دخلت ظاهرة الإرهاب مرحلة جديدة فى منطقة الشرق الاوسط منذ قيام الثورة الايرانية وتقلدها الحكم عام 1979 وبعدها بدأت موجة الارهاب الدينى والطائفى فى الانتشار فى بعض دول المنطقة املا فى الصعود الى مقاليد الحكم. وبالطبع ساعد في ذلك الحكومات المستبدة في البلدان العربية والإسلامية واتخذت من هذه الحركات أداة قمع لمواجهة الحركات الديمقراطية العلمانية من أجل البقاء في السلطة دون منافس. كذلك فتحت هذه الحكومات المجال للإسلاميين على نشر أفكارهم فكانت لهم المساجد ودور العبادة، مع الحرية الكاملة لهم في مخاطبة الجماهير وحتى توسيع تنظيماتهم السياسية, بينما كان نصيب المثقفين والديمقراطيين، السجن واتهامهم بالكفر والإلحاد, وهكذا بقيت المجتمعات العربية والإسلامية محرومة من الثقافة التنويرية ولا تتلقى إلا لوناً واحداً من الثقافة وهي الثقافة الدينية السلفية ضد الحداثة والديمقراطية. واليوم نصل الي النتيجة المتوقعة التي أعلن بسببها الرئيس السيسي أنه قد تم اتخاذ قرار بتشكيل المجلس الأعلى لمقاومة ومكافحة الإرهاب في مصر، وإصدار قانون لإعطاء هذا المجلس صلاحيات تمكنه من اصدار توصيات لضبط الموقف على كافة المناحي إعلامية كانت أو قضائية أو قانونية لمجابهة التطرف والإرهاب. يأتي ذلك بعد فرض قانون الطواريء في البلاد لمدة ثلاثة شهور, وتعقيبا على الحادثتين الإرهابيتين المتسببتين في ضرب كنيسة مارجرجس بطنطا ومارمرقس بالإسكندرية وراح ضحيتهما عشرات الأبرياء ما بين شهداء وجرحى. إن الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل الذي يبث قيم الرحمة والتسامح تبدو عليه ملامح الضعف والوهن في ظل المطارق الدموية التي تزهق النفوس، وفي ظل الفهم المنحرف لمقاصد الدين الذي اصبح يطغى على العديد من الجماعات المسلحة. ولم يعد هناك مجال للشك أن هذه الجماعات المتشددة صنيعة خارجية، وأن العديد من قياداتها تخضع لدعم وتوجيه مباشر أوغير مباشر، من العديد من الدوائر الاستخبارية الإقليمية والدولية. ولقد طالب الرئيس السيسي من الأزهر مرات عديدة وفي كل مناسبة دينية بضرورة تجديد الخطاب الديني، والدعوة بالحسنى وتصحيح الأفكار والمفاهيم التي ليست من ثوابت الدين، ومطالبا بأن يكون هذا التجديد محافظا علي قيم الاسلام ومعالجا للتطرف والتشدد. ولكن الاستجابه لم تكن بالقدر المطلوب وظلت مكتباته تمتلأ بالتراث القديم دون تنقيح, ليصبح الوكيل الرسمى المعتمد للتطرف الذى جاءت منه كل التيارات والأحزاب الأصولية التي خرج منها فيما بعد السلفيون والاخوان. ان ما يعنينا هو الفكر الذى يُدرس للطلبة ليجلب التعصب والطائفية والكراهية ويزرع الإرهاب والتطرف.وبلا ادني شك فإن الضعف الثقافي وتراجع دور الأزهر في السنوات الأربعين الماضية، ساهما بشكل كبير في اختراق الفكر المتطرف الوافد للخصوصية الثقافية المصرية، بالإضافة إلى المال الخليجي، الذي لعب دوراً كبيراً في تغلغل هذه الأفكار في مؤسسة الأزهر عبر المنح المالية، وسفر أساتذة الأزهر إلى دول الخليج. ليسود بعدها نمط التشدد الديني و التدين الشكلي والزي الخليجي المتمثل في النقاب والحجاب الذي اصبح فريضة سادسة مفروضة علي النساء بالرغم من فروض الإسلام الخمس المعروفة للجميع. باختصار شديد, مصر اليوم تحتاج الي حملة تطهير للعقول التي تم اختراقها علي مدار ثلاثين عاما, مصر تحتاج الي قرارات حازمة وحاسمة وقاطعة لمواجهة التطرف الذي سيطولنا جميعا ان لم نقتلعه من جذوره..وللمرة المليون اقولها.. فالأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء يحتاجون الي حملة تطهير من الفكر الأخواني المتغلغل فيها, كما ان كتب التراث والأحاديث تحتاج الي تنقيح, ايضا فإن دور الحضانة والمدارس الإخوانية يجب ان تغلق, ويجب مراقبة كل الزوايا والمساجد بطول وعرض مصر وضبط سيل البرامج الدينية الموجودة في كل الفضائيات والتي تولي «أوصياء» الدين فيها مهمة تعتيم العقول علي مدار سنين ومازالوا, واخيرا يجب تطهير كل مؤْسسات الدولة لعلنا ننقذ ما يمكن انقاذة قبل فوات الأوان. [email protected]