الأهالى: القطار المنكوب وزع الضحايا بالتساوى على المحافظة ".. وابن عم إسلام : أنا حاسس مش راجع تانى" وعمة شهيد أسيوط : "تعبنا الدم فى كل حتة" ودع الآلاف من أبناء محافظة سوهاج جثامين 11 مجندًا من شهداء حادث قطار البدرشين إلى مثواهم الأخير فى مشهد جنائزى مهيب، خيم فيه الحزن والأسى على أهالى الشهداء وأصدقائهم. فقبل الحادث الأليم، ودعت أسرة كل شهيد، نجلها لذهابه إلى أداء خدمة الوطن، وأوصلتهم إلى باب القطار الذى كان الإهمال به سبب رئيسى فى استشهادهم، ولم تكن تعلم أن القدر قد كتب لهم أن يكون هذا هو الوداع الأخير. والعجيب أنهم موزعون بالتساوى على مراكز المحافظة التى لا تنال نصيبها إلا من الحوادث والكوارث. "المصريون" حرصت على زيارة أسر الضحايا ميدانيا فكانت الملاحظة المتكررة هى تشابه أسر الضحايا فى الفقر المدقع فمنازل قديمة متهالكة وأجساد نحيلة وأيد مرتعشة ووجوه شاحبة قد دب اليأس فى قلوبها فى التطلع إلى غد أفضل. ففى مركز طما بعد أن ودعت شهيد الواجب محمود صلاح عطيفى الشهير ب"إسلام الوردانى، التقت "المصريون" بابن عمه "على العطيفى" 33 عاما والذى أكد أن "إسلام" كان أفضل شاب عرفه وكان مشهورا عليه الأدب وكرم الأخلاق والتواضع ولم يكن يعرف لسانه كلمة"لا"، وأنه فوجئ به قبل سفره مباشرة أنه يودعه بحرارة فقال له "مالك يا إسلام أنت طالع بره البلد" فقال له "أنا حاسس أنى مش راجع تانى يا ابن عمى". وتساءل إلى متى سوف يستمر الدم المصرى أرخص شيء فى البلد فكيف لا نرى أى من المسؤلين بالمحافظة يأتى ليعزى الأسرة باستثناء رئيس المدينة الذى حضر العزاء . أما "محمود عطيفى" أحد عمومته فقد أكد أن موقف محافظة سوهاج والجهات التنفيذية بسوهاج يعتبر دليل على أن الإنسان أصبح سلعة رخيصة لا قيمة لها وطالب المسؤلين بضرورة مواساة أسرة الشهيد والوقوف بجانبهم فى هذا الظرف العصيب. فيما أوضح "أحمد نفادى" أحد أصدقائه المقربين أن "إسلام" لم يكن مجرد صديق بل كان يعتبره شقيقا له وأنه من أفضل من رأته عينه وقد ودعه ووهو ذاهب للجيش وأنه لن ينسى هذه اللحظة التى كانت آخر مرة يراه فيها. وفى نجع عزيز التابع لقرية نجوع الصوامعة بمركز أخميم مسقط رأس "حمادة رشيدى عبد القادر" 20 سنة الحاصل على دبلوم صنايع بعد أن شهدت القرية حالة من الحزن الشديد والبكاء والعويل والصراخ والتى يصورها " علي" أكبر أشقائه الثلاثة حيث يقول كان حمادة - يعمل باليومية لمساعدة إخوته بعد وفاة والده منذ عدة سنوات وسافر بعد حصوله على دبلوم الصنايع للعمل بدولة ليبيا ورجع منذ 5 شهور لتأدية الخدمة العسكرية. وأضاف أن شقيقه أصيب بكسر فى ذراعه أثناء عمله فى المعمار مما سبب له التواء فى يده اليمنى وظن أن هذه الإصابة ستحرمه من دخول الجيش إلا أنه بعد توقيع الكشف الطبى عليه وجد نفسه لائقا طبياً. وتابع أن الشهيد استمر فى كفاحه هو وشقيقيه الأكبر منه ليحقق حلمه وليبنى عش الزوجية بعد أداء خدمته العسكرية وبعد سنوات من الكفاح والعمل وبعد غربة لشقيقيه فى الأردن والسعودية وغربته هو فى ليبيا استطاعا أن يحققا حلمهم وحلم والدتهم فى بناء المنزل المكون من طابقين إلا أن فرحته ما تمت فقد ضاعت كل الأحلام والمنى فى قطار الموت. كما شيعت جموع الأهالى وسط مشهد من الحزن والأسى الشهيد "وائل صبرة أحمد" من قرية الصوامعة شرق بسوهاج. يقول صديقه عبد الله كامل: فقدت أعز وأغلى الناس، مطالبًا بمحاسبة جميع المسئولين، وتساءل صديق الشهيد ماذا يفعل أشقاء الشهيد؟ " عاطف وعمر ووليد وطارق " وهم يروون مستقبل شقيقهم قد ضاع وتتحطم، أسفل عجلات القطار؟ كما تشابهت تعليقات المواطنين المحيطين بأسر الشهداء حول تنديدهم بموقف محافظ سوهاج المخزى على حد تعبيرهم بأنه لم يشارك الأسر فى التشييع ولا حتى فى تقديم واجب العزاء لهم وهو ما أكده موقف الجهات التنفيذية بسوهاج والتى حتى انتهاء دفن جميع الجثامين لم يكونوا على علم بعدد القتلى والجرحى فضلا أن يقرروا مشاركة أسرهم فى التشييع والعزاء فيما اعتمدوا على سؤال الصحفيين عن عدد الشهداء واماكن تواجدهم فى أنحاء المحافظة فى مشهد عكس مدى العشوائية التى تنتهجها القيادات التنفيذية. وفى أسيوط تحدثت الحاجة هدى عمة الشهيد أحمد محمد محفوظ ل"المصريون"وهى تنزف دموعا على ابن أخيها قائلة "بعد أن سمعت خبر انقلاب القطار من التليفزيون وقع قلبى فى قدمى، وبعد ذلك اتصلت بابن أخى وهاتفه لا يرد وبعد ظهر اليوم اتصل بنا أحد أصدقائه يعرفنا الخبر. وقالت كان يتيم الأم وكان مثل ابنى وهو عون لوالده على الحياة وصعوباتها فهو السند الذى ضاع فلديه 5أخوات ويعمل والده وكيلا لأحد المعاهد. وتابعت أخذه القطار وحسبى الله ونعم الوكيل "تعبنا من الدم بقى فى كل حتة".