لم يعد أمر تجاهل بعض الأبطال التى سطر التاريخ بطولاتهم على جبين الزمن بحروف من نور يدعو إلى الغرابة أو الاستنكار فهذا مآل كل من أخلص فى عمله لا يريد رياء ولا سمعة. لقد كان هؤلاء ولا يزالون مصابيح الهدى لكل من أراد أن يهتدى إلى منارات البطولات الشامخة التى تركوها نبراسًا يقتدى بها اللاحقون من أبناء وطنهم. لقد استحق البطل العربي المصري (أحمد عبد العزيز)، أن نعطيه إذا لم نتجاوز القول وسام الشجاعة من الطبقة الأولى، فقد كان بطل معركة كبيرة في فلسطين عرفت ب"رامات راحيل" ولكنه ضاع في طي النسيان، في مقابر بيت لحم. البداية كانت في 1923 حينما دخل السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزى ثم أفرج عنه، ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1928 ليلتحق بسلاح الفرسان ويقوم بتدريس التاريخ الحربي في الكلية الحربية، وبعد قرارتقسيم فلسطين وانتهاء الانتداب البريطاني في 14 مايو 1948، وبعد ارتكاب العصابات الصهيونية مذابح بحق الفلسطينيين العزل، ثارغضب العالم العربى والإسلامى، فكانت الدعوة للجهاد التي انتشرت في الوطن العربى، وكان أحمد عبدالعزيز ممن لبوا الدعوة، وقام بتنظيم المتطوعين وتدريبهم في الهايكستب. وحينما دخل الجيش المصري فلسطين عام 1948، ودخلت أعداد ضئيلة منه إلى مدن: الخليل ، بيت لحم ، بيت صفافا و بيت جالا بتاريخ 20/5/1948، وكانت هذه الأعداد تضم عددا من الجنود ونصف كتيبة من المجاهدين معظمهم من الإخوان المسلمين، بقيادة الضابط أحمد عبد العزيز، يساعده اليوزباشي كمال الدين حسين (عضو قيادة مجلس الثورة في مصر فيما بعد) واليوزباشي عبد العزيز حماد. و كانت هذه القوات، كما ذكر الضابط الأردني الشهير عبد الله التل قائد معركة القدس في مذكراته، مزودة بالأسلحة الخفيفة كالبنادق والرشاشات وعدد قليل من المدافع القوسية، ومدافع من عيار رطلين تحملها سيارات عادية غير مصفحة. وكان أحمد عبد العزيز يعلم أن قرار بعض الحكومات العربية إرسال جيوشها إلى فلسطين، لم يكن المقصود منه الدفاع عنها، إنما (لذر الرماد في العيون) كما يقولون، لذا كان يعلم أن التحدي الذي ينتظره هو وفرقته الصغيرة: كيف يدافعون فعلا عن الحق العربي؟. وما أن وصل البطل أحمد عبد العزيز إلى بيت لحم، حتى بدأ باستكشاف الخطوط الدفاعية للعدو التي تمتد من "تل بيوت" و"رامات راحيل" في الجهة الشرقية الجنوبية للقدس، ليس بعيدا كثيرا عن قبة راحيل في مدخل بيت لحم الشمالي، حتى مستعمرات "بيت هكيرم" و"شخونات هبوعاليم" و"بيت فيجان" و"يفنوف" ونشر قواته مقابلها. ووضع عبد الله التل الذي كان يتمرد على أوامر قيادته، كما ذكرفى مذكراته القوات الأردنية في كل المنطقة تحت تصرف أحمد عبد العزيز، دون علم قيادة الجيش الأردني، لإيمانه بوطنيته و إخلاصه. وفي 22 أغسطس 1948، دُعى أحمد عبدالعزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس، لبحث خرق الصهاينة للهدنة، واتجه في مساء ذلك اليوم إلى غزة، حيث مقر قيادة الجيش المصرى، وكانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود فكانت ترابط بها كتيبة عسكرية لديها أوامر بضرب كل عربة تمر في الظلام، وعندما كان في طريقه إليها اشتبه بها أحد الحراس وظنها من سيارات العدو، فأطلق عليها الرصاص، فأصابت إحداها أحمد عبدالعزيز فاستُشهد.