محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    تدريب موظفي قطار العاصمة على كيفية استخدام لغة الإشارة    أوبك ترفع توقعاتها للطلب العالمي على النفط حتى 2050    شلمت اغتيال هنية وعصابة نتنياهو، كلمة قوية لأردوغان في الأمم المتحدة    نتنياهو يؤجل زيارته إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة    مهددًا بفرض رسوم باهظة.. ترامب: شركات السيارات الألمانية يجب أن تكون أمريكية    فانتازي يلا كورة.. 3 اختيارات مضمونة في أرسنال    أبو جبل: لا أخشى مباريات القمة.. وتجاوزت خسارة نهائي القرن بصعوبة    ممدوح عباس: أطمئن جماهير الزمالك قبل السوبر.. وتحدثت مع جوميز بسبب الظهير الأيسر    ظهور صورة أحمد رفعت في مقر نادي مودرن سبورت الجديد    المرأة والساطور.. "ثريا" تشرع في قتل زوجها وتصيب ابنها والسبب منزل    وفد الصحة العالمية يشيد بجهود الطب الوقائي في الإسماعيلية لترصد الأمراض (صور)    الإسكان تكشف سبب إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال    محافظ أسوان يكشف آخر تطورات النزلات المعوية والحالة الصحية للمصابين    آيتن عامر تعلق على أزمتها مع طليقها وكواليس فيلمها الجديد (فيديو)    إلهام صفي الدين تكشف تفاصيل دورها في فيلم عنب (فيديو)    متهم بسرقة المليارات وتهريب الآثار..السيسي يُعيّن بطرس غالي وزير مالية مبارك "الهارب" ب"مجلس التنمية الاقتصادية"    أحمد موسى بعد الإصابات المعوية بأسوان: خلي بالك من العيش    الصحفيون الفلسطينيون نجم جوائز هيكل للصحافة العربية    ليلى عز العرب ونور قدري وطاهر أبو ليلة أبرز حضور العرض الخاص لفيلم "عنب"    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    رغم تحسن الطقس.. الشبورة المائية في الصباح قد تسبب خطورة على الطرق    الكشف على 1049 مواطنًا خلال قافلة مجانية في البحيرة.. صور    تاج الدين: متابعة دقيقة للقادمين من الدول التي تشهد انتشار أمراض وتطعيمات للأطفال    «اتكلم باحترام».. كيف رد نجوم الزمالك على أحمد بلال؟    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    رفضا أخذ أي مكافأة.. أمانة مسعفان عثرا على 50 ألف جنيه في حادث طريق بالغربية    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للقوات الجوية والدفاع الجوى    تحديد موعد أول كلاسيكو فى الموسم بين ريال مدريد ضد برشلونة    "قلع الجلابية قدامها".. الداخلية تكشف تفاصيل التحرش بفتاة بسنتر تعليمي في القاهرة    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    وزير الشباب يناقش الخطة الإنشائية والفرص الاستثمارية للوزارة    5 توصيات لندوة "الأزهر" حول المرأة    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    محافظ المنيا يتابع أعمال رصف ورفع كفاءة عدد من الشوارع والطرق ببني مزار    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    توسيع نطاق الأعمال بمبادرة ابدأ.. كيف يمكن للصناعات المصرية الوصول للسوق الفنلندي؟    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    زيلينسكي يسعى لحشد الدعم للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أسبوع المناخ    وزير الصحة يتفقد مكتب صحة الأسرة بالفجالة ويحول المتغيبين عن العمل إلى التحقيق    باستخدام كبرى العلامات التجارية.. التحقيق في واقعة ضبط مصنع أسمدة منتهية الصلاحية بالغربية    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    برغم القانون الحلقة 8.. مواجهة بين محمود وأكرم تكشف أسرار الماضى    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عيادنجي".. 245 جنيها لا تزال في جيبي
كتب المقال قبل وفاة الشهيد الدكتور أحمد عبد اللطيف
نشر في الوطن يوم 05 - 01 - 2014

لم تكن "فريدة" تعلم أن أجمل اللحظات التي كانت تجمعها ب"أسامة" داخل راوند الباطنة بكلية طب وفي مدرجاتها ما هي إلا حلم كان قد أوشك على الانتهاء.
تتفتح الأزهار وتخرج للنور وهي بكامل نشاطها وكأنها تقول للعالم "أنا هنا.. قادمة.. استعدوا وأفسحوا لي في أوساطكم مكانًا".. وهكذا يكون خريج كليات الطب حديث التخرج، فبعد سنين عجاف أقلها ست وأكثرها سبع سنين للطب البشري يخرج الطبيب وهو يحمل قدرًا لا بأس به من العلم ينوي كالأزهار أن يباهي به الجميع ويتبوأ مكانه الموعود وسط العامة ولكن الفرق أن الأزهار تولد متفتحة، والطبيب يولد وأوراقه قد شابها الذبول.
