■ كتب: محمد ياسين يبقى انتصار السادس من أكتوبر 1973، ملحمة حقيقية سطرتها القوات المسلحة، وصنفت كأعظم حرب حققت نتائج ومكتسبات في تاريخ الأمة العربية في العصر الحديث، والتي بدأت بالعبور، واسترداد الأرض، وانتهت بعملية السلام، واستكمال مراحل البناء لتنمية وتعمير سيناء الغالية. عبد الجواد محمد مسعد، بطل من أبطال حرب الاستنزاف، قصة إصابته يرويها هو بالتفصيل: كانت المهمة تدمير مخازن العدو أثناء حرب الاستنزاف فى منطقة إدارية للعدو على بعد 35 كيلو مترا فى عمق سيناء شرق القناة، وكانت المدفعية والطيران المصرى قد فشلا فى تدميرها لوجودها فى أعماق كبيرة تحت الأرض، تسللت المجموعة خلال مواقع العدو بعد آخر ضوء سيرًا على الأقدام لمدة 7 ساعات معهم حمولة تقدر بحوالى 50 كيلو جراما من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة لكل فرد.. وبدأت الانفجارات تهز المكان والأبطال فى طريقهم المحدد حتى طلع عليه النهار وكان رد فعل العدو إرسال 4 طائرات حربية لتمشيط المنطقة.. واكتشفتهم طائرات العدو وهم على بعد 11 كيلو فقط من شاطئ القناة الشرقى فأرادت إبادتهم.. احتمى أبطال مجموعة الصاعقة ببعض المنخفضات بالصحراء من طلقات رشاشات الطائرة وقنابلها وكان عبد الجواد يبعد أمتارا عن المجموعة وطائرة ميراج تطارده برشاشاتها فأخذ عبد الجواد يجرى فى خط متعرج ليتقى الإصابة وفى الوقت نفسه يستدير للخلف من وقت لآخر موجها سلاحه الآلى نحو الطائرة موجها لها دفعة من طلقاته فى كل إغارة عليه فى تحدٍ لقائد الطائرة الذى باغته بعد لحظات بإطلاق صاروخ نحوه فلم يشعر البطل عبد الجواد إلا بنفسه طائرا فى الهواء وسقط على الأرض وسط عاصفة من الرمال حجبت عنه الرؤية تمامًا. بعد عدة ساعات وجد يدا تقبض على يده بقوة فوجده قائد العملية الذى أتى مع رجاله ليتفقدوه.. قام القائد بربط مكان البتر بإحدى ساقيه بالرباط الميدانى الخاص بمسعد والساق الأخرى برباطه هو الميدانى الشخصى أما مكان بتر الذراع فقام بربطه بملابسه بعد أن مزقها على شكل شرائط ثم طلب القائد من جنوده حمل عبد الجواد فطلب عبد الجواد منهم أن يحضروا ساقيه وذراعه وأكد على إحضار سلاحه ولا يتركونه.. ساروا به المسافة الباقية إلى القناة التى تبلغ 11 كيلو حتى وصلوا إلى خط بارليف بين نقطتى الكاب والتينة اللتين تبعدان عن بعضهما حوالى 3 كيلو مترات وعند حافة القناة أتى أحد اللانشات الذى حمل عبد الجواد مع زملائه وعلى الضفة الغربية كانت هناك نقالة وُضِع فوقها مع أطرافه بعد أن قام الطبيب بتطهير أماكن الجروح بجسده وتعليق محلول له فى وجود قائد كتيبته وقائد العملية وباقى زملائه فى العملية، قال الطبيب القائد الكتيبة: يا فندم الجندى ده باقى له عدة ساعات قبل أن يلاقى ربه... ◄ اقرأ أيضًا | ذكرى نصر أكتوبر| العميد أبوالنجا: «أمي طردتني بعد النكسة» ◄ سأله القائد: طيب نعمل إيه؟ رد الطبيب: أؤمر سيادتك أن تقوم عربة مدرعة بنقله إلى مستشفى بورسعيد... ولما كان الطريق إلى بور سعيد من التينة يبلغ حوالى 25 كيلو مترا على ضفة القناة الغربية بمحاذاة القناة تماما وهناك خطورة من احتمال استهداف العدو للمدرعة وهى هدف واضح لأسلحة العدو لم يرض القائد التضحية بمدرعة وسائقها من أجل جندى مصاب فى طريقه للموت.. وهنا تقدم قائد العملية باقتراح قائلا: يا فندم يتم نقله إلى بورسعيد فوق النقالة سيرًا على الأقدام بواسطة جنديين ومعهما جندى ثالث يحمل له زجاجة المحلول وإذا ما انتهت يقوم بتغييرها ... وبالفعل تم قبول هذا الاقتراح وتم لفه مع أطرافه ببطانية وتم ربطهم بالنقالة بأحزمة كى لا يسقط أثناء الحركة السريعة إلى المستشفى.. استغرقت رحلته حوالى 12 ساعة من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساءً وسط وابل من قذائف العدو فى اتجاههم، كان يطالب زملاءه بتركه لينجوا بأرواحهم وهو يشاهد القذائف الساقطة من السماء فوق رءوسهم فالجيش فى حاجة لهم ولكنهم ساروا فى طريقهم بإصرار وكأنهم لم يسمعوا شيئًا.. وفى المستشفى تعجب طبيب المستشفى من كونه لا يزال على قيد الحياة بعد حوالى 14 ساعة من إصابته.