فى مقاله بصحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية، شن الكاتب الصحفى الأمريكى المعروف، ريتشارد كروتهامر، هجوما حادا على وزير الخارجية جون كيرى، الذى اعتبر أنه يساعد الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى، على بناء ديكتاتورية إسلامية فى مصر، من خلال دعمه بأموال دافع الضرائب الأمريكى من دون أى تنازلات سياسية فى المقابل. الكاتب الأمريكى المخضرم قال إنه على الرغم من نوايا جماعة الإخوان فى تأسيس ديكتاتورية إسلامية فى مصر، فإنها ما زالت على مسافة كبيرة من إدراك هذا الهدف، ولهذا تماما يجب أن تواصل الولاياتالمتحدة لعب دور، وهذا يعنى استخدام نفوذها الاقتصادى. وأوضح أن مرسى يواجه معارضة كبيرة، ومنذ ستة أسابيع اندلعت مظاهرات قوية ضد الإخوان فى مدن كبرى وما زالت متواصلة إلى الآن. كما أن الانتخابات الرئاسية التى فاز بها مرسى جاءت بفارق ضئيل جدا، رغم الميزة التى تملكها الإخوان فى التنظيم وتاريخها من تقديم الخدمات الاجتماعية. وبالإضافة إلى كل هذا، فبعد أن ظل الإخوان طويلا فى صفوف المعارضة، وتنصل الإسلاميون من المسؤولية عن وضع البلد عشية الانتخابات، فهم الآن فى السلطة وبدؤوا يحملون مسؤولية أوضاع مصر المأساوية بما فى ذلك اقتصاد منهار وارتفاع فى معدلات الجريمة وعدم الاستقرار الاجتماعى، وبدأت الهالة التى تحيط بهم تتبدد بالفعل. وتابع كروتهامر أنه لهذا لا شىء محتوم بالنسبة إلى حكم الإخوان، والمشكلة هى أن المعارضة العلمانية منقسمة، وغير منظمة وتفتقر إلى القيادة، كما أنها تتعرض للقمع على يد مرسى الذى يتحول بشكل متزايد إلى رئيس سلطوى. وأوضح أن أنصار الرئيس الإخوانى اعتدوا على المتظاهرين فى القاهرة، وقوات أمنه قتلت أكثر من 40 شخصا فى بورسعيد، وهو يقوم بملاحقة الصحفيين، ويقمع حرية التعبير، ويخترق صفوف الجيش ويحاول إخضاع القضاء. ومرسى الآن -والحديث ل كروتهامر- يحاول أن تغيير دفة الانتخابات البرلمانية، بل تزويرها لدرجة أن المعارضة دعت لمقاطعتها كما أن المحكمة الإدارية العليا أعلنت للتو تعليق إجراء الانتخابات. لهذا يجب أن يكون الدعم الأجنبى الذى تقدمه واشنطن لمصر، مشروطًا بتراجع مرسى عن قمعه ومنحه مساحة للمعارضة العلمانية والديمقراطية، حسب الكاتب الأمريكى، الذى يقول إن هذا هو موضع الخطأ الذى ارتكبه كيرى. وأوضح أن كيرى استخدم ورقة المساعدات للضغط على مرسى فى ما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية فقط، وليست السياسية. وسخر كروتهامر من هذا النهج الذى اتبعه كيرى فى القاهرة، قائلا إن وزير الخارجية الأمريكى كان يحاول أن يضغط على مرسى لكى ينجح فى الوفاء بمتطلبات قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 4.8 مليار دولار. وأضاف أن بالنظر إلى أن جزءا من ال4.8 مليار دولار تدفعها الولاياتالمتحدة فى النهاية، فهناك بلا شك جانب كوميدى فى ما يطلبه كيرى. وتساءل: «أى نوع من التنازلات هذا عندما تجبر حكومة أجنبية على أن تأخذ المزيد من أموالنا؟! ومضى للقول إن الولاياتالمتحدة يهمها أن يكون اقتصاد مصر قويا لكن همها الأساسى هو سياساتها، متسائلا عن أى مصلحة فى مساعدة الاقتصاد تحت حكم الإخوان. وختم بالقول إن مصلحة الولاياتالمتحدة فى وجود مصر لا تكون خاضعة لحكم الإسلاميين وبلا قمع أو طائفية، وتعيش فى ظل حكم ديمقراطى قدر الإمكان. وإذا كنا لنقدم المساعدات الخارجية، فينبغى أن يكون هذا مقابل تنازلات سياسية، فى ما يتعلق بحرية التعبير ومعارضة بلا قمع وإجراء تعديلات على الدستور الإسلامى وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.