علقت افتتاحية "الفايننشال تايمز" البريطانية على الاحتجاجات, التي تشهدها مدينة نيويوركالأمريكية ضد قرار عدم معاقبة شرطي أبيض متهم بقتل رجل أسود غير مسلح, موضحة أن المعاملة التي تتلقاها الأقليات في الولاياتالمتحدة في القرن الحادي والعشرين تعيد البلاد إلى عصور العبودية الأولى. وأشارت الصحيفة في تقرير لها في 5 ديسمبر إلى وجود أزمة في نظام العدالة الأمريكية، وأنه يجب على الرئيس باراك أوباما أن يبدأ في مراجعة ثقافة الشرطة في الإفلات من العقوبة. وفي السياق ذاته, انتقدت افتتاحية "الاندبندنت" البريطانية أيضا موقف أوباما من قضية الأقليات في الولاياتالمتحدة، وأشارت إلى اهتمامه الكبير بالفضاء الخارجي, وتعطل الرحلة التجريبية لسفينة الفضاء أورايون إلى المريخ في 4 ديسمبر، مضيفة " لو أدار الشئون الداخلية لأميركا بنفس الاهتمام لما ظهرت هذه التحديات, التي تواجهه الآن". واعتبرت الصحيفة المشاكل البشرية الداخلية أهم وأكثر إلحاحا من أعقد المشاكل العلمية الخارجية، وأن الإنسان سيصل إلى المريخ يوما ما، ومع ذلك "ستظل المشاكل العرقية تؤرق مضاجع أمريكا". وكانت شرطة مدينة فينيكس بولاية أريزونا جنوبيالولاياتالمتحدة أعلنت في 4 ديسمبر أن شرطيا أبيض قتل رجلا أسود أعزل بإطلاق الرصاص عليه, إثر الاشتباه بأنه يحمل سلاحا. ويأتي الحادث الجديد في وقت تشهد فيه نيويورك ومدن أمريكية أخرى احتجاجات على حالتين مماثلتين في كل من فيرغسون ونيويورك. وذكرت شرطة فينيكس في بيان لها في 4 ديسمبر أن أحد عناصرها حاول اعتقال مواطن أسود يدعى رومين بريزبون "34 عاما", للاشتباه باتجاره بالمخدرات عندما حاول الفرار, ولم يستجب "للعديد من الأوامر". وأشار البيان, الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية, أن "عراكا" نشب بين المشتبه فيه والشرطي الذي كان يحاول اعتقاله، عندما اعتقد الشرطي -الذي لم تذكر اسمه- "أنه شعر بقبضة مسدس، فأطلق رصاصتين على صدر بريزبون". وأعلنت وفاة المشتبه فيه في مكان الحادث لدى وصول المسعفين. وأكدت وكيلة الدفاع عن عائلة القتيل المحامية مارسي كراتر أن "هناك العديد من الشهود الذين يشككون في رواية الشرطة"، مشيرة إلى أن بريزبون "لم يكن مسلحا، ولم يكن يشكل خطرا على أحد"، وأنها تعتزم "إجراء كل الملاحقات, التي يسمح بها القانون". ويأتي هذا الحادث في غمرة احتجاجات وتوترات عرقية تشهدها مدن أمريكية عدة بعد رفض هيئتي محلفين في كل من فيرغسون بولاية ميسوري, وولاية نيويورك, توجيه الاتهام لاثنين من أفراد الشرطة البيض مسئولان عن مقتل رجلين أعزلين من السود, هما مايكل براون وأريك غارنر. وفي نيويورك, احتشد أكثر من 1500 شخص مساء الخميس الموافق 4 ديسمبر لليلة الثانية على التوالي في فولي سكوير قرب البلدية والمقر العام للشرطة في جنوب مانهاتن, احتجاجا على قرار هيئة محلفين في مدينة ستاتون آيلند بضواحي نيويورك تبرئة الشرطي المسئول عن مقتل غارنر. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "حياة السود هامة" و"العنصرية تقتل" و"فيرغسون في كل مكان"، في إشارة أيضا إلى المدينة الواقعة في ولاية ميسوري وسط الولاياتالمتحدة, حيث قررت هيئة محلفين أيضا عدم توجيه الاتهام إلى الشرطي الذي قتل الشاب مايكل براون. وكان الآلاف من مناصري قضايا الحقوق المدنية قد تجمعوا في 3 ديسمبر أمام المحكمة الفيدرالية في نيويورك، مطالبين باعتماد آليات فعالة لمحاسبة رجال الشرطة وتحقيق العدالة, واعتقلت الشرطة 83 شخصا خلال المظاهرة. ولم تهدأ التحركات الاحتجاجية, رغم إعلان وزير العدل الأمريكي إريك هولدر فتح تحقيق فيدرالي بالحادثة، والحاجة إلى إجراء مزيد من التغييرات لتحسين ثقة المجتمع في الشرطة، وإجراء تحقيقات في الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان في قضايا بعينها، وتأكيده أن وفاة غارنر مأساة حقيقية. ومن جهته, قال عضو الكونجرس الأمريكي عن مدينة فيرغسون بولاية ميسوري الديمقراطي لاسي كلاسي في 4 ديسمبر إنه يأمل أن تحل وزارة العدل قوة الشرطة في المدينة في أعقاب مقتل الشاب الأسود مايكل براون بالرصاص مؤخرا, وأن تنقل مهام إنفاذ القانون إلى شرطة مقاطعة سانت لويس. وذكرت قناة "الجزيرة" أن كلاسي عبر عن اعتقاده بأن إطلاق النار على براون في التاسع من أغسطس الماضي من قبل ضابط الشرطة دارين ويلسون هو مثال واحد فقط على ما سماه "التعامل القمعي للسود على يد الشرطة, التي أغلب أفرادها من البيض".