بعد غياب أكثر من 7 سنوات، عاد المجلس الملي المنتهية ولايته للظهور من جديد علي الساحة القبطية وأصدر بياناً رسمياً نشره المتحدث الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية يعلن من خلاله عن دعمه لقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأمر الذي أثار جدلاً داخل الشارع القبطي حول عودة المجلس الملي ومدي شرعيته وموقف الكنيسة منه. كان المجلس الملي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قد أصدر بيانًا، الأيام الماضية حول ما أسماه "اتجاهات تخالف جميع القوانين الكنسية والوضعية"، أكد خلاله أن هذه الاتجاهات تكتب فيما لا يخصها وتأخذ دور القاضي وتتطاول على الرئاسة الكنسية والقيادات الدينية. وأضاف البيان "يرى المجلس أن هذه الأفعال والكتابات وما فيها من تجاوزات لا تمت بصلة من قريب أو بعيد للمنظومة التي تدار بها الكنيسة القبطية بكل تراثها وعراقتها وفقا للقوانين واللوائح والنظم الروحية والاجتماعية التي وضعها الآباء الأولون للكنيسة القبطية، لذلك فإن المجلس الملي العام يرفض بشدة تلك الحملات غير المبررة والتي تخفي وراءها أغراضاً تستهدف سلامة الكنيسة ووحدتها وعراقتها وبنيانها المقام على صخر الدهور". واختتم المجلس الملي، "في هذا الصدد فإن المجلس يقف مع قداسة البابا ويسانده في كل مواقفه الوطنية والكنسية وإسهاماته المجتمعية سواء في مصر أو في أرجاء الكرازة ويهيب بكل رجال الفكر والثقافة على مختلف أطيافهم أن يقفوا سدا منيعا ضد عوامل التفرقة والانقسام، حفظ الله مصرنا الغالية وكنيستنا وراعي رعايتها ورئيس كهنتنا البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني". من جانبه علق كمال زاخر مؤسس التيار العلماني علي بيان المجلس قائلاً "إن المجلس الملي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قد انتهت صلاحيته بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ثم رحيل قداسة البابا شنودة الثالث، وقدوم البابا تواضروس الثاني".. مؤكداً أن المجلس يمارس حالياً مهامه كتسيير أعمال للأحوال فقط، وذلك لحين الدعوة لانتخاب مجلس جديد. وأشار زاخر إلي أن المجلس الملى الحالي أكد في بيانه دعمه لقداسة البابا تواضروس، وشدد على ضرورة الانتباه لدقة اللحظة التى تعبر بها الكنيسة، خاصة بعد حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس، رئيس دير أبومقار بوادي النطرون. وأكد المفكر القبطي أنه يعد حالياً دراسة بحثية حول البعد القانوني للمجلس ومدي شرعيته في الوقت الراهن. وفي ذات السياق طرح هاني لبيب المفكر القبطي خلال مقال له مجموعة من التساؤلات للرد علي بيان المجلس قائلاً: كيف يصدر المجلس الملى العام بين الحين والآخر بيانات وتصريحات رغم انتهاء ولايته التى استمرت 5 سنوات فى شهر إبريل سنة 2011؟.. مشيراً إلى أن انتهاء مدة المجلس القانونية، يترتب عليها عدم شرعية إصدار أي بيانات أو تصريحات بهذه الصفة، وانتحال صفة عضوية لكيان ليس لعضويته وجود قانونى فعال سوى لقب سوى كونه عضو المجلس الملى العام السابق. واستنكر لبيب إصدار المجلس لبيان مجهل وبتوقيع سكرتير المجلس الملى العام دون ذكر اسمه قائلاً "إن آخر سكرتير للمجلس الملى العام المنتهية ولايته سنة 2011 هو المستشار إدوارد غالب".. وأضاف: كيف سمح أعضاء المجلس الملى العام المنتهية ولايته فى سنة 2011 بإصدار مثل هذا البيان رغم اختفائهم من المشهد العام إلا قليلاً؟.. مشيراً إلى عدم وجود مواقف جماعية لهم أو حتى فردية فى العديد من القضايا الهامة سواء التى تخص الكنيسة أو ذات الصلة مع الكنيسة. وتابع المفكر القبطي: لماذا لم نقرأ تصريحاً قوياً لأحد أعضاء المجلس الملى العام المنتهية ولايته فى سنة 2011 أو بياناً باسم المجلس فيما يخص الإرهاب الذى تعرضت الكنيسة المصرية له عقاباً لها على مساندتها للإرادة الوطنية المصرية فى 30 يونيو أو فيما يخص التحديات التى تواجه المجتمع المصرى؟.. واختتم لبيب مقاله بأن بيان المجلس الملى العام