تلقي أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء أمس تقريراً بشأن نتائج أعمال اللجنة المشكلة لدراسة الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بشأن مشروع مدينتي وأسلوب تنفيذه، وأكدت اللجنة علي الاعتبارات التي يجب مراعاتها قبل التطرق إلي الأسلوب الواجب اتباعه لتنفيذ الحكم: 1- إن محل العقد المقضي ببطلانه أي الأرض البالغ مساحتها ثمانية آلاف فدان لم يعد موجوداً بالحالة التي كان عليها عند إبرام هذا العقد، فقد تحولت هذه المساحة من صحراء جرداء لا ظل فيها ولا ماء ولا شجر ولا بناء إلي بنية أساسية ومجتمع عمراني ومرافق عامة وطرق ومنشآت تكلفت أموالاً طائلة، مما يستحيل تجاهله ويستحيل معه أيضًا إعادة الحال إلي ما كان عليه قبل التعاقد كنتيجة طبيعية للحكم ببطلان العقود بصفة عامة. 2- إن إعادة الأرض البالغ مساحتها ثمانية آلاف من الأفدنة للهيئة لتعيد التصرف فيها مرة أخري دون أن تضع في اعتبارها ما تم عليها من تحول وتغيير أمر لا يمكن الالتفات عنه ولا يمكن معالجة ذلك عن طريق الاحتكام إلي قواعد البناء علي أرض الغير لأن مؤدي ذلك نسج شبكة متعارضة ومعقدة من المصالح المتضاربة قوامها مدي التعويض الذي لا قبل لأحد به سواء فيما يتعلق بتعويض الشركة عن المباني والمنشآت وتضارب علاقات المتعاملين علي تلك المنشآت وهم كلهم يتوافر في حقهم حسن النية فلا يمكن أن ينسب إلي تلك الشركة خطأ ولا سوء نية في إبرام عقد، قرر الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا أن الإدارة التي أبرمته معها عقدته بالمخالفة للقانون فضلاً عن الآثار السلبية الخطيرة التي تطول جميع الأطراف. وحدات مدينتي 3- إن من تعاملوا علي وحدات بمشروع مدينتي لم يتعاملوا علي مبانٍ ومنشآت بحوائط ولها أسقف وأبواب وإنما تعاملوا وتحددت الآثار المالية لتعاملهم علي أساس وجودهم في المشروع بأكمله وكما تم التخطيط له عند التعامل والمركز القانوني للمتعامل يمتد إلي حقه في أن يكون موقعه في مجمل مخطط المدينة وبكامل موجوداتها ومرافقها وبامتداد تخومها العمرانية. 4- إنه ولئن كان من الأصول المقررة في شأن بطلان العقود أنه يعدم وجودها كعمل قانوني إلي أنها تبقي عملاً ماديا وواقعة فعلية قائمة وبهذه المثابة تكون قادرة علي أن تنتج بذاتها ضروبا من الآثار القانونية يحتمي بها الظاهر ويستدعيها استقرار المعاملات والمراكز الذاتية للأطراف المعنية. 5- إن استقرار المراكز القانونية لجميع الأطراف المتعاملين علي مشروع مدينتي وعدم تصدعها هو أمر لازم الحرص عليه لأنه بغير شك من مقتضيات الصالح العام لذلك يتطلب الأمر بالغ التحوط عند تنفيذ الحكم ومعالجة الآثار المترتبة علي هذا التنفيذ فالأولوية دائما للصالح العام الذي يرتبط ارتباطا لا يقبل التجزئة بمصلحة ومراكز الأطراف المتعاملة في هذا المشروع بما في ذلك بطبيعة الحال الشركة المتعاقدة والمتعاملين معها من الأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص الاعتبارية ومن المساهمين فيها لأن كل ذلك يصب في النهاية إلي تدعيم مناخ الاستثمار العام في مصر وإرساء دعائم الثقة في معاملات أجهزة الدولة. توصية اللجنة ثانياً: بناء علي ما تقدم أوصت اللجنة بتنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا من خلال: 1- قيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإنهاء العقد المبرم بينها وبين الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني المؤرخ في 1/8/2005 وملحقه المؤرخ في 21/12/2005 نافذاً للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 14/9/2010 ويستتبع ذلك بطبيعة الحال أحقيتها في استرداد المساحة محل العقد «وملحقه» المقضي ببطلانها واستلامها استلاما حكيما واسترداد حقها في التصرف فيها مرة أخري. 2- قيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بمجرد استردادها لمساحة الثمانية آلاف فدان محل العقد المقضي ببطلانه وملحقه، بالتصرف فيها مرة أخري وذلك باتباع الإجراءات القانونية السليمة في هذا الشأن عن طريق تطبيق المادة 31 مكررًا المضافة بالقانون رقم 148 لسنة 2006 إلي قانون المناقصات والمزايدات والتي نصت علي أنه استثناء من أحكام المادتين «30 و31» من هذا القانون يجوز التصرف في العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين بحد أقصي مائة فدان في الأراضي الصحراوية والمستصلحة وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة وكذلك بالنسبة إلي زوائد التنظيم وفي غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء علي اقتراح وزير المالية يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل وأسلوب سداده. تعديل قانون المناقصات ومن خلال تطبيق أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 الذي صدر نفاذا لتعديل قانون المناقصات والمزايدات إذ إن ذلك التعديل يتيح للهيئة التي استردت المساحة المشار إليها التصرف فيها مرة أخري للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني بالبيع بطريق الاتفاق المباشر استنادا علي توافر حالة الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية واقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، كما نصت علي ذلك- صراحة- المادة 31 مكررًا من قانون المناقصات والمزايدات سالفة البيان. وتري اللجنة أن إعادة التصرف بالبيع بالاتفاق المباشر مع الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني يجد سنده القانوني في توافر حالة الضرورة المشار إليها في هذا النص، إذ إن الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية التي تقتضيها المصلحة العامة قد استقامت وتحققت في الواقع، فالثابت من مدونات الحكم أن الشركة قد أتمت جانبا كبيرا من المشروع وأصبحت هناك بنية أساسية قائمة بالفعل علي أرضه بما تشملها من مبان ومنشآت ومرافق ووسائل خدمات وإقامة بعض المواطنين بداخل مساكنهم المقامة علي هذه المساحة علي نحو يشكل مجتمعا عمرانيا جديدا شيدته تلك الشركة يلزم الحفاظ عليه وتدعيم استمراره ووجوده دون اتخاذ أي إجراء يكون من شأنه إعاقته أو تعطيل الاستفادة منه، ومن كل ذلك يضحي إعادة التصرف في هذه الأرض إلي الشركة ذاتها يتهادي وأحكام قانون المناقصات والمزايدات في تعديله الصادر بالقانون 148 لسنة 2006- علي أن تدخل الهيئة في اعتبارها ضرورة الالتزام بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 الذي حدد الشروط التي يلتزم توافرها لإجراء السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل له وأسلوب سداده. 3- علي هيئة المجتمعات العمرانية، وفي مقام تحديدها للسعر الذي سيتم بموجبه التصرف، أن تطبق الأحكام والشروط التي جاء قرار رئيس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 في المادة الحادية عشرة منه وذلك عن طريق الاتفاق مع وزير المالية ووزير الإسكان بناء علي المبررات التي تبديها كلا الوزارتين فيما يتعلق باقتراح مقابل التعامل وأسلوب السداد، علي أن تقوم اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بالتحقق من مناسبة هذا المقابل، علي أن يعرض السيد وزير المالية ما تنتهي إليه اللجنة علي مجلس الوزراء لاعتماده. وأكدت اللجنة علي استقرار المراكز القانونية لجميع الأطراف وعدم تصدعها أمر بلا شك من مقتضيات المصلحة العامة وهو ما جاء وحرص عليه التعديل الحاصل لقانون المناقصات والمزايدات في عام 2006 وهذا الاستقرار لا يأتي إلا باستمرار تنفيذ مشروع مدينتي بذات أطرافه. لا مخالفة قانونية ولا يمكن القول بأن في ذلك مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات بل هو إعمال له، وليس إعادة البيع مرة أخري للشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني- ما يسمح للقول بأن ذلك يعد التفافا علي الحكم بالبطلان بل إن تنفيذه علي هذا الوجه أمر واجب للاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية السالف بيانها كما أن في ذلك التنفيذ تطبيقًا لأحكام قانون المناقصات والمزايدات بعد تعديله بالقانون رقم 148 لسنة 2006. وفي ختام التقرير فإن اللجنة وفي مقام قيامها بدورها المنوط بها بدراسة الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا وأسلوب تنفيذه تناشد المشرع إعادة النظر في أحكام القوانين المنظمة لأعمال واختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية وتيسير ذلك بالطرق القانونية الممكنة وما يتضمنه ذلك من التصرف في أراضي الدولة لتحقيق هذه الرسالة وعدم فرض قيود عليها تجعلها هيئة تسعي إلي الاتجار في هذه الأراضي دون السعي إلي بناء وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة وبما يتجنب مثل ما أثارته الحالة المطروحة. ثالثًا: قرر د.أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية تضم كلاً من مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية ويوسف بطرس غالي وزير المالية وأحمد المغربي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، للنظر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع هذه التوصيات محل التنفيذ والعرض علي اجتماع مجلس الوزراء المقرر عقده يوم الأحد الموافق 26 سبتمبر 2010.