وهنا يخرج أسامة وتشتبك يديه بأيدي فريدة عازمين على التوجه للبنك المركزي القابع بوسط البلد لصرف أول شيك من المكافأة الشهرية لطبيب الامتياز المقدرة من الحكومة، وهي 245.48 جنيه، وبالرغم من ضآلة المبلغ إلا أن أُنس اللمة بالحبيب ولذة أول مرتب قد تتخطى المبلغ لتحقق المبتغى من نيل الأجور وهو.. سعادة التعب !!.
فيتفقان على الاحتفاظ بها كذكرى لجمع الحبيبين واستشهادًا لنسلهم على تقدير الحكومة لهم !!
ويضعها في جيبه !!
يتفرّق الحبيبان ويذهب كل منهما باكرًا لمكان العمل ومن داخل مستشفى (سيد جلال) بباب الشعرية يقف أسامة داخل الاستقبال، وتتجاوز نصاعة بياض البالطو الأبيض الذي يرتديه عفاء المهمة وثقلها ويُعلق المحاليل ويُركب (الكانيولا) ويعطي الحقن وبابتسامة يشوبها الإرهاق يخفف الألم ويتجاوب المرضى وينهره البعض وتسير الأمور.
وبينما هو منهمك في عمله تتعالى أصوات شجار في الخارج، وللعالمين ببواطن الأمور أنه، وخصيصًا بعد الثورة، لا يمر يوم إلا ويحدث شجار بين الأهالي وأفراد الاستقبال، فلا يعطى أسامة لمثل هذه الأحداث الكثير من الاهتمام ويدخل شابان غارقان في دمائهما وبصحبة ذويهما وأهاليهما تتعالى الأصوات داخل حجرة الاستقبال ويسرع التمريض وأطباء الامتياز لبيان الحالة ومداوة الجرحى.. ولكن.. لا توجد محاليل كفاية.. انتهت كل أدوات الإسعاف بعد عناء يوم طويل.. ويخبرون أهل المصاب بضرورة توفير (حقن) من الخارج، فيهيج الأهالي، ويعتذر الأطباء.. تشتم الأهالي.. ويغضب الأطباء.
يقرر أحدهم أن يرفع (مطواة قرن غزال) على النائب (السنيور) فيسرع أطباء الامتياز للتحجيز، ولكن "سبق السيف العزل" ويصاب أسامة.. ينزف.. يتذكر (فريدة).. لحظات الجمع.. وسنين الكلية.. يصبح الطبيب هو المريض.. ووو.. ويموت أسامة ولا يتبقى من ذكراه.. سوى 245.48 جميه ليتركها لنا، وكأنه يقول إن دمي في رقبتكم أنتم جموع الأطباء.. تركتم حقوقكم والآن تتركون حقي.. ألهتكم عيادتكم أيها (العيادنجية).. فضاعت قيمتكم وانتهى عصركم.. اسألوا أنفسكم هل جميع النهايات تكون سعيدة ؟! هل جميع الأطباء سينهلون من الطب والعمل الخاص الأموال التي تجعلهم مؤمنين؟!.. هل ستسعفك الحياة أن تعيش لترى يومًا حصاد تعبك ؟!.. أم تموت ك"أسامة" قبل أن يبدأ حياته!!.. هل ستعوّض وزارة الصحة أهل أسامة عن سنين عمره التي قضاها في كلية الطب؟! أم هل تخرج له معاشًا وهو الذي يتقاضى هذا الراتب الضئيل.
هل أباطرة الطب الذين أفسدوا المهنة بجشعهم ورسموا صورة الوحش الذي يلتهم الأموال بداعي الطب في رؤوس المرضى، وضعوا أنفسهم مكان أسامة وقد يكون ابنًا لأحد منهم.
نهاية.. إن ما أردت أن أوصّله لكم، وأعكف عليه أن أوضح للجميع أننا بشر نخطئ ونصيب.. منا الفقير ومنا الغني.. نحتاج لإعادة صياغة وننتظر من بلد الثورة التغير.. وأختتم بمقولة لأحد أساتذتي وهو الدكتور أحمد ناصر (مستشفى التحرير العام): إن الأطباء وقّعوا عقدًا غير مكتوب أو موثّق مع وزارة الصحة، ينص على أن تتركهم الوزارة دون رقيب أو حسيب يذهب من يشاء أو لا يذهب وبمقابل مادي ضعيف، شريطة أن يتركوهم ليتفرّغوا لعيادتهم الخاصة، وسُيرعلى هذا العقد أجيال وما زال مستمرًا.. هم صامتون وما زالوا).
إمضاء: طبيب أسنان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.