الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرة مسيرة في منطقة البحر الأحمر    قوات الاحتلال تطلق الرصاص الحي باتجاه شارع السوق بمخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس    أول تعليق من مجدي عبد الغني على تصريحات رئيس نادي الزمالك    إصابة 11 شخصًا في حادث تصادم على الطريق الإقليمي باتجاه بلبيس بالشرقية    طقس اليوم: حار نهارا ومائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    حماية "VIP "، أمن المغنية تايلور سويفت يثير الجدل في بريطانيا    الكاف يعلن إلغاء بطولة دوري السوبر الأفريقي    مشاركة إيجاريا.. الزمالك يخوض أولى ودياته استعدادا للسوبر    هل تطبق القرارات الجديدة على سيارات المعاقين المتواجدة بالموانئ؟    حماس: لا جديد في مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة    ضوابط امتحانات شهر أكتوبر للمرحلة الإعدادية 2024 الجديدة (موعد التقييم والدرجات المخصصة)    توقعات أسعار الذهب في الفترة المقبلة.. انخفاض أم ارتفاع؟    أشرف عبدالباقي يوجه رسالة ل علاء مرسي بعد زواج ابنته.. ماذا قال؟    فلوريدا تستعد ل "إعصار ميلتون" وخبراء يحذرون: الأضرار قد تتجاوز إعصار كاترينا    محافظ قنا ومساعد وزير التنمية المحلية يبحثان مشروعات برنامج تنمية صعيد مصر    ذكرى نصر أكتوبر| العميد الببلاوي: «لم تعبر أي طائرة مجال كتيبتي»    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    بورصة الدواجن اليوم بعد الارتفاع.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 10 أكتوبر 2024    حديد عز يتراجع 526 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    مدى سير سيارات بيجو الكهربائية يصل إلى 700 كم    " محدش رد عليا ومدفعوش فلوس علاجي".. يوسف حسن يكشف مفاجأة صادمة بعد رحيله عن الزمالك    موعد مباراة إنجلترا واليونان في دوري الأمم الأوروبية والقنوات الناقلة    موعد مباراة الجزائر وتوجو في تصفيات أمم إفريقيا 2025 والقنوات الناقلة    ذكرى نصر أكتوبر| اللواء الزيات: «كنت أصغر طيار يشارك في الحرب»    متى تتم محاكمة الضباب؟.. «ذكريات أكتوبرية»    علاء نبيل: هناك أزمة تواجه اتحاد الكرة خلال الفترة الحالية بسبب أعمار اللاعبين في قطاعات الناشئين    غارات وقصف عنيف شمال رفح واقتحام واشتباكات مسلحة في الضفة الغربية    إعلام سوري: نشوب حريق في بلدة معرين بريف حماة جراء قصف إسرائيلي استهدف نقطة عسكرية    نصائح مهمة لتفادي المشاكل التقنية عند التقديم على الهجرة العشوائية لأمريكا 2024    مصرع طفلين شقيقين غرقا في بني سويف    مصرع عامل سقط من قطار الصعيد امام مزلقان «البرجاية» بالمنيا (صور)    بعد تصريحات رئيس الوزراء.. متحدث الحكومة يكشف معنى «اقتصاد الحرب»    «زي النهارده».. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد 10 أكتوبر 2009    محمد محمود يقدم درع تكريم الراحل أحمد راتب لزوجته في افتتاح مهرجان الممثلين    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    دروس من حرب أكتوبر    الدعاء يوم الجمعة: باب للرحمة ووسيلة للتواصل مع الله    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    تصل إلى 49 ألف جنيها، الأسعار الجديدة للخدمات غير الطارئة للإسعاف    التعليم تعلن مسابقة لشغل وظيفة معلم مساعد    لبنان.. غارة إسرائيلية جديدة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت    أحمد الشريف: الشعر سيد الكلام وحب الكتابة يبدأ دائما بحب قراءته    كرة سلة - الاتحاد يهزم الوحدة الإماراتي ويصعد لنصف نهائي البطولة العربية    الولايات المتحدة محبطة من عدم مشاركة إسرائيل للبيت الأبيض بخطة الرد على الهجوم الإيراني    طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرةيتظاهرون رفضا للعدوان الصهيونى على غزة وبيروت    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    38 كيلو مخدرات.. محاكمة 3 أشخاص ضبطوا قبل ترويج الكيف في الشروق وبدر    حدث ليلًا| بيان حكومي مهم بشأن موسم الحج 2025 وموعد إصدار قانون العمل الجديد    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 10 أكتوبر.. «كاريزمتك ستجلب فرصا مثيرة»    انشغالك الذهني قد يؤدي إلى كوارث.. حظ برج الجدي اليوم 10 أكتوبر    خبير: "حياة كريمة" تعكس اهتمام الدولة بالمواطن وتوسيع أنماط الحماية الاجتماعية    8 سيارات إطفاء وخسائر مادية.. التفاصيل الكاملة لحريق مصنع «تنر» في المنوفية    وصفة سحرية.. 4 فناجين من القهوة لإطالة العمر ومحاربة الاكتئاب    اضطراب الوسواس القهري «OCD».. تعرف على الأعراض والأسباب    الثوم والفلفل الأحمر.. أطعمة مناسبة لمرضى الكلى    قرار جديد ضد المتهمين بسرقة فيلا موظف بالمعاش في الشروق    الدعاء يوم الجمعة: بركات واستجابة في اليوم المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصاد أكتوبر.. لمواجهة تحديات الحاضر

مع مرور41 عاما علي حرب أكتوبر، فهناك مجموعة من التحديات والأخطار التي تؤثر علي أمننا القومي مثل: قضية عدم التبعية. مشاكل التطبيق الديمقراطي والاستقرار السياسي، تحديات التنمية والاستثمار، وانخفاض معدلات الإنتاج وتزايد النزعة الاستهلاكية، وضعف الجهاز الحكومي ومشاكل الروتين، نتائج التيار الإسلامي المتطرف ونشاط الجماعات الدينية ومشاكل الإرهاب. كما أن هناك مخاطر تستنزف طاقات مصر، ليس مالا ولا سلاحا وأرواحا فقط ولكنها تستنزف الطاقات السياسية والمعنوية والتكنولوجية وتتمثل في: المحاولات الدءوبة للقوي الاستعمارية لتفتيت الوطن العربي، والصراعات العربية - العربية ومضاعفات القضية الفلسطينية المتمثلة في الخلافات الفلسطينية. والتهديد الإيراني والإرهاب. كل هذه التحديات تحتم علينا التأكيد علي بعث روح أكتوبر لتكون نبراسا لهذا الجيل وللأجيال القادمة والغوص في كل ما تعلق بهذه الحرب منذ قرار رفض الجماهير العربية والمصرية تنحي الرئيس عبدالناصر ومواصلة الإعداد لحرب أكتوبر وإلقاء مزيد من البحوث والدراسات علي الجوانب المختلفة للإعداد لحرب أكتوبر ومدي التضحيات التي قدمت حتي تحقق النصر وأعيدت الكرامة لأمتنا العربية، فنحن أحوج في هذه الأيام لمثل هذا البث الروحي لمواجهة المؤامرات التي تحيط بنا.
