■ كتب: محمد ياسين يبقى انتصار السادس من أكتوبر 1973، ملحمة حقيقية سطرتها القوات المسلحة، وصنفت كأعظم حرب حققت نتائج ومكتسبات فى تاريخ الأمة العربية في العصر الحديث، والتي بدأت بالعبور، واسترداد الأرض، وانتهت بعملية السلام، واستكمال مراحل البناء لتنمية وتعمير سيناء الغالية. ذكريات نصر أكتوبر كثيرة وعظيمة، تتدفق أحداثها مثل النهر الخالد يومًا بعد يوم، فى السطور التالية ترصد «آخرساعة» عددًا من شهادات أبطال المعجزة المصرية، الذين كانوا على خط النار، وسطروا بعرقهم أعظم لحظات الانتصار، مُتسلحين بالإيمان والعزيمة، مُحققين هذا الفخر العظيم، الذي أعاد كرامة المصريين، واستعاد هيبة جيشها، وحطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذى لا يُقهر. الدفاع الجوى عين مصر التى لا تنام والتى تحرس سماءها فى الليل والنهار قصة عشق وغرام وقعت فيها قوات الدفاع الجوى مع الطائرات الإسرائيلية فتطلق صواريخها من دفاعاتها لتحتضن طائرات العدو فى شوق ولهفة لترقصا معا فى السماء وتتساقطا سويا فى إضاءات مبهرة تسببها انفجارات الصواريخ المصرية التى تقصم طائرات العدو وتفتتها. اللواء دكتور عاصم شمس الدين من قوات الدفاع الجوى يحكى لنا تفاصيل الاستعداد لحرب أكتوبر التى أنهى فيها الجيش المصرى أسطورة الجيش الذى لا يقهر، حيث قال إن الصراع المصرى الإسرائيلى هو صراع محورى ومصيرى وكان هناك عديد من الصدامات المتوالية، التى أكدت على أن من ضمن الأساسيات أنه لكى تتم إدارة العمل بجودة عالية والوصول للأهداف، لابد من معرفة الطرف الآخر وقدراته معرفه حقيقية، حتى تبنى قدراتك وترتبها لإمكانية مواجهته فى ساحة القتال، وهذه الفكرة لم تكن موجودة بالقدر الكافى قبل حرب 1967 لأسباب كثيرة. وعن لحظة إعلان الحرب، قال إنه وقتها وكما يعرف الجميع كنا فى شهر رمضان الكريم، كان الكل ضباطا وجنودا مصممين على أداء فريضة الصيام، وكان يسرى بيننا جو روحانى جميل وأننا قريبون جدا من البدء فى الثأر من العدو، أذكر أنه قبل بدء الحرب بخمس دقائق وجدت قائد اللواء يستدعينى لغرفة إدارة القتال، وقال لى: «مصر توجه ضربة جوية لأهداف معادية فى سيناء على طول الجبهة».. بشكل تلقائى وجدت نفسى أهتف وأكبر: «الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر».. ◄ اقرأ أيضًا | ذكرى نصر أكتوبر| اللواء الغباري: كنت مسئولًا عن تأمين التحركات وعبور الوحدات للضفة الشرقية أضاف: لقد مرت علينا أوقات صعبة ومواقف حادة فى الفترة من 1967 حتى 1973 وكان الدرس الذى تعلمناه جيدا أن التأخير له ثمن ندفعه خاصة فى وحدات الدفاع الجوى، وكانت هناك روح قوية راغبة فى الثأر لما حدث فى 1967 وتحقيق النصر، لقد كانت تأتى إلينا فى بعض الأحيان أوامر بالتحرك والانتقال بالوحدات من مواقع لمواقع أخرى، ورغم صعوبة المهمة لثقل وضخامة المعدات والوقت والمجهود الذى تأخذه فى إعدادها فى التحرك وتجهيزها للرمى إلا أن الجنود فى تلك الفترة كانوا أشبه بخلية النحل بل أنشط منها فى لم المعدات والتحرك والتجهيز مرة أخرى، لقد تم ضرب كافة الأرقام القياسية فى هذا المجال والمتعارف عليها فى أنظمة الدفاع الجوى الروسية حيث اختصرت تلك الأزمنة فى فك وتركيب المعدات إلى ثلث الزمن المتعارف عليه، وكان يتم تغطية الوحدات المتحركة بوحدات صاروخية أخرى من مواقع قتالها. وأيضا تم عمل شبكة طرق مذهلة فى مسرح العمليات وتم بناء دشم وتحصينات لمواقع الدفاع الجوى. وأتذكر أنه فى يوليو عام 1969 تمت مهاجمة كتائب الصواريخ المضادة للطائرات التى كانت متواجدة غرب القناة، وكان عدد كتائب الصواريخ المتواجد فى مسرح العمليات فى ذلك الوقت قليلا جدا ووقتها استشهد عدد من جنودنا وحدثت بعض الخسائر فى معدات تلك الوحدات، وكان الدرس المستفاد من تلك الهجمات هو ضرورة الإكثار من عدد الوحدات الصاروخية المضادة للطائرات بالقدر الذى يحقق القدرة على الاشتباك مع الهجمات الجوية المعادية وهو ما تحقق بعد ذلك كما تم إصدار الأوامر للوحدات بضرورة تنسيق التعاون بينها لتأكيد ما يتحقق من خسائر فى طائرات العدو نتيجة اشتباك وحدات الصواريخ المصرية معها وترتب على ذلك إعلان مصر دائما على إسقاط عدد أقل من طائرات العدو أثناء الاشتباكات مما يحدث فعلا، وأذكر فى أسبوع تساقط الفانتوم أن امريكا أعلنت رقما عن الخسائر فى الطائرات الإسرائيلية أكبر مما أعلنته إسرائيل وأن مصر أعلنت أقل رقم عن الخسائر فى الطائرات الإسرائيلية ومن هذا الأسبوع فى أوائل يوليو 1970 أعلن عمليا اكتمال حائط الصواريخ المصرى المضاد للطائرات فى مسرح العمليات بالقنال.