طالما يتحدث نواب البرلمان عن وصول الفساد في مصر ل«الركب»، دون وضع قوانين أو تشريعات لمكافحته، حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي في آخر لقاء له أكد ذلك؛ عندما سأله أحد الشباب عن فساد المحليات أجاب ضاحكا: «طيب أعمل أيه». لو استطعنا في المحليات، انتخاب شباب قادرين علي تأدية دورهم سنقدم مساهمة حقيقية لشعبنا وبلادنا، فالجميع يتحدث عن وجود الفساد، والبيروقراطية الإدارية وعدم وجود شفافية ومساءلة قانونية عن الجرائم التي ترتكب في المحليات، دون التحرك لوضع حلول جديدة للمشكلة أو حتى اتخاذ إجراءات من شأنها تقليل حجم الفساد الذي يعد العدو الأول لأي تنمية حقيقية تحدث في أي بلد. ملف فساد المحليات له جذور منذ سيطرة الحزب الوطني ونظام مبارك على انتخابات المحليات عبر تاريخ النظام الذي وضع وأسس للفساد الذي أصبح اليوم، عادة، لكن من المؤكد يوجد حلول من الممكن أن يتم العمل عليها للقضاء على هذا الفساد المستشرى، وفيما يبدو أن الدولة لا تريد أن تتخذ خطوات جادة للحل. يقول الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية، إن حجم الأموال التي يتم إهدارها في قطاع الوحدات المحلية بلغ 431 مليون جنيه و419 ألفا موزعة بين القطاعات المختلفة، ويقدر حجم الرشوة المدفوعة بالمحليات بمليار جنيه سنويا بمعدل 3 ملايين جنيه يوميا، وتشير التقارير إلى أن رخصة البناء تبدأ تسعيرتها بخمسة آلاف جنيه، وتصل إلى 60 ألفا، فيما أصبح هناك ما يسمى عمولات الكبار وهى أكثر من 500 مليون جنيه سنويا. وأضاف عامر ل«البديل» أن فساد المحليات ليست قضية مستقلة بذاتها، بل ملف شائك يفتح جميع الملفات الأخرى, فمهما حاولت الدولة النهوض الاقتصادي، فإن فساد المحليات يقضي على كل شيء، مؤكدا أن أبرز أسباب انتشار الفساد في المحليات، قانون الإدارة المحلية، الذي ينطوي على بعض الثغرات التي من شأنها المساعدة علي انتشار الفساد، بالإضافة إلى تراجع سلطة المجالس الشعبية المحلية المنتخبة ورقابتها الفعالة على أداء الأجهزة التنفيذية المحلية. وتابع رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية، أن غياب المعارضة والتعددية في المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، ساعد على تسهيل انتشار الفساد دون رقابة أو محاسبة من هذه المجالس، وكذلك الازدواجية في الإشراف على أجهزة الإدارة المحلية بين السلطة المركزية والقيادات المحلية. واستطرد عامر: «نحن نعيش على أوضاع ثابتة منذ 36 عاما، بسبب عدم وجود قانون يطبق للإدارة المحلية، بخلاف وجود أشخاص غير جديرين بالعمل في المحليات من خلال مناصب ومراكز غير مؤهلين لها، فالرقابة على الإدارة والماليات المحلية أمر مهم جدا؛ لتحسين الأمور الفنية مع اتخاذ إجراءات حاسمة ضد أي مخالفة كبيرة أو صغيرة هو جزء من الحل». وأوضح أن وجود 52 ألف مخالفة بالإدارات الهندسية في الإحياء والمدن والمحافظات أمام النيابة العامة والإدارية، تعكس مدى الفساد الذي تعاني منه المحليات، حيث وصلت ثروات 203 مهندس من الإدارات الهندسية بالمحليات من المقبوض عليهم إلي 2.3 مليار جنيه من واقع الحصر الرسمي لثرواتهم في شكل أموال سائلة أو عقارات مبنية أو أراض ومجوهرات. وأكد الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية، أن تطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من الفاسدين، الحل الأسرع لإنقاذ المحليات، ويمكن في ذلك الاعتماد على تقارير الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وغيرها من الجهات الرقابية. ولفت عرفة ل«البديل» إلى الشللية التي تدار بها المحليات، وتتكون من بعض رؤساء الأحياء ورؤساء الإدارات الهندسية والمستشارين القانونيين للحي، ويتقاسمون الرشاوى فيما بينهم، مطالبا بضرورة تطهير المحليات من الفاسدين الذين ينشرون الفساد المالي والإداري علنا، والحصول على رشاوى لبناء العمارات والأدوار المخالفة، ولذا لابد من تشريع قانون جديد يسمح بحبس المقاول أو المهندس الذي ينفذ أي إنشاءات مخالفه علاوة علي حبس مالك العقار.