جاء تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في زيارته الأخيرة لإندونيسيا صادما للعالم الإسلامي. ولمتابعي العلاقات الأمريكية بالعالم الإسلامي. فقد أعلن صراحة في خطابه الموجه الي العالم الإسلامي في طبعته الثانية. أن تجاوز العقبات في علاقة العالم الإسلامي بأمريكا من الصعوبة بمكان. الكثيرون من مفكري العالم الإسلامي أكدوا أن تصريحات اوباما أظهر مدي الضحك علي أنفسنا خلال الأعوام الماضية بدعاوي الحوار مع الغرب. والصفحات الجديدة التي لم تفتح سوي من جانب المسلمين فقط. معلنين ضرورة إعداد صيغة تعامل جديدة بناء علي التطورات الأخيرة التي وردت في تصريح اوباما. المفكر الإسلامي د. محمد كمال إمام أوضح أن العالم الإسلامي خدع نفسه بإمكانية حدوث تغيير في السياسات أمريكية تجاه العالم الإسلامي. وهو معذور في ذلك فلم يكن أمامه من شيء يفعله سوي تصديق وهم التغيير في علاقات أمريكا بدولنا الإسلامية. وهو ما نفي أوباما وجوده من الأصل متعللا بالعقبات التي لا يمكن تجاوزها. وإذا ما أردنا تفسيرا لتلك العقبات فسيكون الرد بأنها من جانب بعض المتطرفين الإسلاميين الذين يمثلون تهديدا للمستقبل الأمريكي. وبالتالي يصبح الإسلام مصدر القلق وشماعة الأعذار لدي دول الغرب. فإذا ما نظرنا إلي مبررات تصويت الأمريكيين لأوباما كان التغيير هو دافعه الرئيسي. بعدما سئموا قيادة المحافظين لهم قرابة عقد من الزمن. وما تبعها من إفرازات داخل الولاياتالمتحدة وخارجها بدءاً بالحروب. وانتهاء بالمعضلة الاقتصادية» ولكن جاء أوباما ليعلن أن أمريكا مواقفها تجاه الإسلام ثابتة والحقيقة لم تكن ووليدة زيارة أوباما لإندونيسيا ولكن إثر فوزه في الانتخابات عندما اختار رام إسرائيل إيمانويل لشغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض. وهو يشبه منصب رئيس الوزراء. وهو ما يراه كثير من المحللين والمراقبين أقوي تأثيراً من منصب نائب الرئيس. لتأثيره في اختيار موظفي البيت الأبيض والوزارات المختلفة. بما في ذلك وزارة الخارجية. والمستشارين الخارجيين . وهو يهودي متدين. ولد لأم تحمل جنسية الكيان الصهيوني. وخدم كمتطوع مدني في جيش الدفاع الإسرائيلي عام 1991م. وأمضي في شبابه الكثير من عطلات الصيف في الكيان الصهيوني ليتعرف عليه عن قرب. وليجمع تاريخ الأسرة في مواجهة العرب في فلسطين وتعيينه جاء مكافأة له بمناسبة أنه كان حلقة الوصل بين أوباما وبين اللوبي الصهيوني. وقد تنبأ المحللون وقتها أن تصطبغ المواقف الأمريكية بخلفية إيمانويل التي لا تبشر بالاعتدال الذي كان يأمله العرب والمسلمين في الإدارة الأمريكية عند التعامل مع الملف العربي وفي مقدمته الصراع العربي الإسرائيلي حول فلسطين أضاف: أن المستغيث بأية إدارة أمريكية يشبه المستغيث من الرمضاء بالنار فالشأن الفلسطيني يزداد تدهورا وتعنتا أكثر من أي وقت مضي. ووصلت البجاحة والاستفزاز الإسرائيلي درجة جعلت أيهود باراك يعلن أن القدس ليست مستوطنة وإنما عاصمة دائمة أبدية لإسرائيل. ومن يقلب صفحة العراق يجد أن الوعود الأوبامية ذهبت مع الرياح مثلما يعبر الأمريكان فلم يتحقق علي ارض الواقع شيئ سوي أمركة واضحة لشأن العراقي البقرة التي تدر لبنا