صال التيار المدني وجال للحشد ضد دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب بحجج واهية ناقضها أنصار هذا التيار أنفسهم فيما بعد بعد أن تم تعيينهم من قبل القوات المسلحة لتعديل الدستور. قال التيار المدني وفي مقدمهم ما تسمى ب "جبهة الإنقاذ" إن دستور 2012 سمح لرئيس الجمهورية أن يصبح عضوا في مجلس الشورى مدى الحياة مما يعطيه حصانة خاصة وذلك بالرغم من أنه لا يوجد من الأساس مثل هذا النص في الدستور. كما ادعوا أن رئيس الجمهورية محصن من المحاكمة وذلك على الرغم من أن المادة 152 نصت بالتفصيل على آليات محاكمة رئيس الجمهورية وهي كالتالي :"يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل ولا يصدر قرار اتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله، ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم، ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية أقدم نوب رئيس محكمة النقض ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. كما زعم هذا التيار أن دستور 2012 منح رئيس الجمهورية صلاحيات فرعونية ولم تتقلص عن دستور 71 وذلك على الرغم من أن صلاحيات رئيس الجمهورية تقلصت كثيرا عن دستور 71 وهي الآن أكثر قليلا من صلاحيات الرئيس الفرنسي وأقل من صلاحيات الرئيس الأمريكي فأين هي هذه الصلاحيات الفرعونية، بل على العكس فعندما منح الرئيس المعين عدلي منصور لنفسه صلاحيات فرعونية حقيقية من خلال إعلان دستوري لم يتفوه هؤلاء بكلمة واحدة تدين هذا الأمر. وقال أنصار التيار المدني في مقدمتهم "جبهة الإنقاذ" إن الدستور يسمح بترشح مزدوجي الجنسية لمنصب الرئاسة وذلك بالرغم من أن الدستور في مادته 134 اشترط فيمن يترشح رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون متزوجًا من غير مصرية". وقالوا إن دستور 2012 المستفى عليه من الشعب المصري أطلق يد رئيس الجمهورية في اختيار رئيس الوزراء، والصحيح أن الدستور اشترط موافقة مجلس النواب على اختيار الرئيس وهو ما يعني ضمنا أن رئيس الوزراء ينتمي للأغلبية البرلمانية إلا إذا تنازلت الأغلبية عن هذا الحق وهو نفس النظام المعمول به في فرنسا. كما ادعى هذا التيار أن رئيس الوزراء بلا صلاحيات في دستور 2012 والصحيح أن المادة 159 نصت على 8 صلاحيات مفصلة لرئيس الوزراء. واستكمالا للمقارنات بين تعديلات الانقلابيين على دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب وبين المواد الأصلية لهذا الدستور نتناول في هذه الحلقة المادة "200" من دستور 2012 والتي نصت على أن :"تتمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المنصوص عليها في الدستور بالشخصية الاعتبارية العامة والحياد والاستقلال الفني والإداري والمالي، ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية الأخرى، ويتعين أخذ رأي كل هيئة أو جهاز منها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها. قابل هذه المادة في تعديلات الانقلابيين المادة "182" والتي نصت على أن :"يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها، وتعد هذه الهيئات والأجهزة مثل البنك المركزي والجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة. ونجد في المادة "182" الانقلابية أن لجنة ال "10" الترزية قد حذفوا النص على أن تتمتع هذه الهيئات بالحياد والاستقلال الفني والإداري والمالي، كما أنها قصرت هذه الأجهزة الرقابية على 6 أجهزة فقط لإغلاق المجال أمام إنشاء أي جهاز رقابي جديد، وهو ما يفتح بابا آخر للفساد كان دستور 2012 قد أغلقه. الحلقات السابقة من الموضوع تناقض القوى "المدنية" .. قبل وبعد الانقلاب - الحلقة الأولى تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية -الحلقة الثانية "تناقضات التيار المدني" .. التعديلات الدستورية - "الحلقة الثالثة" "تناقضات التيار المدني" ..التعديلات الدستورية - الحلقة الرابعة تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية - الحلقة الخامسة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة السادسة تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية .. الحلقة السابعة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة الثامنة