تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة تحديًا كبيرًا في محاولتها لتمرير ميزانية تقشفية تهدف إلى سد عجز مالي ضخم، وسط معارضة شديدة من الأحزاب السياسية المختلفة، تسعى الحكومة لإيجاد توازن دقيق بين ضرورة خفض الإنفاق وتجنب إثارة غضب الشارع الفرنسي. في خطوة جريئة لمواجهة الأزمة المالية المتفاقمة، قدمت الحكومة الفرنسية مشروع قانون يهدف إلى توفير 60 مليار يورو لسد العجز المالي المتزايد، ووفقًا لما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية، يتضمن المشروع إجراءات تقشفية صارمة وزيادات ضريبية تستهدف الأثرياء والشركات الكبرى. رئيس الوزراء يحذر من أزمة الديون صرح رئيس الوزراء الفرنسي اليميني، ميشيل بارنييه، الذي عينه الرئيس إيمانويل ماكرون الشهر الماضي، بأن فرنسا تواجه أزمة ديون حقيقية وأنه يتعين عليها التحرك بسرعة. وأضاف وزير المالية، أنطوان أرماند، في تصريحات للصحفيين أن الهدف هو "خفض العجز واحتواء الدين" وهو أمر ضروري "لحماية المصداقية الماليةلفرنسا وضمان استقرارها الاقتصادي بشكل عام". تتعرض الحكومة الجديدة لضغوط متزايدة من الأسواق المالية وشركاء الاتحاد الأوروبي بعد أن جاءت الإيرادات الضريبية أقل بكثير من التوقعات هذا العام، في حين تجاوز الإنفاق الحدود المرسومة. وتشير التقديرات إلى أن العجز في الميزانية قد يصل إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهو ما يعد أعلى بكثير من معظم الدول الأوروبية الأخرى. اقرأ أيضًا: مسار صعب يخوضه رئيس الوزراء الفرنسي .. تحديات بانتظار الحكومة الجديدة معارضة شديدة من الأحزاب السياسية تواجه الخطة الحكومية معارضة شديدة من مختلف الأطياف السياسية، إذ وصف جان-فيليب تانجي من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف مشروع الميزانية بأنه "بيت أشباح من صنع تكنوقراط وزارة المالية" وأنه مليء ب "الظلم الضريبي". من جانبه، قال مانويل بومبار، النائب عن تحالف أحزاب اليسار، إن هذه "أعنف خطة تقشف شهدتها هذا البلاد على الإطلاق"، محذرًا من أنها "ستتسبب في معاناة الشعب الفرنسي". تفاصيل الخطة التقشفية تتضمن الخطة الحكومية عدة إجراءات تقشفية، منها، تأجيل زيادة المعاشات التقاعدية لمدة ستة أشهر لتوفير 4 مليارات يورو، خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والصحة والمعاشات والحكومات المحلية، إعادة فرض ضريبة على استهلاك الكهرباء على جميع دافعي الضرائب، خفض عدد المعلمين بمقدار 4000 وظيفة. رغم الانتقادات الحادة، نفت حكومة بارنييه اتباع سياسة تقشف، مؤكدة أنها تتبع نهجًا متوازنًا. وقالت الحكومة إن الميزانية ستخفض العجز العام إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، كخطوة أولى نحو الوصول إلى الحد الأقصى المسموح به في الاتحاد الأوروبي والبالغ 3% بحلول عام 2029. تحذيرات من هيئة الرقابة المالية حذرت هيئة الرقابة المالية الوطنية من أن هدف خفض العجز لعام 2025 يبدو "هشًا" ويستند إلى افتراضات اقتصادية متفائلة. وأشارت إلى أن ثلث مبلغ ال 60 مليار يورو المستهدف سيأتي من زيادة الضرائب، بينما سيأتي الباقي من خفض الإنفاق عبر الوزارات المختلفة. خيارات الحكومة المحدودة في حال رفضت الأحزاب المعارضة مشروع قانون الميزانية، قد تلجأ الحكومة إلى تمريره دون تصويت باستخدام المادة 49.3 من الدستور الفرنسي. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء قد يفتح الباب أمام تصويت بحجب الثقة، مما يضع بارنييه تحت رحمة المعارضة مرة أخرى.