صافيا للشاربين. وتهديد للمارد الإيراني. ولا يزال أبناء العراق يقابلون الموت بسبب الحصار الغاشم. وبث الفتن الداخلية. وتقف اليمن علي المحك. ومن بعدها تأتي سوريا. والقمم العربية لا تسمن ولا تغني من جوع. فلم يعد مستعصيا علي ساكني البيت الأبيض تفريق أجندتها قبل أن تبدأ ويقتصر الحضور علي رؤساء الوزارات. وإذا حضر الرؤساء فتصفية الخلافات مسمار يدق في نعش الاجتماع لتفريق الحضور. وفعلا أمجاد يا عرب. المفكر الإسلامي الكبير د. عبد الحليم عويس قال: الخطوط العامة في السياسة الأمريكية لا تتغير بتغير القادة السياسيين. سواء كانوا من الديمقراطيين أو من الجمهوريين. فلها أجنده شبه معلنة خصوصاً فيما يخص المنطقة العربية والعالم الإسلامي. فليس من المنطق التعويل علي ظنون أو إشارات تغيير تصدر من هنا وهناك فشماعة الإرهاب حاضرة في أذهان القائمين علي السياسة الخارجية الأمريكية خاصة في حالة التعاطي مع الحالة الإسلامية خاصة أن الملفات الساخنة في العالم الإسلامي لا تزال مفتوحة. وردود الأفعال المتعلقة بها واردة وفي مقدمتها الملف الفلسطيني الذي لم يتأخر اوباما في الإعلان عن انحيازه التام للطرف الإسرائيلي المظلوم حسبما أعلن والذي تمثل حمايته سياسة أمريكية دائمة يورثها السابق للاحق. وبالتالي كان انتظار المسلمين التغيير من أوباما فيما يخدم قضاياهم تفاؤلاً في غير محله. أيدته الوقائع في تعاملات السيد الأمريكي مع القضايا الإسلامية في العراق وفلسطين وأفغانستان. مما يؤصل في عقولنا نتيجة مهمة وهي أن الفكر السياسي الأمريكي يمثل نتاج ثقافة توراتية صارمة تري أحقية اليهود في فلسطين. وقد عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بقوله: إن إنشاء دولة إسرائيل. هي إنجاز النبوءة التوراتية وجوهره. وخاطب اليهود حين زار فلسطين عام 1979م بقوله: إننا نتقاسم معكم تراث التوراة. وقال بريجنسكي مستشار كارتر للأمن القومي: إن علي العرب أن يفهموا أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون متوازنة مع العلاقات العربية» لأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية علاقات حميمة. مبنية علي التراث التاريخي والروحي. بينما العلاقات الأمريكية العربية لا تحتوي أياً من هذه العوامل. أضاف: أن العلاقات الأمريكية بالعالم الإسلامي مليئة بالعقبات من الجانب الأمريكي. أما الجانب الإسلامي فيؤمن بقوله تعالي: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل علي الله" لكن مرحلة الجنوح لن تأتي في ظل التراجع العربي الإسلامي والتفكك. والأنكفاء علي الذات بالصورة التي نسمع معها ضمنيا مقولة: أنا والطوفان من بعدي. فان تستقيم العلاقات بين العالم الاسلامي والغرب إلا في حالة تحقيق الاستعصاء علي النفوذ الأمريكي الطاغي. والبدء في مشروعات علمية واقتصادية تقوم علي رؤية مستقلة معتمدة علي الثقة في شعوبها وتوظيف طاقاتها الهائلة لتضمن حياة كريمة في عالم اليوم الذي لا يعرف إلا الأقوياء. ومن أهم وسائل تحقيق ذلك الانتماء إلي الهوية الإسلامية. باعتبارها العمق الأكبر لهذه الأمة الذي يمنع تشرذمها ووقوعها تحت سلطان الخصوم. وذوبانها في الآخر واستلاب بقايا كرامتها وعزتها.