قيادى بالجماعة الإسلامية فى أسيوط، قال منذ يومين، إن نتائج الانتخابات تعتبر "مفزعة" بالنسبة للإسلاميين! الرجل كان محقًا.. لم يعد الفزع إذن من "الإسلاميين" كما تنحو الأدبيات العلمانية المتصادمة مع الحالة الإسلامية,.. وإنما من حجم التحديات التى ستواجه "الفائز" الإسلامى، حين يجد نفسه وجهًا لوجه مع "تركة" كبيرة من المشكلات فى بلد كبير مثل مصر، لم يتعاف بعد من زلزال" 25 يناير". الإسلاميون يشعرون بالغبطة، بعد أن عرفوا, ولأول مرة, متعة الحرية وحلاوة الديمقراطية، ونشوة الفوز بثقة الناس عبر الاقتراع الديمقراطى الحر.. وهذا حقهم بالتأكيد.. غير أن السؤال يظل مطروحًا بشأن "التأهيل السياسى" لتحمل استحقاقات هذه المرحلة بالغة الدقة والحساسية! المسألة لا تتعلق فقط ب"التأهيل" ولكن أيضا بقدرة المظلة الإسلامية على استيعاب "شركاء" فى إدارة البلاد من المخالفين، وما إذا كان الإسلاميون سينحازون إلى معيار "الأيديولوجيا" فى فرز "الشركاء" أم إلى "الكفاءة". النصر الذى تحقق قد يكون "مفرحا" حقا.. ولكنه "مفزع" فى ذات الوقت.. ولعل بعض القوى السياسية الكبيرة مثل الإخوان المسلمين، كانت على وعى بحجم ووزن المشكلة حال فوزهم بالانتخابات منفردين بدون شركاء.. وربما قرارهم تخفيض سقف المرشحين على النحو الذى يحفظ لهم جزءًا من "التورتة" البرلمانية كان فى سياق قلق إخوانى من تحمل مسؤلية إدارة البلاد بعد الثورة وحدهم. قبل الثورة كان الإخوان الفصيل الوحيد الذى كان يشارك فى العمل سياسى العام.. ولعل قرار الجماعة بتحديد نسبة المرشحين لبرلمان 2011.. جاء استنادًا إلى تلك التجربة، ولم يدرج فى حساباته، دخول إسلاميين جدد فى حلبة السياسة ومن بينها فصائل كبيرة ربما تفوق الإخوان عددًا وإن كانوا غير "منظمين" ويفتقرون إلى خبرات سياسية مثل السلفيين, وأقل عددا منها مثل الجماعة الإسلامية والجهاد.. وهى الحسبة التى ربما أخلت بموازين اللعبة كما أُدرجت على أجندة الإخوان.. فجاءت النتائج على هذا النحو الذى "أفزع" هذا القيادى الإسلامى الذى أشرت إليه مقدمًا. المشكلة أن الإسلاميين دخلوا "اللعبة" مفضلين "تقسيم" المناطق.. وليس "التنسيق" وفق منطق يراعى تجنب الصدام مع استحقاقات مرحلة ما بعد الثورة بدون شركاء من التيارات الأخرى تتقاسم معهم المسؤلية.. ما جعل خصومهم يعلنون عن غبطتهم من النتائج واعتبروها "ورطة" غير محسوبة انزلق إليها الإسلاميون.. غير أن الفرصة لم تفت بعد، وفى تقديرى أن العقل السياسى داخل التيار الإسلامى قادر على استدراك المفاجأة وتصحيح أخطاء الحسابات من خلال الانفتاح على التيارات الأخرى واحتوائها .. وهذا هو دور الأغلبية والتيار الأساسى فى أية دولة ديمقراطية. [email protected]