وضع الاحتلال الإسرائيلي يده على زناد سلاحه استعداداً لتوجيه ضربة إلى إيران، وهو ما أسفر عنه حراك دبلوماسى وعسكرى تجنبًا لآثار الضربة أو محاولة تعطيلها أو على الأقل التخفيف من قوتها بما لا يجعل العالم فى ذروة الصراع الإقليمي، الأمر الذى انعكس على الحروب الأخرى التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة وفى لبنان لتأتى ضرباته اليومية التى تستهدف المدنيين على الأغلب فى خلفية مشهد الضربة الموجهة إلى طهران، وهو ما يؤشر إلى أن دولة الاحتلال ماضية فى مخططها الساعى لإثارة الفوضى فى المنطقة بما يخدم خططًا إقليمية لقوى ترعى عملياتها العسكرية وفى مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. ◄ دولة الاحتلال تنتظر منظومة الدفاع الأمريكية قبل توجيه الضربات ◄ وزير خارجية إيران: «ليس لدينا خطوط حمراء» في الدفاع عن مصالحنا ◄ مرشدي: احتمالات قليلة لاندلاع حرب شاملة والطرفان يفضلان حروب الوكالة وبحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الولاياتالمتحدة ستقوم بنقل منظومة الدفاع الصاروخي المتقدمة «ثاد» إلى إسرائيل للمساعدة فى اعتراض التهديدات المحتملة من الصواريخ الباليستية الإيرانية، وذلك وسط تصاعد التوترات فى المنطقة، وذلك استجابة لطلب إسرائيل من الولاياتالمتحدة تعزيز قدراتها العسكرية بإرسال المزيد من الأصول العسكرية إلى المنطقة، بالإضافة إلى تقديم المساعدة فى مجال أنظمة الدفاع الجوي، وأفادت قناة ال12 الإسرائيلية بأن منظومة «ثاد» سيتم تشغيلها من قبل القوات الأمريكية على الأراضى الإسرائيلية. ■ ضربات حزب الله إسرائيل ◄ التحركات وكذلك أفادت شبكة «إن.بي.سي» الأمريكية، نقلا عن مسؤولين أمريكيين أن واشنطن تعتقد أن إسرائيل قلصت نطاق أهداف ردها المحتمل على هجوم إيران هذا الشهر ليقتصر على أهداف عسكرية وبنية تحتية للطاقة، وذكر التقرير أنه لا توجد إشارة إلى أن إسرائيل ستستهدف منشآت نووية أو تنفذ عمليات اغتيال، مضيفا أن إسرائيل لم تتخذ قرارات نهائية بشأن كيفية الرد وتوقيته. ومر أكثر من أسبوعين منذ أن أطلقت إيران نحو 200 صاروخ باليستى على إسرائيل فى مطلع أكتوبر الجاري، لكن الرد لم يصل بعد، ويهدد مسؤولون فى الحكومة الإسرائيلية أن الهجوم سيكون كبيرًا، لكنهم يزعمون أنه لم يتقرر بعد متى وكيف سيتم التحرك. وفى المقابل كثف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي جولاته الإقليمية بالمنطقة، وبعد أن زار دول الخليج وسوريا، قبل أن يصل الأحد الماضى إلى العراق، على أن يعقبها زيارة إلى سلطنة عمان، فيما أكدت وكالة «إرنا» الإيرانية أنه سيزور القاهرة وسيلتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره المصري بدر عبد العاطي. وقال عراقجي، فى تصريحات، على منصة «إكس»، إن إيران «ليس لديها خطوط حمراء» فى الدفاع عن مصالحها وعن شعبها، مضيفا: «بينما بذلنا جهودًا هائلة فى الأيام الأخيرة لاحتواء حرب شاملة فى منطقتنا، أقول بوضوح إننا ليس لدينا خطوط حمراء فى الدفاع عن شعبنا ومصالحنا»، وانتقد وزير الخارجية الإيراني، إمدادات الولاياتالمتحدة من الأسلحة لإسرائيل. ◄ اقرأ أيضًا | مصالحة بين فتح وحماس.. جهود مصرية لإنهاء الانقسام وتفويت الفرصة على إسرائيل ◄ الاحتمال قائم وأوضح الباحث والمحلل السياسي، هانى مرشدي، أن التصعيد بين إسرائيل وإيران يظل «احتمالًا قائمًا» فى ظل التوترات الإقليمية المستمرة، خاصة مع وجود تهديدات وضربات متبادلة وتصاعد العداء حول برنامج إيران النووي، وأن إسرائيل قد تسعى إلى تنفيذ ضربة استباقية لمنع إيران من امتلاك قدرات نووية، لا سيما فى حال تعثر الجهود الدبلوماسية، مع ذلك، فإن اندلاع حرب مباشرة شاملة بين البلدين يُعتبر «احتمالًا أقل»، إذ يدرك الطرفان كلفة الحرب واحتمالات انفلات الأمور إقليميًا، عوضًا عن المواجهة المباشرة، لذا قد يفضل الطرفان حربًا بالوكالة عبر جماعات حليفة لهما فى لبنان أو سوريا، فضلًا عن زيادة العمليات النوعية. ■ هاني مرشدي وشدد على أن لبنان سيكون عليه العمل على تحييد نفسه سياسيًا والابتعاد عن الانخراط المباشر فى التصعيد بين إيران/حزب الله وإسرائيل، ويمكن للحكومة اللبنانية تعزيز موقفها عبر محاولة ضبط أنشطة حزب الله بما يمنع التصعيد المباشر من الأراضى اللبنانية، فضلًا عن تفعيل دبلوماسية نشطة مع الدول الإقليمية والدولية لتأكيد أهمية حماية لبنان من تداعيات أى تصعيد، هذا إلى جانب تعزيز التعاون مع الأممالمتحدة لضمان استمرار دور قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) على الحدود الجنوبية، بما يقلل من فرص الاشتباك، فضلًا عن العمل على إنفاذ قرار مجلس الأمن 1701 كما أعلن نجيب ميقاتى مؤخرًا. ويرى مرشدى أن الاحتلال المباشر للبنان ليس هدفًا إسرائيليًا واضحًا فى الوقت الحالي، إذ تسعى إسرائيل فى الوقت الحالى إلى احتواء تهديد حزب الله عبر العمليات العسكرية والضربات الجوية، ولكن دخولها فى احتلال طويل الأمد للبنان يبدو مستبعدًا، بالنظر إلى تجربتها السابقة خلال احتلال الجنوب بين 1982-2000 وكلفته العسكرية والسياسية، وذلك لأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية لن تصمد طويلًا أمام هذا الاحتلال، خاصة أن ملف الرهائن الإسرائيليين فى غزة لم يتم حله بعد، ويضاف لذلك أن حزب الله على الرغم من تضرر بنيته العسكرية إلا أنه ما يزال يرّد مما سوف يُصعب هذا الخيار أمام إسرائيل. ◄ استهداف اليونيفيل يأتى ذلك فيما أدانت أكثر من 40 دولة حول العالم، ب«شدة» الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «يونيفيل» فى لبنان، ودعت الدول المساهمة فى البعثة إلى إجراء تحقيق مستقل جراء ذلك، وذلك بعد أن أُصيب ما لا يقل عن 5 من قوات حفظ السلام فى «اليونيفيل» خلال الأيام الأخيرة، وسط تصاعد العنف فى جنوبلبنان. وقالت الدول ال34 المشاركة فى بعثة «اليونيفيل»، فى بيان مشترك، إنها «تدين بشدة الهجمات الأخيرة على قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل. ويجب أن تتوقف مثل هذه الأعمال على الفور، ويجب التحقيق فيها بشكل مناسب»، وأضاف البيان الذى نشرته البعثة البولندية لدى الأممالمتحدة: «نعتبر دور اليونيفيل حاسماً بشكل خاص فى ضوء الوضع المتصاعد فى المنطقة». دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إخراج قوة الأممالمتحدة المنتشرة فى جنوبلبنان «اليونيفيل»، من مناطق القتال فى لبنان، وزعم أن «رفض غوتيريش إخلاء قوات اليونيفيل يجعل من هذه القوات رهينة بيد حزب الله». وأوضح هانى مرشدى فى حديثه ل«آخرساعة»، على أن نجاح مساعى وقف إطلاق النار يتوقف بالأساس على الدور الدولى والإقليمى «الجاد والمحايد» فى تهدئة التصعيد، لكن نجاح الهدنة سيكون مرهونًا بإرادة الأطراف المتصارعة على الأرض وقدرتها وما تتعرض له من خسائر فضلًا عن متغير البيئة الداخلية واحتمالات تصاعد الضغوط لوقف الأعمال القتالية، ويجب التأكيد على أن أى وقف لإطلاق النار سيتطلب أيضًا آليات مراقبة فعالة لتجنب تكرار خرقه. وتوقع حدوث مزيد من الاستقطابات جراء تعزيز التعاون الروسى الإيرانى خلال السنوات الأخيرة، لا سيما فى سياق الحرب فى سوريا، وكذلك بسبب التوترات المتزايدة بين روسيا والدول الغربية مع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، ومن المرجح استمرار هذا التعاون وتوسعه ليشمل التعاون العسكرى والتكنولوجي، خاصة مع استمرار العقوبات الغربية على موسكووطهران، وعلى الجانب الآخر، العلاقات بين الدول الغربية وإسرائيل قوية بالفعل، لا سيما مع الولاياتالمتحدة التى تعتبر إسرائيل حليفًا استراتيجيًا فى المنطقة، وفى حال تصاعد التوترات مع إيران بشكل أوسع، فقد نشهد توسيع التعاون العسكرى بين إسرائيل والدول الغربية، مع زيادة الدعم الأمنى والاستخباراتي. ◄ استقطاب دولي وأمام حالة الاستقطاب الدولى تستمر إسرائيل فى جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، ووسعت قوات الاحتلال عمليتها البرية فى مخيم جباليا، شمال غزة، وسط معلومات عن انقطاع المياه والطعام والوقود عن نحو 200 ألف محاصَر فى هذه المنطقة التى يسعى الجيش الإسرائيلى إلى إفراغها من سكانها، ويخشى السكان من أن يكون ما يحدث فى شمال القطاع تنفيذاً غير معلن لما يُعرف ب«خطة الجنرالات» التى تنص على طرد سكان شمال غزة إلى جنوبها. قالت مصادر فلسطينية، إن الجيش الإسرائيلى فصل شمال قطاع غزة عن المدينة نفسها، محاصراً آلاف العائلات الموجودة فى المنطقة الشمالية، مشيرين إلى أن قوات الاحتلال طوّقت بلدة ومدينة جباليا شمال القطاع، من خلال إنشاء حواجز رملية، فى حين واصل استهداف الفلسطينيين الذين يحاولون التحرك والنزوح من جباليا باتجاه مدينة غزة. وأفاد الدفاع المدنى الفلسطيني، بأن طواقمه تمكّنت من انتشال نحو 75 جثة لفلسطينيين قتلوا برصاص وقصف الجيش الإسرائيلي، وأضاف: «ما زال العشرات من القتلى والضحايا ملقون فى الشوارع، والجرحى الذين ينزفون ولا يجدون من يسعفهم بسبب منع الجيش الإسرائيلى الوصول إليهم».