قالت الخبير الاقتصادي حنان رمسيس إن وضع مصر قبالة حرب أكتوبر المجيدة لا يرسى لها حيث فقدت مصر 80% من معداتها العسكرية خلال العام 1967، ما استلزم إعادة تمويل شراء بدائل لها، ما كان له أثر كبير على الحالة الاقتصادية. وأضافت رمسيس أيضا فقدت مصر سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وإمكانياتها السياحية، وهذا ما أثر بدوره على موارد اقتصادية مهمة، مضيفة توقفت حركة الملاحة بقناة السويس، ما أوقف إيراداتها التي كانت قد بلغت نحو 95.3 مليون جنيه عام 1966 أي نحو 219,2 مليون دولار توازي نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك العام. ونوهت «رمسيس» إلى توقف حركة السياحة الواردة لمصر، ما تسبب في فقدان الإيرادات السياحية والتي كانت تقدر حينها بنحو 37 مليون جنيه سنويا توازي قرابة 84 مليون دولار. أشارت الخبير الاقتصادي أنه تم تدمير قرابة 17 منشأة صناعية كبيرة وبلغت قيمة الدخل المفقود نتيجة تعطل هذه المصانع نحو 169.3 مليون جنيه مصري، أي نحو 389.4 مليون دولار بأسعار ذلك الوقت. وقالت حنان رمسيس كان على مصر حينذاك مع جميع تلك الخسائر، تمويل تعويض الخسائر الاقتصادية المباشرة وتعويض خسائر المعدات والبنية الأساسية العسكرية وتدبير احتياجات الإنفاق العسكري، وتوفير احتياجات المواطنين المختلفة، ما استلزم التوجه لإدارة اقتصاد الحرب، وما استلزمه من إتباع سياسات جديدة، لمواجهة الأمر الطارئ. تدابير الحرب كشفت حنان رمسيس عن أن مصر اتخذت عدة إجراءات لتدابير الحرب، أولها أن حصيلة الضرائب غير المباشرة والجمارك ارتفعت من 442.5 مليون جنيه عام 69/1970 إلى نحو 574.7 مليون جنيه عام 1973، وشكلت حصيلتهما نحو 63.4% من إجمالي حصيلة الضرائب عام 69/1970، ارتفعت إلى نحو 69.1% في عام 1973. وبالمقابل بلغت حصيلة الضرائب المباشرة نحو 255 مليون جنيه عام 69/1970 بما يوازي 36.3% من إجمالي حصيلة الضرائب في ذلك العام، ولم تزد حصيلة الضرائب المباشرة على 257.5 مليون جنيه عام 1971 بما يوازي نحو 30.9% من إجمالي حصيلة الضرائب في ذلك العام. وأضافت «رمسيس» أنه كان من الحرب إيقاف استيراد السلع الكمالية، حيث صدر قرار بحظر استيراد تلك السلع ومن بينها الملبوسات والأقمشة الصوفية الفاخرة وأجهزة التليفزيون والراديو والسجائر والثلاجات والغسالات والسجاد الفاخر. وأيضا تقرر زيادة الرسوم الجمركية على السلع الكمالية الواردة للاستعمال الشخصي بنسبة 50%. كما تم قصر تجارة الجملة في المواد والسلع التموينية الأساسية على القطاع العام. وكان الهدف من ذلك هو منع أي تلاعب في تلك السلع وضمان وصولها إلى جماهير الشعب بأسعار مقبولة باعتبار أن توفيرها عنصرا مهما في تحقيق الاستقرار السياسي. وأشارت الخبير الاقتصادي إلى ارتفاع الاستهلاك الحكومي بشكل مطرد من 488 مليون جنيه عام 1967 إلى نحو 1077 مليون جنيه عام 1973. وهذا يعنى أنه ارتفع خلال تلك الفترة بنسبة 120.7% أو بمتوسط سنوي قدره 20.1% خلال تلك الفترة، علما بأن المتوسط السنوي لزيادة الاستهلاك الحكومي