بيان اعتراضى ليس له محل من الإعراب. من جانبه قال نادر صبحي مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس إن بيان المجلس الملي الصادر عن الكنيسة أصابنا بالدهشة والصدمة فهل وصل الأمر بالتدليس والاستخفاف وعدم احترام عقول الشعب القبطي الي هذا الحد المتدني. وتابع: هل وصل بكم الأمر الي هذا الحد من الاحتيال والكذب والتدليس بأن تكتبوا بيانات تحت أسماء وكيانات ليس لها وجود من الأساس؟! . وقال كنيستنا الأرثوذكسية تعلم جيداً أنه ليس هناك مجلس ملي عام منذ تاريخ 16 أبريل سنة 2011 وذلك بعد انتهاء مدته، موضحاً أنه لم يتم منذ هذا التاريخ وحتي اليوم ترشيح أو إجراء انتخابات لأعضاء مجلس ملي عام جديد وانتخابات السكرتير للمجلس الملي العام علي الرغم من مطالبة كثير من الأقباط للبابا تواضروس الثاني بالدعوة لإجراء الانتخابات. وأضاف مؤسس كريستيان أن قانون لائحة المجلس الملي العام ينص على أنه يحق للبطرك أعطاء ومنح الثقة لأعضاء المجلس الملي العام السابق لمدة دورة كاملة لا تزيد عن عام فقط والآن نحن في نهاية عام 2018 أي بعد مرور 7 سنوات متتالية بدون مجلس ملي عام ، مشيراً إلي أنه ليس من حق البطريرك منح الثقة لأحد بدون إجراء ترشيحات وانتخابات المجلس. واختتم صبحي حديثه قائلاً"هذا البيان الهلامي يدل علي عدم الأمانة الكنسية والرعوية أمام الله و في حق الرعية". من جانبه قال مينا أسعد أستاذ اللاهوت الدفاعي بالكنيسة الأرثوذكسية إن المجلس الملي في الأصل هو جهة مستحدثة تهدف للمعاونة في الأمور الإدارية، ولكن البعض وعلى مر التاريخ تعاملوا مع هذا الكيان على أنه وسيلة لتحقيق أهدافهم المخالفة للتعاليم المسيحية، فلا ننسى تسبب المجلس الملي عند بداية تأسيسه في صدام بين الكنيسة والدولة أدت إلى نفي البابا كيرلس الخامس بأمر الخديو إسماعيل وذلك عندما وجد المجلس الملي أن وجود البطريرك يعطل مصالحهم فاجتمعوا وقرروا نفي البطرك الي دير البراموس إلي أن قام الشعب بتقديم عرائض استرحام إلى المقام الخديوي، واشترك معهم أساقفة الأقاليم وتم الاستجاب لهم وأصدر الخديوي أمرًا خديوياً بعودة البابا. وتابع: ولا ننسى تدخل المجلس بعيداً عن المجمع المقدس في إصدار لائحة 38 الخاصة بتعدد أسباب الطلاق والتي ألغتها الكنيسة فور صدورها، لذا فإن البعض وحسب التاريخ ينظر إليه كوسيلة لتحقيق مأربه، كما هو الحال في محاولات التيار العلماني والذي يضم بين جنباته جورج بباوي المحروم كنسيا للتسلق للوصول إلى كراسي المجلس وكذلك بعض المحامين المتخصصين في الطلاق والذين سبق ورفعوا دعاوى على الكنيسة لإجراء انتخابات المجلس. وطالب أسعد الكنيسة بمواجهة هؤلاء من خلال القانون الجديد الذي يجب أن ينص على حسن سيرة المتقدمين للترشيح بشروط واضحة، وإلزامهم بعدم التطرق إلى الأمور العقيدية والكنسية ويجب أن تكون حدود المجلس الملي لا تتجاوز بأي حال من الأحوال حدود الإكليروس . جدير بالذكر أن المجلس الملى هو بمثابة همزة الوصل بين الكنيسة والدولة ومهامه هي النواحي الإدارية، ولا يتدخل إطلاقًا في الأعمال الدينية والخدمة داخل الكنيسة، وتعالت الأصوات في الفترة الأخيرة بضرورة انتخاب مجلس ملى جديد، حيث يشرف على الجمعيات القبطية وممتلكات الكاتدرائية والكنائس، ويراقب أموالهم، ويتولى ملف الأحوال الشخصية، وتستمر دورته خمس سنوات، عن طريق مجلسًا منتخبًا يضم وكيلًا وأعضاء، ويتولى البطريرك رئاسته بحكم منصبه. وتأسس المجلس الملي العام، في فبراير 1874، حين طلب بطرس باشا غالي، الذي كان وكيلاً لأحدى الوزارات، من الخديوي إسماعيل، إنشاء مجلس منظم لشئون الكنيسة، لاقت الفكرة صدامًا مع الباباوات، أولها مع البابا كيرلس الخامس، الذي لم يقبل أن يأتي شباب علمانيين في مجلس يسألونه عن حسابات الكنيسة، ثم البابا كيرلس السادس، الذي كان مقربًا من الرئيس عبد الناصر، فطلب من وزارة الداخلية وهى المعنية بالدعوة لانتخابات المجلس أن لا تدعو لانتخابات جديدة، وبالتالي انتهت دورة المجلس وتجمد عمله.