عندي تحفظات ليست قليلة حول شخصية وأداء عمرو خالد.. منها مثلا عدم تحديد أهدافه من برامجه وندواته ومؤتمراته ومن ثم تحديد هويته وفكره.. وهل هو داعية أم مصلح اجتماعي.. وما سر إقامته الدائمة بالدول الأوروبية خاصة أنه ليس ممنوعا من الإقامة ببلده؟ ويبدو عمرو خالد في علاقته مع الجهات الأمنية حريصا في كلامه.. ولا يريد الخوض كثيرا في تلك المسألة.. ربما جرب قبل ذلك ولم تكن النتائج مرضية بالنسبة له. عمرو خالد هو الشخصية الأكثر جاذبية للشباب في العالم العربي كما أن شهرته وتأثيره تجاوز محيطه المحلي مما دفع مجلة «التايم» إلي اختياره أحد الشخصيات المائة المؤثرة في العالم.. ورجل بهذا التأثير لابد أن يكون واضحا لنا جميعا ماذا يريد؟.. ولعل الصورة الذهنية التي أرسمها عنه أكاد أحصرها في برنامجه الديني السنوي الذي يقدمه كل رمضان وبعده يختفي طوال العام.. علي الأقل بالنسبة لنا في مصر، حيث لا أري له نشاطا ظاهرا يمكن متابعته. شيء من هذا لا أجده عند عمرو خالد.. رغم مرور عشر سنوات علي بدايات ظهوره.. هل يرجع ذلك إلي كثرة أسفاره وإقامته بالخارج؟ ربما كان ذلك جزءا من الصورة لكن بقيتها عند الرجل.. ظني أن عمرو خالد إذا نجح في تحديد برنامجه وما يريده وهدفه فإن ذلك سوف يحسم أمورا غير واضحة حول شخصيته. ورغم التحفظات السابقة فإنه لا يمكن إنكار نجاح برامج عمرو التي يقدمها في رمضان والتي تشكل نسبة مشاهدة عالية.. وقد أعجبتني فكرة برنامجه لهذا العام وعنوانه «رحلة إلي السعادة» والتي يبحث فيها مجتهدا عن الأسباب والوسائل التي تجعل الإنسان سعيدا.. وحسبما قال فإنه كان ينوي استكمال حلقات قصص الأنبياء التي بدأها العام الماضي بقصة سيدنا موسي.. وكان من المفترض تسجيل حلقات عن سيدنا عيسي لهذا العام لكن الكثير عبروا لصاحبنا عن تعاستهم وعدم إحساسهم بالسعادة مما دفعه إلي تقديم تلك الحلقات. ملاحظتي الرئيسية علي حلقات هذا العام أن القضية التي يناقشها عمرو خالد رغم أنها نسبية وليس لها حسابات رياضية.. وربما قام أحدنا بفعل واحد فقط يجلب له السعادة لكن عمرو خالد في برنامجه يتحدث عن السعادة بشكل مطلق.. ويؤكد أن تحقيقها يتطلب إنجاز سبع مجموعات من الخطوات وقد شرحها.. وهذا قول غير دقيق.. لأن ما يقوله عمرو مجرد اجتهاد شخصي منه وليس حقيقة مطلقة.. لذا كان ينبغي عليه القول بذلك.. فالمؤكد وجود تصورات أخري للبعض تختلف عما ذهب إليه عمرو.. باستثناء تلك الملاحظة الرئيسية فإن البرنامج لامس جوانب شقاء في النفس البشرية وهذا يفسر سر إقبال المشاهدين عليه. لا أستطيع هنا منع نفسي من تأييد الرجل فيما يذهب إليه، فهو عندي أقرب للداعية الأخلاقي في زمان فسدت فيه الأخلاق علي نحو غير مسبوق.. ولا أجد تفسيرا معقولا لمهاجمة البعض له خاصة في حلقاته الأخيرة عن السعادة وحديثه عن وصف الجنة.. مما دفع البعض إلي السخرية منه وسأله عن أخبار الجولف في الجنة.. رغم أن خالد كان يردد حديثا صحيحا للنبي. لست من مريدي عمرو خالد وتحفظاتي عليه ذكرتها في بداية المقال لكن هذا لا يمنعني أن أنتصر لكل من يشيع الأمل في نفوس الناس ويدعوهم إلي مكارم الأخلاق.. ثم إذا كان هذا أو ذاك لا يعجبه ما يقوله الرجل - وهذا حقه - فليغير المحطة إلي أخري تقدم له برامج الآداب والفضائح التي أصبحت طقسا رمضانيا لا يخلو منه الشهر الكريم.. فلماذا سكت هؤلاء عن تلك البرامج وهاجموا من يبحث للناس عن السعادة في حديث صحيح للرسول؟.. يا سبحان الله.