عبد الجواد محمد مسعد سويلم، ابن مدينة أبو صوير التابعة لمحافظة الإسماعيلية، والمجند بقوات الصاعقة المصرية في حرب استنزاف العام 1969 الملقب ب"الشهيد الحي"، بعد أن أطلق عليه الرئيس عبد الناصر هذا الاسم أثناء حرب الاستنزاف، وقيامه بتدمير موقع للعدو الصهيوني قرب منطقة التينة شرق القنال ، حيث خرج مع زملائه تحت قيادة القائد عزت إبراهيم ، وصلت الفرقة في سرية إلى موقع العملية والذي كان مخزنًا كبيرًا للأسلحة والذخيرة، وقامت بتلغيم الموقع وتدميره بالكامل ، وانسحبت القوة بسلام من الموقع، لكن أثناء طريق العودة وقبل مسافة 11 كيلو متر على القنال، فوجئت القوة بأربع طائرات صهيونية تهاجمهم. يتذكر عبد الجواد ويقول: " كنت متأخراً عن زملائي بمسافة تقدر بحوالي 400 متر، وفوجئت بأن طائرة تستهدفني وحاولت المناورة والتملص منها، أطلق الطيار عليَّ النار برشاشات الطائرة وبادلته اطلاق النار، رغم علمي أن سلاحي لن يؤثر في الطائرة ، لكنني كنت أحاول رفع روحي المعنوية، ولكي أعلّم العدو بأننا لا نخاف ، وأخذت أصيح وأشير للطيّار: "لو راجل إنزل" ويبدو أنه استشاط غيظاً مني، فاستهدفني بصاروخ من الطائرة، سمعت صوت الانفجار لأجد نفسي ملقًى على الأرض وأمامي قدمان وأشلاء جسد كنت أظنها لأحد أصدقائي، لم أحس بأي ألم وقتها وحافظت على تركيزي كما في التدريبات، فأنا مؤهل للثبات تحت الضغط، انتظرت وركزت كثيراً حاولت النهوض، لأفاجأ بأن تلك هي قدماي وأني فقدت ذراعي وعيني اليمنى". ويكمل بطل الصاعقة: " انتظرت أن يصل إليَّ أصدقائي، وحين لم يصلوا ظننت أنهم نالوا الشهادة، فخفت أن أقع أسيراً بحالتي تلك في يد العدو، وقررت أن أقتل نفسي، وأخذت السلاح بالفعل ووضعته في صدري ونطقت الشهادة وأشهدت الله بأني لا أنتحر وأطلقت، فلم تخرج طلقة من السلاح. وجدت قائدي يصل إلي ويسحب السلاح مني، ويخرج الرباط الضاغط والشاش الخاص بي ليضمد ما يستطيع من جراحي، وحين لم تكفِ أخرج رباطه ثم قام بتمزيق ملابسه الداخلية وضمدني وتناوب أصدقائي على حملي كل منهم لمسافة نصف كيلو، حتى وصلنا شاطئ القنال. أذكر – والكلام لا يزال لعبد الجواد – أن الطبيب أخبر قائدي بأني سأموت خلال ساعات، وأنه يجب نقلي إلى المستشفى، وتجادل معه بشأن عدم جدوى إحضار سيارة إسعاف من بورسعيد القريبة بمسافه 25 كيلو متر ، لأنها ستستهدف لكن قائدي طلب من زملائي السير بي إلى بورسعيد ، كنت مستيقظًا طوال الليل ومواقع خط بارليف ترصدنا وتستهدفنا، وطائرات العدو تغير علينا، وزملائي: عبدالفتاح عمران وصابر عوض وأحمد ياسين وعصت علي يرفضون تركي رغم مناشدتي لهم بأن ينجوا بأنفسهم وصلنا مستشفى بورسعيد، وهناك تم ترحيلي إلى مستشفى القاهرة. كنت أظن أني سأموت، كنت في شبه غيبوبة حين دخل علي لواء يتفقد أحوالي ،وسألني هل من طلب ألّبّيه لك؟ فأجبته: أريد عصير مانجو لا أعلم لماذا أو كيف؟ لكنه أرسل في طلبه وشربته لأفاجأ بنفسي أتعافى وأستيقظ واعيًّا كل ما حولي وكان المانجو بالنسبة لي –كإسمعلاوي- هي ماء حياة. يبتسم، ويكمل: فوجئت بدخول عبد الناصر علي بعد أسبوع من الإصابة، جلس بجوارى قائلاً: حد يحارب طيّار بسلاحه؟ فعلمت أنه مطلع اطلاعاً جيداً على الأحداث وسألني: هل من طلب ألّبّيه لك؟ فقلت: نعم. أريد أن أعود إلى الخدمة انتفض عبد الناصر من مكانه، وأزاح بيده الستائر ليحاول التأكد من أنني مبتور الساقين ومصاب بعدما قلته، فبكى وخاطب الفريق محمد فوزي وزير الحربية وقتها قائلاً: والله سننتصر،و تمت إعادتي إلى الخدمة في تركيب الإطارات، وكي أشارك في محاضرات التوجيه المعنوي،وحصلت على الإجازة الخاصة بي كأي جندي وحاربت وانتصرت مع زملائي ،وانهى الشهيد الحى حديثة بامنيتة ان يدفن مع زراعة ورجلة ليجتمعان فى الاخرة بعد ان فرقتهم الحرب .