- - - - - - - - -
وقد أتاحت حرب أكتوبر المجيدة لمصر والعرب - لأول مرة في تاريخ الصراع مع إسرائيل - أن يتحولوا من موقع رد الفعل إلي موقع المبادرة والفعل، سواء في المجال العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الإعلامي، وأصبح العرب مبادرين لا يكتفون بتلقي مبادرات الخصم وإعداد ردهم عليها، وإنما صاروا يملكون زمام الأمور بأيديهم، ويوجهونها الوجهة التي تحمي مصالحهم وتخدم قضيتهم، وهذا تطور نستطيع أن نحتفظ بجوهره وأسلوبه في كثير من القضايا الأخري، لأن القدرة علي الفعل والمبادأة تحققان لصاحبهما مزايا لا تنكر وفوائد لا تحصي في شتي المجالات. كما أكدت علي أهمية تعزيز التلاحم الاجتماعي وتقوية الانتماء الوطني، وتوفير تماسك الجبهة الداخلية، كعنصر حاسم في تحقيق الأهداف القومية، فلم تكن حرب أكتوبر معركة انفردت بها القوات المسلحة وحدها، بل شاركت فيها كل القوي الوطنية، لكن قواتنا المسلحة تحملت المسئولية الأولي وعبء الواجهة الحاسمة، وهذا أمر لن يمحي من الذاكرة ومن تاريخنا أبدا، وسيظل كل مصري يفخر به في كل العصور، ومن ثم يجب التأكيد دوما علي ضرورة بعث روح أكتوبر لتكون نبراسا لهذا الجيل وللأجيال القادمة والغوص في كل ما تعلق بهذه الحرب منذ قرار رفض الجماهير العربية والمصرية تنحي الرئيس عبدالناصر ومواصلة الإعداد لحرب أكتوبر وإلقاء مزيد من البحوث والدراسات علي الجوانب المختلفة للإعداد لحرب أكتوبر ومدي التضحيات التي قدمت حتي تحقق النصر وأعيدت الكرامة لأمتنا العربية، فنحن أحوج في هذه الأيام لمثل هذا البث الروحي لمواجهة المؤامرات التي تحيط بنا. ولا يمكن أن نطلق علي ما حدث في يونيو67 هزيمة حيث إن الجيش المصري لم يحارب.
بل هي خديعة كبري تآمرت فيها الصهيونية العالمية مع الولايات المتحدة ولكن بحرب73 انقلبت زمام الأمور لقواتنا المسلحة التي تم تجهيزها وتدريبها علي أحسن وجه.
لقد تعرض الاقتصاد المصري لخسائر كبيرة نتيجة لحرب يونيو1967 والتي تمثلت في فقدان سيناء لثرواتها المعدنية وإمكاناتها السياحية بالإضافة إلي فقدان إيرادات قناة السويس التي بلغت عام 1966 نحو 95.3 مليون جنيه أي ما يعادل4% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن ثم تحملت القطاعات العريضة من أبناء الشعب المصري العبء الأكبر لتمويل الاستعداد لمعركة أكتوبر نظرا للزيادة الكبيرة في الضرائب غير المباشرة التي فرضت علي السلع والخدمات خلال الفترة ما بين حرب يونيو67 وحرب أكتوبر.1973 بالإضافة إلي أن السياسات الاقتصادية المصرية في فترة هاتين الحربين تشكلت ملامحها علي أساس أنها سياسات لإدارة اقتصاد حرب مما تبع ذلك فرض ضرائب جديدة وزيادة معدلات الضرائب القائمة من أجل زيادة الإيرادات العامة لمواجهة التزايد السريع في الإنفاق العام اللازم للاستعداد لخوض جولة جديدة من الصراع العسكري مع العدو الإسرائيلي وترتب علي ذلك زيادة حصيلة الضرائب غير المباشرة، وارتفعت حصيلة الجمارك من2، 442 مليون جنيه عام70 - 69 إلي نحو 574.7 مليون جنيه عام73 وشكلت حصيلتها نحو63.4% من إجمالي حصيلة الضرائب عام70 - 69 ارتفعت إلي نحو69.1% عام1973 وبلغت حصيلة الضرائب المباشرة2، 255 مليون جنيه عام70 - 69 بما يوازي36.6% من إجمالي حصيلة الضرائب في ذلك العام ولم تزد عن5، 275 مليون جنيه عام1973 بما يوازي 30.9% من إجمالي حصيلة الضرائب في ذلك العام.
كما فقد الاقتصاد المصري جانبا هاما من الإيرادات السياحية بما يقدر بنحو84 مليون دولار في ذلك الوقت بالإضافة إلي فقدان مصر قدرا هاما من مواردها البشرية إلي تعتبر العنصر أكثر حيوية في تحقيق التنمية الاقتصادية علاوة علي الأصول الإنتاجية التي تم تدميرها أو تعطيلها بشكل دائم أو مؤقت الأمر الذي أثر بشكل سلبي علي قدرة الاقتصاد الوطني المصري في مرحلة ما بين الحربين.وأن خمس الناتج المحلي الإجمالي تم توجيه لتمويل الإنفاق الدفاعي منذ حرب الاستنزاف مما أثر علي قدرة الاقتصاد المصري علي تمويل الاستثمارات الجديدة مما أدي إلي ترجع معدل الاستثمار الإجمالي من16% من الناتج المحلي الإجمالي إلي14.1% خلال فترة الحرب.
كما تأثرت الموازين الخارجية خلال الفترة بين الحربين بسبب فقدان مصر لإيرادات قناة السويس وجانب كبير من إيرادات السياحة وإنتاج البترول بالإضافة إلي زيادة الواردات السلعية والخدمية المرتبطة بالإنفاق الدفاعي.
وكان التحدي الكبير في مدي قدرة الاقتصاد المصري علي الاستمرار في النشاط الإنتاجي بنفس المعدلات أو زيادتها والأساليب الكفيلة لرفع مقدرة الجهاز الإنتاجي. كما تم بحث أهمية المواءمة بين نسبة الإنفاق الاستهلاكي الحكومي إلي الناتج المحلي الإجمالي عند إعداد الاقتصاد للحرب وهو الأمر الذي ألقي علي عاتق الحكومة المصرية مسئولية البحث عن وسائل كفيلة بتعبئة الموارد التمويلية لمواجهة أعباء الإنفاق علي المجهود الحربي. واصطدمت الحكومة بعدة عوائق أهمها انخفاض معدلات الادخار في مصر وصعوبة ضغط الإنفاق الاستهلاكي الخاص أو الحكومي وتقلص إمكانات التعبئة الإجبارية للمدخرات في ظل أسلوب إدارة الاقتصاد الوطني بالإضافة إلي عجز الموازنة العامة للدولة الذي ينعكس علي حجم المديونية الخارجية ومعدلات التضخم وارتفاع معدلات البطالة. وقد استطاعت المساعدات العربية والمنح والقروض الأجنبية علي اختلافها رغم أنها ساعدت في التجهيز للحرب إلي أنها ألقت عبئا علي القيادة وهي في سبيلها للإعداد للحرب.