خلال الفترة من 1960-1966 كان نحو 18.7%. وقالت «رمسيس» إن تلك الفترة شهدت موجة هائلة من الاستثمارات الحكومية في بناء القطاع الصناعي العام وإقامة بعض مشروعات البنية الأساسية الكبرى. وأكدت الخبير الاقتصادي أن فترة ما بين حربي يونيو 1967 وأكتوبر 1973 شهدت زيادة مؤثرة في معدل التضخم العالمي الذي ارتفع من نحو 4.2% عام 1967 إلى 4.4% عام 1968 ثم إلى 5% عام 1969 ثم إلى 6% عام 1970 قبل أن يرتفع إلى 9,4% عام 1973. ما يعني ارتفاع تكلفة الواردات المصرية من الخارج، إلا أن تركيز التجارة الخارجية المصرية مع الدول. وكشفت الخبير الاقتصادي أن مصر قد تعرضت في فترة ما بين الحربين إلى ضغوط من الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية، حيث تم التضييق على صادرات مصر إلى أسواق تلك البلدان، وكذا حرمان مصر من فرصة الاقتراض من أسواق رأس المال في البلدان الرأسمالية الكبرى أو من صندوق النقد والبنك الدوليين، واعتمدت مصر على ذاتها بصورة أساسية في تمويل استعداداتها للمعركة وركزت على التعاون في مجالات التجارة والقروض والتمويل على الدول الصديقة وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، وكذا على الدول العربية الشقيقة. وأضافت رمسيس أنه بمقاربة بسيطة بين انتصار مصر وإدارتها الرشيدة لاقتصادها خلال حرب أكتوبر، فإن ما يحدث الآن من تحولات اقتصادية، وتبني الدولة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي، يحارب الفقر والجهل والمرض، هي حرب ثانية وعبور ثان يجتازه جميع المصريين معا، حيث قامت مصر خلال سنوات قليلة المكاسب الاقتصادية وحول أبرز المكاسب الاقتصادية التي حققتها حرب 6 أكتوبر، قالت رمسيس إن أبرز تلك المكاسب هي عائدات البترول الموجودة في البحر الأحمروسيناء وحصول مصر على إيراداتها مرة أخرى منذ الانسحاب الإسرائيلي من سيناء وحتى الآن، كما زادت عائدات السياحة نتيجة لانتهاء الحرب بالإضافة إلى الاستقرار السياسي واهتمام الدولة بالسياحة وخصوصاً في جنوبسيناء بالإضافة إلى استرداد الموانئ البحرية وانتعاش حركة التجارة الداخلية والخارجية إلى جانب انتعاش حركة الصيد نتيجة استرداد السواحل المصرية وغير ذلك. وأضافت أنه تم إعادة افتتاح قناة السويس عام 1975 للملاحة الدولية وإعادة عائدات إيرادات قناة السويس للدولة المصرية إذ سجلت عائدات قناة السويس 5 مليارات و728 مليون دولار في عام 2018 كما سجل عام 2017 عبور 17 ألفًا و550 سفينة كل هذا ساهم في تطوير قناة السويس وفتح الأبواب أمام مشروعات استثمارية جديدة في القناة. وتابعت: "تم إعادة توطين وتنمية مدن القناة وسيناء بجانب تشجيع الاستثمارات الأجنبية والصناعات الوطنية وفتح فرص أمام بناء مدن صناعية جديدة، مضيفة فتح فرص لبناء مجتمعات عمرانية جديدة فلولا حرب أكتوبر لتغيرت الخريطة الاستثمارية في مصر فالصناعات الوطنية ساهمت في زيادة التصدير والاكتفاء الذاتي من المنتجات وساهمت في خفض نسب البطالة وارتفاع مستوى المعيشة وبانتهاء حرب أكتوبر حافظت مصر على الموارد البشرية".