أمام أي صحيفة محلية طريقان لا ثالث لهما، أولهما أن تتحول إلي مصدر، للحصول علي الأموال بسرعة قياسية بفضل فلوس بعض رجال الأعمال وأصحاب بيزنس الفساد. أما الطريق الثاني فهو الانحياز إلي مصالح الناس، البسطاء والفقراء ومحدودي الدخل من العمال والفلاحين والموظفين وأصحاب المحال الصغيرة والنساء المعيلات والفقيرات. ذلك هو ما دار في خاطري وأنا أطالع الصفحات الأولي من أعداد جريدة «سواسية» التي بلغت 50 عددا، في الاحتفال الذي أقامه زميلنا العزيز عبدالحميد كمال رئيس مجلس إدارة هذه الصحيفة في أحد فنادق مدينة السويس الباسلة متوافقا مع احتفالات السويس بعيد صمودها أمام العدوان الإسرائيلي وبسرعة وكأنه يريد أن يزيل أي آثار للطابع الاحتفالي قال لي عبدالحميد كمال: «أصحاب هذا الفندق من الأصدقاء الذين يدعمون أي جهد شريف حتي لو كان معارضا، وبالتالي فهي شهادة بأننا لا نعادي أي عمل ناجح ولا نعادي إلا الفساد والفاسدين، وهناك من يدعمنا بالكلمة الطيبة والتشجيع والتأبين، وهناك من يرسل لنا مع كل عدد مائة جنيه أو مائتي جنيه دعما لسواسية، لأننا وببساطة التزمنا بأن نقول الحقيقة. علي منصة الاحتفال في القاعة التي ازدحمت عن آخرها بشخصيات ورموز من محافظة السويس وأسرة تحرير جريدة سواسية، كان يجلس أمين حزب التجمع فوزي أحمد حسن وإلي جانبه عضو المكتب السياسي للتجمع وابن السويس نبيل عتريس وأنا باعتبار أنني كنت أول رئيس تحرير لسواسية. وقال فوزي أحمد حسن «إننا أمام جريدة من 50 عددا ولكنها كأنها عدد واحد تلتزم بخط محدد وهو الدفاع عن الفقراء والمظلومين والبسطاء ومحدودي الدخل، صوت من لا صوت له ولم تخف أبدا توجهها المنحاز، ورغم أنها ليست جريدة حزب التجمع إلا أن كل أبناء السويس يعرفون أنها كذلك بفضل قيادة عبدالحميد كمال لها». أما الصديق نبيل عتريس الذي حرص قبيل الاحتفالية علي أن يلعب دور المرشد السياسي لكي يطوف بي السويس وخاصة عند مدخل القناة ويحكي لي قصص الحرب وبطولات المقاومة والنصب التذكاري الذي حطمته إسرائيل ويحتاج إلي إعادة بناء واهتمام أكبر من المحافظة، فلم يكن غريبا عليه أن يقول إنه أوصي أبناءه بأن يدفن في السويس حتي ولو مات في أطهر بقعة في العالم». في الظهر قبيل الاحتفالية التقينا «بالكابتن غزالي» علي أحد مقاهي السويس، كان يعبر بأبيات سريعة من الشعر عن أحوال السويس من المقاومة والانتصار إلي أيام الفساد، وشد علي أيدي عبدالحميد كمال متمنيا له الانتصار في معركة مجلس الشعب لأن السويس «محتاجة رجالة زي عبدالحميد».. وطوال اليوم لم تغب صورة صديقي الفنان الراحل محمد حمام وأغنيته الأشهر «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي» عن مخيلتي، هذه البيوت التي شاهدتها عام 1971 محطمة ومهجورة وكأن السويس وقتها مدينة للأشباح، وعدت لأري السويس جميلة ومشرقة وخاصة الشوارع والميادين والبيوت المطلة علي الخليج والقنال، وسعدت بأن تحققت أمنية حمام «استشهد تحتك.. وتعيش انت». وتعاقب المتحدثون الذين تمنوا أن يجدوا مقرا لجريدة سواسية، وأسرة تحرير متفرغة لهذا العمل الصحفي المهم، وتساءل آخرون عن مصير هذه الصحيفة عندما ينجح عبدالحميد كمال في احتفال مقعد في مجلس الشعب ممثلا للسويس وهو يمثل أهلها الآن في المجلس المحلي وجاءت الإجابة سريعة من الحضور عبدالحميد كمال سيظل كما هو يركب «الميكروباصات» ويرتدي بدلة «الموظفين» ويجمع في حقيبته رسائل وشكاوي ومطالب السوايسة سواء في الجريدة أو قريبا من منبر مجلس الشعب.