وتم تكوين صندوق للطواريء كجزء مستقل نسبيا في نظام الوازنة العامة للدولة وذلك لإعطاء قدر من المرونة لصانع السياسة لمواجهة الطواريء التي تستلزمها حالة الاستعداد للحرب وقد قدرت استخدامات وموارد هذا الصندوق بربط الموازنة العامة لعام1969 - 68 بنحو 127.4 مليون جنيه وهي السنة الأولي لهذا الصندوق وقد تكفل هذا الصندوق بتغطية تكاليف التهجير والتعويضات وبعض احتياجات الدفاع المدني وغيرها. وهذا يؤكد علي أن صانع السياسة قبل حرب أكتوبر كان علي إدراك ليس بضرورة حشد وتعبئة الإمكانات الداخلية فحسب بل أيضا حشد الإمكانات الخارجية.
والشيء المثير حقا أن الاستثمارات لم تتأثر كثيرا بخطط الحرب حيث كان هناك عملية إنشاء وتوسع في القطاع الصناعي العام مثل استكمال مشروع درفلة الحديد وغيره من المشروعات في القطاعين العام والخاص. فالإعداد للحرب لم يكن ينتهي بحدوث الحرب بل كان هناك إعداد لمصر لما بعد الحرب مثل فتح قناة السويس بعد العبور، فقد كانت هناك خطط لتعميق وتطوير قناة السويس.وكان من ضمن الأهداف التي سعت إليها القيادة السياسية هو تقييد استهلاك المواد البترولية والسلع الحرجة حسب ما تقتضيه الظروف ووضع الإجراءات الاستثنائية التي حددها القانون موضع التنفيذ لتوفير مطالب القوات المسلحة وتأمين سلامتها، ومن ثم لم تتعرض الدولة لأي نقص في المواد التموينية طوال مدة الحرب.
ولقد بلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي السنوي بالأسعار الثابتة خلال الفترة68 - 67 حتي73 - 72 بلغ 3.5% وهو الأمر الذي يشير إلي أن السير في التنمية الاقتصادية لم يتوقف. وأرجع النمو الاقتصادي الملموس ونجاح عملية التعبئة للحرب أن الدولة اعتمدت سياسة التوسع في القطاع العام في مجال توزيع السلع الاستهلاكية وفق نظام غير جامد لتحديد أسعارها ولم تسجل ظواهر قصور حاد في المعروض من السلع الاستهلاكية الضرورية بالقياس إلي التجارب المسجلة في عدد من الدول الأوروبية المتحاربة خلال الحرب العالمية الثانية ولا تشير الإحصاءات إلي تدهور كبير في نسبة الأنفاق الاستهلاكي النهائي إلي الناتج المحلي الإجمالي.
وكانت التكاليف المادية هي تدمير المدن الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس وتشريد مليون من القاطنين وتدمير معامل تكرير البترول الرئيسية ومصانع البتروكيماويات والأسمدة وفقد سيناء وما تحويه من حقول البترول وإغلاق قناة السويس وارتفعت النفقات لأغراض الدفاع لتشكل ثلث الميزانية و15% من الدخل القومي وذلك علي حساب الاستثمارات العامة والإنفاق الإنمائي الذي انخفض إلي5% من الناتج المحلي الإجمالي وبلغت الأزمة المالية في مصر حدا أدي إلي النقص الغذائي، وفي نهاية1973 كانت مصر علي حافة الإفلاس الاقتصادي مما أجبر القوات المسلحة علي المساهمة بشكل كبير في حل المشاكل الاقتصادية. لذا كانت حرب أكتوبر حدثا بارزا غير الاتجاه وفتح الطريق أمام الانتعاش والنمو الاقتصادي من خلال توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل. فكانت إستراتيجية السادات ذات شقين فإلي جانب الالتزام السياسي بأن تكون هذه الحرب هي نهاية كل الحروب كان المتوقع أن يكون عائد السلام مبشرا لعصر من الرخاء الاقتصادي، فالمفهوم الواقعي للسلام يرتبط أساسا بانخفاض ملموس في الإنفاق العسكري بحيث يصبح عبئه معقولا علي ميزانية الدولة وعلي الناتج القومي وكان التحول من الحرب إلي السلام كذلك مصحوبا بتغيير شامل في علاقات مصر السياسية والاقتصادية وتحولها من الشرق إلي الغرب مع تغيير كامل لأهم شركاء مصر في التبادل التجاري والتمويل والمشتريات العسكرية وحقق الاقتصاد معدلا متوسطا للنمو بلغ9% سنويا.
وقد انعكست الآثار الإيجابية لحرب أكتوبر علي كافة الجوانب الاقتصادية حيث حفزت من السياسة النقدية والائتمانية وزادت من معدلات انتقال العمالة الأمر الذي أثر إيجابا علي تحويلات العاملين بالخارج ونشطت من منحني علاقات مصر الخارجية الأمر الذي أسهم بشكل كبير في التمهيد للنهضة الاقتصادية. كما أن مناخ السلام بعد نصر أكتوبر ساعد علي تحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية حيث اتجهت إلي جذب المدخرات العربية النفطية والأجنبية للاستثمار في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي مع تحرير سياساتها الاقتصادية وزيادة درجة انفتاحها علي العالم الخارجي.
وكان من أهم الآثار الاقتصادية لحرب أكتوبر1973 إعلان السادات ورقة أكتوبر في1974 والتي مثلت إشارة لبدء الانفتاح الاقتصادي والتحول من اقتصاد قائم علي التخطيط المركزي إلي اقتصاد سوق. وارتبط ذلك بتحول العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة والمعسكر الغربي بما يمكنها من الحصول علي المساعدات المالية والفنية. والزيادة المضطردة في نصيب القطاع الخاص من الاستثمارات الثابتة منذ منتصف السبعينات وبالأخص في قطاعات الصناعة والري والزراعة. وزيادة هجرة العمالة المصرية الي دول الخليج ارتفاعا واضحا في فترة السبعينات.وقد صاحب ذلك تدفق واضح لتحويلات العاملين في الخارج والتي وصلت الي 1.7 مليار دولار خلال (1975 - 1980) ووصلت الي ما يقرب3 مليار دولار خلال الفترة (1980 - 1985) ومثلت نصيبا مهما في الناتج المحلي القومي. وزيادة الصادرات النفطية خاصة في أواخر السبعينيات مع زيادة الاكتشافات البترولية الجديدة واسترداد سيناء واستغلال ما بها من حقول. وقد حقق قطاع البترول معدلات نمو مرتفعة وصلت إلي 16.6% خلال1970 - 1974 و37.3% خلال1974 - 1978. وارتفع عائدات قناة السويس والتي زادت من85 مليون دولار في1975 إلي589 مليون دولار في1979. وكذلك عائدات السياحة والتي حققت معدل نمو مرتفع بلغ نحو 3.4% خلال (1971 - 1979). وتدفق المعونات العربية والأجنبية والتي اتجهت للتعمير والإصلاح بعد الحرب. ولابد أن ينسب الفضل لأهله وخاصة المغفور له الملك فيصل خلال فترة الإعداد لنصر أكتوبر73، حيث تعهد قبل وفاته بأشهر قليلة بإعادة تعمير مصر وطلب من الرئيس السادات ألا يسأل أي دولة عربية عن معونات أو مساعدات، وتكفل بتشكيل صندوق لإعادة التعمير برأس مال2 مليار دولار، إلا أن القدر لم يمهله. وتاريخ الأحداث يشير إلي أهمية الترابط السعودي المصري وقت الأزمات، فكيف أدي التضامن المصري - السعودي في تلك اللحظة التاريخية للتحالف الإقليمي إلي انتصار في حرب أكتوبر. فلقد كشف مؤتمر الخرطوم عام1967 عن المعدن الحقيقي للراحل العظيم كصانع قرار من الطراز الأول يحمل في وجدانه عشقا لمصر وللعروبة وللإسلام وغيرة شديدة نحو الكرامة العربية ترجمها في دعم اقتصادي فوري يقدر وقتها بخمسين مليون جنيه إسترليني لإعادة تسليح الجيش المصري وإعداده لمعركة النصر، رغم أن خزانة المملكة في ذلك الوقت لم تكن تملك مثل هذا المبلغ كما أن عائدات النفط كانت تعجز عن تلبيته بمعايير السوق وقتها وأن تجميد خطط ومشاريع التنمية كان الثمن الذي قدمته المملكة تلبية لنداء السلاح المصري، وعملا بوصية - المغفور له - الملك عبدالعزيز آل سعود لأبنائه' مصر قوية أنتم أقوياء، مصر ضعيفة أنتم ضعفاء'.
