نتوقف هذا الأسبوع عن تكملة الكتابة عن عالم توت عنخ آمون علي وعد أن نستكمل قصة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون الأسبوع القادم. وذلك بسبب الملك بسماتيك الأول الذي ظهر فجأة اسمه في كل وسائل الإعلام . لقد اعتقد علماء الآثار أن التمثال الذي عثر عليه في المطرية أو كما أسماها أجدادنا الفراعنة »أون» أو هليوبوليس كما عرفها اليونانيون يخص الملك رمسيس الثاني؛ لكن المفاجأة كان بالعثور علي الاسم النبتي »نب عا» للملك بسماتيك الأول من الأسرة السادسة والعشرين مسجلا علي الكتف من الخلف؛ والاسم النبتي يعني الاسم الذي به ينتسب الملك إلي السيدتين نخبت وواجيت الربتين الحاميتين للشمال والجنوب وهو أحد خمسة أسماء للملك في مصر القديمة. ومعروف أن الأسماء الملكية تسجل علي التمالثيل في ثلاثة أماكن رئيسية وهي في موضع عصبة حزام النقبة الملكية أسفل منطقة السرة مباشرة؛ أو أسفل الكتف من الأمام أو الخلف. وقبل أن أدلي برأيي في هذا التمثال دعوني أتحدث عن أون أو عين شمس الحالية والتي قامت بها أقدم عاصمة دينية لمصر القديمة وكان بها أقدم جامعة في التاريخ؛ بها تعلم سيدنا يوسف عليه السلام؛ بل وتزوج من ابنة كاهن أون؛ والي أون حضر الفلاسفة والمعلمون من اليونان ومن كل أقطاب العالم القديم لينهلوا من علومها ويتعلموا في جامعتها والتي ضمت أقدم مكتبة في تاريخ الأرض. كانت أون هي مركز عبادة الإله رع؛ ولذلك ترك بها الملوك كثيرا من العمائر الدينية سواء كانت مقاصير أو معابد؛ وأهمها بالطبع معابد عصر الرعامسة وعلي رأسهم عميد الرعامسة الملك رمسيس الثاني. إستمر العمران دون انقطاع في منطقة عين شمس خاصة في العصور الحديثة حيث بني الأهالي منازلهم فوق آثار أون؛ ونفس الحال نجده في معظم الأماكن في مصر من الأسكندرية شمالا وحتي أسوان جنوبا. ولذلك تسمي الحفائر التي نقوم بها في هذا الموقع حفائر إنقاذ حيث يتم إنتشال تلك الآثار من أسفل المساكن أو من تحت المياه الجوفية. وقد قمت من قبل بالعمل في منطقة عين شمس وعثرت علي مقبرة من العصر المتأخر أسفل فيلا بالمنطقة ومقبرة أخري نصفها أسفل مساكن بالمنطقة وغارقة في المياة الجوفية. بل إنني حفرت من خلال بعثة الآثار المصرية بعين شمس بمنطقة سوق الخميس وعثرنا علي آثار مهمة تعود إلي تحتمس الثالث وأخناتون ورمسيس الثاني. ولكن هذا الكشف الذي حدث بالإسبوع الماضي يعتبر أضخم تمثال يتم العثور عليه بالمنطقة. لقد عثرت البعثة علي جزء من الرأس والتاج الملكي بالإضافة إلي جزء من الجسم بوزن يقترب من التسعة أطنان؛ ولو تم العثور علي هذا التمثال كاملا لتجاوز ارتفاعة الثمانية أمتار. وبالنظر إلي التفاصيل الفنية لهذا التمثال نجدها تقترب من المدرسة الفنية للأسرة التاسعة عشرة أو عصر رمسيس الثاني. ولا أعتقد أنه تم العثور من قبل للملك بسماتيك الأول علي تمثال بهذا الحجم. وعلي ذلك فمن المرجح أن يكون التمثال للملك رمسيس الثاني وقرر بسماتيك وضع أسمائه عليه ربما بعد قيامه ببناء مقصورة أو معبد بالمنطقه. والعثور علي باقي أجزاء التمثال أمر مرجح جدا وربما يثبت الكشف عن باقي التمثال صحة نسبه الأصلي للملك رمسيس الثاني. لا أعتقد أن نقل التمثال إلي المتحف الكبير بالرأي الصائب نظرا لوجود تمثال ميت رهينة للملك رمسيس الثاني والذي كان يزين ميدان رمسيس لعشرات من السنين؛ ووضع التمثال المكتشف حديثا في المتحف الكبير لن يضيف إلي المتحف شيئا علي عكس وضعه بمتحف الحضارة لكي يكون جزءا من قصة مدينة أون.. مدينة العلم والمعرفة في مصر القديمة.