عمّقت الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الانقسام بين اللبنانيين وأعادت هذه المناسبة التطرف والتوتر إلى الخطاب السياسي المتشنج أصلا وأشعلت من جديد جبهة التقاتل وإشكالات الاستفزازات المتبادلة التي تطورت في أكثر من منطقة سكنية لبنانية إلى إطلاق نار وسقوط ضحايا وجرحى. وتأتي هذه الأجواء المشحونة في ظل حالة تأهب قصوى واستعدادات عالية لقوى «الرابع عشر من آذار» وفي مقدمها تيار «المستقبل» لإحياء ذكرى الاغتيال بعد غد الخميس، حيث سيقام احتفال مركزي في ساحة الشهداء وسط بيروت وستلقى خلاله ست كلمات أبرزها لنجل القتيل النائب سعد الحريري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وسيشارك في الاحتفال الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي يتوقع أن يلقي كلمة وجدانية، وسيتم الكشف عن نصب تذكاري للرئيس الحريري بالقرب من مكان وقوع الانفجار الذي أودى بحياته كما ستضاء «شعلة الحرية والتضحية» في فضاء مكان الجريمة. وفيما يتوقع أن يكون يوم الذكرى حاشدا بالقوى السياسية والحزبية والجماهير الشعبية من مختلف المناطق، سيغيب عن الاحتفال أي تمثيل للمعارضة بكافة أطيافها، وأكد وزير حزب الله المستقيل النائب محمد فنيش ل «البيان» على رغبة المعارضة الكبيرة في رفع الذكرى إلى المستوى الوطني وتحويلها لمحطة للتلاقي «بدل اختطافها من قبل فريق «14 آذار» واستغلالها وإخضاعها للتجاذبات السياسية وتحويلها إلى مناسبة تحريضية ومذهبية». وأضاف «نحن لم ندع لأي احتفال لأننا لا نريد الدخول في سوق المزايدات ومحاولات الاستغلال لكن موقفنا معروف جدا وحساباتنا في مناسبة استشهاد شخصية وطنية كالرئيس الحريري مختلفة ليس لها صلة بأية خلافات سياسية وبعيدة عن المصالح الضيقة»، وأكد «أن المناسبة تذكرنا برجل كان له الدور الأبرز في إعادة إعمار البلد وتذكرنا أيضا بخطورة الجريمة المرتكبة». ودعا فنيش في هذه المناسبة «الذين أطلقوا على نفسهم اسم 14 آذار تيمنا بالمناسبة» إلى أن يقرؤوا جيدا نهج وفكر الرئيس الحريري الراحل وتجربة ويعودوا إلى مدرسته في التعامل مع مشكلات الوطن بجدية ومسؤولية وطنية. من جهته مستشار الشؤون الاجتماعية والنقابية للرئيس الراحل والقيادي في تيار المستقبل محمد كشلي أكد ل «البيان» «على دقة المرحلة الحالية التي تأتي فيها المناسبة حيث توجد فراغات في كل المواقع على مستوى الوطن وكل فريق يريد أن يملأها بطريقته ووفق حساباته الداخلية والخارجية»، واعتبر أن الاستعداد العالي للمناسبة هو مؤشر واضح على أن يوم الخميس «هو يوم امتحان لقوة قوى الأكثرية في خضم صراع سياسي من هذا النوع، وهي ستعبر فيها عن ولائها ووفائها وقوة حضورها وتدحض بشكل ملموس كل الدعوات إلى انتخابات نيابية مبكرة على أساس تغيرات طرأت على حجم هذه القاعدة وعدد مناصريها»، اما وزير الشباب والرياضة القيادي في «14 آذار» أحمد فتفت أكد وجود تعليمات صارمة لشباب «تيار المستقبل» و«14 آذار» وكل المشاركين في إحياء المناسبة من أجل الالتزام بوسائل التعبير المشروعة والسلمية والابتعاد عن أساليب الاستفزاز وإثارة النعرات. وشدد على أهمية الإجراءات الأمنية المتخذة والتي ستحول دون وقوع إشكالات هنا وهناك مشيرا إلى أن الانتشار الأمني للجيش وقوى الأمن الداخلي سيبدأ عشية المناسبة لضبط الشارع وتطويق أي إشكالات محتملة، داعيا كل اللبنانيين ولأي حزب أو جهة أو انتماء إلى «استذكار الرئيس الشهيد بشكل راق وحضاري والتعبير عن الوفاء له بأسلوب سلمي يليق بالرجل ودوره الوطني والعربي».