وقد استأنفت الولايات المتحدة تقديم المساعدات الي مصر في عام1975 ( بعد أن كان قد توقفت منذ عام1965). ومن ثم ارتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي والذي زاد من6% في أواخر السبعينات إلي10% في1982 - 1980 و1982 -.1983
وبالرغم من المكاسب الاقتصادية التي تحققت في أواخر السبعينات إلا إنه من الملاحظ إنها اعتمدت بالأساس علي قطاعات شديدة الارتباط والتأثر بالعوامل الخارجية ( السياحة، البترول، قناة السويس، تحويلات العاملين بالخارج). ومن ناحية أخري اتجهت الصادرات السلعية غير البترولية إلي الانخفاض مع ارتفاع الحماية التجارية التي جعلت القطاع الخاص أكثر ميلا إلي الإنتاج من أجل السوق المحلي وأقل حماية للمنافسة في السوق العالمي، ومن ناحية أخري ارتفعت المديونية وصاحب ذلك ارتفاع معدلات البطالة منذ منتصف السبعينات حتي بلغ 14.7% في عام1986. وبالرغم من أن زيادة الهجرة الخارجية قد ساعدت علي التخفيف من مشكلة التشغيل في مصر إلا أن تباطؤ ظاهرة الهجرة بل وحدوث ظاهرة العودة وارتفاع معدلات البطالة بين العائدين قد أضاف عبئا أكبر علي قدرة الاقتصاد علي التعامل مع مشكلة البطالة.
وقد تحمل الاقتصاد المصري العبء الأكبر بعد تحقيق النصر حيث تطلب عودة المقاتلين من الحرب إعداد برامج خاصة لتأهيلهم للاندماج في المجتمع المدني، كذلك بالنسبة للمهجرين وما تطلبته عودتهم من تعويضات وبناء مساكن جديدة لهم ساهم في إنشائها بعض الأشقاء العرب، بالإضافة إلي مواجهة الزيادة السكانية من خلال زيادة الإنفاق علي التعليم والصحة والاستفادة من تجربة أكتوبر في التأهيل الجيد ومن ثم تم التركيز علي العنصر البشري باعتباره الثروة الحقيقية لتحقيق النهضة في مصر. واتساع مساحة مشاركة القطاع الخاص في التعليم والبحث العلمي ثم الاتجاه نحو اقتصاد المعرفة والاستفادة من ثورة المعلومات والاتصالات.ومع تزايد السكان تزايد معدل الاستهلاك واتسعت مساحة الفجوة بين الواقع وبين طموحات الجماهير، وكلما زاد عدد السكان كلما كان هناك حاجة لزيادة مشروعات البنية الأساسية وتقديم الخدمات للطبقات الفقيرة. وكان الدعم شيء أساسي تتحمله الحكومة مقابل الأمن القومي. أي تم وضع منظومة متكاملة لما بعد حرب أكتوبر للنهوض بالمجتمع. لذلك اتخذت قرارات عدة للنهوض الاقتصادي في إطار التوجه الاقتصادي نحو السلام منها: إصدار قانون الاستثمار رقم43 لسنة1974 لتشجيع رأس المال العربي والأجنبي وإنشاء المناطق الحرة، وبداية عملية واسعة لإعادة التعمير وإنشاء وزارة للتعمير سنة1974، وإعادة فتح قناة السويس للملاحة، وتحويل بورسعيد إلي مدينة حرة وبالتالي حقق الاقتصاد المصري معدلات نمو مرتفعة بلغت9%. وكان أبرز ملامح تلك الفترة في طرح ورقة أكتوبر التي حددت عشرة مهام أساسية حتي عام2000 حيث ركزت علي بشكل أساسي علي مواصلة الانفتاح الاقتصادي داخليا وخارجيا حيث ركزت علي: دعوة الاستثمار العربي والأجنبي للاستثمار داخل مصر، تنشيط وتفعيل دور القطاع الخاص، وإعادة تنظيم القطاع العام، وإطلاق حرية التجارة الخارجية وتنظيم عمليات الصرف الأجنبي. وبعد نصر أكتوبر استعادت مصر حقولها النفطية الأمر الذي زاد من حركة التنقيب والكشف عن النفط حيث أمكن خلال عشر سنوات توقيع نح89 اتفاقية للبحث. كما تم التوسع في إنشاء سلسلة من المدن الجديدة. كما اقتضي تطبيق سياسة الانفتاح انتهاج سياسة للصرف الأجنبي ثم صدر القانون رقم97 لسنة1976 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والقانون رقم120 لسنة1975 الذي أعطي البنك المركزي كافة السلطات لتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والإشراف علي تنفيذها وفقا لخطط التنمية المعمول بها. ولقد أدي تصحيح أسعار النفط عقب حرب أكتوبر إلي زيادة حجم العائدات الناجمة عن تصدير النفط العربي وارتبط ذلك بحدوث تحرك في سوق العمل العربي لزيادة حجم الاستثمارات المنفذة في البلدان النفطية، ولكنها للأسف رجعت بعادات غريبة عن مجتمعنا وبنمط استهلاكي شرس أثر علي مدخراتنا وسلوكياتنا، مما أثر في إشعال نار التضخم في الاقتصاد المصري من خلال زيادة القوة الشرائية التي لم يقابلها عرض مواز من السلع والخدمات مما أحدث فجوة التضخم وانعكس ذلك علي تصاعد الأجور وعلي تكاليف إنتاج السلع والخدمات ونتج عن ذلك زيادة الطلب علي العملات الأجنبية.
