بعد غياب دوره وتجميد صلاحياته لأكثر من 6 سنوات ، بدأت الدعوة مجددا لعودة انتخاب المجلس الملى, وهو ما شدد عليه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بتأكيده أن هناك تفكير في عودته في بعد استقرار أوضاع مؤسسات الدولة حالياً, لافتا إلى أنه يبحث تغيير اسمه مبررا ذلك بأن الاسم الحالي يعتبر انتقاص من المواطنة موضحا أن المجلس يضم مجموعة من الأراخنة غير رجال الدين، يهتمون بالشأن العام، ويساعدون الكنيسة في الأمور الإدارية والاجتماعية، وليس في الشأن الديني. وأشار إلى أنه تم إزالة دور المجلس من الفصل في الأحوال الشخصية، مؤكدًا أن عدم وجود مجلس ملي منذ عام 2011، كان بسبب المشاكل التي دخل فيها المجتمع المصري بعد ثورة يناير. من جانبه قال المستشار منصف سليمان مستشار الكنيسة، إن التعديلات المقترحة بشأن المجلس الملي تحمل اتساع دائرة الناخبين لإشراك عدد غفير من أطياف الشعب القبطي في اختيار ممثلين أعضاء المجلس الجديد. وألمح إلى أن التعديلات تتضمن توسعا في صلاحيات أعمال المجلس في آليات الرقابة المالية بالتعاون مع الأوقاف بالكنيسة القبطية، وآليات الترشح للمجلس وانتخاب الأعضاء، وتحديد آلية عمل جديدة وفقا لذلك، إضافة إلى توسيع القاعدة الإنتخابية، ليحق للشباب بداية من سن 21 عام الانتخاب بالإضافة إلي تغيير اسم المجلس. وقال إن مشروع القانون الذى تم وضعه ليكون بديلاً عن القانون الموضوع منذ 134 عاماً، يستبدل مسمى "المجلس الملى العام للكنيسة" بمجموعة من المقترحات منها "المجالس القبطية" أو المجلس الاستشاري ، مشيراً إلى أنه سيتم إجراء حوار مجتمعى حول القانون مع الأقباط، قبل تقديمه للحكومة والتى بدورها سترفعه لمجلس النواب لإقراره. وأشاد كمال زاخر، مؤسس التيار العلماني، بتصريحات البابا تواضروس حول إجراء تعديلات للائحة المجلس الملي ، مشيراً إلي أن التيار العلماني سبق وتقدم بمقترحات للكنيسة بشأنه عام 2008 ولم تلقى استجابه. وقال: عندما تولي البابا تواضروس منصبه أعدنا تقديم هذه المقترحات ووعد بدراستها، وهى تتضمن طريقة انتخابه "من القاعدة إلى القمة"، حيث تُنتخب مجالس الكنائس من شعب كل كنيسة في كل محافظة، ثم ترشح كل منطقة واحد أو أثنين من مجالس الكنائس، وتجرى انتخابات داخلية بين جميع هذه المجالس لاختيار من بين المرشحين أعضاء مجالس الإيبراشيات، ومن هؤلاء الأعضاء يتكون المجلس الملي، وبالتالي يصبح ممثل لكل المحافظات وليس القاهرة فقط. وأوضح أن بنود مشروع قانون التيار العلماني تضم :المادة 37 وتنص علي أن المجلس العلماني العام للكنيسة الأرثوذكسية، هئية علمانية تمثل أعضاء الكنيسة في عموم الكرازة المرقسية, والمادة 38 تؤكد علي ضرورة أن يشترك المجلس العلماني العام مع المجمع المقدس في إدارة الكنيسة وتنظيمها بشكل عام, أما المادة 39 تنص علي أن المجلس يتألف من عدد من الأعضاء المنتخبين من الإبراشيات علي أن تمثل كل إبراشية بعضوين علي الاقل بحيث لا يقل عدد اعضاء المجلس عن 70 عضواً، والمادة 