بمناسبة بدء جريدة الشروق فى مبادرة جديدة تهدف إلى الحوار بين الأحزاب السياسية، فمن الضرورى أن يكون لهذا الحوار بعده الشبابى، فقد اقتصرت المحاولات السابقة للحوار على رؤساء هذه الأحزاب وقياداتها العليا دون اهتمام مماثل بإجراء حوار مباشر بين شباب هذه الأحزاب حول القضايا الآنية المتعلقة بنسب تمثيل الشباب فى البرلمان سواء فى المقاعد المخصصة للقائمة أو فى المقاعد الفردية، أو حول قضايا أعمق تتعلق بمستقبل دور الشباب فى النظام السياسى الجديد بشكل عام، أو بكيفية الدفع بهولاء الشباب إلى المناصب القيادية العليا فى الأحزاب التى يسيطر عليها الأجيال الأكبر سنا. الحوار بين شباب الأحزاب مهم لأكثر من سبب. أولها، أنه حوار مرن مبنى على توافقات قائمة تحت السطح بالفعل، فمعظم هؤلاء الشباب شاركوا معا فى عديد من الفعاليات المشتركة المعلنة وغير المعلنة سواء فى ظل ثورتى 25 يناير أو 30 يونيو أو فى غيرها من الأحداث الكبرى خاصة أثناء فترة حكم الإخوان. وإن كانت العلاقات البينية بينهم يشوبها أحيانا التوتر، فهو توتر مبنى فى الغالب على اندفاع وحماس لا على مصالح وترتيبات مؤسسية تسعى للاستفادة من كعكة مرحلة ما بعد الإخوان. وثانيها، أنه حوار له جذور، وكان لوزارة الشباب سابق خبرة فى هذا المجال، ففى عام 2013 نظمت الوزارة أربع جلسات حوارية شارك فيها 12 حزبا سياسيا، ومؤتمرا فى شهر سبتمبر من العام نفسه شارك فيه 325 شابا من 18 حزبا، وقد نجح الحوار مبدئيا فى تقليص حالة الشك المتبادل بين شباب الأحزاب، والتمهيد لدور سياسى للوزارة فى دعمهم وتمكينهم من الاستفادة من منشآت الوزارة وتنفيذ الأنشطة الشبابية بها. وثالثها، أن الحوار بين شباب الأحزاب هو حوار حول المستقبل.. مستقبل مصر من خلال البرلمان القادم الذى يرغب الجميع فى أن يكون معبرا عن روح ثورتى 25 يناير 30 يونيو وعن الشباب الذين قاموا بالدعوة إليهما والمشاركة فيهما.. ومستقبل هذه الأحزاب نفسها، والتى تحتاج إلى «إعادة اختراع» أنفسها، وتبنى مبادرات خلاقة للتعامل مع المستجدات الجديدة التى تواجهها مصر بعد 30 يونيو، وخاصة فى مجال حشد الشباب للمشاركة فى المشروعات القومية التى تنفذها أجهزة الدولة، ومحاربة انتشار أفكار التطرف والإرهاب والإلحاد التى بدأت تضرب بعمق فى أعماق الداخل المصرى. ولنجاح هذا الحوار، فمن الضرورى أن تبدأ الأحزاب السياسية بنفسها، وأن تقوم بفتح حوار شفاف مع الشباب بداخلها حول أفضل السبل لتمكينه والدفع به إلى تولى المناصب القيادية العليا والترشح فى الانتخابات، فالملاحظ تدنى نسبة تمثيل الشباب فى المناصب القيادية العليا فى الأحزاب وتراوحها فى تلك التى تتسم بتنوع جيلى كبير بين 10-25%، مع استثناءات محدودة أبرزها حزب مستقبل وطن الذى لا يتجاوز عمر رئيسه 23 عاما، وأحزاب الدستور ومصر القوية والتيار الشعبى وتمرد تحت التأسيس الذين تزيد نسبة تمثيل الشباب فى هيئاتها القيادية عن 60%. ••• من المهم أيضا لنجاح الحوار أن يقوم الشباب بتحديد أجندة الحوار بأنفسهم دون وصاية من أحد، وهذا هو المعنى الذى أكد عليه وزير الشباب خلال لقائه بشباب حزب مستقبل وطن فى معرض حديثه عن جهود الوزارة فى تنظيم المؤتمر الثانى لشباب الأحزاب، وأن يرى الشباب بأنفسهم مخرجات هذا الحوار توضع حيز التطبيق. المطلوب بناء تكتل شبابى وطنى عابر للأحزاب، ولا أقصد بذلك على الإطلاق القفز فوق الاختلافات الموضوعية بين برامج الأحزاب، فهذا أمر لا يمكن إنكاره، ولكن المقصود أن هناك قواسم ومهام مشتركة تجمع بين شباب الأحزاب رغم اختلافاتهم السياسية. ويمكن أن تشمل هذه القواسم على سبيل المثال قيادة جهود تمكين الشباب ونقل المناشدات المستمرة للرئيس السيسى فى الدفع بالشباب فى كل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وفى كل ميادين العمل والنشاط إلى أرض الواقع، والالتحام الحقيقى بمشاكل المواطنين بعيدا عن الاكليشيهات والصيغ النمطية المطروحة فى البرلمانات السابقة، وصياغة سياسات عامة جديدة تلائم متطلبات المرحلة القادمة. ويبقى على هذا الحوار المسئولية الأهم وهى إنهاء حالة الجدل العقيم بين أنصار كل من ثورتى 25 يناير و30 يونيو باعتبارهما خطوة واحدة فى المضى بمصر نحو طريق الديمقراطية والتنمية.