حرب أكتوبر وأسعار النفط
يرتبط الحديث عن الآثار الاقتصادية لحرب أكتوبر بالصدمة النفطية التي حدثت في أعقاب الحرب، والتي نشأت نتيجة لوقف الدول العربية بيع النفط للدول المؤيدة لإسرائيل مما كان له أثره علي رفع أسعار النفط، وانعكس الارتفاع الكبير في الأسعار النفطية علي العوائد النفطية والتي ارتفعت من2، 5 مليار دولار في1970 إلي22.4 مليار دولار في1973 و61.7 مليار دولار في1977 ثم ارتفعت ارتفاعا ملحوظا في عامي1979 و1980 حيث بلغ معدل نمو الدخل النفطي 51.8% في1980 إثر القفزة الثانية في أسعار البترول في1979 وأسفرت عن تكوين فائض ضخم من الموارد المالية لدي الدول العربية المصدرة للنفط بلغت نحو211 مليار دولار عام1980 بعد أن كانت لا تتجاوز 8.6 مليار دولار عام1972 أي أنها تضاعفت أكثر من24 ضعفا خلال الفترة (1972 - 1980) وقد أثرت هذه القفزة الكبيرة في أسعار النفط وما تبعها من تراكم العوائد النفطية علي اقتصادات مصر والدول العربية بشكل كبير، وقد تمثل ذلك في عدد من المحاور منها:
- لم يقابل تراكم العوائد النفطية الضخمة هذا الفائض قدرة مماثلة من جانب الدول العربية في استيعاب هذه العوائد الكبيرة. في حين مثل هذا الفائض بالنسبة للدول المتقدمة جزءا من مو ازين مدفوعاتها. ومن ثم اتجهت الدول العربية إلي نقل هذه العوائد إلي الدول المتقدمة في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للدول العربية المصدرة للنفط في التصرف في هذا الفائض، وتوزيعه وتخصيصه بين مجالات الاستثمار الممكنة. من ناحية أخري، تحمست الدول المتقدمة لامتصاص هذه العوائد للتخفيف من آثار أسعار النفط علي اقتصادياتها. وبصفة عامة، فقد تركزت هذه الفوائض في أربعة أقطار عربية وهي الإمارات والسعودية وقطر والكويت وهي أقطار تتسم بضخامة عوائدها وقلة سكانها وضعف قدرتها الاستيعابية في حين إن بقية الأقطار العربية إما حققت فائضا نفطيا ضئيلا بالمقارنة بهذه الأقطار الأربعة والبعض الأخر حقق عجزا.
- بلغ إجمالي الاستثمارات الخارجية المتراكمة لدول الأوبك خلال الفترة1974 - 1982 حوالي347 مليار دولار كان نصيب أربعة دول عربية هي السعودية والكويت وقطر والإمارات نحو75% من هذا الرقم حتي عام1981. ومثلت الأسواق المالية الأوروبية المقصد الرئيسي لهذه الاستثمارات في حين كان نصيب الأسواق العربية محدودا. ويرتبط ذلك بعدد من العوامل: ضعف العلاقات التجارية بين البلاد العربية حيث لم تتعدي الصادرات العربية إلي الدول العربية7.34% من إجمالي الصادرات العربية لكل الدول في1983 كما بلغت الواردات العربية من الدول العربية8.18% فقط من إجمالي الواردات عن نفس العام. في حين إن التعامل التجاري للدول العربية تركز بالأساس مع المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة. العامل الثاني هو امتلاك الدول الصناعية للقدرة الصناعية والتكنولوجية في حين فرص الاستثمار كانت محدودة خارج القطاع البترولي ومقصورة علي استكمال البنية الأساسية مع افتقارها العديد من الإمكانيات الزراعية والصناعية والمهارات البشرية.
- انتقال جزء من الفوائض النفطية إلي دول العجز العربية من خلال الأسواق المالية الدولية والتي قامت بدور الوساطة بين دول العالم الثالث ( ومنها الدول العربية) والدول المصدرة للبترول وخاصة أن هذه البنوك قامت باستخدام مدخرات الدول النفطية بدلا من مواردها الائتمانية في إقراض الدول النامية والدول العربية علي وجه الخصوص. وقد بلغ حجم الإقتراضات العريية من سوق المال الدولية وسوق الإقراض المصرفي الدولي19.98 بليون دولار خلال الفترة (1972 - 1979). كذلك اتسمت شروط الإقراض بالتساهل في السبعينات من حيث مواعيد السداد وفترات السماح وتقليص الإضافات لسعر الفائدة الأساسي، علي عكس الثمانينات التي شهدت ارتفاعا في أسعار الفائدة وزيادة نسبة القروض بأسعار معومة وانحسار في آجال السداد. وهكذا ارتبط التوسع في المديونية الخارجية بالارتفاع في أسعار البترول، كما ارتبط تفاقم مشكلة المديونية بتدهور أسعار البترول. وبالرغم من أن مشكلة الديون الخارجية لمجموعة الدول العربية ككل أقل بكثير من المستويات الضخمة التي سجلتها تراكمات الديون الخارجية لدول أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا إلا أن العالم العربي شهد نفس التطورات التي مرت بها باقي الدول النامية من حيث ارتفاع نمو الديون الخارجية وارتفاع النصيب النسبي من الديون من المصادر الخاصة مقارنة بحجم الديون الرسمية. وتركزت المديونية العربية في دول الجزائر ومصر والمغرب وتونس والسودان.
- يتضح ارتباط سلوك تدفقات الدول العربية النفطية من المعونة الرسمية بإيرادات النفط. فقد قدمت الدول العربية المصدرة للنفط مساعدات التنمية الميسرة بما يقرب من7.7 بليون دولار خلال (1970 - 1974)، وارتفعت بشكل ملحوظ إلي 32 بليون دولار خلال الفترة (1975 - 1979) وبلغت قيمة هذه المساعدات ذروتها في1980 و1981 حيث وصلت إلي9 بليون دولار و8.3 بليون دولار علي التوالي إلا أنها تقلصت وبدأت في الهبوط التدريجي إلي4.8 بليون دولار في عام1984.
- زيادة الهجرة وتدفق العاملين من الدول العربية ذات الفائض في العمالة إلي دول الخليج المصدرة للنفط. وتعتبر فترة السبعينات بصفة عامة هي الفترة التي تعاظمت فيها حركة الهجرة من المصريين والسودانيين والسوريين والأردنيين وغيرهم الي دول الخليج نتيجة لتبني دول الخليج برامج تنموية طموحة أثر ارتفاع أسعار النفط من عام1973 إلي عام1982. وقد شهدت دول الخليج تحركا كثيفا من العمالة العربية التي وصلت إلي3.14 مليون مهاجر إلي دول الخليج خلال هذه الفترة. وأصبحت تحويلات المهاجرين عاملا مؤثرا في الاقتصاد الكلي لبلدان الإرسال والاستقبال علي السواء. فقد بلغت تحويلات المهاجرين العرب إلي بلدانهم خلال الفترة75 - 1994 ما قيمته 146 بليون دولار. فمثلا بلغت نسبة تحويلات العاملين إلي الناتج المحلي الإجمالي أقصاها في عام1976 في الأردن (32.25%). كما بلغت دخول وتحويلات العمالة الفلسطينية حوالي ربع إجمالي الناتج القومي خلال النصف الأخير من السبعينات. وشهدت هجرة العمالة المصرية إلي دول الخليج ارتفاعا واضحا في فترة السبعينات.وقد صاحب ذلك تدفق واضح لتحويلات العاملين في الخارج والتي وصلت الي1.7 مليار دولار خلال (1975 - 1980) ووصلت الي ما يقرب3 مليار دولار خلال الفترة (1980 - 1985) ومثلت نصيب مهم في الناتج المحلي القومي.
