أغلقت التليفزيون بعدما انتهت النشرة المليئة بأخبار القبض علي المتهمين بالكسب غير المشروع، واستغلال النفوذ، والتربح، والثراء الفاحش! الأربعاء: جلست أشاهد النشرة في التليفزيون، ومع توالي الأخبار سرحت قليلا فتذكرت قصة جميلة كنت قد قرأتها منذ فترة عن معني القناعة، وقيمة السعادة الحقيقية. تقول القصة: جلس رجل أعمال أمريكي في أواخر عمره أمام بيته الشتوي الخاص علي أحد أنهار المكسيك.. جلس وكأنه في الجنة.. يستمتع بالمناظر الخلابة والجو الصافي النقي البديع.. ولفت نظره اقتراب صياد مكسيكي بسيط من الشاطئ.. فنظر رجل الأعمال الأمريكي إلي حال ذلك الصياد البسيط، فوجد مركب صيده غاية في البساطة، وكذلك الأدوات التي يستعملها، لكن لفت انتباهه أن الصياد يغني بسعادة كبيرة، ورأي بجانبه كمية من السمك قام الصياد باصطيادها بالفعل، فناداه بدعوي رغبته في شراء السمك، وإن كان هدفه الحقيقي أن يتعرف علي سر سعادة هذا الصياد الفقير. جاء الصياد إلي رجل الأعمال.. فسأله الأخير بعد شراء كمية من الأسماك: كم تحتاج من الوقت لاصطياد مثل هذه الكمية من السمك؟ أجاب الصياد: ليس الكثير من الوقت يا سنيور. فسأله ثانية: فلماذا لا تقضي وقتا أطول فتكسب أكثر؟ فرد الصياد البسيط: ما أصطاده يكفي حاجتي وحاجات أسرتي بالفعل! فسأله رجل الأعمال الأمريكي مغتاظا: ولكن ماذا تفعل في بقية وقتك؟ رد الصياد بتلقائية: أنام بما يكفيني من الوقت.. وأصطاد لقليل من الوقت.. وألعب مع أطفالي.. وأنام القيلولة.. وأقضي مع زوجتي بعض الوقت.. وفي الليل أتجول مع أصدقائي في القرية، ونجلس معا ونتسامر فترة من الليل.. فأنا حياتي مليئة بما يسعدني.. سنيور. هز رجل الأعمال الأمريكي العجوز رأسه في سخرية من كلام الصياد المكسيكي.. ثم قال له: سوف أسدي لك نصيحة غالية يا صديقي.. فأنا رجل أعمال مخضرم.. أولا: يجب أن تتفرغ أكثر للصيد حتي تزداد كمية ما تصطاده وتترك تماما كل ما يضيع وقتك مع أسرتك وأولادك وأصدقائك. ثانيا: بعد فترة من الزمن، ومع تقدمك المادي، تشتري مركبا أكبر وأحدث من هذا القارب الصغير. ثالثا: يمكنك بعد ذلك بفترة ومع ازدياد أرباحك أن تشتري عدة قوارب كبيرة للصيد. رابعا: ستجد نفسك في النهاية وبعد فترة من الزمن صاحب أسطول بحري كبير للصيد وبدلا من قضاء الوقت والجهد في بيع السمك مباشرة للناس، سترتاح بالتعامل فقط مع الموزعين. وأخيرا: وبعد كل هذا النجاح ستستطيع وبكل سهولة أن تنشئ مصانع التعليب الخاصة بك، والتي يمكنك بها التحكم في إنتاجك من الأسماك وكميات التوزيع أيضا! وتنتقل بهذا النجاح من هذه القرية الصغيرة التي تعيش فيها إلي العاصمة مكسيكوسيتي، ومنها إلي أمريكا وهكذا.. تصبح مليونيرا كبيرا مثلي.. أرأيت يا صديقي المسكين كيف يكون التفكير الصواب؟! سكت الصياد قليلا ثم سأل رجل الأعمال العجوز: ولكن سنيور.. كم يتطلب كل هذا النجاح من وقت؟ ضحك رجل الأعمال قائلا: فقط من 20 إلي 30 عاما. فقال الصياد: وماذا بعد كل تلك السنوات؟ فضحك رجل الأعمال وقال: هنا نأتي لأفضل ما في الرحلة، عندما يحين الوقت المناسب الذي تختاره.. تقوم ببيع جميع شركاتك وجميع أسهمك وتصبح من أغني أغنياء العالم. نظر الصياد البسيط إلي الرجل.. ثم سأله: ثم ماذا؟ قال الرجل العجوز في فرح: تستقيل بالطبع.. وتستمتع ما بقي لك من العمر.. تشتري شاليه صغير.. في قرية صيد صغيرة.. تستمتع فيه مع زوجتك وأبنائك.. تنام بالنهار القيلولة.. وتقضي بعض الوقت مع زوجتك.. تلعب مع أبنائك.. تخرج ليلا تتسامر مع أصدقائك.. وفوق كل ذلك تستطيع النوم لفترات أطول وأجمل! فقال الصياد المكسيكي البسيط في دهشة: هل تعني أن أقضي 30 عاما من عمري في التعب والإرهاق والعمل المتواصل.. والحرمان من زوجتي وأبنائي والاستمتاع بصحتي.. لأصل في النهاية إلي ما أنا عليه أصلا الآن.. شكرا سنيور! أغلقت التليفزيون بعدما انتهت النشرة المليئة بأخبار القبض علي المتهمين بالكسب غير المشروع، واستغلال النفوذ، والتربح، والثراء الفاحش! طبيب يطلب استشارة! الاثنين: وصلتني رسالة علي بريدي الخاص من شاب يطلب استشارتي في أمر شخصي، فهو يدرس الطب في إحدي جامعات الأقاليم في مصر، في سنة الامتياز، وقد سمع ورأي كغيره ما يحدث في ليبيا عبر الفضائيات، تفاعل حسام وتأثر بشدة لما يحدث مع إخوته هناك خصوصا فيما يتعلق بمجال عمله وهو يري مئات الجرحي والمصابين وهم يتدفقون علي الحدود من ليبيا إلي مصر. قرر أن يترك سنة الامتياز، ويتجه فوراً إلي الحدود لمساعدة الجرحي، وتقديم المساعدة الطبية لهم، علماً بأن هذا الغياب عن دراسته سيؤثر علي مستقبله؛ لأن سنة الامتياز يتحدد علي أساسها مستقبل أي طبيب في مصر، وهو يسألني: هل قراري صحيح فأتوكل علي الله وأسافر. أنا كنت في حيرة بين ثلاث إجابات: الأولي أن أنصحه بأن يأخذ إجازة لمدة أسبوع، ويتجه للحدود ويساعد في علاج المصابين ثم يعود لاستكمال دراسته، ويكون قد حقق الدعم الطبي ونال الثواب، والثاني أن أجيبه بأن دعم إخوانه المصابين مقدم علي استكمال الدراسة، إلا أنني توكلت علي الله وأرسلت له الرد الثالث وهو أنه ليس في مرحلة العطاء الكامل، ولم يصل إلي مرحلة التميز الطبي التي يستطيع بها علاج الجرحي والمصابين المتضررين من الحرب، كما أنه ليست لديه الحرية الكاملة ليتصرف في نفسه ومستقبله قبل إنهاء سنة الامتياز، وبالتالي عليه أن يكمل دراسته أولا؛ لأن طلب العلم جهاد في حد ذاته، ولكن يمكنه أن يقوم بنشر دعوات للأطباء الكبار، أو حتي من أنهوا دراستهم، كي يذهبوا ويفعلوا ما لم يستطع هو أن يفعله بنفسه، ويساهم في حملات من هذا النوع لدعم الشعب الليبي.. لك الله يا ليبيا. الواقع.. والإنترنت الخميس: كنت أتصفح ساحات منتدي عمرو خالد دوت نت، وجدت نقاشاً حاداً يدور بين أعضاء المنتدي عن قضية: "بين أصدقاء محيطك القريب وأصدقاء النت.. من تفضل؟". وقرأت بالتفصيل تعليقات الزوار عليه، وحقيقة هذا الموضوع أصبح من الضروري مناقشته علي نطاق أكبر من مواقع الإنترنت التي أصبحت لها سلطة وسلطان كبير بعد ثورة 25 يناير، التي عرفت بثورة "الفيس بوك"، فالتفاف الشباب حول شاشات الكمبيوتر قد يصبح مشكلة إذا تحولت حياة الشاب إلي مجرد "حياة افتراضية" كاملة، خاصة في موضوع هام مثل اختيار الأصدقاء. وهنا أحب أن أوضح أن كل إنسان يحتاج لصديق يحكي له همومه ويشاركه أحزانه وأفراحه، وطبعاً لا نستطيع أن نغفل مكانة صديق النت حتي لو كنا لا نعرف غير اسمه المستعار. فأنا أتفق مع من كتبوا أن أصدقاء النت قد يكونون فعلا من أفضل الأصدقاء، ولكن أيضا يجب أن يكون هناك توازن بين الأصدقاء في الواقع وأصدقاء النت، فالحياة ليست أبيض أو أسود. الإنترنت سيظل وسيلة صلاح الواقع، وطريقة للبحث عن أصدقاء أكثر نضجا.. أصدقاء يجتمعون علي الخير وعلي كل ما هو إيجابي، فالإنترنت وسيلة للتغيير للأفضل، وليست وسيلة للانعزال عن الأهل وبر الوالدين والأصدقاء الحقيقيين. لابد أن نكون إيجابيين، وأن نخدم مجتمعاتنا من خلال النت عبر مشاريع يمكن تطبيقها علي أرض الواقع، فرأيي هو التوازن بين الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي، في كل شئ وليس في اختيار الأصدقاء فقط. علي حائط ال»فيس بوك« إذا كنت لا تعرف كيف تبتسم.. فلن تكسب قلوب الناس. قال أبوذر الغفاري لرجل شتمه ياهذا لا تبالغ في شتمنا .. حتي تدع للصلح مكاناً. اجعل ما بينك وبين الله جميلاً.. يجعلك جميلاً في أعين الناس. أعظم مكافأة للإنسان الكسول.. السقوط.