قال لي أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين العقلاء: نعلم جيداً أن الكارثة الكبري التي حلت بجماعتنا وأطاحت بالرئيس المنتخب محمد مرسي من قصر الاتحادية وجلبت لنا كراهية كثير من المصريين علي اختلاف طوائفهم وميولهم يتحملها قيادات إخوانية هائجة ابتلاها الله بالغباء السياسي والغرور والكبرياء الزائف والانخداع بتحريض قوي خارجية أوهمت قيادات الجماعة بأن حكم الإخوان محمي من المجتمع الدولي واستحالة زعزعته داخلياً دون إرادة دولية. قلت له: أحترم عقلك وموضوعيتك.. لكن ما نسبة من يؤمنون بهذه الحقيقة المرة من شباب الإخوان؟ هز الشاب الذي رفض الكشف عن هويته رأسه حزناً وأسفاً علي انسياق شباب الجماعة وراء دعوات التصعيد الأهوج من قيادات إخوانية غير قادرة علي التوجيه الصحيح وقال: للأسف نسبة قليلة من الشباب هي التي تدرك حقيقة الجرم الذي ارتكبه هؤلاء في حقنا. لقد خسرنا أصدقاءنا وزملاءنا وجيراننا وأصبحنا نخشي الخروج من منازلنا ليس بسبب المطاردات الأمنية ولكن بسبب استياء الناس منا واتهاماتهم التي تلاحقنا حيث نري في عيون أصدقائنا وجيراننا وكل من نتعامل معهم كل الاتهامات. صمت الشاب الإخواني الذي أثق في رجاحة عقله وحسن تربيته وقال: تخيل لنا جار سقط ابنه ضابط الشرطة شهيداً علي يد الإرهابيين في سيناء يحملنا نحن مسئولية قتله مع أن هذا الشهيد كان صديقاً لنا وكان زميل دراسة لي في الثانوي وكنت أقضي معه أجمل الأوقات.. الآن تنظر لنا أسرته علي أننا قتله ومجرمون وأننا وراء استشهاده!! *** آلام هذا الشاب الإخواني العاقل تجسد جانباً من الصورة المحزنة التي يغفل عنها كثير من شيوخ الجماعة وشبابها الذي تربي علي السمع والطاعة وتنفيذ ما يساق إليه دون تفكير ودون وعي ودون مناقشة. كلمات هذا الشاب الإخواني العاقل تؤكد أن كثيراً من أتباع جماعة الإخوان المسلمين كانوا ضحية قيادات طائشة لم تحسن "أولا" استغلال فرصة تاريخية جاءت للجماعة علي طبق من ذهب وهي حكم أكبر وأعرق دولة عربية إسلامية. ولم تحسن "ثانيا" التعامل مع شعب جريح خرج من سنوات ظلم وقهر امتدت لأكثر من نصف قرن ويبحث عن الحرية والحياة الكريمة. ولم تحسن قيادات الجماعة "ثالثا" التعامل مع أزمة حقيقية تعرضت لها بعد عزل مرسي واستهترت بإرادة شعب خرج بالملايين ثائراً وتعاملت مع موجات غضبه وسخطه باستخفاف ووصفت حشوده في الشوارع والميادين بأنها "فوتوشوب". عشرات الشباب من ضحايا جماعة الإخوان المسلمين الذين سقطوا في مواجهات مع أجهزة الشعب والجماهير الغاضبة كانت بالفعل ضحية قيادات طائشة سيطرت عليها شياطين الجن والانس ودفعتها إلي التهلكة في جهاد مزيف وحرب خاسرة.. ونسأل الله أن يغفر لهم ذنوبهم وأن يحشرهم مع الشهداء الأبرار فقد كانوا ضحية خداع وتضليل من أناس فقدوا التمييز بين الحق والباطل. *** قلت لهذا