ولعل أبرز نتائج حرب أكتوبر1973 خاصة علي مستوي القرار، حيث استطاع الرئيس السادات أن يثبت أن القيادة المصرية والعربية ليست واهنة بل لديها الشجاعة علي اتخاذ القرار فرغم المنحنيات الكثيرة التي مرت بها عملية اتخاذ القرار، فحينما جاءت اللحظة الحاسمة أعطي أمر القتال وأطلق شرارة الحرب. أما علي مستوي الجندي المصري فجرت الحرب والظروف التي نشبت فيها طاقة إنسانية لم يكن احد يحسب لها حساب أو يخطر ببالة أنها موجودة علي هذه الدرجة من الاقتدار. كما أبرزت حرب أكتوبر أهمية العامل البشري والمعنوي في الحرب والذي أخفقت أجهزة الكومبيوتر في إدراكه. وكذلك صمود الجبهة الداخلية ومؤازرتها للجبهة القتالية فقد قبلت الجبهة الداخلية المصرية التحدي واستوعبت دروس التاريخ المقارن فلم تتأثر بضغوط الحرب ومخاطرها بل ازداد تماسكها وصلابتها وإيمانها وكان ذلك عونا للمقاتلين في ميدان القتال وتحققت الوحدة الوطنية في مصر بصورة كاملة لا شرخ ولا عيب فيها.
أما علي المستوي العربي، فلقد أعاد نصر أكتوبر للشارع العربي والمصري ثقته في ذاته بعد أن كانت تجتاح حالة من الإحباط الشديد إثر نكسة1967 والتي رافقها العديد من المظاهر الاجتماعية في الوطن العربي. وأبرزت حرب أكتوبر أهمية التضامن العربي في مجالاته السياسية والاقتصادية والعسكرية وألا يكون التنسيق العسكري بين الدول العربية عفويا ووليد لحظة قيام الحرب، فان لم يسبق الحرب تنسيق إستراتيجي كامل فقد يكون للعمل العسكري العربي المشترك مردودات سلبية عديدة علي المستوي العالمي، استطاعت مصر من خلال موقفها القوي في الحرب خلق رأي عام عالمي واضح مناهض للجبهة التي تساند إسرائيل وعلي رأسها الولايات المتحدة وقد عبرا عن هذا الرأي الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت بومبيدو بقوله نحن نعرف أن العرب هم الذين بدأوا القتال ولكن من يستطيع أن يلوم طرفا يقاتل لتحرير ارض احتلها أعداؤه، كما حصلت مصر علي مددا عسكريا ضخما خلال أيام المعركة فقد قررت القيادة السوفيتية تعويض الجيش المصري عن بعض خسائره من الدبابات وأهدته250 دبابة من طراز تي62 كما بعث تيتو رئيس يوغسلافيا في ذلك الوقت بلواء كامل من الدبابات وضعه تحت تصرف القيادة المصرية.
أما علي المستوي الإسرائيلي، وفي ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس في16 سبتمبر1974، أحصي البروفيسور الإسرائيلي شمعون شامير خمسة إنجازات مهمة للعرب في حرب أكتوبر وهي:
1 - النجاح في إحداث تغيير في الإستراتيجية السياسية للولايات المتحدة الأمريكية بصورة غير مواتية لإسرائيل.
2 - والنجاح في تجسيد الخيار العسكري مما يفرض علي إسرائيل جهودا تثقل علي مواردها واقتصادها.
3 - والنجاح في إحراز درجة عالية من التعاون العربي سواء علي الصعيد العسكري أو الاقتصادي خاصة عندما استخدموا سلاح البترول في أكتوبر.
4 - واستعادة مصر حرية المناورة بين الدول الكبري بعد أن كانت قد فقدتها قبل ذلك بعشر سنوات.
5 - وأخيرا غير العرب من صورتهم الذاتية فقد تحرروا من صدمة عام1967 وأصبحوا أقدر علي العمل الجاد.
فقد انكسرت نظرية الأمن الإسرائيلي علي المستوي الاستراتيجي والتي تقوم علي عدة مرتكزات هي التفوق الكيفي أما الكم العربي وضعف عربي عام بسبب الخوف وحرب الأعصاب مما يؤدي إلي وهن علي مستوي اتخاذ القرار. وقد أحدث انكسار هذه النظرية صدمة عسكرية وسياسية لم يسبق لها مثيل في التاريخ القصير لدولة إسرائيل وقد أدي ذلك بدورة إلي تفكك تركيبة القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل وتمزق العلاقات فيما بينها وبدأت مرحلة تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات. وعلي مستوي الرأي العام أدي انكسار النظرية الإسرائيلية إلي سقوط أساطير إسرائيلية كثيرة علي رأسها الجيش الإسرائيلي الذي كان أمل إسرائيل وموضع اعتزازها الأول، وأيضا سقطت صورة المخابرات الإسرائيلية التي كانت غائبة عن مسرح الأحداث بالمعلومات والكشف والتحليل كما سقطت شخصيات إسرائيلية كانت مثل أصنام لدي الرأي العام الإسرائيلي ومنها جولدا مائير وموشي ديان. وجدت إسرائيل نفسها مرغمة علي الاستمرار في عملية التعبئة العامة لدعم خطوطها العسكرية وكان ذلك يعني أن عجلة الإنتاج الإسرائيلي في الزراعة والصناعة والخدمات توقفت أو أصبحت علي وشك التوقف. وعاشت إسرائيل أيام ما بعد حرب أكتوبر بما يسميه البعض' بالتقصير الاقتصادي' أو' الزلزال الاقتصادي' إسوة ب' التقصير العسكري'. وعلي حد قول المحلل الاقتصادي الإسرائيلي حاييم بركائي' إن حرب يوم الغفران شكلت مفترق طرق، ليس علي الصعيد السياسي والنظام الاجتماعي للدولة فحسب، وإنما أيضا علي صعيد الأداء الاقتصادي الإسرائيلي وممارسة دوره'. ويضيف بركائي' إن نسبا من النمو السنوي بلغت10% وأكثر في الناتج القومي الإجمالي والتي ميزت الاقتصاد خلال سنوات جيل تقريبا (48 - 1973) أخلت مكانها لنسب3% في المعدل السنوي خلال العقد الأخير من الزمن.