40 تنص على أن الأب البطريرك له الحق في حضور اجتماعات المجلس كأب روحي للكنيسة, أما المادة 41 فتشترط علي كل عضو أن يكون عضواً في احد مجالس الإبراشيات ومستوفي لجميع الشروط. وأضاف "زاخر": المادة 42 توصي بأن ينتخب الاعضاء عن طريق الانتخاب المباشر السري العام من اعضاء الكنيسة في الإبراشيات ويفوز من يحصل علي اعلي نسبة من الاصوات، أما المادة 43 فتنص علي أن يعقد المجلس أولي جلساته خلال 15 يوم من انتخاب اعضائه الجدد، ويرأس الاجتماع اكبر الاعضاء سنا، لكي يشرف علي انتخاب رئيس المجلس والوكيل والسكرتير وأمين الصندوق, فيما تتناول المادة 44 صلاحيات المجلس وتنقسم الي اكثر من جزء، الاول يتناول الاوقاف والممتلكات والمباني وتنص علي أن يتم حصر جميع اوقاف وممتلكات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتسجيلها بالسجيلات المعدة لذلك، مراقبة الإبراشيات في تسجيل الاوقاف والممتلكات وحفظ الحجاج والمستندات، ومن مهام المجلس ايضا الموافقة لي استثمار الممتلكات التي يمكن استثمارها من خلال طلبات الإبراشيات. وتابع زاخر: الجزء الثاني من المقترح يقضى بتولي المجلس مهام الايرادات والمصروفات، حيث يقوم بحصر جميع ايرادات الكنيسة والعمل علي استثمارها، الموافقة علي موازنات الإبراشيات ومناقشة واعتماد ميزانياتها، ويقوم المجلس باعتماد الميزانية العامة للكنيسة الأرثوذكسية, كما يختص المجلس ايضا باعتماد نظام التدريس بمدارس الأحد واختيار المناهج، متابعة سير العمل بالكليات والمعاهد وتعين مديريها، واعتماد انشاء معاهد وكليات مدنية للمساهمة في تنمية المجتمع المصري عليماً، والموافقة علي اصدار مجلة تعبر عن الكنيسة القبطية ويتم تعين رئيس تحرير من العلمانين بشرط ان يكون مؤهل لذلك. وأضاف: من مهام المجلس ايضاً دراسة الاحصائيات الاجمالية لأحوال العضوية الكنسية والعمل بمقتضاها , كما يشرف المجلس علي الاحوال الشخصية للاقباط حيث يشارك في اعداد قانون لتشكيل لجان الأسرة ومجالس توافق الاسر للعمل بها في الكنائس، كما سيقوم المجلس بالنظر في قانون الأحوال الشخصية مع مراعاة متغيرات العصر والتي اثرت علي الاسرة , على أن يتولي المجلس اعتماد انشاء مستشفيات خاصة ومراقبة عملها، ويختص المجلس باقرار نوع العلاقات مع الكنائس الاخري والهيئات الدينية والاسلامية في مصر، واقرار شكل العلاقات مع الهيئات الحكومية. وتابع حديثه: من مهام المجلس ايضاً اصدار قوانين انتخاب البطريرك والاسقف والكاهن والاشرف علي تنفيذها، ومراقبة انتخابات مجالس الإبراشيات واصدار قرار بحلها في حال انحرافها او مخالفتها للقانون, على أن يختص مكتب المجلس العلماني بمتابعة سير عمل المجلس، وتسجيل الجلسات بالسجل الرسمي المعد لذلك وتوقيعة من الرئيس والسكرتير، ويقوم المجلس بالمشاركة في الاعداد والاشراف علي المؤتمر القبطي الارثوذكسية العام. وقال : المادة الاخيرة من المقترح تنص علي ان رئيس المجلس هو الذي يرأس الجلسات وفي حالة غيابه يحل محله الوكيل، وفي