صيانة حقيقية»، منوهًا بأن شبكات التوزيع متشعبة على مستوى الجمهورية، وتتضاعف 6 مرات عن الشبكة الموحدة للكهرباء للربط بين محطات ومحولات الجهد الفائق، وأوضح أن الجهد المنخفض ال11 كيلوفولت، هو المسؤول عن تغذية الأكشاك والمحولات الصغيرة، والتى تمد العقارات والشوارع بالكهرباء على الجهد 220 كيلوفولت. من جانبه، قال المهندس الحسينى الفار، رئيس شركة «شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء»، إن «أعمال الصيانة لشبكات التوزيع ستكون مع نهاية أغسطس الجارى، وإن خطة الصيانة لشبكات التوزيع تشمل جميع شركات التوزيع ال9، وليست شركة شمال القاهرة وحدها»، لافتًا إلى أن القيمة المالية المخصصة لشركة شمال القاهرة 220 مليون جنيه. الفار شدَّد على وجود فرق الصيانة على مدار 24 ساعة لعمل الإصلاحات اللازمة، وتأمين التغذية الكهربائية فى أسرع وقت، مشيرًا إلى أن كل فرع من أفرع الشركة توجد به فرق الصيانة الخاصة به، والمكونة من مهندسين وفنيين. رئيس شعبة الكهرباء بنقابة المهندسين، الدكتور فاروق الحكيم، قال إن «ارتفاع درجات الحرارة هو السبب الرئيسى فى انقطاع الكهرباء، لأنه يقلل نحو 10% من أداء المحطات»، لافتًا إلى أن أغلب الانقطاعات سببها التوليد بنسبة 70%. أستاذ تخطيط نظم الكهرباء بهندسة القاهرة، الدكتور طارق شرف، قال إن «انقطاع التيار رغم وجود فائض فى الأحمال يرجع إلى أمرين، هما نقص الخبرة الفنية الجيدة فى عمليات التشغيل والقدرات الفنية التى تتدهور، وعدم تحديث البنية التحتية للشبكة»، لافتًا إلى أن الشبكة ليست مولدات كهرباء وفقط، فالوزارة بذلت مجهودًا غير طبيعى فى تعويض النقص الكبير فى الأحمال من خلال محطات كبيرة، ولكن ما زال هناك نقص كبير فى شبكات التوزيع، والجهد المنخفض. شرف أضاف أن مَن يتحدَّث عن أن أزمة الكهرباء انتهت، أقول له «أنت لا تفهم شيئًا»، فالوزارة اتخذت خطوات لتقليل الانقطاع لا منعه، وحل أزمة الكهرباء يحتاج إلى محطات وتطوير الشبكات على التوازى، مشيرًا إلى أن شبكات التوزيع تحتاج إلى استثمارات بما لا يقل عن 30 مليار جنيه، لتكون هذه الشبكات جديدة ولا ينقطع التيار عنها، مشيرًا إلى أن وزارة الكهرباء تحاول الحد من المشكلة، لكنها لن تنتهى فى عام أو عامَين، وستستمر 5 سنوات على الأقل.