الاقتصاد في معاهدة كامب ديفيد
لقد استعدت إسرائيل من زمن طويل لليوم الذي تتبدي فيه إمكان إقامة العلاقات الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط، وخاصة مع دول الطوق العربية. وهي تجري منذ سنوات أبحاثا كثيرة مع معهد الدول النامية في جامعة تل أبيب حول هذا الموضوع. وعندما بدأت تباشير الاتفاق النهائي في' كامب ديفيد' تلوح في الأفق سارعت المنظمات العالمية من جانبها أيضا إلي دراسة الموضوع، فأسست في مطلع شهر نوفمبر1978 لجنة دعيت ( لجنة إسرائيل والمهجر) اتخذت لها نيويورك مقرا برئاسة الرأسمالي الصهيوني المعروف ( جي دوروتشيلد) وقد أنيط باللجنة المذكورة مهمة القيام بدراسة النتائج والآثار المتوقعة للسلام في منطقة الشرق الأوسط. وأمهلت اللجنة لإتمام دراستها هذه، فترة تتراوح بين عام ونصف إلي عامين لنشر نتائج أبحاثها علي شكل كتاب أبيض بالتعاون مع جامعيين واقتصاديين ورجال أعمال وسياسة، ورؤساء الجاليات اليهودية المنتشرة في أرجاء العالم كما وضعت تحت تصرف اللجنة المذكورة جميع الوسائل المادية والعلمية التي يمكن أن تسهل مهمتها.
لم تذكر معاهدة' كامب ديفيد' الشيء الكثير عن العلاقات الاقتصادية الواجب إقامتها بين الطرفين، سواء في نص المعاهدة الأصلي أو في ملاحقها، بعكس جملة التفصيلات الدقيقة التي تناولت تحديد أوصاف' الانسحاب العسكري من سيناء وأشكاله.
تقول المادة الثالثة من المعاهدة: يتفق الطرفان علي أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستتضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع التمييزي المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع.
كما يوضح البروتوكول الملحق بهذه المعاهدة ( الملحق الثالث) الطريقة التي بمقتضاها يتعهد الطرفان بالتوصل إلي إقامة هذه العلاقات وذلك بالتوازي مع تنفيذ الأحكام لهذه المعاهدة، فيقول:
ا - يتفق الطرفان علي إزالة جميع الحواجز ذات الطابع التمييزي القائمة في وجه العلاقات الاقتصادية العادية وإنهاء المقاطعات الاقتصادية لأي منهما وذلك عقب إتمام الانسحاب المبدئي.
2 - يدخل الطرفان في مفاوضات في أقرب وقت ممكن وفي موعد لا يتجاوز ستة أشهر بعد إتمام الانسحاب المبدئي وذلك بغية عقد اتفاق تجارة يستهدف إنماء العلاقات الاقتصادية ذات النفع التبادل بينهما.
3 - وجاء في النقطة الخامسة من المادة السادسة من الملحق الثالث: 'يتفق الطرفان علي إقامة وصيانة طريق بري بين مصر وإسرائيل والأردن بالقرب من إيلات مع كفالة حرية وسلامة مرور الأشخاص والسيارات والبضائع بين مصر والأردن، وذلك علي نحو لا يمس بالسيادة علي الجزء من الطريق الذي يقع داخل إقليم كل منهما'.
4 - أما النقطة السابعة من المادة نفسها فتقول: ' عقب إتمام الانسحاب المبدئي، يسمح كل طرف بالدخول المسموح به عادة إلي موانئه لسفن وبضائع الطرف الأخر، وكذلك للسفن والبضائع المتجهة إلي الطرف الأخر أو القادمة منه بنفس الشروط المطبقة بصفة عامة علي سفن وبضائع الدول الأخري.ذ
5 - كذلك نص محضر خاص اتفق عليه وأتبع بالملحق الثالث للمعاهدة، علي ما يلي: ' تنص معاهدة السلام والملحق الثالث لها علي أقامة علاقات اقتصادية طبيعية بين الأطراف، ووفقا لهذا فقد اتفق علي أن هذه العلاقات سوف تشمل مبيعات تجارية عادية من البترول من مصر إلي إسرائيل، وأن يكون من حق إسرائيل الكامل التقدم بعطاءات لشراء البترول المصري والذي لا تحتاجه مصر لاستهلاكها المحلي، وأن تنظر مصر والشركات التي لها حق استثمار بترولها في العطاءات المقدمة من إسرائيل بنفس الأسس والشروط المطبقة علي مقدمي العطاءات الآخرين لهذا البترول.'.
6 - هناك نقطة مهمة أخري: تعهد مصر وإسرائيل - نيابة عن الأردن - في إقامة طريق بري يصل مصر بالأردن عبر إسرائيل لنقل الأشخاص والبضائع.
ومع أن خطوط المعاهدة العريضة جاءت لتمهد السبيل أمام إقامة علاقات اقتصادية بين البلدين، فإن نشوء علاقات حقيقية مستمرة ونامية يبقي مرهونا بأمور شتي. فإسرائيل مثلا ذات القدرة الإنتاجية المحدودة طورت صناعتها منذ نشوئها وحتي الآن علي أساس التحول إلي إنتاج السلع المالية عالية التقنية من أجل التصدير إلي الأسواق الأوروبية والأميركية. وبالتالي فإن محاولة الإقلال من إنتاج السلع المذكورة، بقصد التحول إلي الإنتاج من أجل إمكانية التصدير إلي مصر حيث الطلب علي السلع المتقدمة فنيا أقل بالطبع مما هو عليه الحال في الأسواق الأوروبية، هذه المحاولة لاقت معارضة تلقائية من قبل أصحاب المصالح فيها إذا صح التعبير.
أما مصر فإنها لن تنظر بعين الارتياح إلي منافسة البضائع الإسرائيلية المتقدمة لصناعتها المحلية الناشئة كما أن إسرائيل بالمقابل ستنظر برعب إلي إمكانية غزو البضائع المصرية التي تعتمد بعض أصنافها علي رخص الأيدي العاملة التي تقوم بإنتاجها. كذلك، فان الاعتماد بإمكانية قيام تعاون واسع بين الطرفين علي أن تقوم إسرائيل بتقديم الخبرة الفنية ومصر الأيدي العاملة الرخيصة فيه كثير من تبسيط الأمور. ففي وسع مصر أن تحصل رأسا علي الخبرات الفنية وتطبيقاتها العديدة من مصادرها المتعددة والمتنافسة فيما بينها في العالم المتقدم وبأسعار تقبل المنافسة في كثير من الأحيان مع مثيلاتها الإسرائيلية إلي حد بعيد. كما أن ليس في مصلحة إسرائيل، علي المدي البعيد، أن تبني اقتصادها علي أساس استيراد واسع لليد العاملة الرخيصة من البلاد المجاورة إلا في الحالات الاضطرارية ولأوقات محدودة كما فعلت في الأراضي المحتلة بعد عام1967 وتحت الرقابة الشديدة، هذا إذا أرادت الاستمرار كما أراد لها الصهاينة الأوائل، هذا في مجال الصناعة.
أما في مجال الزراعة فكثر أيضا الحديث عن مشاريع الري المشتركة الكبيرة كجر مياه النيل مثلا لري النقب. أن ما يمكن أن يتم في مجال الاتفاق علي إمداد إسرائيل بالنفط لا يمكن تطبيقه بنفس السهولة في مجال الري المشار إليه. فمن السهل علي إسرائيل أن تستعيض عن البترول المصري بمثله من مصادر أخري إذا حدث ما يجب أن يحدث في أحد الأيام. لكنها لن تجد الماء اللازم لها بنفس السهولة، ناهيك بالطبع عن أنها لن تفكر، ولو خلال مرحلة أولي تطول أو تقصر، في أن تبني مقدراتها الزراعية علي أساس موارد الماء التي تبقي تحت هيمنة جيرانها وهي التي خاضت كل حروبها حتي الآن من أجل الماء سواء كان عذبا من أجل زراعتها أو مالحا من أجل النفاذ إلي البحار الدافئة.