الشاب الإخواني العاقل والمتزن والواعي: تصحيح أخطاء قياداتكم الطائشة مازال في أيديكم.. أنتم أبناء هذا الوطن تنعمون بأمنه واستقراره وخيراته عندما يكون آمناً مستقراً مزدهراً. وتدفعون مع بقية المصريين ثمن التخريب والحرق والتدمير والترويع الذي يتعرض له المجتمع الآن علي يد أناس يرفعون شعارات جماعتكم وصور رئيسكم المعزول. قلت للشاب الإخواني الذي أثق به وأحبه: لم يكن أحد في هذا الوطن يحمل لكم كراهية قبل ثورة يناير. بل كان الجميع يتعاطف معكم ويرفض ما تتعرضون له من ظلم وكان الكثيرون يناصرونكم في الانتخابات البرلمانية والنقابية انطلاقاً من هذا التعاطف. عليكم أيها الشباب أن تدركوا أن ممارسات قياداتكم الخاطئة منذ قيام الثورة وحتي الآن هي التي أوصلتكم إلي ما أنتم فيه الآن وجلبت لكم غضب الشعب المصري وسخطه. وأنكم قادرون علي تصحيح الصورة إذا ما توقفتم عن تنفيذ الأوامر التي ترد لكم من خلف أسوار السجون. عليكم يا شباب الجماعة الراشد أن تدركوا أن هذا ا لشعب لم يلفظكم كما يصور لكم البعض وأن المصريين جميعاً يرحبون بكم شركاء بناء وتعمير وأدوات تنمية. عليكم أن تدركوا أن البيئة المصرية ليست بيئة إقصائية والنفوس المصرية نفوس طيبة خيرة تغلفها الرحمة ولا تتمكن منها الكراهية. وتصرفات الطائشين من شيوخ الجماعة وشبابها هي التي أججت مشاعر الغضب تجاهكم وعليكم أن تعودوا إلي أحضان الوطن وتؤكدوا لكل المصريين أنكم تحبون تراب هذا الوطن أكثر من الذين يتاجرون بالشعارات الوطنية. عليكم يا شباب الجماعة ذكوراً وإناثاً مسئولية مواجهة كل صور الإسفاف والبذاءة التي تصدر عن بعض المنتسبين لكم. فلا يشرف الجماعة أن يقف بين صفوفها أو يخرج في مظاهراتها أو يتحدث باسمها أناس يمارسون كل صور القبح اللفظي والسلوكي كالذين رأيناهم ومازلنا نراهم في مسيراتها. عليكم يا شباب الجماعة العاقل أن تبعثوا برسالة واضحة لقياداتكم خاصة الطائشين منهم بأن يكفوا عن التحريض الذي يؤدي إلي التهلكة ويصعد من موجات الغضب ضدكم فأنتم لن تستطيعوا أن تعيشوا في عزلة عن هذا الشعب الذي احتضنكم ويرحب بكم شركاء بناء وتنمية واستقرار ويلفظكم لو استجبتم لتحريض القيادات الهاربة والقابعة خلف الأسوار. يا شباب الإخوان: إن هذا الوطن وطنكم ولا يستطيع أحد أن يقصيكم منه كما لا تستطيع قوة أن تصادر حرياتكم مادمتم تشاركوننا احترام القانون وتطاردون محترفي الفوضي وتطردونهم من صفوفكم. يا شباب الإخوان: كلنا معكم ندافع عن حقوقكم ونرعي مطالبكم ونذود عنكم بأرواحنا إذا ما أعلنتم رفضكم وإدانتكم للعنف والحرق والتخريب الذي يتعرض له الوطن علي يد أنصاركم. يا شباب الإخوان العقلاء: أنتم في القلب ونحن جميعاً نمد أيادينا لكم لكي نعمل معاً لبناء مصر واستقرارها لكي يعم أمنها وخيرها الجميع. نسأل الله لكم ولنا الهداية والصلاح والتوفيق.