لكن المحامين الفلسطينيين استبشروا بذلك النصر, ورأوا فيه علامة ذات دلالة بارزة, اذ ما تزال حية في ذاكرتهم تلك الطريق التي اتبعت قبل ثلاثة عقود, عندما قضت المحكمة ذاتها بأن جنوب افريقيا كانت تحتل ناميبيا احتلالاً غير شرعي, الامر الذي دعا الى تحريك اصوات الدول الاعضاء في الجمعية العامة ومجلس الامن للامم المتحدة, وادى بالتالي الى فرض عقوبات اقتصادية دولية ضد نظام الابارتهايد »العنصري«, وتطور الى مقاطعة شعبية عالمية لبضائع ورياضات جنوب افريقيا, واسهم في انهيار حكم البيض الطويل, وفي قرار الاسبوع الماضي, طالبت المحكمة الدولية الجمعية العامة ومجلس الامن في الاممالمتحدة, الضغط على اسرائيل للانصياع لهذا الحكم, كما طالبت الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف, بمن فيها الولاياتالمتحدة وبريطانيا, الايفاء بالتزاماتها القانونية بضمان احترام اسرائيل للقانون الدولي. \r\n \r\n وفي هذا الصدد, قال انور دركزللي, المستشار القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية, وراعي هذه القضية, »ان الفلسطينيين ينظرون الى قضية ناميبيا عام 1971 كسابقة, غير ان ناميبيا ليست بالسابقة المثلى لانها دامت 17 عاماً قبل ان تنهي دولة جنوب افريقيا تورطها فيها, ومن الواضح اننا لا نريد لهذا النزاع ان يطول تلك الفترة الزمنية. ولكنني اعتقد ان هذا الحكم يعتبر علامة بارزة على الطريق, ذلك ان الجانب الرمزي يتمثل في هذا الاجراء القانوني غير العنيف ضد اسرائيل, واستخدامنا له للسير بالقضية قدماً. \r\n \r\n وبالرغم من ان هذا القرار لقي تأييداً كاسحاً داخل الجمعية العامة للامم المتحدة, الا ان الوضع مختلف بالنسبة لمجلس الامن, اذ تتوقع اسرائيل من واشنطن ان تستعمل حق النقض ضد اي قرار من مجلس الامن يدعم تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية, وقال جوناثان بيليد, احد المسؤولين في وزارة الخارجية الاسرائيلية, ان اسرائيل تمارس ضغطها, كذلك, على دول اخرى لحجب تأييدها لهذا القرار, مضيفاً بأن »حواراً سرياً وعميمياً للغاية يجري الان مع الادارة الامريكية واصدقائنا الاوروبيين حول تداعيات هذا الموقف الاستشاري, ولوضع مساعدتهم في الحساب للحيلولة دون استخدام الفلسطينيين للامم المتحدة والهيئات الدولية لصالح مكاسبهم السياسية, »ويذكر هنا ان اسرائيل تعتقد بأنها قادرة على الاعتماد على التأييد البريطاني لها, مع ان المملكة المتحدة هاجمت بناء الجدار, ولكنها عارضت, لاسباب قضائية, جلسة الافادات في المملكة الدولية. \r\n \r\n ويقول دركزللي ان الفلسطينيين قد لا يباشرون الضغط, الان, لنقل القضية الى مجلس الامن, »فمن شأن ذلك ان يبرز دور امريكا كصديقة لاسرائىل, كما انني لست واثقاً تماماً من ان الفلسطينيين يريدون عزل الامريكيين«. لكنه يعتقد بأن قرار محكمة العدل الدولية يمكن ان يشكل نقطة الانطلاق نحو اشكال اخرى من الضغط الدولي, مثل المقاطعة الشعبية للبضائع الاسرائيلية في بعض البلدان الاوروبية. فقال: »اعتقد ان هذا القرار فرصة مواتية لشن حملات هدفها حشد المزيد من الناس وراءهم, على اساس ان اسرائيل ستوسم كدولة منبوذة, وكدولة لا تلتزم بالقانون الدولي ولا تنصاع له, وبأنها لا تستطيع ان ترفع رأسها وتزعم انها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط, \"مضيفاً\" انني لآمل ان يكون ناقوس تأثيرات هذا القرار قد دقّ لمقاطعة البضائع الاسرائيلية في الحوانيت, ومقاطعة قضاء الاجازات والعطل في اسرائيل, وللمحاولة الحقيقية الجادة لتوظيف الضغط الاقتصادي الشعبي الذي لاقى نجاحاً باهراً ضد جنوب افريقيا«. \r\n \r\n ويقول الفلسطينيون انهم سيسعون ايضاً الى بعض البلدان الاوروبية, بغاية ممارسة الضغط على اسرائيل, عبر اتفاقاتها التجارية مع الاتحاد الاوروبي, التي تتضمن شرطاً يطالب الدولة اليهودية بالالتزام بمعايير معينة لحقوق الانسان, اما الاسرائيليون, فينفون توافر اية امكانية للفلسطينيين لحشد المقاطعة الدولية وتحريكها, وذلك جزئياً لان الاسرائيليين معرضون في ذلك للمقارنة مع النظام العنصري »الابارتهايد« ولانهم يعتقدون ايضاً بأن الكثيرين لن يتخذوا موقفاً شديداً ما دام الانتحاريون يواصلون عملياتهم. وفي هذا الخصوص, يقول جدعون مائير, احد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الاسرائيلية ان الاحداث على ارض الواقع, وتحت قيادة اريئيل شارون وخطته لاجلاء جميع المستوطنين اليهود من غزة, ستتجاوز محاولات شحذ القيام بعمل دولي, وقال: »لن يحدث هذا لان الوضع مختلف عنه في جنوب افريقيا, ولدينا حكومة يمينية ملتزمة اصلاً بالحل على اساس دولتين. لكن لنفترض تحقيق الفلسطينيين لمكاسب سياسية لدى الرأي العام, فهل سيقربهم ذلك من اقامة دولة فلسطينية?«. وهذا سؤال مطروح ايضاً من لدن الفصائل الفلسطينية المسلحة, كحماس مثلاً, الذين يقولون: ما الفائدة من خوض معارك مشروعة ان كانت اسرائيل والولاياتالمتحدة مستعدتان سلفاً لرفض قرارات من المحكمة الدولية لا تعجبهما. \r\n \r\n فقال سامي ابو زهري, في هذا الشأن, وهو المتحدث باسم حماس في غزة, »يصفنا اليهود بأننا خارجون على القانون, لكن انظر ما الذي يحدث عندما يكسب الفلسطينيون قضية في محكمة. اننا لعلى علم مسبق بالقانون الدولي, وهو ان لنا الحق في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال«.0 \r\n \r\n عن صحيفة الغارديان البريطانية