يعطينا هذا التعداد السريع لبعض المشاكل التي نشأت عن التعاون المصري الإسرائيلي وعن حدود هذا التعاون في مرحلة أولي. ويمكن القول أن إقامة العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتطويرها لم يكن مرهونتين بمشيئتهما فقط، بل أيضا بالوضع الاقتصادي لكل منهما واحتمالات تطور هذا الوضع في القريب المنظور.
أما سياسة ( الانفتاح) التي نادي بها السادات فهي مثلها مثل سياسة' الانقلابالتي نادي بها بيجن، تنتمي إلي نفس المدرسة الفكرية التي يحاول من يقف وراء' صندوق النقد الدولية نشرها بين دول العالم الثالث المستضعفة، للعودة بها إلي احتكارات السوق الرأسمالية العالمية ورقابتها المستمرة علي مقدرات تلك الدول وتحكمها السياسي بمصائرها في نطاق سياسة الاستعمار الجديد الذي يحكم من وراء الستار. ستار المساعدات والقروض المشروطة بحجة الإصلاح المالي والاقتصادي لأحوال بلاد العالم الثالث المتداعية، نتيجة لسياسة النهب الاقتصادي نفسها التي تتبعها دول العالم' الحضارية إزاء دول العالم الثالث.
دور القوات المسلحة في عملية التنمية
قامت القوات المسلحة بدور كبير في أعقاب حرب أكتوبر علي الجانب الاقتصادي والاجتماعي وهو دور لا يقل أهمية عن الدور التي قامت به لتحقيق النصر العسكري، ومن ثم يجب إبرازه للجيل الحالي وللأجيال القادمة، لأن هذا الدور لم يشرح جيدا للرأي العام نظرا لعدم تسليط الضوء عليه، ومقارنته بتجارب فاشلة تمت في الخارج.
فالدور المصري جاء في أشد المواقف صعوبة حيث كانت الخزانة المصرية خاوية، وكان حجم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كبيرا جدا. وكانت الأحزاب غير موجودة، فلعب الجيش دورا كبيرا لتحقيق لتحقيق التكامل. فالجيش مؤسسة قومية يعتبر أداة لتحقيق التكامل وصهر الخلافات بين أفراد ينتمون إلي مناطق جغرافية مختلفة لديهم انتماءات طائفية متباينة. حيث يدرس فيه مجموعة من القيم والرموز المشتركة تجعلهم يشعرون بالانتماء للدولة القومية ويتجاوزون اختلافاتهم اللغوية والدينية ومن ثم يعتبر الجيش رمزا لوحدة الأمة. كما أن الجيش أداة لتطبيق التكنولوجيا.فهو علي اتصال مستمر بالتكنولوجيا الحديثة وخاصة التكنولوجيا العسكرية. ودأبت القيادات السياسية والعسكرية علي إلي إرسال البعثات العسكرية للخارج للتعليم والتدريب ولاكتساب خبرات تكنولوجية حديثة وتستقدم الخبراء والمستشارين الأجانب لتدريب الجنود والضباط علي أراضيها. ومن ثم كان الجيش حلقة اتصال بين المجتمع المتخلف والتكنولوجيا الحديثة. ولعب الجيش دورا كبيرا للتنشئة السياسية، حيث اكتسب المجندون وبصفة خاصة الأميون منهم مجموعة من القيم السياسية أو القيم الاجتماعية ذات الدلالة السياسية فتكرس لديهم قيم الوطنية والولاء والضبط والربط واحترام قيمة الوقت وكذلك إدراكهم بمشاكل بلدهم. وهكذا اعتبر الكثيرون الجيش أداة من أدوات التنشئة السياسية. ولعب الجيش المصري دورا كبيرا في مشروعات التنمية حيث بدأ الجيش المصري وبصفة خاصة منذ منتصف السبعينيات بتولي القيام ببعض المشروعات التنموية. وهناك عوامل كثيرة دفعت بالحكومة المصرية والقيادة العسكرية المصرية إلي أتباع هذا الأسلوب:
1 - تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع المصري بشكل يهدد بالخطر ونقص في سلع الاستهلاك، ارتفاع الأسعار، أزمة مواصلات.من هنا كان لابد من استغلال جزء من كفاءة القوات المسلحة في إنجاز بعض المشروعات التنموية.
2 - السلام مع إسرائيل. حيث الخطر علي حدود مصر الشرقية لم يعد قائما كما كان قبل حرب أكتوبر سنة1973 التي كانت بمثابة حرب من أجل السلام.وتحول الصراع في جزء منه إلي صراع اقتصادي.
3 - منذ منتصف السبعينات بدأ تركيز القيادة السياسية يتجه نحو معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في الداخل والخارج وأعطتها الأولوية ومن ثم كان لابد من توظيف كافة القوي في الداخل لمعالجة هذه القضايا
4 - احتواء الجيش المصري علي مجموعة كبيرة من الخبرات والكوادر الفنية مهندسين - أطباء، حرفيين ومن ثم كان لابد من العمل علي الاستفادة من خبرتهم في مشروعات التنمية.
5 - نقص للأيدي العاملة في بعض المجالات مثل عمال الإنشاءات - عمال المخابز نتيجة هجرة الكثير منهم إلي الخارج وارتفاع الأجور من تبقي منهم في مصر. كل هذا كان دافعا للعمل علي الاستفادة من شباب القوات المسلحة في هذه المجالات - حيث يمثلون قوة عمل رخيصة ومضمونة وتنظيمها سهل من خلال الأساليب العسكرية.
6 - مساهمة الجيش المصري في عملية التنمية اتخذت شكل ظهور قطاعات تنموية تخدم الوطن مثل: الأمن الغذائي - تصنيع المخابز الآلية ونصف الآلية، تسمين المواشي، مزارع الدواجن. مد خطوط التليفونات وشق الطرق. إلخ
أما للشق الثاني، فيجب أن ينظر إلي تلك المشروعات في ضوء اعتبارات:
أ - قيام الجيش المصري بدور تنموي يجب ألا يكون علي حساب الوظيفة القتالية للجيش المصري. ويحرص القادة علي تبديد تلك المخاوف من خلال مقاومة أي استرخاء - عسكري سواء في التسليح أو في التدريب. وهم يدركون أن معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ليست ضمانا للاستقرار للأمن القومي المصري. كذلك هي ليست ضمانا للاستقرار في المنطقة.
ب - الدور القتالي للجيش المصري يجب أن ننظر له في ضوء دور مصر العريق حيث الأمن القومي المصري وثيق الارتباط بالأمن القومي العربي.
ج - إن القيادات العسكرية تدرك جيدا أن الوظيفة الأصلية للجيش المصري هي حماية حدود الدولة والدفاع عن سلامتها، وإذا كان هناك اتجاه نحو الاستعانة بالجيش في بعض مشروعات التنمية فلسرعة الإنجاز وحاجة الوطن لمثل هذه المشروعات ولكن ليس علي حساب الوظيفة القتالية للجيش المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.