تسعى مؤسسة «الرئاسة» إلى استيعاب أفكار جيل ثورتى «25 يناير» و«30 يونيو»، فى ظل غضب قطاع واسع منهم من عودة بعض الممارسات الأمنية، التى تسببت فى عزوف نسبة من الشباب عن المشاركة فى الاستفتاء على الدستور، منتصف يناير الماضي، إلا أن الأمور تحولت داخل قصر «الاتحادية»، إلى سباق وتنافس بين مستشار رئيس الجمهورية للشئون السياسية والاستراتيجية، الدكتور مصطفى حجازي، ومستشار الرئاسة الإعلامي، أحمد المسلماني، حول من يحقق النجاح فى استقطاب الشباب، فيما يمكن وصفه بتبادل النيران الصديقة. الصراع بين حجازى والمسلماني، بدا واضحاً بعد رعاية الأول لمشروع «مفوضية الشباب» الذى اقترحته مؤسسة الرئاسة لتجميع أفكار الشباب والسعى لتحقيقها، بينما اهتم الثانى بالإعداد للقاءات تجمعه بممثلى شباب القوى الثورية، فى مسعى بات واضحاً حول أيهما يحقق النجاح على الآخر داخل أروقة «الاتحادية»، خاصة أن هناك مواجهة بينهما فى ساحة التأليف والنشر، فحجازى يستمتع بنجاح كتابه الجديد «حجر رشيد - الخروج الآمن لمصر»، فيما يتابع المسلمانى أصداء طبعات جديدة لكتابيه «ما بعد إسرائيل»، و«خريف الثورة»، فى ظل أنباء عن تطلعهما لشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، منذ استقالة محمد البرادعى فى أغسطس الماضي. وحقق حجازى انتصاراً أولياً، بعدما عقد بقصر «الاتحادية» الرئاسي، اجتماعاً للخبراء الممثلين لقطاعات القوى الوطنية المختلفة من المعنيين بفكرة إنشاء «مفوضية للشباب»، الأربعاء الماضي، لمناقشة بنود مشروع قانون المفوضية الوطنية المستقلة للشباب بغرض الوصول به إلى الشكل النهائي، تمهيداً لطرحه فى ورشة حوار موسعة مع القوى الشبابية المصرية بمختلف فئاتها وتوجهاتها. وأكد حجازي، أنه وفاء باستحقاق «خارطة المستقبل» وتلبية للمطالب الشبابية، فإن مؤسسة الرئاسة ترعى إنشاء مفوضية الشباب، فى إطار جهود مؤسسة الرئاسة لدعم ورعاية الأطر الوطنية المؤسسية الهادفة إلى التمثيل العادل للشباب بمختلف فئاته بغرض تأهيله وتمكينه، وفى سياق سلسلة الاجتماعات التى عقدتها مؤسسة الرئاسة، اعتبارا من شهر سبتمبر 2013 بغرض مناقشة فكرة إنشاء «مفوضية وطنية مستقلة للشباب». وأشار حجازى إلى أن المفوضية تمثل الكيان الوطنى الضامن لصدق التعبير عن الشباب المصرى بكل تنوعه ولاستقلالية العمل الشبابي، بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والذى يرمى إلى إتاحة الفرص المتكافئة لتأهيل الشباب من خلال فاعلياتهم المختلفة، وذلك بغية تفعيل دورهم وتعزيز مشاركتهم فى عملية صنع القرار بكل مؤسسات الدولة الخاصة والعامة. فى المقابل، لم يستسلم المسلماني، إذ خرج بعدها بيوم واحد فى تصريحات صحفية، ليؤكد أن اللقاء المرتقب لشباب ثورتى «يناير ويونيو» فى رئاسة الجمهورية، سيضم أغلبية من الوجوه الجديدة، بالإضافة إلى عدد من الوجوه القديمة فى الثورتين، مضيفاً: «منفتحون على الشباب المصرى بكل توجهاته وأطيافه، ونريد أن نؤكد أننا لسنا بصدد توزيع غنائم، بل بصدد وضع الجميع أمام المسئولية التاريخية، وتهيئة بلادنا لمستقبل أفضل». الغريب أن حجازى والمسلمانى تجاهل كل منهما مجهود الآخر فى مسألة مخاطبة الشباب، وكأن كلا منهما يعمل فى واد منفصل عن الآخر، أو أنهما لا يعملان فى القصر الرئاسي، لتبدو معالم الصراع واضحة بينهما، وهو ما أكدته عضو حملة «تمرد»، إيمان المهدي، ل«الصباح»، قائلة: «الصراع على استقطاب الشباب بات واضحاً بين مستشارى الرئيس، فكل منهما يعمل بشكل منفرد دون التنسيق مع الطرف الآخر». وتابعت المهدي: «الأخطر أن لكل من حجازى والمسلمانى منهجا ورؤية مختلفة فى مخاطبة الشباب، فمثلاً المسلمانى يعتمد على دعوة الوجوه الجديدة وتيارات شبابية ظهرت فى أحداث ثورة «30 يونيو»، بينما يتجاهل شباب جبهة «الإنقاذ الوطنى»، وهم من شباب ثورة يناير فى معظمهم، وهو ما يجعل هناك فجوة بين الشباب، وكأن هناك مجموعة قامت بالثورة الأولى، ومجموعة أخرى قامت بالثورة الثانية». وطالبت المهدى رئيس الجمهورية، المستشار عدلى منصور، بالتدخل وإنهاء الصراع بين مستشاريه، وتركيز أداء الرئاسة على المفوضية باعتبارها تمثل الكيان الوطنى الضامن لصدق التعبير عن آراء الشباب المصرى بكل أطيافه، على أن يقوم الرئيس برعاية المفوضية بنفسه لضمان استقلاليتها. بدوره، قال القيادى بحزب «الوفد»، حسام الخولي، إن كثرة الدعوات الخارجة من الرئاسة حول الحوار مع الشباب تضعف من تأثيرها، ويؤكد أن مثل هذه الدعوات لن تؤدى إلى النتائج المرجوة منها، مطالباً بتوحيد الدعوة إلى مشروع رئاسى يضم جميع الأفكار للحديث مع الشباب على اختلاف انتماءاتهم من أجل الخروج بنتيجة حقيقية، مشيراً إلى ضرورة قيام الحكومة بدورها للمحافظة على أرواح الشباب الجامعى من القتل نتيجة أعمال الشغب والعنف التى تحدث فى الجامعات، من خلال التقارب الفكرى بينهم بإقامة حوارات مختلفة مع الشباب فى مختلف الجامعات حتى لا نصادف مثل هذه الأحداث مرة أخرى بدلًا من الاستعجال فى إنشاء مفوضية لا عمل لها على أرض الواقع.