حالة تغيب الاثنين يحل محلهما السكرتير، ومن المفترض أن يجتمع المجلس مرة كل شهر علي الأقل وتصبح جلساته قانونية إذا حضرها أكثر من نصف الاعضاء. وأكد مينا أسعد أستاذ اللاهوت الدفاعي بالكنيسة الأرثوذكسية أن المجلس الملي في الأصل هو جهة مستحدثة تهدف للمعاونه في الأمور الإدارية ، ولكن البعض وعلى مر التاريخ تعاملوا مع هذا الكيان على انه وسيلة لتحقيق أهدافهم المخالفة للتعاليم المسيحية ، وتابع حديثه: لا ننسى تسبب المجلس الملي عند بداية تأسيسه في صدام بين الكنيسة والدولة أدت إلى نفي البابا كيرلس الخامس بأمر الخديوى إسماعيل وذلك عندما وجد المجلس الملي ان وجود البطريرك يعطل مصالحهم فاجتمعوا في 31 أغسطس 1892وقرروا نفي البطريرك الي دير البراموس إلي أن قام الشعب بتقديم عرائض استرحام إلى المقام الخديوي، واشترك معهم أساقفة الأقاليم وتم الاستجاب لهم وأصدر الخديوي أمرًا خديويا في 20 يناير 1893 بعودة البابا. وأضاف: لا ننسى أيضا تدخله بعيدا عن المجمع المقدس في إصدار لائحة 38 الخاصة بتعدد أسباب الطلاق والتي ألغتها الكنيسة فور صدورها ، لذا فإن البعض وحسب التاريخ ينظر إليه كوسيلة لتحقيق مآربه ، كما هو الحال في محاولات التيار العلماني الذي يضم بين جنباته جورج بباوي المحروم كنسيا للتسلق للوصول إلى كراسي المجلس وكذلك بعض المحامين المتخصصين في الطلاق والذين سبق وأقاموا دعاوى ضد الكنيسة لإجراء انتخابات المجلس. وطالب أسعد الكنيسة بمواجهة هؤلاء من خلال أن ينص القانون الجديد على حسن سيرة المتقدمين للترشيح بشروط واضحه ، وإلزامهم بعدم التطرق إلى الأمور العقائدية والكنسية ويجب أن تكون حدود المجلس الملي لا تتجاوز بأي حال من الأحوال حدود الإكليروس . جدير بالذكر أن المجلس الملي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية انتهت ولايته منذ أبريل 2011 بعد أن منعت الحالة الصحية لبابا الكنيسة الراحل شنودة الثالث، إعادة انتخابه أو تشكيله ومن ثم تدهور حالته الصحية ووفاته في مارس 2012. والمجلس الملى هو بمثابة همزة الوصل بين الكنيسة والدولة ومهامه هي النواحي الإدارية، ولا يتدخل إطلاقًا في الأعمال الدينية والخدمة داخل الكنيسة، وتعالت الأصوات في الفترة الأخيرة بضرورة انتخاب مجلس ملى جديد. ومن ضمن مهامه أيضا إشرافه على الجمعيات القبطية وممتلكات الكاتدرائية والكنائس، ومراقبة أموالهم، وتولى ملف الأحوال الشخصية، وتستمر دورته خمس سنوات، عن طريق مجلسًا منتخبًا يضم وكيلًا وأعضاء، ويتولى البطريرك رئاسته بحكم منصبه. تأسس المجلس الملي العام، في فبراير 1874، حين طلب بطرس باشا غالي، الذي كان وكيلاً لإحدى الوزارات وقتها ، من الخديوي إسماعيل، إنشاء مجلس منظم لشئون الكنيسة، ولاقت الفكرة صدامًا مع الباباوات، أولها مع البابا كيرلس الخامس، الذي لم يقبل أن يأتي شباب علمانيين في مجلس يسألونه عن حسابات الكنيسة، ثم البابا كيرلس السادس، الذي كان مقربًا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.