أبدى عدد من المستثمرين، استياءهم مما سموه ب«سوء البنية التحتية» فى المناطق الصناعية بالصعيد، وقالوا ل«الوطن»، إنه رغم اهتمام الحكومة بقطاع الاستثمار في مصر وطرح أراضى الصعيد بالمجان، فإن الإقبال من المستثمرين «ضعيف للغاية»، نتيجة تحمّلهم إجراءات الترخيص ورسوم الخدمات والترفيق، وتدريب العمالة والتسويق والتخزين ومواجهة المصانع غير المرخّصة المعروفة بمصانع «بئر السلم». وأوضح المهندس محمود الشندويلي، رئيس جمعية مستثمري سوهاج، أن هناك إقبالاً من جانب المستثمرين على الصعيد، موضحًا أنه منذ 2016 حتى العام الحالي تم إنجاز 700 مشروع صناعي بسوهاج، لكن الأراضي تحتاج إلى مرافق، علاوة على توقف تسليمها في بعض المناطق لعدم وجود بنية تحتية. وأكد «الشندويلي» أن الاتحاد الأوروبي، سبق أن خصص 300 مليون يورو مقدّمة لتنمية وترفيق الصعيد، ويتعيّن على وزارة الصناعة، التخفيف من الرسوم «الباهظة والمتتالية» المفروضة على المستثمرين في نقابة المحامين والسندات والترخيص والمتابعات السنوية الخاصة بها، في ظل ارتفاع رسوم التأمينات والكهرباء والمياه والصرف والغاز. وقال «الشندويلي» إن المناطق الصناعية تقوم بدور قومي في الحد من معدل البطالة، وزيادة الإنتاج والتصدير لجلب العملة الصعبة ورفع ميزان المدفوعات، مناشدًا الحكومة مراعاة المستثمرين، ومحذراً: «إذا استمر هذا الوضع سيؤدي إلى تعثّرهم، ولن يتمكنوا من مزاولة نشاطهم». وأكد مصطفى عبدالعزيز، المستشار القانوني للاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن بعض معوقات الاستثمار الصناعي في مصر تتمثل في عدة نقاط، أهمها ارتفاع أسعار الطاقة والمواد البترولية وزيادة أسعار الكهرباء وارتفاع رسوم سير سيارات النقل على الطرق السريعة، بالإضافة إلى ارتفاع الضريبة العقارية (العوايد) على المصانع بصورة تتنافى مع تشجيع الصناعة، خاصة مع احتساب الضريبة على مبنى المصنع والأرض الفضاء المحيطة به، وتقييم الأرض والمبنى بسعر مرتفع، مؤكدًا عدم تعاون البنوك مع المستثمرين، في ظل إقراضهم بفائدة مرتفعة، مما يعيق عملية الصناعة. واقترح «عبدالعزيز» أن تقوم وزارة التجارة والصناعة، بمنح الأراضي للمستثمرين بنظام حق الانتفاع، بقيمة شهرية أو سنوية تُسدّد خلال 50 إلى 60 عاماً، وبفائدة بسيطة، يتم بعدها بسنوات، تحديد قيمة جديدة لحق الانتفاع بها، طبقاً للقدرة على الإنتاج. وأشار إلى «المغالاة» في خطابات الضمان لهيئة التنمية الصناعية وفي الرسوم المعيارية، وشكا عدم وجود مراكز تدريب ترعاها الدولة للعمالة لتكون عمالة فنية تساعد على نمو عملية الصناعة. ودعا «عبدالعزيز» الحكومة إلى توحيد إجراءات الحصول على التراخيص من «شباك واحد» يكون قريباً جغرافياً من المناطق الصناعية، إلى جانب تخفيض التأمينات الاجتماعية على العامل والمستثمر. وأكد وجوب اتخاذ اللازم من قِبل الدولة لمحاربة وغلق السوق غير الرسمي (الموازي)، وتيسير تحويل الأموال عبر البنوك للخارج من قِبل المستثمر الأجنبي، وأشار إلى فرض رسوم حماية على المنتجات التي لها مثيل محلي، مطالباً بمنح المستثمرين تراخيص دائمة، بدلاً من «المؤقتة»، وخفض تكلفتها. وقال معتصم راشد، المستشار الاقتصادي بالاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن محافظات الصعيد تحتاج إلى مرافق، وأكد أن أهالي الصعيد لا يرحبون باستثماراتهم. وقال أحمد السيد عبدالرحيم الشندويلي، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري سوهاج، إن أهم المشكلات التى تواجه المستثمر بالصعيد هي تعقيدات هيئة التنمية الصناعية، حيث تخصّص الأراضي بالمجان، لكن عندما ننظر إلى الرسوم التى تحصّلها من المستثمر تعادل قيمة الأرض، مستشهداً برسوم الرخصة الدائمة حالياً بقيمة 8000 جنيه في السنة، بينما كان يدفع 97 جنيهاً قبل سنوات، إلى جانب رسوم السجل الصناعي بواقع 1500 جنيه في السنة، ورسوم إنشاء المياه والصرف بحساب 6 جنيهات للمتر. وأضاف أن الدولة غير مسيطرة على مصانع «بئر السلم» على حد قوله، موضحاً أن هذه المصانع تعمل أمام عيون الوحدات المحلية ولم يتم اتخاذ أى إجراء معهم حتى الآن، مؤكداً أن المصانع التابعة للهيئة الصناعية غير قادرة على منافسة هذه المصانع، مضيفاً: «أنا على وشك إغلاق مصنعى بسببهم». وأكد «الشندويلي» أن فرع هيئة التنمية الصناعية بسوهاج معه الولاية لإنجاز أى إجراءات خاصة بالمصانع وتخصيص الأراضى، بينما أوضح أن مكتب الضرائب الخاص بسوهاج بمدينة الأقصر، والسجل التجارى الخاص بسوهاج بمدينة أسيوط. وأشار سلطان صادق السمان، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المستثمرين بسوهاج، نائب أول الغرفة التجارية بالمحافظة، إلى أنه يواجه مشكلة تكلفة تدريب العمالة، وصعوبة إجراءات التمويل من البنوك، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل وزيادة رسوم الطرق. وقال إن جميع المزادات والمناقصات الخاصة بالصعيد تتم بالقاهرة، سواء الخاصة بالقطاع العام أو الخاص، بالإضافة إلى زيادة تكلفة التخزين والتسويق. وأوضح «السمان» أن ملف تخصيص الأراضى لا يزال يشهد نزاعاً بين جهتين، المحافظة وهيئة التنمية الصناعية، مطالباً الحكومة بالنظر إلى البعد الاجتماعى لاستثمارات الصعيد. كانت الحكومة شكلت المجلس الأعلى للاستثمار فى أكتوبر 2016، لحل وزيادة نسب الاستثمار على جميع أرجاء الدولة، خاصة مناطق الصعيد والأقاليم، باعتبارها الأكثر فقراً واحتياجاً للتنمية، ولتسهيل وإزالة جميع المعوقات التى تواجه المستثمرين، وشمل قرار «المجلس» محافظاتأسوانوالأقصر والوادى الجديد وسوهاجوأسيوط وبنى سويف وقنا. وقدر اتحاد الصناعات، المصانع غير المرخّصة فى مصر بنحو 47 ألف مصنع، يهدر على الدولة المليارات من الجنيهات كخسائر نتيجة عدم سيطرة الحكومة على تلك القطاعات العاملة التى تبلغ نسب العمالة فيها بالآلاف، مؤكداً فى دراسة أن «الروتين» و«فساد المحليات» سبب الأزمة، وأن الحل يحتاج قراراً رئاسياً.