يُعتبر الفساد السياسي من الظواهر الطبيعية التي لا يخلو منها أي نظام سياسي، وتختلف درجة هذا الفساد من نظام لآخر، إلا أن الفساد في المحليات أصبح ظاهرة مألوفة في جميع الأنظمة السياسية، والتي اعتادت عليه الفئة الفقيرة من الشعب المصري. أسباب فساد المحليات وترجع أسباب انتشار الفساد في المحليات إلى القانون الحالي للادارة المحلية، والذي ينطوي علي بعض الثغرات التي من شأنها المساعدة علي انتشار الفساد، إضافةَ إلى تراجع سلطة المجالس الشعبية المحلية المنتخبة ورقابتها الفعالة علي أداء الاجهزة التنفيذية المحلية.
كما أن غياب المعارضة والتعددية في المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، ساعد علي تسهيل انتشار الفساد دون رقابة أو محاسبة من هذه المجالس، وكذلك الازدواجية في الاشراف علي أجهزة الادارة المحلية بين السلطة المركزية والقيادات المحلية.
فساد الإدارة الهندسية وتُعد الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية، أهم المجالات التي تعكس فساد المحليات علي نطاق واسع، حيث تمنح تلك الإدارة المواطنين تراخيص البناء وقرارات الهدم، ويحصل بعض مهندسيها علي رشاوي ضخمة نظير ذلك، وقد كشفت دراسة قام بها مركز بحوث الاسكان والبناء علي عينة عشوائية أن نسبة الرخص المخالفة للبناء في مدينة نصر وصلت الي 98% بينما وصلت في مصر الجديدة الي 90% بينما بلغت نسبة المخالفات 97% في محافظة الجيزة. كما اشارت دراسة اخري إلى وجود 52 ألف مخالفة بالادارات الهندسية بالاحياء والمدن والمحافظات أمام النيابة العامة والادارية، كما وصلت ثروات 203 مهندسين من الادارات الهندسية بالمحليات من المقبوض عليهم إلة 2.3 مليار جنيه من واقع الحصر الرسمي لثرواتهم في شكل أموال سائلة أو عقارات مبنية أو أراض ومجوهرات. 263 مليون نتيجة الفساد في عام واحد ومن جانبها، تؤكد تقارير هيئة الرقابة الادارية ومجلس الشعب ولجنة الادارة المحلية والجهاز المركزي للمحاسبات، أن نسبة الأموال المهدرة نتيجة لأعمال الفساد خلال عام واحد، بلغت نحو 236 مليون جنيه، بينما، وفقا لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن ما تم إهداره نتيجة لفساد المحليات في عشر سنوات تبدأ من 1997 يتجاوز أربعة مليارات جنيه، مما يؤدي الي اعاقة التنمية وتعثر المشروعات الجديدة بالمحافظات.
ووفقا لتقرير أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في عام 2007 ، فإن الفساد الاداري قد وُجد في جميع المحافظات، وكانت أعلي المحافظات من حيث الفساد هي القليوبية، والغربية، والبحر الاحمر، والقاهرة، والسويس بينما كانت أدني المحافظات هي المنيا، والبحيرة، ودمياط، وكفر الشيخ، وجنوب سيناء، كما لوحظ عدم وجود تفاوت كبير بين المحافظات من زاوية الفساد، فوفقاَ للمؤشر الذي اعتمدت عليه الدراسة، فإن أعلي محافظة من حيث الفساد هي محافظة القليوبية 69.7% بينما سجلت محافظة المنيا أدني حد بنسبة 58.3% مما يوضح عدم التفاوت الكبير.
المواطن يدفع الثمن حيث يسفر عن هذا الفساد المحلي تدهور التمويل العام والخدمات العامة، حيث يتم توجيه التمويل العام من جانب المسئولين الفاسدين لخدمة مصالحهم، كما يحصلون علي رشاوي من الأموال المحصلة في شكل ضرائب، ولمواجهة هذا التراجع في التمويل المحلي تقوم الإدارات المحلية بفرض مزيد من الرسوم والغرامات مما يزيد من الأعباء المفروضة على المواطنين المحليين.
ومن جانبه، أكد محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية سابقاَ، أن فساد المحليات في التشريعات وليس في صغار الموظفين. وأضاف عبدالظاهر، في إحدى حواراته الصحفية، أن الخلل الموجود في الإدارة المحلية، يرجع إلى سوء حالة التشريعات والقوانين المرتبطة بالإدارة المحلية، لافتاَ إلى أنها كلها تشريعات تحتاج إلى مراجعة و إصلاح وإعادة نظر. وأوضح، أن الفساد في المحليات يرجع في الأصل إلى فساد في التشريعات وبطء في إجراءات التقاضي مما تسبب في عدم الثقة في الإدارة المحلية، فالتشريعات التي يتعامل بها موظفو المحليات يشوبها جميعاً العوار وبها تجاوزات واستثناءات تحقق مصالح فئة قليلة من أصحاب الحظوة، وتشعر الكثير من المواطنين بالظلم والإحباط لعدم قدرتهم على الحصول على هذه الاستثناءات.
قوانين الحكومة.. حبر على ورق على الرغم من قيام شريف اسماعيل بعرض الموعد المحدد لانتخابات المحليات أمام مجلس النواب مؤخراَ, والتى تشمل توصيات لمكافحة الفساد بالمحليات وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وتوفير التمويل اللازم للمحليات، إلا أن أغلب الاحزاب والقوى السياسية رأت أن الإعلان عن موعد الانتخابات دون سن قانون جديد للإدارة المحلية، أو طرحه للحوار المجتمعى يؤكدعدم وجود نية من الحكومة لإجراء الانتخابات فى الموعد الذى أعلنت عنه.