منذ أكثر من شهرين وكل يوم يطل علينا مسئول باتحاد الكرة يعلن أن الدوري سيقام والبعض منهم يحدد تاريخا للانطلاقة وكأنهم جميعا يعلمون ببواطن الأمور بل ويمتلكون صلاحيات إصدار قرار عودة الدوري.. وطبعا تبدأ الأندية في عملية الاستعداد ويقوم المدربون بتعديل خطة التدريب السنوية التي لم تجد طريقا للنور حتي الآن.. وتمر الأيام الواحد تلو الآخر والوضع كما هو "لا دوري ولا يحزنون".. وتكشف الأمور أن قرار عودة الدوري هو قرار سياسي ربما يخضع للرئاسة أو مجلس الأمن القومي.. فلا وزير الرياضية ولا الداخلية ولا غيرهما يملكون قرار عودة البطولة إلي الحياة بعد أن دخلت غرفة العناية المركزة حيث تجري معها محاولات حثيثة لإنقاذها من الموت إكلينيكيا !! يا سادة عليكم أن تعلموا أن عودة مسابقة الدوري للانطلاق تمثل جزءا مهما من عودة الاستقرار لأن ذلك سيقدم رسالة قوية وواضحة للخارجين علي القانون بأن الدولة قادرة علي تأمين إقامة المباريات.. فما بالك والكل يرضي بإقامة المسابقة بدون جمهور وعلي ستادات الجيش ليسهل تأمينها وحتي من دور واحد فقط.. فالخطوة الأولي هي المهمة لأنه لا يعقل بأي حال من الأحوال أن تكون الدولة غير قادرة ولا تتحمل مسئولية إقامة بطولة الدوري.. فالمتربصون بهذا البلد يستعرضون عضلاتهم أكثر عندما يجدون الدولة غير قادرة علي اتخاذ قرار مثل هذا.. فالخسائر من توقف عملية الدوري بالمليارات ولا يعقل أن نضيف خسائر جديدة للاقتصاد الذي بدأ يترنح بشكل كبير ولم تجد الحكومة سبيلا لإنقاذه سوي عبر المزيد من زيادة الضرائب ورفع أسعار السلع في توقيت غاية في الحساسية الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية إلي إلغاء تلك القرارات حتي لا يزداد احتقان الشارع بشكل أكبر قبل الاستفتاء علي الدستور.. فالحكومة تتخبط في قراراتها حالها في ذلك حال أغلب مؤسسات الدولة في الوقت الذي أغمضت فيه عينيها عن اتخاذ قرار جرئ بعودة الدوري قد يكون بمثابة الخطوة الأولي في عودة الاستقرار ورسالة قوية وواضحة إلي العالم تؤكد أن مصر بدأت الدخول إلي الطريق الصحيح الذي يمضي بها نحو آفاق جديدة أكثر اتساعا ورحابة.. فالقرارات الصعبة تحتاج إلي رؤي مستقبلية وأياد لا ترتعش في الأوقات المهمة.. ولتفتح صفحة جديدة لا تعرف الفلول أو الإخوان أو السلفيين الليبراليين ولنكن جميعا أبناء وطن واحد لا يحكم بيننا سوي القانون الذي يجب أن تعود له هيبته وقدسيته لتعود الدولة إلي المسار الطبيعي نحو ديمقراطية حقيقية تحترم الراي الآخر ولا تعرف في قاموسها لغة التخوين.. والله من وراء القصد