سادت الساحة الرياضية في الفترة الأخيرة حالة من الأسي والشجن والألم وغشيت الجماهير الغفيرة مشاعر محبطة كئيبة بسبب خروج المنتخب الوطني الأول من التصفيات الأفريقية المؤهلة للنهائيات التي ستجري مطلع العام القادم بغينيا الاستوائية.. لم يكن الخروج المهين ولا المستوي الهزيل هما السبب في تلك الآلام والأحزان.. وإنما لأن الأمور التالية والتوابع الملاحقة لا تبشر بالخير ولا تشير إلي أن الإخفاق والفشل في طريقهما إلي الانقشاع والزوال.. الأحوال والأسباب المؤدية للسقوط في الرياضة مستمرة ومتواصلة.. ولعل هذا يقودنا لطرح عدة أسئلة والسعي لإيجاد إجابات عليها.. نحن فقط نحاول.. قد نختلف أو نتفق.. لكننا لابد وأن نتحلي بالتجرد والنزاهة والوطنية.. لأن الأمر لا يعود مجرد خسارة مباراة أو حتي عدد من المباريات.. وإنما يتجاوز الخسارة بكثير.. الأمر وصل إلي تدني مستوي كرة القدم المصرية للدرجة التي أصبحت فيه تستحق الشفقة وتستوجب النجدة وتحتاج للإنقاذ.. الأمر يتعدي الأسماء والأشخاص وحتي المصالح الفئوية واللدنية.. الأمر يرتبط بالوطنية والنخوة المصرية.. ومن ثم فسأطرح بعض الأسئلة وأقوم بالاجتهاد في الرد عليها.. أولاً هل كرة القدم المصرية تدار إدارة رشيدة واعية نزيهة؟ الإجابة بكل صدق أنها ليس كذلك.. الاتحاد المصري لكرة القدم لا يضم الأفضل من الرجالات الموجودة في الساحة ولا حتي الأكثر خبرة ولا الأعمق علماً ودراية.. صحيح أن بينهم وهم بالمناسبة قلة لديهم مثل هذه الخبرات لكنهم لا يستطيعون فرض رؤيتهم في ظل الأصوات الجوفاء والآراء الخرقاء ذات النبرة العالية والسطوة الغالبة.. وليس أولي علي الإدارة غير الرشيدة التي تدار بها كرتنا المظلومة والمطحونة من الكبوات والزلات التي تواجهها في كل الاختبارات وعلي كافة الأصعدة.. ومن بين الأسئلة أيضاً.. هل مجلس إدارة اتحاد الكرة هو سيد قراره والمخطط لسياساته والواضع لاستراتيجيته؟ وأقولها بمنتهي الشفافية أنني أشك لدرجة تصل لحد اليقين أنه لا يوجد ما يسمي بالخطط ولا ما يعرف بالاستراتيجية في عالم الجبلاية.. الأمور هناك تجري حسبما أتفق.. العشوائية والارتجالية تغش الجميع بلا استثناء.. العلم غائب.. الصوت العالي غالب.. الغالبية منتشرة.. الغرض موجود.. المصلحة الذاتية متفشية.. الميل والغرض والمرض يطلون ويحجبون المصالح الوطنية العليا.. الأموال مهدرة ويتم توجيهها في غير المصارف الضرورية.. المنتفعون لا يمتنعون ولديهم كفلاء وظهراء يعتمدون عليهم وربما يقسمون دخولهم معهم.. أما الاتحاد الموقر فهو ليس السيد في تلك الجبلاية الخالية من الأسد.. الأسد فيها يتخفي وراء أستار وأسرار وأغوار.. فهو تارة الحاكم بأمره.. وأخري أصحاب الحظوة والسطوة في الاتحاد الأفريقي لأنه الصديق الصدوق لحياتو أسد الكاف الأول وثالثه صديق بلاتر وعضو المكتب التنفيذي للفيفا.. كل هذه الحجب والغيامات لا تخيفني في أن أشير إلي أن المهندس هاني أبوريدة هو صاحب النفوذ الأوسع والكلمة المسموعة في الجبلاية.. ولعلي وأنا أشير إليه لا أقلل من شأنه أو أقدح في قدراته وإمكاناته.. لكنني فقط قد أختلف أو أتفق معه.. وكم من مرة أشدت به وبتوجهاته.. لكن هذا لا يحرمني من حقي في عدم الاتفاق معه في إدارة الشأن الداخلي لكرة القدم المصرية أحياناً وفقاً لأهوائه وعواطفه وعلي عكس وضد المصلحة العليا المجردة.. ودعني أصارحه بأن دفاعه المستميت عن الكابتن شوقي غريب الذي أكن له كل الاحترام والتقدير وإصراره علي بقائه في قيادة الكرة المصرية لا يتفق مع الوطنية والمصرية والمصلحة العليا.. وإنما لأنه يرتبط مع الكابتن شوقي بأواصر عميقة ووشائج متينة ليس لها أي دخل بالحرص علي الارتقاء بمستوي الكرة المنهار.. ومادمنا تحدثنا عن الكابتن شوقي فهذا يقودنا للسؤال الأخير.. هل الكابتن شوقي في الموقع المناسب ولديه القدرة علي الارتقاء باللعبة الشعبية الأولي في بلادنا؟ أري أنني لست وحدي الذي يجأر ويطالب بإقصاء شوقي ومعاونيه بل يحدث هذا من ملايين الشعب المصري الذي صدمها الخروج المهين والهزائم المتعددة خارج البلاد وداخلها.. كنا نتصور أن استاد القاهرة يخيف كل الضيوف فأصبحنا نتشكك في تصورنا بل لعلنا كدنا نقتنع بغير هذا بعد أن قهرتنا الكرة التونسية والسنغالية فيه وعليه وحتي وسط الجماهير المتحمسة.. ولعلنا لا نغالي لو ذهبنا إلي التأكيد بأن عجز الإدارة الفنية والإعداد الجيد والاختيارات السليمة والرؤية العميقة التي كان عليها الجهاز الفني هو الذي أدي إلي وقوع الهزائم والخروج المهني من التصفيات الأفريقية.. في النهاية لست من بين الطامحين في الحصول علي أي منافع شخصية من وراء كلماتي التي أرددها.. وأؤكد أنني لست في خصومة مع أحد بالجبلاية وارتبط بجميعهم بعلاقات أخوية شقيقة.. لكنني في النهاية أحب مصر ولا أتشدق بترديد اسمها فقط.. وإنما وكما حاربت من أجلها زهاء ثلاثين عاماً كجندي في جيشها.. أسعي لتسخير كلماتي حالياً لمصلحتها العليا.. ولمنفعة الكرة المصرية التي باتت علي أيدي أهل الجبلاية الموقرين ملطشة لكل طامع وهدفاً لكل طامع.