نفتقد رجالا مثل الدكتور محمد السيد سعيد بشجاعة مواقفه واستقامة كلماته ووضوح رؤيته مؤمنا بالشعب رافضا المناورة والانتهازية.. لم يتغير أو يتردد حتي آخر يوم في حياته. بأدب شديد وقامة منتصبة دق ناقوس الخطر أمام الرئيس حسني مبارك قبل سنوات وهو في عنفوانه عند لقائه السنوي بالمثقفين بمناسبة معرض الكتاب وكان اللقاء الأخير.. ربما بسبب ما قاله محمد السيد سعيد: حضرتك تتحدث وكأنك حققت انجازا اقتصاديا جبارا. وهذا ليس صحيحا علي الاطلاق حيث أجمعت التقارير الدولية علي أن مصر كانت من أسوأ الدول أداء. لماذا لم ننجح؟ لأن المواطن المصري لا يشعر بكرامته. مهان في بلده ومن شهرين ألقي القبض علي ما بين ألفين وخمسة آلاف في العريش بعد تفجيرت طابا. تعرضوا للصعق بالكهرباء واطفئت السجائر في أجسادهم.. وحضرتك شخصيا مسئول عن كرامة المصريين وفقا للدستور ولعله تذكر وحشية تعذيبه عندما اعتقل. رغم الاستياء الذي بدا علي وجه الرئيس ومقاطعته متضايقا قائلا: إن العريش كلها مافيهاش خمسة آلاف.. أو أنه ليس المسئول. فإن محمد السيد سعيد لم يتوقف عن إكمال حديثه بنفس القوة والوضوح والأدب مطالبا بتوقف الشرطة عن اساءة معاملة المصريين ووجود مكافحة الفساد وتغيير الدستور وكل ما يقول به الناس همسا. في نهاية اللقاء وعند انصراف الرئيس قال له الكاتب المثقف السياسي الشجاع ان لديه تصورا يمكن تقديمه لسيادته في ورقة مكتوبة عن إصلاح سياسي ودستوري ومد يده يقدمها فإذا بالرئيس يعيدها إليه دون أن يلمسها قائلا: الورقة دي تحطها في جيبك وأنت متطرف وعلي فكرة أنا بافهم أحسن منك! لو أن الرئيس حسني مبارك استمع إلي الأصوات الصادقة وتأكد من دسائس الذين حوله لكانت نهايته مختلفة. لم يشهد الدكتور محمد السيد سعيد ثورة الشباب التي ساهم في اطلاقها ولكنه كان موجودا في كل ركن بميدان التحرير.. ربما لا يعرفه كثيرون وهو لا يبالي فلم يكن يسعي يوما لمنصب أو حتي كلمة شكر.. تعود أن يقول كلمته ويدافع عنها. لم تستطع قوة أن تغريه أو تقترب من كبريائه.. سار بعض رفاقه في طريق مختلف فنالوا الرضا السامي وحققوا المكاسب.. وهاجمه المرض فلم تهن عزيمته وأصدر صحيفة متميزة في ظل أصعب الظروف لتبقي - رغم اغلاقها - علامة علي الطريق.. كان دائما مرفوع الرأس ومع صلابته كان ودودا محبا لكل الناس. لو أنه كان بيننا لساهم بكل الجهد وأقام في ميدان التحرير واسعده نجاح الثورة. نشرت البديل الالكترونية تحية وفاء واجبة وعهدا بالاستمرار علي طريق مؤسسها الدكتور محمد السيد سعيد فجاءتها ردود فعل تذكره ومن بينها أبيات شعر مناسبة لنزار قباني. أيها الناس: اشترو الي صحفا تكتب عني واطبخوا لي شاعرا واجعلوه بين أطياف طعامي أنا أمي.. وعندي عقدة مما يقول الشعراء فاشتروا لي شعراء يتغنون بحسني